مفاعيل تطورات الحدث الأفغاني وانعكاساته على أسيا الوسطى… الصراع المخابراتي في شبه القارة الهندية وأدوار المخابرات التركية… أسيا الوسطى منصة الحرب الباردة الجديدة مع روسيا والصين / المحامي محمد احمد الروسان
المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) – السبت 30/10/2021 م …
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية …
الولايات المتحدة الأمريكية، تريد اشغال الجوار الأفغاني واستنزافه بداعش الذي يتحرك تحت علم طالبان، في شمال أفغانستان ويزيد عدده عن 5000 الآف مقاتل، لعدّة اعتبارات ومصالح، وقطب مخفية في مفاصل مصالحها، ومنها احياءآت لطريق اللازورد بالتعاون مع المخابرات التركية رغم التوترات، حيث ورقة استغلال داعش تنكشف أكثر، في ظل التوتر التركي الأمريكي الفاضح، ان في سورية، وان في العراق، وان في ليبيا، وان في اليمن، وان في أفغانستان، وان في أسيا الوسطى، حيث الناتو يعمل على تسخين جلّ ساحات ومساحات ودول وموانىء أسيا وقلبها أفغانستان، حيث واشنطن تهندس حرب أهلية في أفغانستان، لتمتد بآثارها الى شبه القارة الهندية لخلق الفوضى، ومن رحم الأخيرة، تولد النتائج التي تروجها واشنطن دي سي وحلفائها، سواءً في ساحات الخصوم حيث تصعّد أو في ساحات الحلفاء حيث تذهب الى التهدئة أحياناً والاحتواء.
ثمة سؤال: هل المنطقة في الشرق الأوسط وشبه القارة الهندية، تنتقل من حالة جيوسياسية الى حالة جغرافية اقتصادية جديدة؟ حيث الناتو وتحت عنوان الأمن والسلام يريد نشر قوّاته في أفغانستان وشبه القارة الهندية، وفي أسيا الوسطى، فمن يسيطر على الأخيرة يسيطر على العالم، فأيّ ترتيبات يعدها الجوار الأفغاني لعرقلة ما يحاك له، من خلال الحدث الأفغاني وتشعباته ولأحتواء ما يجري؟.
واشنطن يا سادة، تريد الانطلاق من أسيا الوسطى نحو الحرب الباردة مع روسيّا والصين من جديد، وتريد التموضع في المنطقة بشكل أقل تكلفة وأكثر تأثيراً، وهي تريد تقوية وتفعيل داعش في الشمال الأفغاني لتعويض جزء من خسارتها، نتيجة اعادة تموضعها في أفغانستان، وبالمقابل الكيان الصهيوني “اسرائيل” يحرّض أمريكا على الباكستان، بسبب تعاونها البسيط والحذر مع ايران، لغايات ضبط الساحة الافغانية، زيارة باقري الأخيرة لباكستان وروسيّا، أبعد من موضوع الصفقة النووية أو الحدث الأفغاني ومفاعيله وتفاعلاته.
يبدو أنّ مفاعيل وتفاعلات ونتائج، قمة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي التي انعقدت في منطقة شولبان آتا بقرغيزستان، على وقع الحدث الأفغاني المتفاقم وتداعياته وعقابيله، لن يتم تظهيرها على أرض الواقع بسهولة مفرطة، وفي وقت تواجه فيه جلذ دول المنطقة، بما في ذلك بيلاروسيا وكازاخستان وروسيا وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان، تحديات مشتركة في تطوير التعاون الاقتصادي، وخلق سوق مشتركة في نهاية المطاف، كهدف أساسي لهذا الاتحاد كتكتل اقتصادي تأخذه واشنطن بعين الاعتبار، كهدف يصار الى احتوائه، ليصار الى شطبه أو على الأقل اضعافه.
