أوّل سيّارة كهربائيّة صُنعت بأيادٍ جزائريّة 100 بالمئة.. ما دلالة ما كتبه صانعوها على لوحتها؟.. ورغم صِغَر حجمها هذه مُميّزاتها وبعض عُيوبها لا تُخفي إنجازها الوطني.. لماذا تسعى الجزائر للتحوّل إلى الطاقة النظيفة وهل استبعادها من “بريكس” سببه فقط اقتصادي؟

112

مدارات عربية – السبت 9/9/2023 م …

رُغم بعض الانتقادات التي طالتها، لا يُريد الجزائريّون إغفال قُدرة مُبدعيهم على الرغبة في الدخول إلى الأسواق العالميّة للسيّارات، والمُنافسة الدوليّة، فطريق الألف ميل، يبدأ بميل، والحديث هُنا عن أوّل سيّارة كهربائيّة “جزائريّة 100 بالمئة”.

السيّارة من مُحرّكها إلى تصميمها الخارجي، مُرورًا بصالون السيّارة، ومقاعدها التي صُمّمت يدويّاً، وبمواد محليّة من طرف حرفيين جزائريين كما نقلت صحف محليّة جزائريّة، كلها جزائريّة، على عكس نموذج السيّارة السعوديّة “سير” التي شارك في تصنيعها شركات أجنبيّة مثل شركة بي إم دبليو الألمانيّة، وشركة “فوكسكون” التايوانيّة.

هذه السيّارة هي تجربة جزائريّة أولى، تأتي نتاج دعم رسمي جزائري، حيث انطلق مشروع تصنيع أوّل سيّارة كهربائيّة جزائريّة الصنع، ومن جانب خبراء مراكز البحث في التكنولوجيا الصناعيّة، الذي كان بدأ في 17 إبريل العام الجاري، وتحت إشراف كمال بداري وزير التعليم العالي والبحث العلمي.

وتعتبر السيّارة نموذجاً أوّليّاً، وتبلغ سُرعتها القصوى 35 كم/ساعة، وجرى تصنيعها من قبل مركز “سي أر تي آي” وهو مركز البحث في التكنولوجيا الصناعيّة الجزائري، وهي بكل الأحوال تجربة وبداية في طريق طويل، كونها صغيرة الحجم، وسُرعتها التي اعتبرها بعض الجزائريين بطيئة.

وتعالت الأصوات الجزائريّة إلى الدعوة لتشجيع مثل هذه المُبادرات، وهؤلاء المُخترعين، وتثمين المجهودات في مجال صناعة السيارات.

وكان لافتاً بأن صانعي السيّارة الجزائريين حرصوا على وضع اسم على لوحة السيّارة التي ظهرت زرقاء اللون، وكتبوا عليها اسم مركز  “سي أر تي آي”، وهو المركز البحثي الذي صنع السيارة، وتدعمه بطبيعة الحال الحكومة الجزائريّة، وفي رسالة بالغة الأهميّة للداخل، والخارج.

ورغم حجم السيّارة الصّغير، لكنّها بشكلٍ لافت تتّسع لأربعة أشخاص، ومكشوفة، ويُمكنك من خلالها الحُصول على موقف بالأماكن المُزدحمة، وما يُميّز هذه السيّارة، بأن محركها وبطاريتها منتوج جزائري بالكامل، كما أن “عجلات” السيارة أنتجت بالكامل بأيدي وطنيّة جزائريّة.

الوزير بداري كان سبق له أن شدّد على ضرورة تقدير ابتكارات خبراء المركز من طرف الشركات المُصنّعة عند طرح المنتوج في السوق بهدف تشجيع الكفاءات الجزائريّة على بذلِ مزيدٍ من الجُهد في إطار تعزيز مكانة البحث العلمي والابتكار التكنولوجي.

كما كان أكّد الوزير على أهميّة إدماج المؤسسات الناشئة والطلبة الجامعيين في تجسيد مثل هذه المشاريع.

وقبل خطوة إطلاق السيّارة الكهربائيّة الجزائريّة بالكامل، وفي خطوة من الحكومة لتشجيع مُواطنيها على اقتناء السيّارات الكهربائيّة، افتتحت أولى أعمدة شحن السيّارات الكهربائيّة في الجزائر، على أن تتبعها عمليّات إطلاق محطّات أخرى لتشجيع اقتناء السيّارات الكهربائيّة، والعملية ستُعَمَّم عبر كامل التراب الوطني وفقاً لما صرّح به وزير الطاقة الجزائري.

وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب من جهته كشف عن توجّه بلاده العام “نحو إنشاء محطّات لتوليد الكهرباء من طريق الطاقات المُتجدّدة واستخدام الهيدروجين كمزيج طاقوي، ما يُجسّد وفق الوزير عرقاب حقيقة سياسة التحوّل الطاقوي التي تنتهجها الجزائر”، كما وتوقّع الوزير الجزائري أن يتم مع نهاية سنة 2024 إنجاز ألف عمود لشحن السيّارات الكهربائيّة.

كل هذا يتماشى مع سعي الجزائر للتحوّل إلى الطاقة النظيفة، من خلال تعويلها على وفرة احتياطاتها من الغاز الطبيعي، وعبر استخدام غاز النفط المسال “جي بي إل” (GPL) في المركبات التي تعمل بالديزل والبنزين.

وإلى جانب الغاز الطبيعي، برز اهتمام الجزائر خلال الآونة الأخيرة بمشروعات إنتاج الهيدروجين، لتنضم إلى السباق العالمي نحو إنتاج ذلك الوقود النظيف، سواء لاستهلاكه في السوق المحلية أو تصديره للخارج.

ويرى مراقبون، بأن استبعاد الجزائر من عضويّة مجموعة “بريكس”، يدفعها للمُضي قدماً، أو بشَكلٍ أسرع في سياسات اقتصاديّة يقوم على التعدّد الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل، والتوسّع في الصّادرات خارج المحروقات، وهو ما بدأ فعليّاً في الجزائر قبل عامين، ما يدفع البعض الآخر للقول بأن استبعاد الجزائر من “بريكس” ليس كونه فقط لاستمرار اعتمادها على صادرات النفط، وإنما لأسبابٍ سياسيّة أو أنها أسباب غامضة، فيما علّق رئيس مجلس الأمّة الجزائري صالح قوجيل على عدم انضمام بلاده لـ”بريكس”، قائلًا: نكون في بريكس أو لا نكون.. المُهم عندنا هو العلاقات الثنائيّة مع هذه البُلدان.

التعليقات مغلقة.