متابعات، نشرة أسبوعية – العدد السّبعون / الطاهر المعز

213

الطاهر المعز ( تونس ) – السبت 4/5/2024 م …

يتضمن العدد السبعون من نشرة “متابعات” الأسبوعية فقرة بعنوان “في جبهة الأعداء” عن الدّعم الامريكي والأوروبي (خصوصًا الألماني) غير المشروط للكيان الصهيوني، وفقرة عن بعض جُذُور العمالة في النظام الأردني، وفقرة عن موقع النظام المصري – ضمن الإسترتيجية الأوروبية – كحارس لحدود أوروبا الجنوبية وكحارس للكيان الصهيوني، وفقرة عن ارتفاع أسعار الغذاء، ليس بفعل قلة الإنتاج وإنما بسبب الإحتكار والمضاربة، وفقرة عن منظمة التجارة العالمية في الذّكرى الثلاثين لتأسيسها، وفقرة عن الفجوة الطبقية في فرنسا التي بدّدت حكومتها المال العام لدعم الأثرياء وأرباب العمل ، وعن حوادث العمل، بمناسبة اليوم العالمي للسلامة المهنية  

في جبهة الأعداء

أقَرّ مجلس النواب الأمريكي يوم السبت 20 نيسان/ابريل 2024 “مُساعدات طارئة” للكيان الصّهيوني بقيمة 26 مليار دولار لإسرائيل، من بينها 14 مليار دولار من المساعدات العسكرية غير المشروطة، وهي مُساعدات إضافية لتشجيع جيش الإحتلال على تكثيف عدوانه على الشعب الفلسطيني والشُّعوب المُجاورة… 

في جامعة نورث كارولينا الأمريكية، اعتقلت الشرطة – بطلب من إدارة الجامعة – ما لا يقل عن مائة طالب من المُشاركين في الحركة الإحتجاجية أثناء فَضّ الإعتصام وإزالة علم فلسطين والخيام التي نصبها الطلبة في الحرم الجامعي.

أثار الدّعم السّخِيّ وغير المشروط للكيان الصّهيوني، وخَفْض الدّعم الأمريكي والأوروبي لحكومة أوكرانيا، جَدَلاً وتَوَتُّرات في العلاقات بين حكومة الولايات المتحدة وحكومة أوكرانيا، خصوصًا بعد فُتُور اهتمام الإعلام الأمريكي والأوروبي بما يجري في أوكرانيان وإثر تأجيل النّواب الأمريكيِّين – لعدّة أشْهُر – التصويت على مساعدة مالية وعسكرية إضافية لحكومة أوكرانيا، وأعلن نُوّاب جمهوريون نِيّتَهُم التّركيز على الوضع الدّاخلي: “بدلا من إنفاق الأموال على أوكرانيا، يتعين على الحكومة تكثيف جهودها لمكافحة التّضخّم والبطالة والهجرة غير النّظامِية ودعم إسرائيل”، وفق وكالة بلومبرغ يوم 18 نيسان/ابريل 2024، فيما أشارت وكالة رويترز يوم 20 نيسان/ابريل 2024 إلى الدّعم غير المشروط من قِبَلِ مجموعة السبع (الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان) للكيان الصهيوني “والتّضامن والدّعم الكامل لإسرائيل وإعادة التأكيد على التزامنا بأمنها”، وتتجاهل مجموعة السبع الهجوم الصهيوني على القنصلية الإيرانية في دمشق (سوريا) والذي قُتل فيه أكثر من عشرة دبلوماسيين وضباط، وتجدر الإشارة إلى استخدام الكيان الصهيوني، خلال العدوان على الشعب الفلسطيني وعلى الأراضي اللبنانية والسورية وقنصلية إيران 69% من الأسلحة الأمريكيين، و30% من الأسلحة الألمانية، وللتّذكير، زودت ألمانيا الكيان الصهيوني بخمس غواصات من طراز دولفين، وهي على وشك إرسال غواصة سادسةن وسيتم بناء ثلاث غواصات أخرى من طراز داكار، من قبل شركة تيسينكروب على أساس عقد بقيمة 3 مليارات يورو، أو ما يُعادل ثُلُثَيْ السّعْر الرّسمي، أي إن ألمانيا تَدْعَم – من المال العام – الأسلحة التي تبيعها للجيش الصهيوني، وقامت شركة Thyssenkrupp بتعديل جميع غواصات Dolphin لتتمكن من إطلاق صواريخ ذات رؤوس نووية من نوع Popeye Turbo الأمريكي، لتتمتّعَ بقدرة هجومية نووية أكبر من تلك التي ستتمتع بها غواصات داكار الجديدة، ما يسمح للجيش الصهيوني بامتلاك غواصات هجومية نووية، فَضْلاً عن المنصات الجوية والبرية المُوَجَّهَة نحو بلدان المنطقة، ومن بينها إيران…