وتشمل هذه التحديات الأمنية، وأزمة وباء كورونا، وتطوير التعاون وإزالة الحواجز التجارية، وإن التنفيذ الناجح لنتائج تلك القمة على وقع الحدث الأفغاني، ليس بالمهمة السهلة، وذلك لأسباب عديدة منها: وباء فيروس كورونا آخذ في الارتفاع في أربع دول على الأقل في آسيا الوسطى، وسيكون لذلك تأثير سلبي على الوضع الاقتصادي للمنطقة، وهذا يستدعي توسيع التعاون لمواجهة تسارع انتشار هذا الوباء.
من ناحية أخرى وفي عمق التواصل مع الروس، اقترح الرئيس التركماني بيردي محمدوف، إنشاء نظام استخبارات إقليمي، لتبادل المعلومات بين البلدان الأعضاء في الاتحاد، لتعزيز نظام الصحة العامة، مما سيساعد الحكومات على تعقب الأوبئة في جميع أنحاء آسيا الوسطى، وما تحيكه واشنطن من خارطة طريق صحيّة بمسارب ومسارات متعددة، لنشر وباءات وفايروسات أخرى، غير فايروس كورونا لاحقاً.
وصحيح واقع، أنّ قيرغيزستان وطاجيكستان تورطتا، في توترات بسبب النزاعات الحدودية التي تهدد الاستقرار الإقليمي، في جلّ منطقة أسيا الوسطى ما قبل الحدث الأفغاني، بفعل واستثمار أمريكي – بريطاني – اسرائيلي، نتاج فعل وعمل استخباري مشترك، ولكن تم افشاله عبر المخابرات الروسية الخارجية بالتعاون مع المنظومة الأمنية الاستخبارية الصينية، ومع ذلك، كان عقد قمة آسيا الوسطى السنوية في هذا العام في تركمانستان، بحضور رؤساء تلك البلدان، خطوة مهمة في تخفيف التوترات وعلى ايقاعات الحدث الأفغاني.
ومن المرتكزات المهمة التي تم الاتفاق عليها في قمة آسيا الوسطى السابق ذكرها، الحاجة إلى زيادة سهولة التجارة بين البلدان المشكلة لجغرافية أسيا الوسطى ومجالاتها الحيوية، وفي حين ان تكاليف الإنتاج منخفضة نسبيًا في كل بلد، فإنّ البضائع التي تتأخر لساعات عند المعابر الحدودية تزيد التكاليف، ولمعالجة هذه المشكلة التي طال أمدها، اجتمع ويجتمع هذا الأوان الاقليمي الساخن، بفعل مفاعيل الحدث الأفغاني، بعد اعادة هيكلة طالبان كقدم عسكري أمريكي، يجتمع قادة المجالس مع ممثلي الأعمال من كل بلد، للعمل معًا لمعالجة هذه الحواجز.
وكما تعهد الرؤساء بتعزيز البنية التحتية الرقمية للمنطقة، لدعم التجارة والاتصالات الحديثة، مع الالتزام بتعزيز التجارة الجمركية، وهذه المبادرة أطلقتها كازاخستان لجذب الاستثمار الأجنبي، وخلق الابتكار المحلي كمفتاح لمزيد من النمو التكنولوجي والاقتصادي في آسيا الوسطى.
ولكن من دون شك، فإن أحد أهم التحديات والقضايا اليوم في آسيا الوسطى والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، هو أفغانستان وحدثها ومفاعيله وعقابيله، فقد أدت وتيرة التغييرات في أفغانستان بعد إعلان ما يسمى بانسحابات القوات الأجنبية من البلاد، بقدر ما هي اعادة تموضع وانتشار في جلّ شبه القارة الهندية وليس انسحاب، حيث المستهدف من ذلك الصين وروسيّا وايران والباكستان الى حد ما، عبر أسيا الوسطى، إلى سقوط كابول وسيطرة حركة طالبان على الشؤون الداخلية الأفغانية بتسهيل أمريكي كامل، تنفيذاً لأتفاق الدوحة الشهير، والذي استمر أكثر من 12 عام من حوارات وكالة المخابرات المركزية الامريكية مع حركة طالبان، لدرجة أن جيران أفغانستان كانوا قلقين من آثار وعواقب هذه التغييرات وازداد القلق الآن، لا سيما في الجانب الأمني.
