نقاشات حول أداء السلطة الفلسطينية وما يجري في (جنين)! / سماك العبوشي

0 303

سماك العبوشي ( العراق  ) – الجمعة 6/9/2024 م …

بموازاة جبهة الحرب المشتعلة في غزة والتي دخلت شهرها الحادي عشر، ها هي الضفة الغربية تشهد فصولا من التصعيد الإسرائيلي تحت ذريعة استهدافها لمسلحين في جنين وطولكرم وطوباس، ذلك التصعيد الخطير الذي استخدمت خلاله في ترويع المواطنين الأمنين دولة الاحتلال مروحيات ومقاتلات وقوات كبيرة مدججة بالسلاح، إضافة الى جرافات عملاقة عسكرية قامت بتجريف الشوارع وقلب عاليها سافلها بقصد تخريب البنى التحية للمياه والكهرباء إضافة للممتلكات العامة والخاصة، هذا كما قامت قوات الاحتلال بمحاصرة مستشفيات جنين الثلاثة ومنعت وصول الجرحى والمصابين إليها كما وأخرجتها عن الخدمة عبر تجريف الشوارع المؤدية إليها وإقامة السواتر الترابية بمحيطها!!

لقد تابعت نقاشات وحوارات عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول السلطة الفلسطينية، ودورها المطلوب في هذه المرحلة العصيبة المتمثلة بالاجتياح البربري غير المسبوق لمدن الضفة وعلى رأسها مدينة جنين ومخيمها وطولكرم ومخيمها، وأدناه أهم ما ورد من تلك النقاشات والسجالات، وأعقبها طرح وجهة نظري وردي عليها:

أولا… من الآراء الجريئة التي طُرِحت في تلك النقاشات وأدانت أداء السلطة الفلسطينية وتقصيرها، تلك التي أشارت إلى وجود لغة الفصائلية والتخوين بأدائها ونهجها، المتمثلة بالعقيدة الامنية الحالية لقوات أمن السلطة الفلسطينية التي تقوم على أساس ان المقاومة المسلحة وحماس هما العدو وليس الاستيطان والسياسات الإسرائيلية العبثية في الضفة!!

ثانيا … ومن تلك الآراء والطروحات ما أشارت إلى  أن السلطة الوطنية الفلسطينية – ومنذ تولي السيد محمود عباس رئاسة قيادة السلطة – كانت قد التزمت بمشروعها السياسي الداعي لمحاربة وإجهاض المقاومة المسلحة والتصدي لها ومنعها من أداء دورها الوطني والشرعي المتمثل بمجابهة هذا العبث الصهيوني على أراض تقع أساسا ضمن سلطتها وإدارتها، وأن قرار السلطة السياسي يتمثل بالتشديد في الحفاظ على ما يطلق عليه “التنسيق الأمني المقدس!!” من خلال التوجيه لقوات الأمن الفلسطينية بكبح جماح المقاومة المسلحة، ولم يقف عند هذا الحد، بل تجاوزه ليأخذ صورة ملاحقة المقاومين ومتابعة تسليحهم نيابة عن دولة الاحتلال!!، والعجيب في الأمر كله والأكثر إيلاما ووقعا على النفس، أن سياسية كبح الجماح والتعويق التي تتبعها قيادة السلطة الفلسطينية وقوات أمنها مع أبناء شعبها الرافض للاحتلال والطامح لنيل حريته والانعتاق من سطوة الاحتلال إنما تجري مع سبق الإصرار وعلى قدم وساق برغم معرفة وعلم قيادة السلطة الفلسطينية بصدور قرارات حكومة الاحتلال التي دعت علانية ودون مواربة او تورية لضم مدن وقرى الضفة اليها واستفحال شأن سياسة الاستيطان فيها!!

ثالثا … ومنهم من راح يبرر ويدعو لضرورة عدم اقحام القوات الأمنية الفلسطينية في صراع مباشر مع قوات الاحتلال بذريعة عدم تكافؤ الفرص بينهما، وللبون الشاسع في حجم التسليح لدى قوات الاحتلال مقارنة بما لدى القوات الأمنية الفلسطينية، مما سيترتب عن تلك المواجهة – إن حدثت – وقوع أكبر خسائر بشرية في صفوف قوات الأمن الفلسطيني، كما وزاد بعض هؤلاء لتلك التبريرات بأن الذي يريد أن يدخل حربا مع العدو يجب عليه أن يُعد العدة اولا ويهيء مستلزمات الصمود ثم النصر (وهو لعمري قول أريد به باطل)!!