مصر

خفض المصرف المركزي المصري قيمة العُمْلة المَحَلّيّة (الجُنَيْه ) ثلاث مرات بين آذار/مارس  2022 وآذار/مارس 2023، تطبيقًا للإتفاقات مع صندوق النّقد الدّولي والتي كان آخرها الإتفاق على زيادة مبلغ القرض من ثلاثة إلى ثمانية مليارات دولارا، بعد إعلان مصر بيع مدينة ترفيهية إلى الإمارات ( في شكل صفقة استثمار عقاري ) بقيمة 35 مليار دولار، واشترط صندوق النّقد الدّولي صرف شرائح التمويل ( حِصَص القَرْض) بتحديد قيمة الجُنَيْه من خلال قانون العَرْض والطّلب أو ما يُسَمّى قانون السّوق الذي جعل سعر الجُنَيْه ينزل إلى الحضيض ( 72 جنيها مقابل الدّولار الأمريكي الواحد) ما اضطُرَّ المصرف المركزي إلى تثبيت سعر الصّرف عدّة مرات، في ظل مناخ اتّسَمَ بنقص حاد في العملات الأجنبية والعجز عن توريد السلع الأساسية والأدوية ومدخلات التصنيع…

تأثَّر الإقتصاد المصري بالعدوان الصهيوني على فلسطينيِّي غزة وتحويل وجهة عبور السّفن إلى رأس الرّجاء الصّالح، بدل قناة السّويس، غير إن الولايات المتحدة والقوى الإمبريالية التي تدعم الكيان الصهيوني لا تُولِي اهتمامًا كبيرًا للعُملاء وللأنظمة العربية المُطَبِّعَة، حيث ينصب اهتمام دول الإتحاد الأوروبي على “المخاوف من عمليّات النزوح من السودان وسوريا واليمن وفلسطين، نحو دول أوروبا عبر دول جنوب المتوسِّط ومن ضمنها مصر”، وتحظى مصر ببعض الإهتمام ما دامت مُتَمَسِّكَة باتفاقيات الإسْتسْلام (اتفاقيات كامب ديفيد) وكذلك باعتبارها دولة عبور للمهاجرين إلى أوروبا سواء بشكل مباشر أو عبر ليبيا.

أَقَرّت القمّة الأوروبية المصرية التي انعقدت في القاهرة يوم 17 آذار/مارس 2024 قُرُوضًا و”مُساعدات” أوروبية لمصر بقيمة قد تَصل إلى 7,4 مليار دولارا، ويأتي هذا الدعم الأوروبي بعدما أثبتت مصر قدرتها على السيطرة على معبر رفح ومَنْع الفلسطينيين من مُغادرة قطاع غزة، وبعدما أحْكَمَتْ مصر إغلاق معبر رفح أمام المُساعدات الغذائية وحَظْر دُخُول الأدوية، وبعد إحكام السيطرة على ساحلها المتوسِّطي، الذي ينقل المهاجرين غير النظاميين في قوارب إلى أوروبا، وتشديد السلطات المصرية العقوبات على المُهَرِّبِين وتشديد السلطات المصرية السيطرة الأمنية على ساحل المتوسِّط، وتشديد العقوبات على المُهَرِّبِين… 

سبق للإتحاد الأوروبي إبرام اتفاقيات مُشابهة (بمبالغ مالية ضئيلة جدا) مع موريتانيا وتونس لقاء خدماتها في ضبط الهجرة نحو أوروبا، وليس “لدعم النازحين أو تحسين أوضاعهم أو حتى حمايتهم” كما يَدّعي الإعلام المأجور، والواقع إن الدّول المجاورة لمناطق الحروب والنزاعات هي أكبر مُستضيف للنازحين…