ويرتبط جزء من القلق بشكل حتمي بظهور أزمة لاجئين، والتي في مواجهة الظروف الاقتصادية السيئة وتفشي كورونا، ستضع الكثير من التكاليف على الدول المجاورة لأفغانستان، بحيث معظم الأشخاص الذين يهربون من أفغانستان إلى طاجيكستان، يفرون الآن من حركة طالبان الوهابية الأصولية ورؤيتها وتاريخها الدموي وسلوكها، وهي ذات البرامج والنتاجات الأمريكية الباكستانية عبر عمليات التلقيح القاعديّة الوهابية والاستثمار في الدين، حيث سيطرت طالبان على كافة الولايات الأفغانية.
ولقد واجهت أوزبكستان وضعاً مماثلاً، في الشهر الأول للحدث الأفغاني، عندما حاول عشرات الجنود والمسلحين الأفغان عبور الحدود لكن لم يُسمح لهم بالدخول، ووفقاً لتقرير استخباراتي اقليمي لجهاز مخابراتي ناشط في أسيا الوسطى، وعلى صلة عميقة مع جهاز استخبارات أوزبكستان، وصلت 22 طائرة عسكرية و 24 طائرة هليكوبتر على الأقل إلى أوزبكستان، من أفغانستان بين 14 و15 أغسطس السابق، وعلى متنها 585 جنديًا أفغانيًا، وفي أوائل يوليو، عبر حوالي 1000 مدني أفغاني الحدود الشرقية إلى طاجيكستان.
بلا شك، إنّ المخاوف الأمنية المشروعة والتي تحذرها دول أسيا الوسطى بفعل الحدث الأفغاني، حيث هذه المخاوف الأمنية هي نتاج هندسة استخباراتية بفعل اتفاق الدوحة، في أروقة وكالة المخابرات المركزية الامريكية، وهي لب وجوهر ما يجري في أفغانستان، لغايات التأثير المحتمل للتطورات، على آسيا الوسطى، وانتشار الإرهاب والتطرف والفتنة العرقية والطائفية، هو الشاغل الأمني ضمن استراتيجيات الاستثمار الأمريكي من جديد، في ورقة الارهاب ومن قريب ازاء الصين وروسيا وايران، وحتّى الباكستان والهند – في ساحات الخصوم والحلفاء على حد سواء.
تساؤل مشروع: ما هي القطبة المخفية في بروز الاهتمام التركي العميق بأفغانستان بشكل خاص، بالرغم من أنّها لا تملك حدوداً مشتركة معها، وهي ليست من دول الجوار الأفغاني؟ هل التركي يريد ابعاد أي دور لأيران في أفغانستان؟ هل ينجح في مسعاه؟ وكيف سيكون السلوك الايراني، خاصة وأن العلاقات التركية الايرانية على المسرح الاقليمي تعاون، وتحته صراع وصراع عميق؟.
فمن بوّابة حلف شمال الأطلسي، والأخير يعيد هيكلة دوره هناك، تريد أنقرة أن تكون البديل في حماية وتأمين مطار كابل، أو على الأقل، بمهمة تشغيل وإدارة مطار كابل، فهي تريد استثمار علاقتها المميزة مع الحليف القطري، لغايات التوظيف مع حركة طالبان من جهة، وعضويتها في الناتو من الجهة الأخرى، لتعطيها ورقة الترشيح الأقوى للعب الدور الرئيس في أفغانستان، ما بعد اعادة الانتشار الأمريكي هناك وفي شبه القارة الهندية، وهي غاية متعددة الفرص، تسمح لتركيا لسد فراغات هنا وهناك، بعد اعادة التموضع الأمريكي لا الانسحاب، وتضعها في قلب أسيا الوسطى كمغفر متقدم لذات الناتو حيث علاقاتها به كعلاقة لحم الشاه بفروها، حيث المصالح الدولية المتشابك، ومع ذلك فما هي القطبة المخفية هنا؟ .