رابعا … وهناك من أوضح أن القوات الأمنية الفلسطينية لم تضطلع بواجباتها المناطة والتي هي على أقل تقدير وفي أضعف حالات الإيمان التصدي لاجتياحات وانتهاكات قطعان المستوطنين لمدن وقرى الضفة الغربية، حيث التزمت الصمت المطبق إزاء ما يجري هناك!!

خامسا … وهناك رأي جريء وواضح تم طرحه بخصوص العقيدة التي تأسست عليها قوات الامن الفلسطينية والبعيدة كل البعد عن فكرة تحرير الأرض من الاحتلال، واقتصار واجبها على الحفاظ على الأمن المجتمعي داخل مدن وقرى الضفة من جانب، وعدم مجابهة قوات الاحتلال أو قطعان المستوطنين من جانب آخر!!، فيما راح البعض يطرح تساؤلا منطقيا عن مغزى تدريب القوات الأمنية الفلسطينية؟، ولحماية مَنْ!!؟، ولماذا تصرف ثلث الموازنة للأمن في وقت لا تقوم هذه القوات الأمنية بواجب حماية الشعب الفلسطيني وممتلكاته من عبث المستوطنين واستفزازاتهم المتكررة والمستمرة وحرقهم للمزارع ودور المواطنين الفلسطينيين !!

سادسا… وهنا تسكن العبرات، وكعادة البعض من أبناء جلدتنا المنبطحين والمنهزمين من الذين يغردون خارج السرب الوطني الأصيل، ويعزفون مقطوعتهم المشروخة في تمجيد السلطة الفلسطينية وتلميع دور أجهزتها الأمنية، فراح هذا النفر المنبطح يردد (دون حياء ولا خجل وبإصرار عجيب) يكيل المديح والتمجيد بقيادة السلطة الفلسطينية وقوات أجهزتها الأمنية، وانهما عنوانا السيادة الفلسطينية، وأن المساس بهما أو انتقادهما يعني الانتحار السياسي للقضية الفلسطينية!!  

تلك لعمري هي أهم ما ورد من نقاشات وطروحات بخصوص أحداث الضفة الغربية وما يجري على أرضها من انتهاكات واجتياحات إسرائيلية في ظل صمت مطبق للسلطة الفلسطينية وعزوف قوات أمنها عن التصدي لها، وهنا أود أن أثبت وجهة نظري حيال ما طرح في تلك النقاشات والسجالات والمناكفات، وأدرجها بالنقاط الرئيسية التالية:

أولا … إن كانت قوات الأمن الفلسطينية لا تستطيع مواجهة العدو، فذاك لعمري تبرير سخيف ليس إلا، ولقد تناسى من طرح وجهة النظر تلك بأن حالة الوهن والخنوع والترهل التي صبغت ورسمت أداء تلك الأجهزة ما هي إلا انعكاس طبيعي ومنطقي لنهج وسياسة وقناعات السلطة الفلسطينية السياسية، وقبولها باتفاقية أوسلو وتمسكها بها برغم الخديعة التي وقعت فيها، وبالتالي رضاها أن تجلس على سلطة واهنة ضعيفة تمارس مع العدو مهمة حماية ظهره من خلال ما يسمى بـ “التنسيق المدنس”، وبالتالي غض النظر عن ممارسات وانتهاكات قطعان مستوطنيه، وهذا ما نراه اليوم واضحا جليا في مدينة جنين وغيرها!!

لقد تناسى للأسف الشديد من طرح هذه الطروحات الانبطاحية بأن هذا الذي يجري الان هو المخطط المدروس بعناية لطمس وتشويه سمعة وتاريخ ونضال حركة فتح، ولتحييد كفاحهم المسلح وإلهائهم بقضية السلطة وامتيازاتها في الضفة وزج أتباعها وربط مستقبلهم السياسي والوظيفي بالتنسيق الامني (المدنس) مع قوات الاحتلال!!

