حوار مطوّل مع الأستاذ المحامي محمود مرعي الأمين العام للجبهة الديمقراطية السورية المعارضة، والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية العربية السورية حول قمة افتراضية للديمقراطية تعقدها الولايات المتحدة الشهر القادم وحول ممارسات الديمقراطية الأمريكية المزعومة في سورية والمنطقة
دعت الولايات المتحدة الامريكية / 110 / دول للمشاركة في قمة الديمقراطية التي ستعقد افتراضياً في التاسع والعاشر من شهر كانون الأول/ديسمبر المقبل؟
والسؤال: هل الولايات المتحدة الامريكية مؤهلة بالأساس لقيادة سفينة الديمقراطية بالعالم والتبشير بها، وهي التي ما زالت تميز بين مواطنيها على أساس العرق واللون؟!
والسؤال الآخر.. هل الديمقراطية التي تقوم على أساس المصالح والنفوذ والمال وعلى القوة العسكرية والمالية والهيمنة على العالم تُعتبر الديمقراطية المنشودة، أم أنها الديمقراطية المفروضة على العباد وليس لهم الحق في اختيارها.
إن دعوة دول واستثناء دول هي دعوة استنسابية تعبر عن المصالح الأمريكية فقط، كما أن الديمقراطية التي تقوم على احتلال الدول وتدميرها وتدمير اقتصادها وتهجير السكان وقتل الأطفال والنساء مثل ما حصل لسكان محافظتي الرقة وديرالزور من قتل للأطفال والنساء وتدمير للقرى والمدن وتهجير السكان دليل واضح على أن الديمقراطية الأمريكية ليست إلا ديمقراطية مزيفة.
حول هذه القمة ودوافعها وتبعاتها أجرى موقع دام برس حواراً مطولاً مع الأستاذ المحامي محمود مرعي الأمين العام للجبهة الديمقراطية السورية المعارضة، والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية العربية السورية.
س-أستاذ محمود لاحظنا بأن الولايات المتحدة الأمريكية ممثلة بالرئيس جو بايدن دعت لعقد مؤتمر في التاسع والعاشر من ديسمبر القادم باسم “المؤتمر الديمقراطي العالمي” وقد دعت إليه مئة وعشر دول وهناك دول لم تدعَ أي أن الولايات المتحدة صنفت هذه الدول، بأن هذه دول ديمقراطية وهذه دول غير ديمقراطية، من الذي أعطى الحق للولايات المتحدة لتصنيف هذه الدول بدول ديمقراطية ودول غير ديمقراطية؟ ولماذا تعمل الولايات المتحدة على عقد هذا المؤتمر برأيك؟
ج-هذا المؤتمر موجه ضد جمهورية الصين الشعبية وموجه أيضاً ضد روسيا الاتحادية وضد إيران، ولم تدعُ الولايات المتحدة الأمريكية مصر والإمارات وتركيا والسعودية رغم أن هذه الدول تُعتبر صديقةً للولايات المتحدة، طبعاً هي تحاول فرض نفسها كأنها حامية للديمقراطية وداعية لها، رغم تجاوزات الديمقراطية و رغم تجاوزها على حقوق الإنسان، ورغم عدم توقيعها على “اتفاقية روما” التي تمنع ملاحقة العسكريين الأميركيين الذين يرتكبون جرائم حرب ضد الإنسانية، بالطبع الولايات المتحدة الأمريكية تدعو لمؤتمرٍ افتراضي ودعت مئة وعشر دول لهذا المؤتمر، لكنه مؤتمر غير حقيقي، الديمقراطية ليس لها لون واحد في العالم الكل يعلم أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لم يعترف برئاسة جو بايدن و لم يعترف بالانتخابات الأمريكية الأخيرة، والكل يعلم أيضاً أن الديمقراطية الأمريكية ساهمت بتدمير فيتنام و باحتلال العراق وليبيا و أفغانستان وباحتلال سورية وتدمير هذه البلدان، الولايات المتحدة الأمريكية دمرت هذه البلدان وقتلت الكثير من شعوبها وهجرت الشعب الأفغاني والعراقي والسوري وفرضت الحصار الاقتصادي على سورية ما أدى لتجويع الشعب السوري وفقدان المواد الأساسية، والولايات المتحدة من خلال هذا الحصار أثرت تأثيراً كبيراً في الاقتصاد السوري و لقمة عيش الشعب السوري.
