إذا دخلت إسرائيل إلى غزة.. كيف ستخرج؟ ومن سيحكم القطاع؟

326

مدارات عربية –  الأربعاء 25/10/2023 م …

وضعت إسرائيل نفسها أمام تحدّ صعب في سعيها إلى إلحاق الهزيمة بحركة حماس.. لكن السؤال الأكبر الذي يلوح في الأفق، هو بعد دخولها إلى غزة، كيف ومتى ستخرج إسرائيل من هناك؟

الهدف السياسي الطموح جداً سينتهي بالإحباط والفشل

وكتب مراسل صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية من تل أبيب والقدس ستيفن إيرلانغر، أنه في الوقت الذي يحتشد الجنود الإسرائيليون لدخول غزة بالقوة، وخاطبهم وزير الدفاع يوآف غالانت قائلاً: “إنكم ترون غزة من بعيد الآن.. قريباً سترونها من الداخل”.

وعلى الرغم من هذا الوعيد، ليس واضحاً متى ستشن إسرائيل غزواً برياً.. وإذا ما كانت الحكومة مترددة في الدخول إلى غزة -بعد مضي أسبوعين على هجوم حماس الذي أسفر عن مقتل 1400 إسرائيلي-  فإن ثمة أسباباً منطقية لهذا التردد.

حرب المدن

ما ينتطر إسرائيل هو نوع من حرب المدن التي لم يخضها جيشها منذ نحو عقد من الزمن، وسعياً إلى تسوية سياسية لا تزال غير واضحة، باستثناء تهديد بإلحاق الهزيمة بحماس التي تسيطر على غزة، حتى لا تتمكن من مهاجمة المواطنين الإسرائيليين مجدداً.

وهذا بحد ذاته مطلب كبير سيتطلب من الإسرائيليين السيطرة على غزة بأنفسهم، وثمناً كبيراً من الدماء والأموال، إضافة إلى إثارة غضب دولي بسبب الوفيات في صفوف المدنيين. 

وفوق كل ذلك، ثمة لغز سياسي يتعلق بما سيحل بغزة بعد انتهاء الحرب.. وبعد الدخول، كيف ستخرج إسرائيل، وبعد أن تفكك حماس، هذا إن استطاعت، لمن ستسلم المفاتيح؟ وإذا لم تعد حماس تحكم غزة، فمن سيفعل؟

في هذه اللحظة، يقول المسؤولون الإسرائيليون إن هذا ليس هاجسهم.. لكن هذا أمر لا يمكن تجنبه، حتى ولو أصبحت غزة في عهدة حكومة إسرائيلية جديدة.

لا خيارات جيدة

وكتب اللفتنانت جنرال البريطاني المتقاعد توم بيكيت الذي يتولى الرئاسة التنفيذية لبرنامج الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في تحليل مقتضب “في الحقيقة، لا خيارات جيدة بالنسبة لهجوم إسرائيلي بري في غزة.. وبصرف النظر عن نجاح العمليات في إلحاق الهزيمة بحماس كمنظمة عسكرية، فإن حماس ستستمر كضرورة سياسية، في حين أن الدعم الشعبي للمقاومة سيستمر.. فإما تحتل إسرائيل غزة لتحكمها، أو في حال انسحابها بعد الهجوم، فإنها تكون تتخلى عن الأرض لأشخاص يعتبرون المقاومة بمثابة الوجود”. 

ويقول الناطق باسم الجيش الإسرائيلي الأميرال دانيال هاغاري، إن الجيش “يركز على أهداف الحرب كما حددها المستوى السياسي: القضاء على حماس وقادتها بعد المجزرة التي ارتكبوها السبت، هذه المنظمة لن تحكم غزة لا عسكرياً ولا سياسياً”.

لكن الكاتب يلفت إلى أن “أحداً ما يجب أن يفعل.. وهذه إحدى نقاط الضعف في الإستراتيجية الإسرائيلية، لأن حماس تمثل فكرة سياسية ودينية لا يمكن تفكيكها، وهي منظمة ازدهرت وبنت سمعتها بين الفلسطينيين من أجل اعتناق الكفاح المسلح والشهادة في مواجهة إسرائيل”.

وتقول مديرة معهد الشرق الأوسط في جامعة “إس أو أي إس” بلندن لينا الخطيب: “حتى ولو هزمت عسكرياً، فإن حماس لا يمكن تحييدها.. والقول بأن وجود حماس وشرعيتها مرتبطان بنجاحها العسكري، هو خطأ.. يمكن أن تهزم عسكرياً وأن تبقى حماس موجودة سياسياً.. ويمكن أن تقدم أي دفاع على أنه استشهاد بطولي من أجل تحرير الشعب الفلسطيني”.

وبالنسبة إلى لورنس فريدمان أستاذ دراسات الحرب في الكلية الملكية بلندن، فإن التحدي الذي يواجه إسرائيل هو “مواءمة وسائلها العسكرية مع أهدافها السياسية”، ويقول إنه مهما كانت مؤهلة من الناحية العسكرية، فإن الهدف السياسي الطموح جداً سينتهي بالإحباط والفشل.

أفغانستان والعراق

الأمثلة كثيرة على ذلك، بما فيها النصران الأمريكيان في العراق وأفغانستان، باسم أهداف سياسية طموحة مثل التحول إلى الديمقراطية والمساواة بين الجنسين، وقد انتهيا إلى الفشل.

وانتهت الفتوحات السهلة بحملات طويلة وشرسة لمكافحة التمرد من قبل ميليشيات محلية ومقاتلين إسلاميين متطرفين يعرفون الأرض جيداً، ويعيشون بين السكان ولا يتقيدون بمعاهدة جنيف لقواعد الحرب.

كما أن الحكومات التي أسسها الأمريكيون كانت بحاجة إلى كميات ضخمة من الأموال النقدية والدعم العسكري، من أجل الاستمرار.

وكتب فريدمان عن الهواجس التي تعتريه في صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، قائلاً إن الإسرائيليين يخاطرون بمواجهة مصير مماثل “إذ وضعوا لأنفسهم هدفاً طموحاً من الصعب تحقيقه، لأنه حتى ولو وجهوا لحماس ضربة قوية، فإنهم لن يستطيعوا منع عودتها مجدداً.. وأضاف أن إسرائيل لا يمكنها احتلال غزة إلى الأبد وهي لا تريد ذلك ولا يمكنها دفع السكان إلى مصر، التي لا تريد أن يكون لها علاقة بغزة أيضاً”.

ويقول المنسق السابق للأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط روبرت سيري: “أتمنى أن تتعلم إسرائيل درساً.. إذا ما استمرت في تجاهل المسألة الفلسطينية، فإنها ستنفجر من وقت إلى آخر، ويبقى السؤال متى”.

التعليقات مغلقة.