ثانيا … وأما الرد على طروحات نادت بالتريث في مجابهة قيادة السلطة الفلسطينية لقوات الاحتلال لحين تهيئة ظروف أفضل، والاستعداد الكامل للمواجهة، في ظل عدم جاهزية قوات أجهزتها الأمنية للعب هذا الدور الوطني في مجابهة قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين، فإنني أتساءل بألم وحسرة:    

1- ألم يكن من أولويات وشعار (م ت ف) عند تأسيسها وانطلاقها عام 1964 بعد انعقاد المؤتمر العربي الفلسطيني الأول في القدس نتيجة لقرار مؤتمر القمة العربي 1964 (القاهرة)، أقول ألم يكن من أولويات عملهم وشعاراتهم المرفوعة يومذاك هو تحرير الأرض الفلسطينية، وما يتطلبه ذاك من إعداد مقاتليها لهذه المهمة المقدسة، فما الذي منع قيادة (م ت ف) وقيادة السلطة الفلسطينية الموقرة أن تتهيأ وتُعدّ العدة لمجابهة مثل هكذا ظروف صعبة وانتهاكات للعدو!!!؟

2- ألم تكن قيادة السلطة قبل أوسلو تسير على نهج الكفاح وتدعو لتحرير الأرض، فما الذي دفعها لأن تغير نهجها وشعاراتها الثورية، وتصر على التشبث بمبدأ “التنسيق الأمني” وتصفه بالمقدس!؟

3- ألم تكن القيادة الفلسطينية تدرك حقيقة مخطط الاحتلال وما الذي ينوي تنفيذه إن سنحت له الفرصة، وها قد سنحت له الفرصة لضم (يهودا والسامرة) كما يسميها!؟

قال تعالى في محكم آياته: “وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ”…(التوبة:46).

 

4- ألم يصل لأسماع قيادة السلطة إعلان الكنيست بعدم وجود دولة فلسطينية برغم ما تعلنه الولايات المتحدة الامريكية ودول أوروبية بين الفينة والأخرى دعمها لفكرة حل الدولتين!!

ولذلك، وإزاء ما تقدم شرحه وتوضيحه آنفا، وفي ظل ما يجري من استباحة قوات الاحتلال لمدن الضفة الغربية وقراها، فلقد آن الأوان لقيادة السلطة الفلسطينية أن تتحلى بالشجاعة الثورية بأن تراجع نفسها قبل أن تفقد ما تبقى لها من كرامة أمام شعبها، وأن تستفيق من وهم وجود سيادة لها في الضفة الغربية!!، ولأن تضع في نصب عينيها ما جاء في محكم القرآن الكريم: “وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون”!!.

ثالثا … وردا على دعوات الحفاظ على سيادة وكرامة السلطة الفلسطينية وأجهزة أمنها، فأقول لمن يطيب له عزف هذه الأسطوانة المشروخة:

عن أي سيادة وطنية للسلطة الفلسطينية تتحدثون، وعن أي كرامة للسلطة تدعون وتنادون في ظل ما يجري!!؟

هل يعقل أنكم لا تتابعون الانباء!؟، أو ربما لم تفهموا حقيقة ما يجري، رغم كل هذه الاستباحات والتدمير التي قامت وتقوم بها قوات الاحتلال في مدن الضفة الغربية كجنين وطولكرم وغيرها من مدننا المقاومة الباسلة والصامدة!؟

وكيف يسمح لنفسه من يأتي ليمجد تارة بسلطة فلسطينية عاجزة هي وقوات أمنها عن رد أذى مستوطنين أو قوات احتلال عاثت وتعيث الفساد في مدن وقرى السلطة ذاتها!؟

وأي صلافة تلك التي يتصف بها من ينادي ويدعو للترفق بالسلطة (الشرعية) وجيشها (السيادي) وعدم الزج بقوات الامن الفلسطينية في معترك الدفاع عن أبناء شعبكم الفلسطيني المقهور والذي يباد يوما إثر يوم وتمتهن كرامته!!!

حقا صدق المثل المصري الشهير القائل: اللي اختشوا ماتوا!!

رابعا … وردا على محاولات تبرير عجز السلطة الفلسطينية وقواتها الأمنية عن رد الاعتداءات والانتهاكات بذريعة أن السلطة لا حول لها ولا قوة، وأن دخول الأجهزة الأمنية في صدام مع العدو يعتبر (خرقا لاتفاقيات مبرمة مع العدو!!)، وبهذا التبرير والمسوغ فإنهم يطالبون ويدعون لإبقاء الوضع على ما هو عليه والحفاظ عليه، وعدم انخراط قوات الامن الفلسطينية بالقتال دفاعا عن أبناء شعبهم في الضفة باعتبار أنه أسلم طريقة لإجهاض مخططات العدو وأهدافه!!

