متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الثامن والسّتّون / الطاهر المعز

344

الطاهر المعز ( تونس ) – الأحد 21/4/2024 م …

يتضمّن العدد الثامن والسّتّون من نشرة “متابعات” الأسبوعية فقرة بعنوان “في جبهة الأعداء” وفقرة عن تقديرات البنك العالمي للأضرار المادية التي لحقت بقطاع غزة جراء العدوان والتدمير بين السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023 و نهاية كانون الثاني/يناير 2024، وفقرة عن الإنتخابات الرئاسية في السينغال وآفاق انتخاب باسيرو دوماي فاي رئيسًا للجمهورية وفقرة عن التناقض بين إنفاق الدّولة الفرنسية على السلاح وعلى الحروب التي تشنها ضمن حلف شمال الأطلسي وبين الوضع الدّاخلي لمواطنيها، من شح السكن وارتفاع الإيجار ومن سوء الوضع الصحي وغياب مقومات السلامة المهنية بمواقع العمل وفقرة عن أضرار مبيد “غليفوسات”، وفق النتائج التي توصلت إليها تجربة ميدانية، وفقرتان عن تحالف عدواني بين الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي في كافة المجالات ومن بينها مجال التكنولوجيا وصناعة الرّقائق، وأخرى عن بزنس الصحة واستحواذ مجموعة “جونسون أند جونسون” على شركة أصغر منها بهدف احتكار علاجات القلب، وهو مجال للأرباح المرتفعة 

 

 في جبهة الأعداء

انتقلت الهند من بلد رائد لمجموعة “عدم الإنحياز” التي انعقد مؤتمرها التحضيري في باندونغ بإندونيسيا سنة 1955، إلى حليف للإمبريالية الأمريكية وللكيان الصهيوني، وقُدِّرَ عدد العمّال الهنود العاملين في فلسطين المحتلة بما لا يقل عن 18 ألف سنة 2022، خصوصًا في مجال رعاية المُسنّين والمرضى وخدمة العائلات، واتفقت الدّولتان خلال شهر أيار/مايو 2023 على انتقال ما لا يقل عن أربعين ألف عامل هندي إلى فلسطين المحتلة للعمل في مجالات البناء والرعاية الصحية والتمريض، وتعزز الإتفاق منذ العدوان الأخير على غزة الذي بدأ في السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023 وإغلاق المعابر وحظر دخول العمال الفلسطينيين إلى الجزء المحتل من بلادهم سنة 1948، وبدأ تدفّق العمال الهنود خصوصًا في قطاع البناء والإنشاء الذي يحتاج إلى حوالي ثمانين ألف عامل، بعد مرور نصف عام على العدوان، بعد فشل حكومة الكيان الصهيوني في جلب العمال من أوزبكستان وسريلانكا، وفق تقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس يوم الرابع من نيسان/ابريل 2024

 

من تأثيرات حرب الإبادة والتّدمير

أصدر البنك العالمي تقريرًا يُقَدِّرُ أضرار العدوان والتّدمير الذي لحق قطاع غزة بين السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023 والثلاثين من كانون الثاني/يناير 2024 بنحو 18,5 مليار دولارا، أو ما يُعال 97% من الناتج الإجمالي لسنة 2022 بالأراضي المحتلة سنة 1967، وتوقف نظام التعليم بالكامل ودُمّرت جميع المرافق الصّحّيّة والمواقع التراثية والأثرية مثل مجمع كنيسة القديس برفيريوس الأرثوذكسية وهي ثالث أقدم كنيسة في العالم، ومسجد عمر، فضلا عن مؤسّسات التجارة والصناعة والخدمات الأساسية كالطاقة والمياه والنقل والاتصالات والخدمات البلدية والخدمات الإنسانية…

