التركيبة السيكولوجية للمرأة / حنان بديع

482

حنان بديع ( لبنان ) – الإثنين 20/2/2023 م …

كلما خطونا صوب الحضارة خطوة جديدة فإننا حتماً نخطو نحو هيمنة المرأة خطوة مماثلة، فالمستوى الحضاري هو الذي يحدد موقع السيادة والسلطة وكلما اقتربنا من مراكز المدن الأكثر تحضراً وجدناها تقوم على وحدة الفرد الذي يتمتع بكيان حر مستقل بينما يقوم النموذج الثاني في المدن الريفية مثلاً على وحدة الأسرة حيث توجد سلطة الأب المركزية.
لكن هذه الحضارة التي تزحف إلى حياتنا بسرعة الصاروخ في مظاهرها المختلفة تغدو في المجال النسوي بطيئة كالسلحفاة في مجتمعات تدرك الحقوق وتستعرضها لكنها لا تسن التشريعات التي تضمن هذه الحقوق.
أما الأسباب.. فإن أحدهما مكشوف ومفهوم يتعلق بالثقافة الاجتماعية السائدة، الرجل ليس وحده أسيرها إنما المرأة شريكته أيضاً.
أما السبب الآخر المتخفي فهو خاص بالمرأة وتركيبتها السيكولوجية أو النفسية وما يتعلق برغباتها وذوقها الخاص، سبب تتكتم عليه هذه الأنثى ذات الوجوه المتناقضة خبثاً أو خجلاً أو تغابياً ..
فغالباً ما تشكو المرأة تسلط الرجل وهيمنته، فهو المخلوق الغليظ، فظ القلب، صعب المراس،لكنها تتزوج هذا الرجل؟
فما هي فلسفتها في قبول ما ترفضه علناً في خطابها النسوي؟
لماذا حظى أشهر الطغاة عبر التاريخ بأفضل الزوجات وأكثرهن عدداً ولم يتعارض ذلك مع سيرتهم أو طبيعتهم القاسية؟
ثم كيف تجمع المرأة وهي الكائن الرقيق الشفاف والمسالم بين طبيعتها تلك والاتحاد أو الارتباط أو العيش مع رجل فظ مثلاً؟
هل يصعب على المرأة حقاً تحطيم قيودها أو خلع موروثاتها الثقافية السائدة كما تخلع ثوبها القديم؟لا أظن.
الواضح أنه من الصعب جداً عليها معاندة تكوينها السيكولوجي الذي يعتمد في أولويته الفطرية على اختيار عنصر القوة والسلطة كمطلب أول وأساسي.
تلك القوة تتجسد بمظاهر شتى كقوة المال أو السلطة أو الوجاهة الاجتماعية أو القوة الجسدية في حين لا يطيقها الرجل في أنثاه.
إن النزعة (الماسوشية) لدى الأنثى تبدو وكأنها تدفعها لا شعورياً إلى عبادة القوة أو حب الألم المتأصل في شخصيتها وكيانها فهي تؤسس له بالحمل والإنجاب والتضحية لتشبع حاجاتها العميقة للخضوع والتبعية والتلذذ بآلامها.
في النهاية .. أذكركم بحقيقة تاريخية تقول أن المرأة كانت هي الأقوى.. فقد كانت قديماً الآلهة.. الأنثى .. التي يعبدونها من خلال فكرة الخصب قبل أن يبدأ العهد الأبوي مع بداية اكتشاف الزراعة وحاجة الأرض لليد العاملة.
فهل ولدت المرأة كما هي “الانثى التي نعرفها اليوم، أم أن المجتمع جعلها كذلك”؟
كما قالت سيمون دي بفوار قبل 55 عاما.
وبالمقابل .. “هل ولد الرجل متسلطاً، أم أننا من جعله كذلك” ؟
كما أقول أنا اليوم.

 

 

التعليقات مغلقة.