فأقول يقينا:

1- عن أي خرق يخشاه هؤلاء المرجفون لاتفاقيات مبرمة مع العدو!!؟

2- وهل أن العدو قد احترم اتفاقيات وبنود ومواثيق مبرمة معه سابقا كي نتحاشى أن نغضبه أو نستفزه!!؟

عودوا لبنود اتفاقيات أوسلو واذكروا لنا ما الذي تحقق لصالح الشعب الفلسطيني كي نؤمن ونتبنى وجهة نظركم تلك!!؟

3- الم تكن حكومة الاحتلال التي أبرمت اتفاقيات أوسلو قد تعهدت حينها – وبضمان الولايات المتحدة الأمريكية – باحترام خيار حل الدولتين الواردة في بنود اتفاقيات أوسلو!!؟

4- وما ردكم اليوم بخصوص إعلان حكومة الاحتلال والكنيست بأن لا وجود لدولة فلسطينية، وانهم بصدد ضم الضفة (يهودا والسامرة) لدولتهم المزعومة، وان هناك خيارات ثلاثا مطروحة أمام شعب فلسطين بالضفة:

أ – إما الهجرة الطوعية الى الأردن، أو إلى دول أوروبية !!.

ب – أو قبولهم بأن يكونوا مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة وبلا حقوق ضمن دولة الاحتلال!!

ج – أو الموت لكل من يرفض الخيارين 1 و 2 !!!؟ 

فأي خيار ستختارون أيها الأحرار!!!؟

وأستفيض بمناقشة مبررات ودعوات هؤلاء المرجفين الداعية لتجنب القوات الأمنية الفلسطينية الصراع والصدام مع قوات الاحتلال، أقول: ان افترضنا جدلا بأن شعبنا الفلسطيني في الضفة قد ارتأى اتباع سياسة مهادنة الاحتلال والخنوع لسياساته وإملاءاته كما دعوتم وطالبتم، فكيف ستضمنون احترام العدو لرغباتكم ودعواتكم ومناشداتكم هذه، وبالتالي عدم قيام العدو مستقبلا باستفزاز شعب فلسطين في الضفة ومواصلة ممارسة الانتهاكات اليومية من قبل قواته وقطعان مستوطنيه، هذا إذا ما تذكرنا أن مخططهم ومشروعهم توسعي ويستهدف تفريغ الضفة من أهلها، وتهويد القدس وتدمير المسجد الأقصى لإقامة هيكلهم المزعوم على أنقاضه!؟

ثم … أيعقل أن شعبنا الفلسطيني في الضفة الصابر المحتسب المتحرق شوقا لنيل حريته وسيادته وكرامته سيرتضي أن يمارس العدو بحقه الانتهاكات اليومية وقطع المياه والكهرباء متى ما قرر، وحجب مبالغ جباية الضرائب والرسوم الفلسطينية عن قيادة السلطة الفلسطينية، وان يستمر التنسيق الأمني “المدنس” على قدم وساق برغم انتهاكات قطعان المستوطنين واجتياحاتهم المستمرة لمدن وقرى الضفة، وما رأيكم بالله عليكم بخطة بن غفير ودعوته الصريحة لبناء كنيس لهم في المسجد الأقصى!!؟

وما دمنا نتحدث عن قيادة السلطة الفلسطينية، فلابد لنا من أن نعرج قليلا على بعض تصريحات السيد محمود عباس في بعض لقاءاته المتلفزة واعترافه صراحة بأنه وسلطته تحت بساطير الاحتلال!!، وترديده عدة مرات عبارة (إحمونا … من شان الله احمونا)، ويقينه بأن شعب فلسطين بالضفة لا يملك شيئا ليقاوم الاحتلال، لنتساءل معا وبمرارة شديدة: اذا كان السيد ابو مازن يعرف كل هذه التفاصيل المؤلمة وأنه مكبل اليدين و لا قدرة له للمضي بتحقيق أحلام شعبه، فلماذا إذن استمر على رأس قيادة السلطة الفلسطينية طيلة هذه السنوات العجاف ولم يقرر أو يعلن فشل تحقيق أحلامه بدولة فلسطينية ذات سيادة وكرامة، وبالتالي حل السلطة فيريح ويستريح ويلقي الكرة في ملعب الامم المتحدة وامريكا وكافة الانظمة العربية المتخاذلة!!!!!