يمكن ربط هذا الاهتمام التركي بأفغانستان، بذات القدر باحياء ممر اللازورد البري التاريخي، الذي يجعل موانىء تركيا المنفذ الأهم لأفغانستان على أوروبا بحراً، فتكون تركيا وضعت يدها على المنفذين الحيويين لأفغانستان، المطار والطريق الى البحر ومنه الى أوروبا، وهو ما سيجعل لتركيا اليد العليا بين اللاعبين الإقليميين المؤثرين بالوضع الأفغاني، خاصةً انّ الطريق هذا، وان كان ممراً اقتصادياً لدول عدة، الاّ انه بذات الوقت يشكل تحولاً في النفوذ الجغرافي والتأثير السياسي، ويقلل من اعتماد أفغانستان على دول مجاورة مثل ايران وباكستان، ويهدد نفوذ روسيا.
في جغرافيا الطرق والمسارات، يربط طريق اللازورد أفغانستان بتركيا، عبر تركمانستان وأذربيجان وجورجيا متجاوزاً ايران وروسيّا والصين، وهنا الصدى الأمركي المنعكس للقطبة المخفيه في الاهتمام التركي بأفغانستان، بالرغم من أنّها ليست من دول الجوار!
من الواضح انّ الأتراك لديهم الحماس الان بعد الوضع الجديد في أفغانستان، لاحياء المشروع، لما له من قيمة في تعزيز الواقع الجيوسياسي لتركيا في أسيا الوسطى وبالأخص قلب أسيا أفغانستان، وتعزيز الروابط مع الأعراق التركية فيها، من الطاجيك والأوزبك والتركمان، وإعطاء تركيا، مساحة أكبر للتأثير على المناطق المسلمة، الناطقة بالتركية في أسيا الوسطى، والتي كانت جزء أصيلاً من الإمبراطورية العثمانية، وهنا يبرز الدور الجيوبولتيكي لجهاز المخابرات التركي، حيث تم تكليفه بهندسة الدور التركي الجديد في الأفغانستان، بالتعاون مع جهاز المخابرات البريطاني الخارجي الأم أي سكس، ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية السي أي ايه.
ومن شأن هذا الطريق البري، بأنّه يعطي أنقرة، أفضلية في هذا الفضاء الحيوي على حساب روسيّا والصين معاً، وهذا يتطلب صداقة وعلاقة جيدة مع حركة طالبان القدم العسكري الامريكي كلغم سينفجر في وجه الجميع.
ووفقاً لما هو مرسوم لهذا الطريق الاستراتيجي البري، وهو جزء من الحرب الباردة الجديدة، وكذلك الحرب الاقتصادية الأمريكية على الصين وروسيّا، فإنّ 80 بالمائة من البضائع المشحونة من جنوب أسيا الى أوروبا ستنتقل عبر هذا الطريق، وهو ما يعني وقف اعتماد أفغانستان على ميناء كراتشي في باكستان وموانىء ايران.
كما يعتبر طريق اللازورد للتجارة والنقل العابر، الذي يوصل أفغانستان ودول آسيا الجنوبية بالدول الأوروبية عبر تركيا، أقصر طريق للنقل وأكثره أمناً وأقله تكلفه للوصول إلى أوروبا، و له أهمية كبيرة بالنسبة لبلد غير ساحلي مثل أفغانستان.
واذا كانت باكستان تبدو الأكثر حماساً لسيطرة طالبان على الحكم، كونها أي طالبان، طفل الاستخبارات الباكستانية بالتعاون مع الوهابية السعودية عبر تنظيم القاعدة، والاستخبارات الأمريكية والاستثمار بالدين، ورحبت كل الأحزاب الباكستانية الإسلامية واليسارية والليبراليه بسيطرة طالبان، فيما اعتبروه هزيمة الولايات المتحدة .
حتى وسائل الاعلام الباكستانية بالغت في الاحتفاء بما عدّوه نصراً مبيناً وانجازاً كبيراً لباكستان، مع انتهاء النفوذ الهندي في أفغانستان وأدوار المخابرات الهنديّة هناك، حيث الصراعات الرأسية والأفقية بين المخابرات الهندية والمخابرات الباكستانية وأدوار للموساد في تأجيجها، ومع عدم إخفاء الدعم الذي كانت تقدمه باكستان للحركة وما زالت سوف يتعاظم لاحقاً.