ارتفعت قيمة أضرار حرب الإبادة الجماعية مع استمرار الحرب بعد نهاية كانون الثاني/يناير 2024 وللشهر السادس على التوالي، حيث دَمَّر العدوان الصهيوني شبكات الصرف الصحي ومرافق معالجة المياه العادمة والنفايات، ممّا تسبّب في ارتفاع درجة تلوث المياه والتربة والإنتاج الزراعي، فضلا عن تجريف الأراضي الفلاحية التي أصبحت غير صالحة للزراعة، وقَدّر تقرير البنك العالمي الأضرار البيئية، ضمن تقرير شامل بعنوان “التقييم المؤقت للأضرار في قطاع غزة”  بنحو 411 مليون دولار، وتشمل الأضرار المناطق الساحلية والبيئة البحرية ومعدّات الصيد البحري والمياه الجوفية والسطحية والتربة والحقول الزراعية ومحمية وادي غزة الطبيعية، وانتشار النفايات الخطرة والذخائر غير المنفجرة والنفايات الطبّية والتلوّث الصناعي، فضلا عن تدمير المباني الذي أسْفَرَ عن نحو 26 مليون طن من الركام، وتتطلب إزالة الأنقاض توفير نحو 327 مليون دولار على عدة سنوات، واعتبر البنك العالمي  “إن الصدمة التي تعرّض لها اقتصاد غزّة هي واحدة من أكبر الصدمات في التاريخ الاقتصادي الحديث… حيث أصاب الفقر مُتَعَدّد الأبعاد غالبية الفلسطينيين والفلسطينيات في قطاع غزّة وشملت البطالة نحو 74% منهم، وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة على أساس سنوي سنة 2023 بنسبة 24%…”، ويتوقع البنك العالمي أن يتفاقم الانكماش الاقتصادي ليتجاوز 50% سنة 2024، مع استمرار العدوان…

 

السينغال

انتُخب باسيرو دوماي فاي رئيسًا لجمهورية السنغال يوم الأحد 24 مارس 2024، إثْرَ حصوله على 54,28% من الأصوات مقابل 35,79% لمنافسه الرئيسي، أمادو با، رئيس وزراء الرئيس المنتهية ولايته ماكي سال.

لقد كان انتصارًا لحزب الوطنيين الأفارقة في السنغال من أجل العمل والأخلاق والأخوة (PASTEF ) على حزب الرئيس السابق ماكي صال “التحالف من أجل الجمهورية” (APR ) الذي هُزم بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة وانتشار الفساد داخل أجهزة الدولة.

بلغت نسبة المشاركة 66,27% خلال انتخابات 2019 وانخفضت إلى 61,6% خلال انتخابات 2024.

اقترح الرئيس الجديد، خلال حملته الإنتخابية، إنهاء العمل بالفرنك الإفريقي (CFA )، لكنه بعد انتخابه أراد طمأنة الإمبرياليين، ففي مقابلات مع وسائل الإعلام الفرنسية ومن بينها صحيفة “لوفيغارو” الإقتصادية والمالية الفرنسية (المملوكة لعائلة داسو التي تملك مصانع رافال للطائرات الحربية) وقناة TV5 Monde التلفزيونية الفرنسية العامة، قدم نفسه كرجل القطيعة، رجل استعادة السيادة الوطنية التي بيعت للأجانب، لكن السنغال ستبقى بلدًا صديقًا وحليفًا موثوقًا به لجميع الشركاء الملتزمين بالتعاون الفاضل والمحترم والمثمر للطرفين، ولم يتطرق إلى المواضيع التي تُغضب سلطات فرنسا، وفي خطاب متلفز تم بثه يوم الأربعاء 3 نيسان/ابريل 2924، أدلى الرئيس فايي بإعلان مماثل، قائلا: “المستثمرون مرحب بهم في السنغال […] ستتم حماية حقوق المستثمرين على الدوام، كما ستتم حماية مصالح الدولة والشعب”، وهو ما فسرته القوى اليسارية على أنه “مغازلة للإمبرياليين، مثل الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن الذي كان أول المهنئين”، في الوقت الذي طلبت فيه النيجر مُغادرة الجنود الأمريكيين الموجودين على أراضيها، وعمومًا قُوبلت نتائج الإنتخابات بترحيب كبير، في فرنسا، كما في الدول الإمبريالية الأخرى، فقد أشادت وسائل الإعلام الفرنسية بالديمقراطية السنغالية (على عكس مالي والنيجر وغينيا وبوركينا فاسو) ووصفت باسيرو دومايي فاي بالديمقراطي الحقيقي،   فالرئيس باسيرو دومايي فاي ورئيس وزرائه عثمان سونكو، مرشد فاي ومؤسس حزب الوطنيين الأفارقة في السنغال من أجل العمل والأخلاق والأخوة (PASTEF )، هما رجلان لم يُعرف عنهما أنهما ناضلا من أجل تحرير الشعب السنغالي أو الشعوب الأفريقية، أو من أجل السيطرة على الموارد، فهما ملتزمان بإبقاء السنغال ضمن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس أو سيداو)، وهي منظمة يسيطر عليها القادة الفرنسيون الذين أرادوا استخدام المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا للإطاحة بالأنظمة العسكرية في النيجر ومالي وبوركينا فاسو بالقوة، خصوصًا بعد تأسيس هذه الدول الثلاث ( مالي والنيجر وبوركينا فاسو) تحالف دول الساحل، الذي يعتبر نفسه منطقة تعاون مناهضة للاستعمار، على عكس الإيكواس التي هي أداة في خدمة الشركات متعددة الجنسيات.