س- استاذ محمود لاحظنا بأن دولتين من منطقة الشرق الأوسط دُعيتا لهذا المؤتمر هما إسرائيل والعراق ماذا أرادت الولايات المتحدة من دعوة هاتين الدولتين على الرغم من أنها تعرف وضع الديمقراطية الهش في العراق وأن إسرائيل ما زالت تضطهد الشعب الفلسطيني وتشرد أبناءه؟
ج-الولايات المتحدة الأمريكية حامية للعدو الصهيوني و داعمة لإسرائيل وتقف مع إسرائيل بتجاوزاتها وانتهاكاتها ضد حقوق الإنسان الفلسطيني، وتؤيد احتلال الجولان السوري، وعدم حل القضية الفلسطينية، وعدم عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بلدهم الأصلي فلسطين، كل ذلك يحدث بحماية أمريكية، أما بخصوص العراق فهذا موضوع ثانٍ، العراق يُحكم من خلال “دستور بريمر” الذي قسم العراق إلى سني وشيعي وكردي ووزع الرئاسات والبرلمان والكتل البرلمانية و الأمور الوظيفية إلى رئيس وزراء شيعي، ورئيس جمهورية كردي، ورئيس برلمان سني، وهناك توزيع آخر من خلال دستور بريمر الذي كُتب عندما كان بريمر هو حاكم العراق، إذاً تدخلت الولايات المتحدة الأميركية و احتلت العراق وفرضت دستور بريمر ومازال العراق يُحكم من خلال هذا الدستور، الديمقراطية في العراق شكلية، والفساد يعم العراق بشكل كبير.
س- لاحظنا أن الولايات المتحدة الأمريكية نفسها اعترفت بارتكاب وقتل المدنيين في سورية، من خلال مثلاً تدمير مدن كالرقة ودير الزور والحسكة ومناطق كثيرة في سورية، من سيُحاسب الولايات المتحدة على هذه الجرائم؟ وهل يحق لها قتل المدنيين؟ ومن ثم تدّعي الديمقراطية؟!
– بالطبع جرائم الولايات المتحدة الأمريكية في سورية واضحة تماماً من خلال قصف مناطق عدة مثل الباغوز وهي تجاوزت هذه الجغرافية الضيقة للباغوز، وقصفت هذه المنطقة بحوالي آلاف الغارات الجوية وبقنابل زادت عن مئة طن، وقد تم استخدام هذه القنابل لقتل المدنيين حيث قُتل حوالي 7200 شخص وقُتل في محافظة الرقة عشرات الآلاف من المدنيين، وتم تدمير المدينة بالكامل و تهجير سكانها من أجل السيطرة عليها، لذلك من المؤكد أن الولايات المتحدة الأميركية ارتكبت جرائم قتل في دير الزور و الرقة و الحسكة، والولايات المتحدة الأمريكية قامت بسرقة النفط والغاز والحبوب من سورية إلى شمال العراق ومن شمال العراق قامت بتهريب هذه المواد إلى تركيا، إذاً هي تقوم بسرقة الموارد وتدمير المدن وتهجير السكان وقتل المدنيين من النساء والأطفال، الولايات المتحدة ترتكب الجرائم وهناك جرائم موثقة من منظمات وشبكات حقوق انسان عربية ودَولية، لكن عدم توقيع الولايات المتحدة الأمريكية على “ميثاق روما” يمنع محاكمة الضباط والجنود الأمريكان أمام المحاكم الدولية وأمام محكمة الجنايات الدولية تحديداً، لكنّ ذوي الضحايا في دير الزور والرقة والحسكة يمكن أن يرفعوا دعاوى أمام محاكم الاتحاد الأوروبي خاصة بلجيكا والدنمارك وألمانيا، هناك دول تقبل رفع الدعاوى ضد الولايات المتحدة الأمريكية من قِبل ذوي الضحايا، و هذا يحتاج إلى أمور تقنية .. أي يحتاج إلى تصوير جوي وتصوير وثائق مهمة لكشف انتهاكات و جرائم الولايات المتحدة الأمريكية، لكن منظمات دولية كثيرة أصدرت الكثير من التقارير لذا أدعو كل ذوي الضحايا في دير الزور والحسكة والرقة وفي كل مكان من سورية لرفع دعاوى أمام محاكم الاتحاد الأوروبي خاصة بلجيكا وهولندا والدنمارك لأنهم يقبلون بتلقي طلبات الدعاوى ضد الجنود الأميركيين لأن هناك ضحايا معينين بالاسم، وعلى ذوي الضحايا أن يرفعوا الدعاوى أمام هذه الدول، وهناك محامون يمكن أن يتطوعوا لكشف انتهاكات الولايات المتحدة الأمريكية في سورية لكي يحصل ذوي الضحايا على تعويضات مالية وعلى إدانة واضحة لهذه الأعمال الوحشية.