الاستخبارات الباكستانية، تصدّت لمهمة فتح أبواب المجتمع الدولي أمام طالبان، ووجه مستشار الأمن القومي الباكستاني مؤيد يوسف تحذيره، من أن الغرب يجب أن يعترف على الفور بنظام طالبان أو المجازفة بارتكاب نفس الأخطاء التي أدت إلى هجمات الحادي عشر من أيلول لعام 2001 م.
ومن اللافت انّ ذات المهمة بدأت تتصدّى لها المخابرات التركية أيضاً، حيث دعا الرئيس التركي قادة الحركة الى أنقرة، وما زالت وفود سريّة من حركة طالبان تزور تركيا، هذا وقد تجد طالبان في تركيا الأنسب لحملها الى الاعتراف الدولي والانفتاح على الغرب، وهذا قد يفتح باب التنافس بين تركيا وباكستان، بالإضافة الى التنافس مع كل من ايران وروسيّا والصين، حيث هذا الوضع قائم معهما في سورية وليبيا، خاصة أنّ الدول الأربع: ايران وروسيّا والصين والباكستان قد تتوجس من الأضرار التي ستحلق بها جراء احياء تركيا عبر جهاز مخابراتها الطريق البري: طريق اللازورد.
التنافس بين الدول هو الحال الأقرب في المستقبل المنظور في أفغانستان، وهذا التنافس في اطار المصالح يبقى سياسة دولية مقبولة، فكل دولة لها الحق في العمل على تأمين مصالحها وحماية أمنها القومي، مالم يتحول هذا التنافس الى صراع تستخدم فيه الدول الاحتراب العسكري بالوكالة على أرض الغير، ويبقى التنافس الأخطر هو أبعد من هذا المستوى الإقليمي، الى تنافس الدول الكبرى في العالم، حيث المصالح الأوسع والاشرس، فالعلاقات بين الدول ليست جمعيات خيرية وطرود مساعدات وصور تذكارية، وأقداح تترع ترعاً من الويسكي المعتّق والنادر والجعّة الفاخرة في المناسبات وعشوات الرؤساء والملوك، وانما مصالح ومصالح فقط.
بالمناسبة: اسم اللازورد مشتق من الطريق التاريخي الذي تم تصدير أحجار اللازورد الأفغاني، وغيره من الأحجار الكريمة المشتقة منه، منذ أكثر من 2000 عام إلى القوقاز وروسيا والبلقان وأوروبا وشمال افريقيا في العصور القديمة.
وثمة أدوار عسكرية أممية تتهندس من ليبيا بالتعاون مع التركي، لضرب النفوذ الروسي العائد والمتصاعد في شمال أفريقيا، وشطب أو اضعاف العلاقات الجزائرية الروسية، ومفاعيل وتفاعلات الأزمة الفنزويلية، وهي انعكاس للصراع الروسي الأمريكي بكل بساطة، حيث لا عفوية بالعمل السياسي، حيث جلّ المنطقة بنكهة الأيرنة والروسنة والصيننة والأتركة كوكيل للعام سام، الى حالة صحيان متأخر للرجل العربي المريض، على ايقاعات الناتو السنّي، والفكفكة واعادة التركيب والزحف على البطن والشفاه، في رمال صحراء التيه والتوهان.
وتحت مظلة السابق ذكره كعناوين لهذا الاشتباك، تتفاعل حرب الظلال العسكرية والمخابراتية عبر الوكلاء والادارة من الخلف والفعل كذلك، على طول خطوط العلاقات الأمريكية البريطانية في كل ساحة ومساحة من جغرافية العالم والشرق الأوسط وغرب أسيا.
