بيان الحزب الشُّيوعيّ الأردنيّ في الذكرى السنوية الأولى لعملية ” طوفان الأقصى “
مدارات عربية – الإثنين 7/10/2024 م …
تحلّ، اليوم، الذِّكرى السَّنويَّة الأولى لـ «طوفان الأقصى».. الذِّكرى السَّنويَّة الأولى للملحمة البطوليَّة الباهرة الَّتي سطَّرها رجال المقاومة الفلسطينيَّة ردَّا على الاحتلال الصّهيونيّ وعربدته؛ ورفضاً لاستمرار استلاب الحقوق الوطنيَّة والانسانيَّة للشَّعب الفلسطينيّ.
في ذلك اليوم الأغرّ، قبل عام، عادت القضيَّة الفلسطينيَّة إلى مكان الصَّدارة الَّذي يليق بها، بوصفها قضيَّة شعبٍ سُلِبَتْ أرضه، وشُتِّتَ شمله، ويتعرَّض بلا انقطاع للاضطهاد والإبادة الجماعيَّة؛ وبوصفها القضيَّة المركزيَّة للشُّعوب العربيَّة..
في ذلك اليوم، انهار بنيان الإحباط والاستسلام كُلُّه.. ذلك البُنيان البغيض الَّذي كان الصّهاينة وحُماتهم في الولايات المتَّحدة وحلف الأطلسيّ وأتباعهم في المنطقة، يحاولون إقامته، ليتمكَّنوا، به، مِنْ تصفية القضيَّة الفلسطينيَّة نهائيَّاً، ويفرضوا هيمنة الكيان الصّهيونيّ المطلقة على المنطقة وشعوبها.. تحت راية «السَّلام الإبراهيميّ» المزعوم الَّذي كانوا يروِّجونه.
في ذلك اليوم المشهود، نجحت المقاومة الفلسطينيَّة الباسلة بامتلاك عنصر المباغتة، لتُحدِثَ شروخاً عميقةً في صورة جيش العدوان والاحتلال الصّهيونيّ الَّذي كان يوصف بأنَّه الجيش الَّذي لا يُقهر؛ وتحدَّته، وكسرت هيبته، ووجَّهت صفعةً مدوِّيةً إلى غروره وغطرسته.
في ذلك اليوم، سطعتْ حقيقة أنَّ الكيان الصّهيونيّ «أوهن مِنْ بيت العنكبوت»، وأنَّ بنيته العسكريَّة ـ الأمنية، المدجَّجة بأحدث أنواع الأسلحة الأميركيَّة والأطلسيَّة وأكثرها فتكاً، ليست عصيَّة على الاختراق، كما كان يتوهَّم قادتها، وليست قادرة على أنْ تؤمِّن، في كُلِّ الأحوال والظروف، الحماية المطلقة لكيان الاحتلال وأمن مستوطنيه وسلامتهم؛
وثبت، بالدَّليل القطعيّ، أنَّ هذا الكيان الاستيطانيّ الإحلاليّ العنصريّ لا يمكنه، بأيّ شكلٍ من الأشكال، أنْ يستمرّ في الوجود ويقوم بدوره العدوانيّ كمخفر متقدِّم للإمبرياليَّة العالميَّة، إلَّا بالدَّعم الأميركيّ والأطلسيّ.
وكان ردّ الكيان الصّهيونيّ الغاشم، على المأثرة البطوليَّة، الَّتي سُطِّرتْ في السَّابع مِنْ تشرين الأوَّل (أكتوبر)، هو استخدام آلته الحربيَّة، لترتكب، في قطاع غزَّة، الكثير من المجازر الوحشيَّة، وأعمال التَّطهير العرقيّ والإبادة الجماعيَّة؛ ولتُحدِثَ دماراً شاملاً للأحياء السَّكنية ولمرافق البنية التَّحتيَّة.. وصولاً إلى تحويل القطاع بأسره إلى منطقة غير قابلة للحياة..
إنَّ هذه الجرائم الفظيعة، الَّتي اقترفها العدوّ الصّهيونيّ ويواصل اقترافها في غزَّة والضّفَّة الغربيَّة، غايتها الثَّأر من الشَّعب الفلسطينيّ ومقاومته الباسلة، وطمس الإنجاز الَّذي تحقَّق في السَّابع مِنْ تشرين الأوَّل (أكتوبر)، وإلغاء أيِّ أثر له يحفز على مواصلة الكفاح ومراكمة المزيد من الإنجازات، والنَّيل مِنْ عزيمة الشَّعب الفلسطينيّ.. لإحباط اصراره على تحرير وطنه السَّليب، وانتزاع حقوقه الوطنيَّة والإنسانيَّة كاملةً.
ولقد اعتقدت الطّغمة العسكريّة – الأمنيّة المتنفِّذة في الكيان الصّهيونيّ، وحكومة الاحتلال اليمينيَّة والعنصريَّة المتطرِّفة، أنَّها، باستخدام وسائل القتل والتَّدمير المنفلتة هذه، تستطيع إرسال رسالة ردع قويَّة إلى حركات المقاومة في العالم العربيّ، وخصوصاً إلى المقاومة في لبنان والعراق واليمن، تجعلها تتقاعس عن الانتصار لفلسطين وشعبها ومقاومتها؛ الأمر الَّذي يُتيح للصَّهاينة، النَّازيين الجدد، أنْ ينفردوا بالشَّعب الفلسطينيّ.