أخيرًا، خلال حملته الانتخابية، أعلن باسو دوماي فاي في 23 آذار/مارس 2024، متحدثًا عن دول الإيكواس: “سأبذل كل جهد ممكن لإعادة بلدان دول تحالف الساحل إلى الإيكواس”، وهذا يعني أنه يعارض تحالف دول الساحل الجديد، الذي تتعارض أهدافه التقدمية مع عمل الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ومع دورها كشرطي للشركات متعددة الجنسيات.

 

فرنسا

تنقسم الفقرة إلى قسمين

أولا شُحّ محلات السَّكَن وارتفاع قيمة الإيجار

أصبحت فرنسا (وكذلك ألمانيا) بمثابة رأس جسر للعدوان العسكري من قبل حلف شمال الأطلسي ( ناتو ) والإمبريالية في أماكن مختلفة حول العالم، ومنحت الدولة الفرنسية قروضًا مُيَسّرة ومِنَحًا وإمدادات أسلحة لأوكرانيا وكذلك للدولة الصهيونية، ووزعت أكثر من 84 مليار يورو على الأثرياء والشركات على شكل مساعدات وإعفاءات ضريبية، في حين َينْضَمُّ عدة ملايين من المواطنين إلى صفوف الفقراء كل عام، ووصل عدد المشردين وذوي السكن غير الصّحِّي، بمن فيهم عشرات الآلاف من الأطفال، فضلاً عن الباحثين عن “السكن الاجتماعي”، إلى أرقام قياسية، كما وصل عدد المنازل الشاغرة وعمليات الإخلاء إلى مستويات قياسية، لأن المُسْتأجرين لم يعودوا قادرين على دفع مبالغ الإيجار والرسوم (الكهرباء والماء والضرائب) التي ارتفعت بنسق يفوق ثلاثة أضعاف زيادة متوسط الدخل، ففي سنة 1973، أنفق المستأجرون 10% من دخلهم على الإيجار، وتضاعفت القيمة ثلاث مرات في المتوسط سنة 2022 لتتجاوز قيمة الإيجارات ورسوم الإيجار نصف دخل عدة فئات من السكان، خاصة بعد ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، ولئن وُجِدَت بعض القوانين التي تحمي حقوق المُسْتَأجِرِين والمُشردين فإن أجهزة الدّولة (الشرطة والقضاء) لا تُطبّقها، بل يتعرّض الأشخاص الذين يشغلون محلات ومباني فارغة، دون عقد إيجار، لخطر الحكم عليهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات.

ثانيا، ارتفاع عدد حوادث العمل المُصَرّح بها:

تُعدّ فرنسا، وفقا لأحدث الأرقام التي نشرها مكتب الإحصاء الأوروبي “يوروستات” للعام 2022، الدولة الثانية في الاتحاد الأوروبي التي تهمل سلامة العمال في أماكن عملهم، حيث يموت عامل واحد في قطاع البناء في موقع العمل ويقع حادث كل خمس دقائق في مكان العمل في كافة القطاعات، أو حوالي 600 ألف حادث عمل سنويًا و3,53 حالة وفاة ناتجة عن حوادث العمل لكل مائة ألف عامل، وسجلت هيئة التأمين الصحي سنة 2021، ما لا يقل عن 604.565 حادثًا أعلن عنها أصحاب العمل، منها 39 ألف حادث خطير و696 حالة وفاة، وتوفي سنة 2023، ما لا يقل عن 903 أشخاص أثناء العمل، بالإضافة إلى من توفوا بعد ذلك بأسبوع، وإلى آلاف حوادث العمل التي تسببت في عواقب وخيمة ودائمة، تؤدي إلى الفصل من العمل بسبب العجز، بحسب أرقام الصندوق الوطني للتأمين الصحي.