التوظيف والتوليف الانجليزي بلؤم، للملفات المزدوجة لوكالة المخابرات المركزية الامريكية والموساد، وتقاطعاتها مع مخابرات الساحات الأدوات في المنطقة، جليّة بشكل لا غموض استراتيجي فيها، لمن يفهم ويعرف كيف يعمل الانجليز وكارتل حكمهم مجلس اللوردات من خلال الام أي سكس(صاحبة استراتيجية البقره في الهند، والتي طبقتها في العراق بين السنّة والشيعة وما زالت)، والعامود الفقري للمخابرات البريطانية، هم أبناء الريف الانجليزي المتعلمون والمثقفون، والذين يمتازون بالذكاء والخبث المتفاقم والقدرة على اجتراحات الحلول، وكيفية استثمار الحدث(سنأتي على ذكرهم لاحقاً هنا).
بريطانيا تريد تفجير المنطقة، ومعها شبه القارة الهندية، في اطار صراعها المستتر مع الامريكي واستعادة مناطق وساحات نفوذها التي خسرتها بعد اتفاقية يالطا، لغايات خلق وتخليق ليالطا 2، فكم من طعم انجليزيّ، تم هندسته كفخ محكم، عبر جهاز المخابرات البريطاني الفرع الخارجي، ودفعه نحو الأفواه الأمريكية والاسرائيلية؟.
البعض منّا مع كل أسف لا يعرف أنّ السياسة ليست مجرد صور تذكارية مع الفقراء والنازحين واللاجئين، بل هي استقراء للمستقبل، وكل خطوة غير مرئية في المستقبل يجب معاملتها على أنّها كمين، والسياسي الذي لا يكترث الاّ للهتاف والمديح، لا يختلف عن بائع المواشي في سوق الحلال كل يوم جمعه، وبائع الجرائد على الأشارات الضوئية في بعض عواصمنا العربية القطرية.
ومن هنا نرى أنّ الساسة المراهقون ودبلوماسية صعاليكهم الجوفاء والخرقاء، يعتقدون أنّ اللعب في دماء الجغرافيا هومجرد لعب مع الخطوط والحدود والتراب، ولكنّ من يلعب بدم الجغرافيا عليه أن يعلم أنّ الجغرافيا ستلعب بدمه ورأسه، وكون المنطقة في حالة سيولة شديدة والأرهاب المعولم يتم تسييله، الكل صار يلعب بدم جغرافية الشرق الأوسط، ولكن بدأ الأرتداد على كل من عبث ويعبث وسيعبث بالجغرافيا السورية وديكتاتوريها، ولمن أراد أن يستيقن ليعد الى التاريخ لسان الجغرافيا ليخبره.
الأمريكي ما زال يؤمن أن الأنتشار الأفقي للفكر الجهادي والمحافظة على سمته في كل الأزمنة والأمكنة، هو السبيل الوحيد لأسقاط أي نظام لا يتفق ويتساوق مع رؤى الأمريكان، ويريد هذا الكابوي الأمريكي للفاشية الدينية أن تسود ليس في سورية والعراق فحسب، بل في جلّ ساحات الشرق الأوسط وأسيا الوسطى وفي الداخل الصيني أيضاً عبر أقلية الأيغور المسلمة، والتي تتجاوز عشرين مليون ايغوري مسلم، لذا يصر الروسي على رفض الأرهاب والأستثمار فيه وفي منحنياته لأسقاط الأنظمة المعارضة أو التي لا تتفق وتتساوق مع الكابوي الأمريكي بأي صورة من الصور.
ويعتقد أنّ واشنطن دي سي سوف تستخدم هذا العامل السابق ذكره، في اسقاط أنظمة حلفائها عندما تغدو عبء على نفسها وعلى مجتمعاتها وبلا شك على أمريكا، لذلك أن تكون معادياً لواشنطن فيه خطورة، ولكنّ أن تكون حليفاً لها أشد خطورة من العداء لها.
