أزمة اليسار الاردني في الانتخابات الاخيرة / د.علي النحلة الحياصات

0 268

د.علي النحلة الحياصات ( الأردن ) – الجمعة 20/9/2024 م …

في سياق صراع فكري مع الاخوان المسلمين تحديدا، وسياسي أمني مع الحكومات الاردنية المتعاقبة خلال عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، استطاع اليساريون الاردنيون الإسهام بشكل فاعل في تشكيل الوعي الفكري والسياسي الاردني.

وكنتيجة لهذا التاريخ الطويل وبنظرة سريعة على خلفية مشاركة اليسار الاردني في العقود الثلاثة الاخيرة في الانتخابات النيابية ، فقد حصلت الأحزاب اليسارية مع القوميين في انتخابات 1989 على 13 مقعدا من اصل 80 ، أي بما يشكل 16% من مقاعد البرلمان في حينه، وحصلت في انتخابات عام 1993 على 11 مقعدا بنسبة شكلت حوالي 13 %.

وعلى الرغم من النتيجة في اعلاه , وما رافقها من شعارات الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، التي رفعها اليسار الاردني منذ بداية الخمسينيات ، الا انه بداء بالتراجع وبشكل ملحوظ منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي ، حيث اتضح أن كثيرا من الشعارات التي رفعها اليساريون الاردنيون لجهة الدفاع عن الحريات الخاصة والعامة, وبالرغم من تراكم تجاربهم السياسية وثراء مكتبتهم الفكرية، إلا أنهم في النهاية انحازوا (للانا) الشخصية في داخل مؤسساتهم الحزبية بديلا عن خيارات الديمقراطية الحزبية الداخلية.

لن اجادل هنا بأن اليسار الاردني منذ نشأئة في بداية الخمسينيات , تعرض بشكل ممنهج الى التحجيم والتضيق من قبل الحكومات الاردنية المتعاقبة , مقابل دلال رسمي تمتعت به حركة الاخوان المسلمين حتى منتصف تسعينيات القرن الماضي (توقيع اتفاقية وادي عربه), الا ان ذلك لم يكن سببا كافيا للتراجع الماهول لليسار خلال الثلاثة عقود الاخيرة.

(الانا) الشخصية كانت اكثر من كافيه لهذا التراجع , فقد تحنطت قيادات اليسار الاردني في مواقعها بشكل شبه كامل خلال الثلاثة عقود الاخيرة , مما انعكس بالتأكيد على كافة كوادره الحزبية على شكل احباط ويأس نتج عنه عدم حماس حتى لفكرة اليسار بشكل عام . وكنتيجة لهذا التحنيط كان من الطبيعي ان يكون الفشل حليف كل المحاولات في تشيكل قائمة توافقية يسارية موحده لخوض الانتخابات النيابية الاخيرة. وبالنتيجة تراجعت وحققت (صفر%).

من المبادئ الاساسية للمدرسة البيروقراطية في علم الادارة (خضوع المصلحة الخاصة , للمصلحة العامة), وهذا ما لم يكن في حالة قيادات احزاب اليسار الاردني , لذا شاهدنا (وسوف نشاهد اكثر) الاستقالات الجماعية من بعض ما يسمى باحزاب يسار الوسط , والتي تشكل معظمها على (الانا) الشخصية , وعلى مبداء اكثر بيوت الشعر العربي في التاريخ انانيتنا (إذا مِتُّ ظمآنًا فلا نزلَ القطرُ).

للخروج من ازمتة , على قيادات اليسار الاردني ان تنسجم مع نفسها ومبادئها في التنحي وافساح المجال لجيل قادم قد يستطيع قيادة هذا التيار الهام على الساحة السياسية والحزبية الاردنية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

2 × واحد =