طلبت حكومة مصر من الإتحاد الأوروبي ومن الأمم المتحدة مساعدات لحوالي عشرة ملايين لاجئ ونازح، غير إن بيانات مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، تُشير (حتى نهاية آذار/مارس 2024) إلى أن عدد اللاجئين المسجَّلين لديها في مصر لا يتجاوز نحو 600 ألف لاجئ، من من السودان (شمال وجنوب) وسوريا والصومال وإريتريا والحبشة والعراق، ويتستفيد الإقتصاد المصري من بعض شرائح المهاجرين إذ تبلغ استثمارات 30 ألف مهاجر سوري في مصر نحو مليار دولار. أما أوروبا التي تدعم الكيان الصهيوني فإنها لا تريد تحَمُّل نتائج مشاركتها في العدوان، وجعلت من مصر أو تونس أو غيرها حارسا لحدودها بأجْرٍ زهيد، وتستفيد مصر من دَوْرها لتَتَخَلَّصَ من حوالي 14 مليون مصري هاجروا إلى أوروبا (بصورة قانونية أو غير قانونية) والخليج وأمريكا الشمالية، ولا يتم طردهم ما دامت مصر متمسكة باتفاقيات كامب ديفيد، “مساهمة من أوروبا في المحافظة على استقرار نظام مصر التّطبيعي ولمركزية الدور المصري في ضبْط صراعات وتحالفات المنطقة”، وفق صحيفة “إيكونوميست” (شباط/فبراير 2024)

غذاء

ارتفعت أسعار المواد الغذائية العالمية خلال فترة انتشار وباء كوفيد 19، ثم مرّة أخرى في بداية الحرب في أوكرانيا لتصل إلى أعلى مستوى لها سنة 2022، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بأسرع من ارتفاع أسعار المنتجات الأخرى، حيث تضاعف بين عامي 2021 و2022، وتضاعف مؤشّر أسعار المستهلك للغذاء ثلاث مرات، بحسب مؤشّر أسعار الغذاء الصادر عن منظّمة الأغذية العالمية الذي يُشير إلى انخفاض أسعار الغذاء في أسواق الجملة الدّولية، سنة 2023 وهو أمر لا ينعكس على أسعار الغذاء في محلات التجزئة، وتُشير هذه البيانات إلى إن الأزمة لا تتعلق بانخفاض الإنتاج الغذائي، فالعام ينتج أكثر مما يستهلك، لكنها مسألة احتكار، فعلى مدى السنوات العشرين الماضية، تجاوز إنتاج الحبوب العالمي المخزونات المتاحة، وأدّت زيادات أسعار المواد الغذائية إلى ارتفاع نسبة الفَقْر حيث كان  نحو 9,2% من سكّان العالم يعانون من الجوع سنة 2022، بزيادة قدرها 122 مليون شخص منذ العام 2019، ولكن كما توضح احتجاجات المزارعين سنتي 2023 و 2024، لم يستفد صغار الفلاحين من الزيادة في أسعار المواد الغذائية، وعزت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) والمسؤولون التنفيذيون في الشركات الزيادات الأخيرة في أسعار المواد الغذائية إلى اضطراب سلاسل توريد النفط والغاز والأسمدة والسلع الأساسية، ولكن هذه التبريرات خَادعة لأنها لا تأتي على ذكر أسباب أخرى منها سياسات “التّكيّف الهيكلي” الذي فرضه البنك العالمي وصندوق النقد الدّولي، وتقنيات “الثورة الخضراء” (البذور المهجّنة والمبيدات الكيماوية والأسمدة) في جميع أنحاء العالم…