تجدر الإشارة إلى أن الحكومات المتعاقبة في فرنسا قامت بتخريب مؤسسة الطب المهني الذي يراقب صحة العمال وهيئة تفتيش العمل التي يراقب موظفوها ظروف العمل ودرجة الالتزام باللوائح القانونية، وتدرس الحكومة الحالية (سنة 2024) الطلب الذي تقدم به أرباب العمل لإلغاء لجان الصحة والسلامة وظروف العمل، والتي يتمثل دورها في التدخل العاجل بمكان العمل وطلب رأي الخبراء في ظروف صحة وسلامة العمال.

 

التنوع البيولوجي

الغليفوسات هو مبيد الأعشاب الأكثر استخداماً في العالم. ويُستخدم في الزراعة لقتل “الحشائش الضارة” والحد من آثارها السلبية على المحاصيل، ولكن له آثار ضارة على الإنسان والبيئة، ومع ذلك، فقد جدد الاتحاد الأوروبي التصريح باستخدامه لمدة عشر سنوات أخرى، بداية من منتصف كانون الثاني/يناير 2024، بذريعة “إن مستوى المخاطر لا يبرر حظر الغليفوسات”، رغم ثبوت آثاره الضّارّة على الصحة وعلى النظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي.

أظهرت دراسة أُجريت في المارتينيك (مستعمرة فرنسية في البحر الكاريبي) انخفاضًا في التنوع البيولوجي بنسبة 21% في المتوسط في مزارع الموز المعالجة بالغليفوسات، بسبب المناخ الاستوائي الرطب الذي يشجع على انتشار الأعشاب الضارة.

يدمر الغليفوسات الأعشاب الضّارّة ويُدَمِّرُ معها الغطاء النباتي للتربة والموئل والموارد الغذائية لعدد من الأنواع، وهو ما لا يساعد على إعادة تدوير المغذيات ونمو النباتات، فضلا عن الأضرار الكبيرة، وتوصي الدراسة بتعميم زراعة المحاصيل دون تدمير الغطاء النباتي، وباستخدام الحيوانات (الأغنام) لإزالة الأحراش وتسميد المحاصيل.

 

تحالف عدواني بين الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي في كافة المجالات 

استمرت المحادثات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يومَيْ الخميس 04 والجمعة 05 نيسان ابريل ضمن اجتماعات مجلس التجارة والتكنولوجيا بينهما وورد في البيان المشترك حول نتائج الإجتماع “إن الطّرَفَيْن يتعهّدان بتمديد تعاونهما لمدة ثلاث سنوات في تحديد الاضطرابات في قطاع أشباه الموصلات”، مع التركيز بشكل خاص على الرقائق “القديمة” الواردة من الصين، “وسوف يتبادل الشريكان معلومات السوق حول السياسات والممارسات التي لا تستجيب لقوانين السوق…  وسيتشاوران بشأن الإجراءات المخطط لها لمعالجة التشوهات في سلسلة التوريد العالمية” وفق تصريح لنائبة رئيس المفوضية الأوروبية التي تشرف على سياسة الاتحاد الأوروبي بشأن التكنولوجيا التي أعلنت “إن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يتخذان خطوات حازمة تجاه الصين فيما يتعلق بأشباه الموصلات القديمة” وأعلنت وزيرة التجارة الأمريكية خلال مؤتمر صحفي إن الصين تنتج نحو 60% من الرقائق القديمة الموجودة في السيارات والأجهزة المنزلية والأجهزة الطبية، وستواصل القيام بذلك في السنوات المقبلة، بدعم من الحكومة الصينية، مما قد يؤدي إلى خَرْق قوانين السّوق “، كما التزم الشريكان أيضًا بتوحيد جهودهما من أجل إيجاد بدائل للمواد المُستخدَمة في صناعة الرقائق، مثل المكونات التي تحتوي على مواد كيماوية لا تتحلل ويمكنها أن تضر بصحة الإنسان، وبذلك تخفي الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي الإجراءات الحِمائية المُناقضة للمبادئ الرأسمالية النيوليبرالية التي فرضتها منظمة التجارة العالمية على الدّول الأخرى، وتعتبر الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي – لمّا يفرضان حَظْرًا على الصين أو روسيا – إنها في حِلٍّ من هذه الإجراءات، لأنها لا تُطَبَّق سوى على منافسيهما…