وأمام إصرار حركة المقاومة اللبنانيَّة، ممثَّلة بـ«حزب الله»، على ربط وَقْفِ إطلاق النَّار على الجبهة اللبنانيَّة بوَقْفِه على جبهة غزَّة، أطلق الصّهاينة العنانَ لآلتهم الحربيَّة الدَّمويَّة الوحشيَّة، ولأجهزة استخباراتهم ومخابراتهم، كي تنتقم من المقاومة اللبنانيَّة، وخصوصاً مِنْ أبرز قادتها، ظنَّا منهم أنَّ تغييب هؤلاء القادة، وعلى رأسهم أمين عامّ «حزب الله» الزَّعيم المقاوم الخالد السَّيِّد حسن نصر الله، سيلحق الوهن بحركة المقاومة اللبنانيَّة، وبمجمل حركات المقاومة العربيَّة، وسينتزع منها تنازلاتٍ كبيرةً تمكِّنُ سلطةَ الاحتلال العنصريَّة الفاشيَّة من تحقيق أهدافها المعلنة والمضمرة؛ وفي مقدمتها، فكّ الارتباط بين الجبهتين اللبنانيَّة والفلسطينيَّة، وعودة المستوطنين إلى مستوطناتهم في شمال فلسطين المحتلَّة، وفرض التَّراجع على المقاومة اللبنانيَّة إلى جنوب الليطانيّ.
غير أنَّ حركات المقاومة اللبنانيَّة والعربية أثبتت قدرةً فائقةً على امتصاص الصّدمات، وتحمُّل الخسائر وسرعة تعويضها، ومواصلة التَّصدي بالعزيمة القويَّة ذاتها (وربما بأشدِّ منها) للعدوان الصّهيونيّ الغاشم، وتسطير إنجازات جديدة غير مسبوقة؛ أبرزها نجاح القوَّة الجوصاروخيَّة الإيرانيَّة في توجيه إصابات دقيقة لعدد من القواعد الجويَّة والمواقع العسكريَّة الصّهيونيَّة، عقاباً للكيان الصّهيونيّ على تطاوله الوقح على سيادة الدَّولة الإيرانيَّة، باغتيال القائد الفلسطينيّ البارز، رئيس المكتب السِّياسيّ لحركة «حماس» إسماعيل هنيَّة، في طهران وإقدامه، لاحقاً، على اغتيال صفوة مِنْ قادة «حزب الله»، وعلى رأسهم أمينه العامّ السَّيِّد حسن نصر الله؛ وبهذا، حُرم الصّهاينة مِنْ مواصلة الانتشاء بمكاسبهم الأمنيَّة، وعُطِّلت قدرتُهم على تعديل ميزان القوى في الميدان لمصلحتهم.
والآن، إذ يستعيد حزبنا، الحزب الشُّيوعيّ الأردنيّ، ذكرى عمليَّة السَّابع مِنْ تشرين الأوَّل (أُكتوبر) العظيمة، بكلّ ما تستحقّه من التَّبجيل والتَّمجيد، فإنَّه لَيؤكِّد ثقته الوطيدة، في قدرة الشَّعبين الشَّقيقين، الفلسطينيّ واللبنانيّ، ومقاومتهما المجيدة، على الصّمود بلا نهاية؛ ومواصلة تكبيد الغزاة الصّهاينة المزيد من الخسائر؛ وإحباط مساعي الكيان الصّهيونيّ المحمومة – هو وداعموه من الإمبرياليّين الأميركيين والأطلسيين – إلى استئصال ظاهرة المقاومة وثقافتها؛ والحيلولة، بالنَّتيجة، دون تمكين هؤلاء الأعداء مِنْ فرض الأسرلة ونظامها العنصريّ الفاشي على البلاد العربيّة برمّتها.
وهكذا، فإنَّ المهمات الكفاحيَّة تتعاظم وتتشابك، أمام حزبنا، وأمام سائر الأحزاب والقوى والشَّخصيَّات الوطنيَّة والتَّقدُّميَّة، على الصَّعيدين الوطنيّ والقوميّ.
وقد بات واضحاً أنَّ النِّضال مِنْ أجل إنجاز برنامج التَّحرُّر الوطنيّ والدِّيمقراطيّ، مرتبطٌ، أكثر مِنْ أيِّ وقتٍ مضى، بالنِّضال ضدَّ وجود القواعد العسكريَّة الأجنبيَّة، وخصوصاً الأميركيّة، في بلادنا؛ وبالنِّضال ضدَّ التَّطبيع، بأشكاله كافَّة، مع العدوّ الصّهيونيّ؛ وبمقاومة الكيان الصّهيونيّ العنصريّ، بالأفعال الملموسة، والتَّصدِّي لسوائب مستوطنيه؛ والنِّضال مِنْ أجل إحباط مشاريعه الإجراميَّة الرَّامية إلى فرض التَّهجير القسريِ على مواطني الضّفَّة الفلسطينيَّة باتِّجاه الأردن، في سياق مخطَّطاته لتصفية القضيَّة الفلسطينيَّة على حساب الشَّعبين الشَّقيقين، الأردنيّ والفلسطينيّ؛ والنِّضال مِنْ أجل أنْ ينال الشَّعب الفلسطينيّ حقوقَه الوطنيَّة العادلة؛ وفي مقدّمتها، حقُّه في العودة، وحقّه في التَّعويض، وحقّه في تقرير مصيره على أرضه التَّاريخيَّة كُلِّها.. وصولاً إلى إقامة دولته المستقلَّة عليها، وعاصمتها القدس.
المجدُ والخلود للشُّهداء الأبرار،
والنَّصرُ للمقاومة