كيان المصة / د.خيام الزعبي

235

د.خيام الزعبي ( سورية ) – الجمعة 26/4/2024 م …

عيد الفصح الذي يحتفل به اليهود هو من أهم الأعياد التوراتية ولا شك أن رمز هذا العيد هو خبز  الفصح الذي يسمى بالعبرية مصة لدرجة أن اسم العيد في التوراة هو عيد المصة، وهذا الخبز يرمز الى الخبز الذي كانوا يأكلونه بني إسرائيل عندما خرجوا من مصر عندما كانوا عبيداً تحت سيادة ملك اسمه فرعون .

وخلال الأيام الماضية، دعت مؤسسات استيطانية وجهات يمينية تطلق على نفسها “جماعات الهيكل” إلى تكثيف اقتحامات المسجد الأقصى خلال أيام عيد الفصح وحثت هذه الجماعات على جلب قرابين حيوانية إلى القدس استعداداً لذبحها في المسجد الأقصى أو محيطه، إحياء لعيد الفصح.

وفي نفس السياق يصر المستوطنون الإسرائيليون على صب المزيد من الزيت على نار الأوضاع المشتعلة في الضفة الغربية والقدس، حيث نظم نشطاء المنظمة الصهيونية اليمينية المتطرفة “حوزريم لهار- عائدون إلى جبل الهيكل (المزعوم) ، مسيرات من محطة وقود “كوخاف يعقوب باتجاه القدس برفقة الماعز، بهدف تقديم ذبيحة عيد الفصح اليهـودي في الحرم القدسي الشريف.

 ومع طموح نتنياهو انتقاماً لمعركة طوفان الأقصى ولتحقيق نصر ما يحفظ به ماء وجهه، وينجو به من السجن، وربما يكون مسوغاً لاستمراره وحكومته، فأنظاره تتجه صوب اجتياح رفح، أملاً في بلوغ غايته عن طريق التهجير القسري وكسر يد المقاومة الفلسطينية وعندئذٍ يكون الفصح فرصة لتأجيج مشاعر المجتمع اليمينيّ الذي يعَد الحاضنة الدينية لنتنياهو وحكومته المتطرفة.

بموازاة ذلك إن  المرابطين الفلسطينيين سطّروا أروع صور الصمود والتحدي في وجه الاحتلال في ظل تزايد انتهاكاته، لا سيما مع سعي المستوطنين لتنفيذ اقتحاماتٍ واسعةٍ في عيد الفصح اليهودي، فالمقاومين أعادوا التحام الساحات الفلسطينية، وهذا لم يكون وليد الصدفة، ولن تعود هذه الساحات للانفصال من جديد، وهذا قرار شباب فلسطين الذين بادروا بإرعاب الاحتلال في القدس ومختلف المدن الفلسطينية.

فالإرادة الشعبية التي خبرها الاحتلال جيداً، في كل مرة يظن أنه تجاوزها تعود لتنفجر في وجهه من جديد، وهذا ما حصل في اقتحاماتٍ المستوطنين للمسجد الأقصى، إذ تبين كل المؤشرات أن الميدان يتحضر للانفجار من جديد، فالمقاومة إلى جانب الإرادة الشعبية، لن نسمح بتمرير عدوان عيد الفصح العبري الذي يخطط له المحتل.

إن المقاومة الفلسطينية لن تدع إسرائيل الإرهابية تفرح كثيراً ولن تترك لها فرصة لالتقاط أنفاسها بعد أن أثخنتها المقاومة الباسلة ضرباً وتقتيلاً وتدميراً لأوكارها،  فموازين الحرب في فلسطين  بدأت تشهد إنقلاباً كبيراً متدرجاً، وهو ما يعد تحولاً هاماً في دفة الحرب هناك، وعلى صعيد آخر فقد أشار رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو إلى أن حلم اسرائيل في القضاء على المقاومة “يتحطم أمام عينيه” بعد أن لقنه أشاوس المقاومة درساً لن ينساه.

اليوم إسرائيل تخسر الحرب ونتنياهو يرفض الاعتراف بالأمر، ولا يمر يوم إلا ونحن نشاهد بالصورة عمليات نوعية ينفذها أبطال المقاومة في أكثر من جبهة وانهيارات ونكسات تطال مواقع الجيش الاسرائيلي، ولكن الانتصارات الأخيرة أثبت المقاوم الفلسطيني بسالته وشجاعته، هذه الحقائق تتجلى كل يوم وتعززها المفاجآت والصدمات التي لم تكن في حسبان الذين خططوا للعدوان على غزة، لتكشف إسرائيل والدول التي تدعمها حجم الخسائر التي أصابتهم، وليكتشفوا أنهم على وهم، وما يتحدثون عنه من إنجازات، هي في الحقيقية، أحاديث الوهم والسراب.

في هذا السياق  الإسرائيليين يريدون زرع اليأس في قلوب الفلسطينيين للأبد، والإرهاب يبعث من حين لأخر برسائل قاسية للجميع مضمونها: أفقدوا الأمل في يلدكم، لكن تلك العمليات الإجرامية لا يمكن أن تحقق أهدافها، ولا يمكن أن تخيف أو ترهب دولة بقدرة وقوة فلسطين، فهي عصية على أي محاولات إجرامية لإرهاب شعبها، ولن يزيدها ذلك إلا قوة وإصراراً على إستكمال مسيرتها في تحرير الأرض.

مجملاً…إن القدس ستبقى صامدة بوجه الإرهاب لأنها قلعة منيعة على كل الغزاة المعتدين, وهي حكاية صمود لا مثيل لها في العالم ، وأنّ جيش المصة الإسرائيلي إلى زوال، والشعب الفلسطيني ومقاومته سيقدمون أغلى ما يملكون لأجل القدس، ولا مقام للاحتلال على أرض فلسطين

 وفي النهاية أقول: إن المخطط الإجرامي الإسرائيلي لتفتيت فلسطين، ما هو الا محاولة يائسة لضمان مستقبل وأمن الكيان الصهيوني، ولكن الضربة القاصمة التي تلقاها على يد رجال المقاومة أجهضت هذا الحلم للأبد، لذلك من حقنا ان نتفاءل بهذا العام، ويمكن ان نجعله عام القضاء على كيان المصة، فالفلسطيني لا يعرف اليأس وهو اهل للصمود والتحدي.

فالتساؤل المطروح هنا هو: هل تكون هذه المرحلة بداية النهاية لإسرائيل الإرهابية الأكثر دموية في المنطقة؟  خاصة بعد  صمود المقاومة في مواجهة عدوان كان ولا زال من أعقد حروب التاريخ الذي استهدف الوطن والمواطن الفلسطيني.