 

الحرب التجارية والتكنولوجية

بعد أربعة أيام من الاجتماعات للضغط على الصين “لكبح جماح الطاقة الصناعية الفائضة”، ضمن زيارتها الثانية للصين خلال ستة أشهر، أعلنت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين خلال مؤتمر صحفي، يوم الاثنين الثامن من نيسان/ابريل 2024، “إن واشنطن لن تقبل تكرار صدمة أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وأن تدمر الواردات الصينية الصناعات والوظائف في قطاع التصنيع الأمريكي”، وكانت الحكومة الأمريكية قد هدّدت خلال الأيام السابقة بفرض “تعريفات جديدة وعراقيل جمركية وتجارية في حال استمرار الدعم الحكومي الصيني الضخم للسيارات الكهربائية والبطاريات والألواح الشمسية وغيرها من منتجات الطاقة الخضراء”، وتتهم الولايات المتحدة منافستها الصين “بزيادة الإستثمار في مصانع يتجاوز إنتاجها الطلب المحلي، بهدف تصديرها إلى الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية، لتهدّد الإنتاج المحلي، مثلما حصل قبل أكثر من عقد من الزمن، حيث أدى الدعم الهائل الذي قدمته حكومة جمهورية الصين الشعبية إلى إنتاج الصلب بسعر رخيص وإغراق السوق العالمية وتدمير الصناعات في جميع أنحاء العالم وفي الولايات المتحدة

وردّت الصين بأن الإستثمار في البحث العلمي والإبتكار التكنولوجي وتطوير أنظمة الإنتاج وسلسلة التوريد، وليس دعم الدّولة هو الذي طَوَّرَ إنتاج الشركات الصينية، التي تريد الولايات المتحدة وحلفاؤها فرض التعريفات الجمركية أو القيود التجارية الأخرى عليها ما يُؤَدِّي إلى حرمان المستهلكين العالميين من بدائل الطاقة الخضراء الأساسية ومعارضة قواعد منظمة التجارة العالمية، وأكّدت وزارة الصناعة الصينية أنها ملتزمة بدعم صادرات السيارات الكهربائية وستساعد في “تسريع التنمية الخارجية” لهذه الصناعة بما في ذلك التخطيط للشحن والخدمات اللوجستية ودعم الشركات على الابتكار والوفاء بالمعايير العالمية، وفق وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا – 08 نيسان/ابريل 2024) واتهمت الصين حكومة الولايات المتحدة ب”تحويل القضايا الاقتصادية والتجارية إلى قضايا سياسية أو أمنية” ومنع المنافسة الكاملة في السوق.

