حرب الحضارات / عبد الهادي المجالي

590
عبد الهادي المجالي ( الأردن ) – الإثنين 30/5/2022 م …
 
ان فرح الناس في بلادنا لا يرتبط أبدًا بحدوث الحرب, ولا أظن أن أردنيًا أو عربيًا يرضى بكل هذا الدم في أوكرانيا!؟
ولكن القصة هي هزيمة الغرب وليس نصر بوتين!؟ 
 
لقد درجت العادة أن (يتمرجل) الغرب ومعه أمريكا على الدول الضعيفة!؟
فمن الممكن أن يكون الفضاء الليبي مفتوحًا للطائرات الفرنسية!؟
ومن الممكن أن تكون سماء بغداد مفتوحة للطيارين (الإنجليز) كي يستعرضوا مهاراتهم في الإرتفاعات المنخفضة!؟
ومن الممكن أن ينزل (المارينز) الأمريكي في شواطيء الصومال ويقتل ويستعرض!؟
ثم تنتج (هوليوود) فيلمًا يروي بطولة هؤلاء الجنود, وبالطبع الفيلم يكون مبنيًا على الأكاذيب!؟ 
 
ودرجت العادة أيضًا أن يقصفوا كل شبر في أفغانستان وليقتلوا من يريدون ومتى شاءوا ولن يعترض أحد كما درجت العادة!؟
أن (تعربد) إسرائيل بماكنتها العسكرية الأمريكية في غزة وجنوب لبنان وتقتل من تريد وتغتال من تريد!؟ 
 
لكن هذه المرة مختلفة  فالطيار الفرنسي إن حلق فوق أوكرانيا كي يحمي الحرية وقيم العدالة كما يقول وزير خارجيتهم!؟
يعرف أنه لن يعود إلا جثة أو أسيرًا، والإنجليز الذين استباحوا بر وسماء البصرة!؟
وقصفوا بطائرات (الهارير) و (التايفون) كل جسم متحرك, يدركون أن دباباتهم إن اقتربت من حدود أوكرانيا!؟
ستُحرق بهم، والأمريكان يعرفون جيدًا أيضًا أن روسيا ليست طالبان ولا العراق ولا شرق سوريا!؟
ويدركون أن طائراتهم ستعود بمئات الجثث إن قرروا الدخول في اللعبة!؟ 
 
تلك هي القصة باختصار، هي أن قيم الحرية والديمقراطية وحقوق المرأة والعدالة وحقوق المثليين!؟ 
وتمكين النساء، والمناهج التي تحرر العقل، كل ذلك يطبق على الضعفاء والفقراء مصحوبًا ببعض المساعدات المادية!؟ 
وشحنات حليب الأطفال!؟
 
والقصة أن الغرب أمام روسيا لن يجرؤ أن يمارس ذات الأدوار التي مارسها في العراق أو أفغانستان!؟
لأنه الآن يقف أمام دولة تعرف كيف تفكك المؤامرات، وتمتلك أكبر ترسانة عسكرية!؟
والأهم أن روسيا حضارة وثقافة صدّرت للعالم الموسيقى والمسرح والرواية!؟
وحمت كرامة أوروبا حين مرغها هتلر في الأرض!؟ 
 
من يعتقد أنها الحرب مخطيء، هذه أكبر من حرب بكثير, هي صراع حضارات
حضارة تعودت أن تفرض منتجاتها على العالم بالقوة والإغراءات!؟
 
وحضارة أخرى، تتعاطى مع العالم في إطار الشراكة وتقاسم رغيف الخبز!؟
حضارة ليس لها ماضٍ استعماري مثل فرنسا وبريطانيا, ولم تنهب ثروات الشعوب، ولم تمارس القتل والتصفية!؟
على الأقل في روسيا والصين، لن تجد أسودًا يعاني من التفرقة, ولن تجد جمهور كرة قدم يرمي قشور الموز للاعبين الأفارقة!؟ 
 
نحن مع روسيا ليس لأنها منتصرة, بل لأنها تتحدث باسم الفقراء في هذا العالم!؟
وتقاتل باسمهم وتفرض ايقاعهم، وتقول للعالم كله يكفي سطوة الحضارة الغربية، وتحاول تحرير العقل!؟ 
 
ستنتهي الحرب حتمًا، وسيدرك (الأوكرانيين) أنه تم توريطهم في لعبة كانت أكبر من يكونوا وقودًا لها!؟ 
سيدركون أيضًا أنهم كانوا حقل تجريب للقوة الروسية الساحقة، لكنهم مع الوقت سيدركون أن فضائهم هو (اوراسيا)!؟
وأن روسيا هي عمقهم الحقيقي, وأن الغرب كله كان يكذب عليهم ويسير بهم نحو أتون المحرقة!؟ 
 
لقد فتحت قصة روسيا بوابة بداية النهاية للحضارة والثقافة الغربية!؟
لأن القادم سيكون الصين عندما تستعيد (تايوان) بنفس الطريقة!؟
وكوريا الشمالية هي الأخرى ستشهد فصلًا جديدًا من الصراع!؟
 
النار التي أشعلوها في كل العالم وعلى مدار 50 عامًا وحرقوا بها الفقراء والشعوب!؟
وحرقوا بها الأحلام والطموحات ستكون قريبة من قصر الإليزيه ومن دواننغ ستريت, ومن مبنى المستشارية!؟
ولا أظنها ستكون بعيدة عن البيت الأبيض، ولا عن مبنى (الكنيست الإسرائيلي)!؟ 
 
في النهاية إذا قدر الله لزلنيسكي الرئيس الأوكراني أن يبقى حيًا فستكون إسرائيل منفاه!؟
علهم يتعلمون منه عبرة  مفادها أن نهايات الحلم النازي ستكون التغريب والسبي!؟
فهتلر منهم يفكر بذات طريقتهم، ويحب الدم والدمار بذات شهيتهم !؟ 
 
 

التعليقات مغلقة.