يتمحور إنتاج السلع الغذائية (القمح والأرز والذرة وفول الصويا وزيت النخيل) في مناطق قليلة من العالم مُكرّسة بالكامل للإنتاج الصناعي الضخم للزراعات الأحادية المعتمدة على توريد المدخلات، وتتركّز في يد عدد قليل من الشركات التي تتحكّم في غذاء مليارات الناس، واعتماد معظم الدول الفقيرة على الواردات الغذائية بسبب السياسات المفروضة عليها من قِبَل صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية واتفاقيات التجارة الحرة، ومُضاربة الشركات العابرة للقارات بالغذاء، وهي المسؤول الأول عن  تقلّبات وارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 54% خلال تسعة أيام بعد بداية الحرب في أوكرانيا، وارتفعت الإستثمارات في العقود الآجلة للسلع الأساسية والمضاربة في سوق القمح في باريس من 35 مليون يورو في كانون الأول/يناير 2021 إلى 1 مليار يورو في آذار/مارس 2022 فارتفعت أرباح شركات تجارة الأغذية العالمية التي تسيطر على 73% من تجارة الحبوب والبذور الزيتية العالمية بالإضافة إلى 1 مليون هكتار من الأراضي الزراعية، وهي شركات لا تخضع للقيود أو اللوائح المفروضة على عمل الجهات المالية في أسواق تجارة السلع، ما يجعلها تتحكم في الأسعار ومسؤولة عن ارتفاع نسبة التّضخّم، وتُسيطر أربع شركات احتكارية ( باير وكورتيفا وسينجينتا وباسف ) على نصف سوق البذور وعلى  75% من سوق الكيماويات الزراعية العالمية وتضاعفت أرباحها بأكثر من ثلاثة أضْعاف بين سنتَيْ 2018 و 2022 فيما انخفضت إيرادات صِغار الفلاحين…

شجّع البنك العالمي ووكالات دولية أخرى “تحرير الأسواق الزراعية” وحَظْرَ سياسات حماية المزارعين على الدّول المُقْتَرِضة، فيما واصلت دول أمريكا الشمالية وأوروبا واليابان وأستراليا دَعْم الإنتاج الفلاحي والصناعي وقطاع الخدمات وغيرها، وارتفعت استثمارات بنوك الإستثمار وشركات تداول السلع الأساسية في تسويق السلع الأساسية، وسعى كبار المستثمرين المؤسسيين (كصناديق المعاشات التقاعدية) إلى تنويع استثماراتهم في السلع الأساسية ومشتقاتها، ما زاد من المضاربة على أسعار المواد الغذائية، وتضاعفت عمليات الاندماج والاستحواذ، ما أرسى الأسس لتركّز الشركات العميق في قطاع الأغذية الزراعية 

منظمة التجارة العالمية

قبل ثلاثة عُقُود، خلال شهر نيسان/ابريل 1994، افْضَت جولة مراكش للمفاوضات التجارية – كاستمرار لجولة أورغواي – إلى التوقيع على اتفاق تأسيس منظمة التجارة العالمية، بديلا للإتفاق العام بشأن التعريفات الجمركية والتجارة ( غات)، وبذلك انتقل هذا الإطار من مُؤسسة إلى منظمة دولية تتجاوز قواعد التبادل التجاري الحُرّ، واستمرت الإجتماعات والإتفاقيات حتى سنة 2003 (مؤتمر كانكون)، بعد انضمام الصين سنة 2001، لتشمل مجالات الزراعة والخدمات والمِلْكِيّة الفِكْرِيّة…

وُلِدَتْ منظمة التجارة العالمية في ظرف تَمَيّزَ بانهيار الإتحاد السوفييتي وهيمنة الإمبريالية الأمريكية على العالم، والولايات المتحدة رمز الليبرالية (والنيوليبرالية) الإقتصادية، وكذلك رمز الهيمنة أحادِيّة الجانب، أو ما سُمِّي “القُطْب الواحد” الذي رفضته بعض الدّول الموصوفة ب”النّاشئة”، مثل البرازيل والهند والصين، وكان رفض القيادة الأمريكية والأوروبية مُحفّزًا لتأسيس مجموعة “بريكس”، وأدّى الإصرار الأمريكي على الهيمنة، ورفْض التّفاوض مع الدّول الأخرى، إلى تَصَدُّع منظمة التجارة العالمية خلال أزمة 2007/2008 وظل التّصدّع قائمًا بفعل رفض الولايات المتحدة وأوروبا تطبيق قواعد “التجارة الحُرّة” – ومن بينها تطبيق قاعدة  “عدم التمييز في التبادلات بين الأعضاء”، بل فَرَضت أمريكا الشمالية وأوروبا رُسُومًا جمرُكية إضافية وإجراءات حِمائية وحَظْرًا على إنتاج المُنافسين، وخُصُوصًا الصين التي تمكّنت من تطوير البحث العلمي والتكنولوجيا.  

