ماذا يعني أن تكون شيوعياً؟! / سمير علي الكندي
سمير علي الكندي – الجمعة 3/12/2021 م …
لم يدر في خلدي أني سأختار هذا الطريق المليء بالشوك بنهاياته المستحيلة , فكل التيارات والأتجاهات والأفكار ربما قابلة للتحقق , ولكن الشيوعية يبدو بعد هذا المخاض العسير غير ممكنة أو صعبة التحقق , ولكن لماذا ؟؟
ومنذ ذلك الزمن أدركت أن الشيوعية ليست جمل ثورية نتقاسمها في اللقاءات الحزبية , أو نلوكها في المقاهي والمنتديات عندما نعيش البرجوازية الشيوعية , عندما تتحول الشيوعية الى جمل وليست ساعات عمل متواصلة من الجميع لتوفير القيمة , وعندما ننتقل من الكادر الأولي الى الكادر الوسطي فتتسلل ألينا البيروقراطية فنسترشق منها رحيق الرأسمالية لنخدر في تلافيفها .
منذ صغري أدركت أن الشيوعية هي فلسفة العمال والكادحين من أجل أن تكون السلطة بيدهم لأن السلطة للمنتجين وليس للعاطلين عن العمل , ومنذ تلك اللحظة عشقت العمل فكنت أعمل بعد الظهر وقت أنتهاء دوامي في المدرسة لأعود منهك في ساعة متأخرة من الليل وأدركت في حينها , أن من المعيب أن تأكل وتحيا وأنت لا تعمل , ومن هنا تناهي لفهمي معنى الشيوعية , الشيوعية هي فلسفة العمل , حيث العمل هو من أوجد هذا الكون وهو من أوجد الحياة وأدراكنا لها , ولولا العمل لما كان هناك كون ولم يكن هناك حياة ولكان العدم ينتشر في الأنحاء كما كان سابقاً قبل أن يوجد العمل الفضاء والزمن والكون والحياة .
العمل هو من أوجد كل هذا , والعمال والكادحين والشغيلة هم من يعملوا فيكون لدينا خبز ومواد غذائية ووقود لتستمر الحياة , وبالتالي كيف يسمح من يجعل الحياة تستمر للعاطلين عن العمل والبيروقراطيين والكوادر الوسطى والعليا من أقسام المجتمع والتيارات الحزبية والفئوية من تسلق القيادة لتقود العمال والشغيلة والكادحين وهم صناع الحياة .
هنا يبرز قول ماركس ( أنه عالم مقلوب ) .
من يصنع الحياة يقوده العاطل عن العمل وهنا المفارقة التي جاءت من أجلها نضالات الشيوعيين وكفاحهم من أجل غد أفضل تقوده الطبقة العاملة والشغيلة وليس جموع الطفيليين والبيروقراطيين والقادة وهم جميعاً عاطلين عن العمل .
أذن لكي تكون شيوعياً عليك أن تكون صانع للحياة وتتقدم الجموع لتعمل كأنك في أحد تجمعات الدود لتصنع وتنتج وتزرع القيمة لتكون كافية للجميع ولكي لا نتقاتل عليها كما يحدث في دوائر الرأسمالية القبيحة , حيث مازال الصراع مستمر حتى في داخل العائلة الواحدة , لذا الشيوعية تسعى لتحقيق الأكتفاء الذاتي من أجل أن ينعم الجميع بالقيمة التي أن توفرت سيجعل البشر تنتقل الى المراحل الأخرى من الرقي وهذا ما فهمته من الشيوعية .
ماذا لدينا في الأحزاب الشيوعية واليسار عموماً ؟؟
وهل هناك مثالية في أي بقعة أو مفردة في العالم ؟؟
التاريخ يخبرنا أن ليس هناك مثالية في أي شيء . فلم يكن هناك أنبياء في التأريخ من أجل ما يدعى الله , بل هناك أنبياء من أجل أن يكونوا أنبياء ! . وليس هناك قادة من أجل أن يقودوا التجمعات البشرية , بل هناك قادة من أجل أن يكونوا قادة . لذلك كانت التعاونية والتشاركية نوع من أنواع المثالية عبر التأريخ , لذا لم يشهد التأريخ تجمعات بشرية عاشت بتعاونيات وتشاركيات يعمل فيها الفرد للمجموع فيحقق المجموع صالح الفرد . وبدل من ذلك كان التوحش والصراع وحب التملك هو السائد تاريخياً , فهل يمكن القول أن الشيوعية هي ضرب من الخيال , أو مثالية مفرطة غير قابلة للتحقق ؟ .
والبديل الممكن لذلك هو عندما تكون الشيوعية سلوك لدى التجمعات , فكر ينتج سلوك يبدأ من الأفراد , وعندما تكون هناك تعاونيات تبدأ على مستوى الأسرة ثم على مستوى الشارع والمحلة والمدن , أن يكون هناك تعاونيات على مستوى أحزاب اليسار والحركات الماركسية , وأن لا نكرر تجارب الفئران في الدول التي حاولت أن تزرع الأشتراكية في أجساد الناس كما يتم زرع شريحة من المعلومات . لأن الأجساد المهووسة بحب التملك ظلت تقاوم هذه الشريحة الشيوعية حتى حطمت جدار برلين لتنطلق نحو دوائر الرأسمالية لتستعيد الصراع حول القيمة وعوالم التوحش وليكون لدينا مجتمعات تعيش حياة فضفاضة وأخرى تشكو ضنك العيش والسبب هو حب التملك والرأسمالية البغيضة , وعدم وجود مثالية في العالم .
اللحظات التي سجلت أنهيار النماذج الأشتراكية أمام الغول الرأسمالي
أذن لكي نكون شيوعيين ,, علينا أن نبدأ بأنفسنا , ونبتعد عن النرجسية , والفوقية , لنعيش التعاونيات والتشاركيات , والكل تعمل , بلا قادة , أو زعماء , أو أنبياء , ونرفع شعار .. أفقية .. أفقية .
كما علينا أن نسأل أنفسنا ؛ من منا كان شيوعياً بحق .. أو لازال ؟؟
التعليقات مغلقة.