ويمتد الفعل الانجليزي وحرب الظلال مع الأمريكي، وأيضاً يشتبك بحذر مع الروسي، الى ساحات ومساحات دول البلقان كحيّز جغرافي استراتيجي بنكهة تماثل ديكتاتورية الجغرافيا السورية في قلب أوروبا، بمثابة بريد سياسي وعسكري واقتصادي تجاري يوصل جلّ الرسائل المتتالية للفدرالية الروسية عبر الولايات المتحدة الأمريكية، حيث اعتادت العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي بدفع بريطاني، على هذا الأستخدام والتوظيف الشامل لساحات ومساحات دول البلقان، عندّ كل مفصل قاطع ومرحلة مفصلية من مراحل خطوط العلاقات الروسيّة الأمريكية المتأرجحة، تبعاً لمحطات الصراع وقت الحرب الباردة وما بعدها وحتّى اللحظة الراهنة، بعد الفشل الأمريكي في الحدث السوري.
زيارات قادة وكوادر وعناصر وأدوات مجتمع المخابرات الأمريكية المتعددة للبلقان مع زملائهم الأنجليز(حيث بريطانيا تستخدم أمريكا)، لم تتوقف يوماً ان لجهة السريّة منها، وان لجهة العلنيّة أيضاً، فصراع الأدمغة حاضر مع مجتمع المخابرات الروسي، ومجتمع المخابرات التركي، فالأخير يعتبر البلقان مناطق امتداد جغرافي لتركيا، في أحشاء جغرافية القارة العجوز أوروبا.
عولمة المعولم من الأرهاب عبر الأنجليزي والناتو، وثمة خوف مركب لدى الأوروبي من عودة ساحات القارة العجوز ساحات صراع أمريكي روسي عميق بالمعنى العرضي والرأسي، حيث واشنطن فشلت في التحكم ومراقبة أزمات المنطقة، فزّجت بورقة الأرهاب عبر القاعدة ومشتقاتها وداعش ونسله، كون أن التطورات والنتائج في محصلتها لم تصب في صالحها، بل في صالح طرف آخر هو طرف خط المقاومة في المنطقة وحلفائه على الساحة الدولية، فتدخلت بريطانيا من جديد ووجدت فرصتها سانحة ومواتية لأستعادة بعض مناطق النفوذ التي خسرتها في السابق، فكان الأنشقاق الأولي في داعش من قبل الانجليز في عهد ديفيد كامرون في بدايات المؤامرة والحرب على سوريانا، ثم ظهر داعش ولاية خراسان بفعل بريطاني واضح مؤخراً، حيث داتا الشيفرة والمعلومات لدى الأم أي سكس المخابرات الخارجية البريطانية في أفغانستان، وسنرى استثماراتها وتوظيفاتها وتوليفاتها لداعش المتحور – كفايروس كورونا لاحقاً في أي قمة للناتو مستقبلاً.
المنظومة التي تسعى أمريكا لخلقها وتخليقها، ليس لمواجهة أو احتواء ايران، بل لتقسيم مملكات القلق العربي وكل ساحة وحيّ وزنقه، بحجة فوبيا ايران، وحجج أخرى مساندة لفوبيا ايران، في طور الخلق والتخليق مخابراتيّاً، وتوريط هذه المملكات العربية القلقة، مع سعي بريطاني عبر المحافظين الجدد في مفاصل مؤسسات وكارتلات الحكم في الولايات المتحدة الامريكية، الى أسرلة السياسة الخارجية الامريكية، لا بل تعمل بريطانيا على تضخيم الرؤى الأمريكية، عبر دعم واشنطن في رؤيتها المتمثلة، في عولمة مبادئها السياسية وقيمها ونماذجها الاقتصادية، كحل فاعل متفاعل للمشاكل الدولية، انّها صناعة الوهم والنفخ في النموذج الأمريكي من قبل لندن، انتقاماً واستعادةً لمناطق نفوذها التي خسرتها بعد بالطا 1 التي أنهت الحرب العالمية الثانية.