من جهتها تُعرقل الولايات المتحدة حصول الشركات الصينية على العديد من المنتجات التكنولوجية، من شركات غير أمريكية المنشأ، وأعلنت وزارة التجارة الأمريكية يوم الاثنين الثامن من نيسان/ابريل 2024، تقديم الحكومة الأمريكية دعمًا إلى الفروع الأمريكية لشركة (Taiwan Semiconductor Manufacturing Co ) أو – TSMC – وهي أكبر شركة عالمية لتصنيع الرقائق والمُوَرّد الرئيسي لشركة أبل، تايوانية المنشأ، لإنتاج الرقائق وأشباه المواصلات، بقيمة 6,6 مليارات دولار لإنتاج أشباه الموصلات المتقدمة في فينيكس، بولاية أريزونا، وما يصل إلى خمس مليارات دولار في شكل قروض حكومية منخفضة التكلفة، ضمن الإستثمارات التي أقرّتها الشركة التايوانية بقيمة قد تصل إلى 65 مليار دولارا في الولايات المتحدة، لإنتاج التكنولوجيا الأكثر تقدمًا في العالم والرقائق الضرورية للذكاء الاصطناعي ذي الإستخدام المَدَنِي والعسكري، وتهدف شركة – TSMC – استثمار أربعين مليار دولار في ولاية أريزونا الأمريكية لإنتاج كميات كبيرة من الرقائق وأشباه الموصلات  بحلول النصف الأول من سنة 2025، وقررت زيادة استثماراتها وإنشاء مصانع جديدة بدعم من الحكومة الأمريكية (التي تلوم الصين على تقديم الدّعم لشركاتها) إثر موافقة الكونغرس الأمريكي سنة 2022 على قانون الرقائق والعلوم المُعد خصيصا لعرقلة تطور التكنولوجيا في الصين، وينص هذا القانون الأمريكي على دعم إنتاج أشباه الموصلات المحلي بمبلغ 52,7 مليار دولار، وعلى قروض حكومية ميسرة بقيمة 75 مليار دولار، كما أعلنت وزارة التجارة الأمريكية، خلال شهر آذار/مارس 2024، منح 8,5 مليارات دولارا وقُروض مُيسّرة بقيمة 11 مليار دولارا لشركة إنتل ( ولها مختبرات ومصانع ضخمة ضخمة في فلسطين المحتلة) لدعم إنتاج الرقائق المتطورة.

تُعتبر الولايات المتحدة أول دولة تَدْعم الشركات الخاصة بمبالغ تقتطعها من المال العام ومن الميزانية المخصصة للإنفاق الإجتماعي وخدمات الصحة العمومية والتعليم والسّكن، وتُعارض بشدّة دَعْم الصين أو أي دولة أخرى لشركاتها. 

 

الصحة تجارة مربحة

عندما تتمكن شركات أو مختبرات صغيرة من ابتكار دواء أو التّوصّل إلى حل مُعادلة كيماوية عسيرة، تُسارع الشركات الكبرى للمختبرات والأدوية شراء حقوق الملكية ( شهادة الإبتكار) أو تشتري الشركة أو المُخْتَبَر، بهدف القضاء على المنافسة، وكذا تفعل جميع الشركات الكبرى، ومن بينها شركة “جونسون آند جونسون” التي أعلنت، في بداية سنة 2023، إنها تخطط “للتركيز على الصفقات التي من شأنها أن تضيف قيمة إلى محفظتها من منتجات القلب والأوعية الدموية”، ورَجّحت أن “تُرَكِّزَ العديد من معاملاتها المستقبلية على عمليات استحواذ صغيرة “مدمجة وأعلنت إنها قرّرت تعزيز إيراداتها وأرباحها في مجال الأجهزة الطبية المستخدَمَة في علاج أمراض القلب، فاشترت شركة (Shockwave Medical ) المُخْتَصّة، بقيمة 12,5 مليار دولار، بعدما تمكنت شركة (شوكويف ميديكال) من ابتكار جهاز يستخدم الموجات الصادمة لتكسير اللويحات المتكلسة في أوعية القلب، على غرار طريقة علاج حصوات الكلى، وسجلت مبيعاتها الإجمالية سنة 2023 مبلغ 730,2 مليون دولارا، وتركز مجموعة جونسون أند جونسون على المجالات المُرْبِحَة، ومنها صحة القلب وأنفقت 16,6 مليار دولار سنة 2022 لشراء شركة تصنيع مضخات القلب Abiomed وأنفقت 400 مليون دولار لشراء شركة Laminar لصناعة أجهزة أخرى تركز على القلب، فضلا عن سلسلة الصفقات التي عقدتها الشركة في السنوات الأخيرة لدعم بعض فُرُوعها الأخرى بينما يواجه عقار  Stelara، الذي تُنْتِجُهُ لعلاج مرض كرون الرائج، منافسين محتملين سنة 2025.

يتم استخدام العلاج المعتمد على القسطرة في Shockwave والمعروف باسم تفتيت الحصى داخل الأوعية الدموية (IVL)، وغالبًا ما يتم استخدامه مع الدعامات، لعلاج حالتين في القلب حيث يتم انسداد الشرايين بترسبات الكالسيوم، ومن المتوقع أن ترتفع أرباح جونسون أند جونسون لأن أمراض الشرايين رائجة بين الأثرياء القادرين على تسديد ثمن العمليات الطبية والعلاج… 

التعليقات مغلقة.