إيطاليا، نموذج السياسات الأوروبية

قاد الشيوعيون المُقاومة ضد النازية، خلال الحرب العالمية الثانية، ولما انهزمت ألمانيا النّازية نصّبَت الولايات المتحدة مجموعات المافيا والجريمة المُنظمة وحزب الدّيمقراطية المسيحية في السّلطة وأنشأت 120 قاعدة أمريكية، إضافةً إلى قواعد حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) المنتشرة في جميع أنحاء إيطاليا (بالإضافة إلى القواعد السرية)، لِتَتَحَوَّلَ البلاد إلى قاعدة أو محمية أمريكية، وتتفق جميع – أو جُلّ – الأحزاب المُمثَّلَة في البرلمان، منذ بداية العقد الأخير من القَرْن العشرين، على الولاء للإيديولوجية السائدة التي تُدافع عن مصالح أقلّيّة من الأثرياء، ولسياسات الإتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، ولا تُوجَدُ سوى مجموعات صغيرة وأصوات قليلة مُعارضة لهذه السياسات في المجالات الدّاخلية، إذ أصبحت الأحزاب البرلمانية، خصوصًا الكبيرة ومُتوسّطة الحجم أعداء للعمال والكادحين والفُقراء، وتُساند الخصخصة وخفض الإنفاق على الصحة والتعليم وزيادة الإنفاق العسكري وقَمع العُمّال والفقراء،  أما في مجالات السياسة الخارجية فهي تَتَّسِمُ بمُعارضة روسيا والصّين ومجموعة بريكس وأي حديث عن “عالم متعدّد الأقطاب”، ولو كان رأسماليا، مقابل دعم الكيان الصهيوني ونظام أوكرانيا وأمثالهما… 

تعكس التركيبة الإجتماعية لنواب هذه الأحزاب بالبرلمان طبيعتها الطبقية، حيث لا تمثيل للعمّال ولا  يوجد أي عامل في البرلمان…

فرنسا – فجوة طبَقِيّة

يعد برنارد أرنو، صاحب مجموعة (LVMH) العابرة للقارات أغنى رجل في العالم (233 مليار دولار)، متقدما على رئيس شركة تيسلا، إيلون ماسك (195 مليار دولار)، ورئيس أمازون، جيف بيزوس (194 مليار دولار)، بينما أصبحت فرانسواز بيتينكورت مايرز، وريثة مجموعة لوريال ( Loreal ) أغنى امرأة بثروة تبلغ 100 مليار دولار، وأحصت وسائل الإعلام التي تتابع أخبار الأثرياء عشرة مليارديرات جدد بنهاية عام 2023، بحسب تصنيف فوربس السنوي، الصادر يوم الجمعة 5 نيسان/أبريل 2024، وقدر التّقرير أن 53 فرنسيا يملكون ثروة لا تقل عن مليار دولار، بينهم إثناء من أبناء عائلة داسو (وسائل إعلام + طائرة رافال…) أو أحفاد مؤسسي بيجو ( Peugeot ) ومجموعة شانيل ( Chanel ) الخ.

استفاد الأغنياء من إجراءات (قرارات) تخفيض الضرائب ومن الإعفاء من دفع اشتراكات الضمان الاجتماعي بقيمة 85 مليار يورو، فالتحق عشر مليارديرات جُدُد بصفوف أثرى الأثرياء، وخصصت الحكومة الفرنسية 413 مليار يورو لشن الحرب، و6,6 مليارات يورو للألعاب الأولمبية، وهي مبالغ تُخْصَمُ من ميزانية الإنفاق على الصحة أو التعليم أو الإنفاق الاجتماعي، وبذلك أدت المساعدات الحكومية للأغنياء وارتفاع الإنفاق على الحروب العدوانية إلى زيادة معدلات الفقر التي ارتفعت في أوساط الشباب من 20% بنهاية شهر شباط/فبراير 2022 إلى 26% شباط/فبراير 2023. 