وثمة تناقض عميق بين الأمريكي والأوروبي وقلق أوروبي منفرد، وتحت عنوان غموض الأجندة الامريكية، حيث واشنطن دعمت وتدعم بريطانيا عبر بريكست للخروج وتعميق الخروج من الأتحاد الأوروبي للمس بوحدتهم، وأوروبا ضد ايران في مشروعها الأقليمي، ومع التمسك بالأتفاق النووي لغايات العبث بايران عبر الطبقة الوسطى، من خلال استراتيجيات التطبيع الناعم، وهي الى حد ما مقتنعة بعدم خطورة الدور الأيراني في المنطقة، والسبب هو: لغايات التمويه والتظليل والتكتيك وتظهر ذلك لطهران، طبعاً استراتيجياً ترى في ايران خطر، وثمة قلق بولندي من روسيّا، وبولندا تمهد لبناء قاعدة عسكرية أمريكية مستدامة بجانب نشر مشروع الدرع الأمريكي الصاروخي، في ظل عودة موسكو ودورها، وهذا من شأنه أن يفرض هيمنة على أوروبا الشرقية، وبالتالي بولندا تكون تحت وطأة وفعل ورائحة البسطار الروسي، وان كانت القارة العجوز تلمس تراجع تكتيكي غير مفهوم في الهيمنة الأمريكية في العالم، حيث التوظيف الأمريكي للحدث الأفغاني، أسلوب ضغط جديد لدفع ايران للتفاوض من جديد، كما ترغب كارتلات حكم اسرائيل الصهيونية، بموضوعة الصواريخ البالستية المقلقة لها ولواشنطن وحلفائها من العربان.
هناك عوامل لها علاقة بايران، وعوامل أوروبية ذاتية اجتمعت معاً في سلّة واحدة، وقد تدفع القارة العجوز والتي تتصابى(كفتاة متصابية)لعدم المشاركة في الفعل والمفاعيل لتداعيات الحدث الأفغاني على دول جواره، وان كان الأتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة على ايران، بسبب أدوار مزعومة للمخابرات الأيرانية للعبث بالساحات الأوروبية، وحسب زعمهم لقادة القارة العجوز والذين يمتازون بالنفاق والصفاقة السياسية أي الوقاحة، بالرغم من وقوف الكيان الصهيوني خلف هذه الأتهامات، وأوروبا لن تستطيع ترك المظلة الأمريكية، وهي ما زالت خزّان التعبئة ضد الفدرالية الروسية، هكذا تريدها أمريكا بالرغم من أنّه لا عدواً روسياً لأوروبا، القارة قلقة منها لكنها ليست عدواً، في حين ترى ألمانيا: أوكرانيا قويّة عسكرياً كما تريدها أمريكا، يعني أوكرانيا تغزو أوروبا، هنا تموضع الخوف الأوروبي المشترك.
الأوربيون يتحدثون أكثر مما يفعلون، وصحيح أنّ الأداء الأوروبي حتّى اللحظة لم يرضي ايران والمحك والأختبار في حالة المفاوضات في فينا ان انطلقت، وأمريكا التي تعاني من عقدة ماضيها الدموي، ما زالت تعمل على ارهاب أوروبا من روسيا لمنع تطوير علاقاتها مع روسيّا، وهم خائفون من اعادة قارتهم الى ساحة صراع أمريكي روسي، يبدأ صراعاً مخابراتياً اقتصادياً وينتهي بعسكري دموي، والأمريكي قلق من مشروع الصين العسكري المستقبلي حيث الصين لم توقع على معاهدة الصواريخ النووية التي أنهت الحرب الباردة، وواشنطن تحاول حشر الروسي في خانة سباق تسلح لأضعاف الأقتصاد الروسي، عبر التهديد من خروجها من معاهدة الصواريخ النووية، والأمريكي يعمل على خلق وتخليق فوبيا روسيّا في أوروبا لغايات منع جلّ القارة أو على الأقل أطراف أوروبية من تطوير العلاقات مع روسيا، والأنسحاب الأمريكي من المعاهدة ثم العودة ثم التهديد بالانسحاب، له علاقة مباشرة بالبعد العسكري لدى المجمّع الصناعي الحربي العسكري الأمريكي والذي يقف وراء حروب أمريكا الخارجية، والرغبة في تصنيع الأسلحة وبيعها.
* عنوان قناتي على اليوتيوب حيث البث أسبوعياً عبرها:
https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A
منزل – عمّان : 5674111 خلوي: 0795615721
سما الروسان في 30 – 10 – 2021 م.
التعليقات مغلقة.