لقد أطلقت قيادة السلطة الفلسطينية ورددت كذبة فصدقتها وراحت تبني عيها آمال وأحلاما كقيام دولة وسلطة فلسطينية ذات سيادة، واكتشفت القيادة الفلسطينية الوهم الكبير الذي داعب خيالها طيلة عقود من الزمن وظهر لها استحالة تحقق دولة وسلطة حقيقية ذات سيادة في الضفة وغزة، فكانوا بفعلتهم تلك أقرب لقصة جحا حين رأى ذات يوم أطفالا يلعبون في الشارع، فأراد ممازحتهم فأخبرهم بأن هناك عرسا في آخر الطريق، وأنهم يوزعون على الأطفال المأكل والحلوى، فما كان من الأطفال إلا أن صدقوا كلام جحا وأسرعوا حيث أشار لهم جحا، وما هي إلا لحظات، وحين لم يعد الأطفال الى مكان لعبهم، راح جحا يفكر ويقول : يبدو والله أعلم بأن هناك عرسا حقا في آخر الشارع، فصدق كذبته تلك وما روج له، فأسرع يحث الخطى حيث ذهب الأطفال، فوجدهم حيارى، دون أن يكون هناك عرس!!

 

وزبدة النقاش ومربط الفرس أقول:

أأدركتم الآن أيها الحالمون والواهمون عبث المفاوضات واستحالة ووهم إمكانية تحقيق السلام وإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967!!

أأدركتم الآن الخطأ الكبير الذي وقعت فيه (م ت ف) حين تنازلت عن مبادئ ميثاقها الوطني ووافقت على اتفاقية أوسلو، والثمن الفادح الذي دفعته قيادتها وتكبده شعبنا الفلسطيني!!؟

إن ما يحدث الان في الضفة الغربية لعمري ما هو إلا فصل من فصول النكبات الكبرى التي أصابت قضية فلسطين وتسببت بتراجعها من خلال تحييد عدد كبير من أبناء المقاومة الباسلة المتمثلة بحركة فتح والتي سقط خيرة شبابها المناضل والمجاهد شهيدا منذ انطلاقتها المجيدة عام 1965 حتى انطلاق قطار أوسلو اللعين، ليتم بعدها زج كوادرها وربطهم وتكبيل إرادتهم الوطنية باتفاقيات أوسلو اللعينة، فانتقلوا بذلك من خانة المقاومة والعمل لاسترداد الكرامة والجهاد لتحرير الأرض ليصبحوا مجرد قوات أمنية معنية بحماية المستوطنين من جانب، وتكبيل أيدي شبان الانتفاضة الأحرار وملاحقتهم نيابة عن دولة الاحتلال من جانب آخر !!!  

لقد كان هذا للأسف الشديد هو المخطط المدروس لتحييد الكفاح المسلح لأبناء فتح وإلهائهم بقضية السلطة في الضفة وزجها وربطها بالتنسيق الامني (المدنس) مع قوات الاحتلال!!

 

ختاما أقول للجميع دونما استثناء:

آن الأوان لقيادة السلطة الفلسطينية أن تستيقظ من أحلامها وسباتها، وأن تعي وتدرك أن وجودها في حكم وإدارة الضفة ما هي إلا مسألة وقت ليس إلا، وسينقلب عليها النتن ياهو قريبا، أو من سيأتي بعده، ليُعلن رسميا عن ضم الضفة ( يهودا والسامرة ) للكيان الغاصب، وما ظهور النتن ياهو بالأمس على شاشات التلفاز وهو يشرح بإصرار موقفه ووجهة نظره مما يجري في غزة، وقد وضع أمامه خارطة فلسطين دون أن تتوضح فيها حدود وملامح الضفة الغربية، باستثناء تضليل لقطاع غزة بلون مغاير للون خارطة فلسطين، تأكيدا ورسالة منه على نيته وإصراره على ضم مدن وقرى الضفة الغربية (يهودا والسامرة) وإنهاء تواجد ودور السلطة الوطنية الفلسطينية مستقبلا!!! 

وحينذاك … ولات حين مناص!!

 

سماك العبوشي

4 أيلول 2024

بغداد – العراق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

16 − 13 =