فرنسا – استهتار بحياة العُمّال

يعد اليوم الدولي للصحة والسلامة في العمل (28 أبريل) فُرْصَة لمُراجعة القوانين والإجراءات المتعلقة بحقوق العمال وظروف العمل وسلامتهم… هناك كل عام أكثر من 2,8 مليون حالة وفاة مرتبطة بحوادث العمل أو الأمراض المهنية في جميع أنحاء العالم و ما يقرب من 374 مليون حادث عمل غير مميت، وتُعْتَبَرُ فرنسا دولة إمبريالية، تُشارك في عدة حروب وهجمات في عدة مناطق من العالم، فيما يُعاني عُمالها وعاملاتها من سوء ظروف العمل ومن عدم احترام شروط السلامة المهنية، وسُجِّلَ ما لا يقل عن 1230 حالة وفاة أثناء العمل سنة 2022، أي ثلاث وفيات يوميا، بحسب تقرير الضمان الاجتماعي، ولا يعْكِسُ هذا الرقم الواقع، حيث لا تشمل هذه الإحصائيات ملايين العاملين لحسابهم الخاص، أو العاملين في قطاعي الزراعة أو البناء، ولا الحوادث التي تحصل أثناء التّنَقُّل بين مكان العمل ومكان الإقامة.

يتحمل أصحاب العمل المسؤولية القانونية عن صحة وسلامة العاملين، ولكن أصحاب العمل يطردون الآلاف من الضحايا الآخرين للحوادث الخطيرة التي كان من الممكن تجنبها (السقوط، والسحق والصعق بالكهرباء، وما إلى ذلك) والتي تتسبب في كثير من الأحيان في آثار لاحقة خطيرة ودائمة للعجز، ويستغل أرباب العمل حالات العجز لتسريح العاملين…

غالبًا ما تكون هذه الحوادث نتيجة لنَسَق العمل المحموم والمعدات المعيبة وغيرها من العوامل التي تؤدي إلى تفاقم المخاطر المهنية، ولكنها أيضًا نتيجة لسياسة الدولة الفرنسية التي خفضت الضوابط وخفضت عدد مفَتِّشي العمل ومُراقِبِي لالصحة والسلامة المهنية، ويُعِدُّ مُفتِّشُو العمل آلاف التقارير والمحاضر ولكن الحكومة لا تُتابع تلك التقارير ولا تتخذ أي إجراء ضد المُخالفين من أرباب العمل والشّركات، لأن أصحاب العمل يتمتعون بالحصانة الكاملة والإفلات من العقاب ومن الملاحقة القانونية، ونادرًا ما يتم تغريمهم  بمبالغ غرامات تافهة، ولا تشجع هذه السياسة على تطوير تدابير الوقاية من المخاطر، ولذلك لا تلتزم سوى 40% من الشركات الفرنسية باللوائح المتعلقة بسلامة العمال وصحتهم. 

أجراس الحرب

أدّى وزير الخارجية البريطاني وزميله البولندي زيارات إلى الولايات المتحدة من أجل الحصول على مزيد من التورط الأمريكي في الحروب، قبل إقْرار الكونغرس الأمريكي ( مجلس النّوّاب  + مجلس الشيوخ) يوم الثلاثاء 23 نيسان/ابريل 2024، مُساعدات اقتصادية وعسكرية إضافية بقيمة 95 مليار دولار إلى أوكرانيا ( 61 مليار دولارا) وتايوان (ثمانية مليارات دولارا)  والكيان الصهيوني (26,8 مليارات دولارا)، بعد مُفاوضا أو بالأحرى “مُساومات” بين قيادات الحِزْبَيْن الحاكِمَيْن الديمقراطي والجمهوري بشأن مساعدات الحروب وقانون الهجرة، أفْضت إلى مزيد التورط في الحروب الخارجية، ومزيد الإنغلاق وتعزيز القمع ضد فُقراء أمريكا الوُسْطى الذين يحاولون الهجرة عبر الحدود الجنوبية (من جهة المكسيك)، بحثًا عن العمل في الولايات المتحدة.

تضمنت المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا مِنَحًا وقُرُوضًا وصواريخ بعيدة المدى يمكنها قَصْف المناطق الداخلية في روسيا، وتخريب البنية التحتية، كما حصل الكيان الصهيوني على أسلحة جديدة لم يُعْلَن عن طبيعتها، بعد مُشاركة الجيش الأمريكي في  اعتراض الصواريخ والطائرات الآلية الإيرانية في المجال الجوي العراقي والسوري والأردني واللبناني، بتواطؤ من الأنظمة العربية في العراق والأردن والخليج، وإثر ذلك رفعت الولايات المتحدة حجم المُساعدة الطارئة من 17 مليار دولارا إلى 26,8 مليار دولارا