س – استاذ محمود الولايات المتحدة الأميركية احتلت مناطق من سورية دون موافقة الحكومة السورية أو الدولة السورية وأقامت قواعد عسكرية وهي تدعم ميليشيات انفصالية، أنت كمحامي وقانوني، كيف تقيّم هذا العمل الذي قامت به الولايات المتحدة الأمريكية ضد دولة عضو في الأمم المتحدة ومن أوائل مؤسسيها؟
ج- بالطبع الاحتلال الأميركي يتواجد على الأراضي السورية دون موافقة الدولة السورية وهو يُصنف جيشاً محتلاً، كما هو جيش الاحتلال التركي المتواجد على الأراضي السورية، صحيح أن ثمة جيوشاً تتواجد على الأراضي السورية لكن باتفاقيات دولية تحدد عمل كل من جيشي روسيا الاتحادية و إيران، لكن هذا غير موجود مع كل من الولايات المتحدة وتركيا، من يتواجد على الأرض السورية بموافقة الدولة السورية لا يعتبر احتلالاً بل يعتبر تواجده في إطار التنسيق والمساعدة من أجل القضاء على الإرهاب، روسيا الاتحادية وإيران ساعدتا سورية بالقضاء على الإرهاب و الإرهابيين، أما الولايات المتحدة الأمريكية فهي متواجد كقوة احتلال لم تنسق يوماً مع الدولة السورية، هي تحتل جزءاً من الأرض السورية وتدعم ميليشيات انفصالية و هي تقوم بسرقة الموارد السورية و تريد أن تضغط على الدولة السورية من أجل حرمانها من الموارد إضافة لدعم ميليشيات مثل جبهة النصرة و داعش هذه المنظمات كما قالت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية السابقة: “إن داعش والنصرة هي صناعة أميركية” لذلك نؤكد أن المنظمات الإرهابية التي وجدت على الأراضي السورية هي صناعة أميركية، وهي مدعومة من الأمريكان وعندما احتلت القوات الأمريكية منطقة الباغوز في دير الزور سُحبت قيادات داعش منها ونُقلت إلى العراق، وأيضاً حصل الأمر نفسه عندما تمت السيطرة على الرقة.
.. نحن نعرف بأن داعش وجبهة النصرة هي حالات وظيفية تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا للتدخل في بلدان مثل مالي وليبيا وأوكرانيا ودول أخرى ويتم نقلهم من بلد إلى بلد وتوظيفهم كمرتزقة، ويوجد عدد كبير من هؤلاء الإرهابيين المرتزقة في سورية.. دولة الاحتلال التركي تحمي عدداً منهم كالحزب الإسلامي التركستاني الموجود في إدلب وأيضاً هناك كل من الشيشاني والأفغاني والكازاخستاني هم ضمن الحماية التركية وتنظيما داعش والقاعدة هما أيضاً بحماية أميركية تركية، كل هذه المجموعات الإرهابية هي حالات وظيفية توظفها الولايات المتحدة الأمريكية ضد شعوب المنطقة.
