نتنياهو…مآزق بالجملة / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي ( سورية ) – الأحد 21/4/2024 م …
الأوضاع في غزة في تطور مستمر وتسارع في الأحداث، فهناك إنجازات استراتيجية وعسكرية ملفتة حيث نجحت المقاومة بشكل واضح في نقل المعركة إلى أرض العدو إذ استهدفت صواريخها جميع المدن والمواقع الاستراتيجية في اسرائيل، مما جعل أسطورة القبة الحديدية تنهار أمام صواريخ المقاومة محلية الصنع، وأصبحت قدرة الجيش الإسرائيلي، التي كانت تحظى بالاحترام كمصدر للاستقرار محل استفهام.
اليوم نتنياهو أمام معادلة صعبة ، ضغوط داخلية لم تتوقف بالتهديد بإسقاط حكومته، وضغوط خارجية لقبول تفاهمات دولية لوقف الحرب في ظل سقوط المزيد من المدنيين الفلسطينيين، وما بين الخارج والداخل يبدو مصير نتنياهو معلقاً ما بين الخيارين، في ظل أهداف وضعها في 7 أكتوبر، بات تحقيقها صعبا للغاية وأهمها القضاء على المقاومة والإفراج عن الرهان والأسرى الإسرائيليين.
بالمقابل إن “ضربة الانتقام الإيرانية” رداً على استهداف القسم القنصلي في السفارة الإيرانية بالعاصمة السورية دمشق مما دفع الإسرائيليين إلى العيش في حالة خوف ورعب وتوترٍ، كونهم يخشون من أن تؤدّي هذه العملية إلى حرب شاملة ومفتوحة تندلع مع حزب الله وسورية والمقاومة العراقية واليمنية وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية، وكان من تداعيات هذه الضربة انحسار الهيمنة العسكرية الإسرائيلية على المنطقة لصالح توازن قوى جديد يفرضه محور المقاومة، لذلك نحن أمام انقلاب خطير في قواعد الاشتباك في المنطقة.
وعلى الطرف الأخر أصبحنا نسمع أصواتاً من داخل أوروبا تعبر بكل صراحة عن مدى الاعتراف والشعور بالإحباط وخيبة الأمل من الفشل الذريع الذي ترتكبه إسرائيل من خلال استراتيجيتها في غزة، إذ فقدت الكثير من الخيوط وقدمت خسائر فادحة لم تكن في حساباتها، بالمقابل بدأ الدعم الإقليمي والدولي المطلق لإسرائيل بالانخفاض والتآكل، نتيجة مواصلة العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة .
من الطبيعي أن تفشل إسرائيل في غزة، بعد أن ضخت ترسانتها المليئة بالأسلحة الفتاكة، بالإضافة الى ملايين الدولارات في هذه الحرب على الشعب الفلسطيني بداعي إسقاط المقاومة، بالنتيجة سقط الكيان الصهيوني في الامتحان الفلسطيني، وكل ما أنجزه هو تدمير للبنية التحتية و قتل الآلاف من الأطفال و النساء، في حين لا تزال المقاومة تدك تل أبيب بنيران الصواريخ و ترفض رفع الرايات و الاستسلام.
وإنطلاقاً من ذلك فشل نتنياهو في تحقيق أحلامه بالمنطقة، الأمر الذي تسبب في الإضرار بمصالحه كونه اتبع سياسة خاطئة، فضلًاً عن زيادة قوة محور المقاومة وتماسكه في المنطقة ووقوفه ضد أهداف إسرائيل وأدواتها.
لا شك ترتكب إسرائيل وأمريكا مقامرة خطيرة في غزة ، حيث أن تدخلهما لا يحظى بأي شعبية في العالم، بذلك تفقد إسرائيل وأمريكا تدريجياً أهم عوامل القوة التي تتحصنان بها، ليضاف كابوس جديد يقض مضجع تل أبيب والبيت الأبيض وزعمائهما السياسيين، وهو إستمرار رجال المقاومة بتحقيق الإنتصارات على جميع المستويات والجبهات.
بموازاه ذلك يبدو أن إسرائيل أصبحت تلفظ أنفاسها الأخيرة، بهمة المقاومة وبهمة من لا يريدون أن تدنس أرض الانبياء بأقدام أقزام الارهاب .. إسرائيل سوف لن تبقى منها الا ذكريات القتل والتدمير التي خلفتها طوال السنين العجاف ، ذكريات مزينة بلون الدم ورائحة الموت.
مجملاً… إن المؤامرة التي تتعرض لها غزة وغيرها من المدن الفلسطينية لم يعد خبراً يحتاج إلى نشر، والكلام عن مؤامرة أمريكية إسرائيلية تستهدف المنطقة أصبح واضحاً، نعيشه ونعايشه على مدار الساعة، وأن من حق المقاومة أن ندافع عن فلسطين في معركة البقاء بالشكل والأسلوب الذي يناسبها.
وهنا لا بد من التذكير بأن غزة باتت اليوم مفتاح المنطقة والطريق الوحيد لوضع الإقليم على المسار الآمن، وما يجرى فيها له إرتداداته على الإقليم بأكمله، فالذين كانوا يراهنون على الحل العسكري باتوا الآن يبحثون عن مخرج سياسي للأزمة فيها. وأختم مقالي بالقول: إن غزة على موعد مع النصر ولا يفصلها سوى خطوات قليلة من زمن اللحظة التاريخية التي تفوح بدماء الشهداء الذين سقطوا على كل الأرض الفلسطينية حول قضية واحدة هي تحرير وطننا الكبير “فلسطين ” من الصهاينة وكف يد العابثين بأمنها واستقرارها.
التعليقات مغلقة.