س- لاحظنا أن الإدارة الأميركية السابقة فرضت قانون قيصر على الشعب السوري في العام 2019 على الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت فرضت الكثير من العقوبات على سورية منذ عام 1979 وهناك قانون محاسبة سورية 2004، وهناك الكثير من العقوبات التي فُرضت على سورية، ولكن كيف للولايات المتحدة أن تفرض عقوبات على دولة معينة وتقول: إن هذه العقوبات مفروضة على نظام معين والتأثير لن يمسَ الشعب، والكل يلاحظ كم أثر هذا القانون على حياة المواطنين السوريين سواء من حيث انخفاض قيمة الليرة أو ارتفاع الأسعار أو نقص المواد الغذائية الخ…؟
ج -العقوبات الاقتصادية الأميركية أحادية الجانب أثرت على الشعب السوري والاقتصاد السوري وأثرت على كل شيء في سورية، الولايات المتحدة الأمريكية منعت تداول العملة والتجارة بين سورية ودول الاتحاد الأوروبي ودول الخليج وكل دول العالم و حاسبت كل من يتعامل مع مصرف سورية المركزي ومع البنوك السورية بالعقوبات، وهي أيضاً سبق وفرضت عقوبات اقتصادية على العراق عندما بدأت بالهجوم عليه عام 1991 وقبل عشر سنوات من الهجوم الأخير في العام 2003 ما أدى إلى وفاة مليون عراقي وفقدان المواد الأساسية و الضرورية والأدوية في العراق، وهي الآن تفرض عقوبات أحادية الجانب على سورية ما أدى إلى فقدان الدواء و الغذاء وتفقير وتجويع الشعب السوري، الولايات المتحدة الأمريكية من خلال العقوبات التي فرضتها على سورية أثرت على كل الحياة في سورية، لذلك هذه العقوبات مدانة، وهي ليست ضد النظام في سورية بل هي ضد الشعب السوري، ونحن في المعارضة الوطنية سبق وأن تحدثنا مع سفير الاتحاد الأوروبي وطالبناه بألا يلتزم بهذه العقوبات، وطلبنا من بعض الدول الشقيقة مثل مصر والجزائر ألا يلتزموا بهذه العقوبات، ونعمل من أجل أن تُرفع هذه العقوبات أو أن تُخفف لأنها تؤثر على الشعب السوري وهي أثرت بشكل كبير جداً على حياة المواطن السوري من خلال فقدان المشتقات النفطية ومن خلال فقدان المواد الغذائية والأدوية.
– س لنعد إلى القمة التي ستعقدها الولايات المتحدة في التاسع والعاشر من كانون الأول/ديسمبر والتي ستركز على دول معينة كالصين وروسيا وإيران، لنتكلم هنا عن الصين، دائماً الولايات المتحدة تشير إلى أن الصين تنتهك حقوق الإنسان وتُنكل بالأقليات على الرغم من أن هناك الكثير من الانتهاكات الأمريكية لحقوق الإنسان ليس فقط في داخل الولايات المتحدة وإنما في العالم أجمع أما في الداخل الأميركي فتعرف الانتهاكات التي تحدث ضد السود والملونين.
ج- بالطبع داخل الولايات المتحدة الأمريكية هناك انتهاكات ضد الملونين وخاصة السود و أيضاً المهجرين من المكسيك ومن كوبا وأمريكا اللاتينية وحتى من الأصول الآسيوية و العربية، وهناك تفريق وتمييز بين المواطن الأميركي الأصلي وبين الهنود الحمر صاحبي الأرض الأميركية، وهذه الانتهاكات واضحة تماماً من خلال تصرفات ضباط الأمن والشرطة البيض، حيث أقدم أحد ضباط الشرطة على وضع رِجله على رقبة مواطن أمريكي أسود حتى الموت بدم بارد، قتله ولم يُحاسب، وقد تكررت هذه الظاهرة مرات عدة ، هناك قتل و هناك انتهاكات واضحة بحق السود رغم صدور قوانين تمنع الاضطهاد لكن ما زالت بنية الأمن الأميركي بنية منحازة للأبيض ضد الملون وهناك انتهاكات مستمرة ضد التوظيف والعمل بقضايا كثيرة، الديمقراطية الأميركية هي ديمقراطية مشوهة مزعومة تفرض نفسها من خلال القوة العسكرية، الأمريكان يفرضون أنفسهم من خلال الاقتصاد والدولار، القطب المنافس لهم هو قطب الصين وروسيا الاتحادية و من الممكن أن تنضم لهما إيران كقوة اقتصادية صاعدة ، لكن هناك تنافس أمريكي حقيقي مع الصين، ومن الممكن أن يكون هناك اشتباك أو تحدٍ في منطقة شرق آسيا، تحدٍ حقيقي بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية من خلال تايوان والمنطقة التي ممكن أن تُسعّر بها الأجواء من خلال الولايات المتحدة الأمريكية من أجل إشغال الصين عن التقدم التقني و التكنلوجي والعلمي و الاقتصادي.
التعليقات مغلقة.