حمير في عمّان!! / فارس الحباشنة

393

فارس الحباشنة ( الأردن ) – الإثنين 12/4/2021 م …

الصورة ما صدقتها، كنت اتوقع ان اراها في مناطق قريبة من عمان وضواحيها، وما لا اعجز عن تصديقه ان حميرا مركونة في مناطق قريبة من الدوار الثامن تؤجر لمواطنين لغاية التنقل داخل عمان.

خذ حمارا بدينار واكثر. وامضي به في عمان لقضاء حاجاتك وامورك اليومية. لم اصدق. ولم استطع ان انسب هذا الامر، فهل هو لكورونا، وما اصاب عيش الناس من احوال اقتصادية ومعيشية عسيرة وصعبة؟

فكل شيء صرنا ننسبه الى كورونا، ازمة البطالة والفقر والازمة الاقتصادية، والتلوث وازمة السير، وتجارة الاحتكارات الكبرى، والفساد السياسي، وسوء الادارة، وانهيار المنظومة الصحية، وافلاس قطاع الخدمات ترديه، وتراجع المؤسسة الخدماتية الاردنية وتردي دورها ووظيفتها.

مشهد يومي، كنت لا اصدقه وحتى رايته في عيني، حمير للنقل. في احد شوارع عمان رايت حمارا يجول في الشوارع، ويركبه مواطن، ويتجول به لقضاء حاجاته والتزاماته اليومية، ويربطه في عامود وجذع شجرة اذا ما هبط لمشوار خاطف وقريب وسريع لدائرة حكومية.

زمان كان المواطنون القادمين الى الاسواق من القرى والبوادي يسيرون دربهم على الحمير، وعند وصول بوابة المدينة يربطونها ويمضون لقضاء يومهم في المدينة.

وتدريجيا اختفى الحمار والبغل كوسيلتي نقل. وحل بديلا عنهما العربات والبكمبات والسيارات، وحافلات وباصات النقل العمومي والتكسي والسرفيس، ولا يكاد يخلو كراج بيت اردني من سيارة ووسيلة نقل.

ليس هذا هو الموضوع الهام. فموضوعي ما هو شعور امانة عمان، والحمير تتنقل في شوارع عمان؟ وهل هي بداية عودة جديدة للحمير والبغال؟ وماذا ستدبر امانة عمان من خطة مرورية وخدماتية لوجستية لحركة الحمير وتنظيم مراحل التنقل، ومراكز لخدمات الانطلاق والوصول، وخدمة طعام شعير وتبن، وكرسنة.

وحقيقة اعترف اني شعرت بحنين غامض ما عندما رايت حمارا يتجول في المدينة. ولكن ثمة فارق بين شعور الحنين ومقارنة ما تحقق من واقع ملموس ومشهود لحياة وعيش الاردنيين في القرن الحادي والعشرين.

صدقوني عندما رايت الحمار صابني حنين غامض واحساس كاني اعيش خارج الزمان والتاريخ. الحمير تعود الى عمان الغربية، حاولت ان افهم وافسر ظاهرة عودة الحمير ولماذا؟

الموضوع ليس كناية ولامجازا.. لم اصدق لاروي لكم ما سمعت من مواطنين. فهل واقعنا في الاردن لم تعد الكنايات والمجازات والبلاغة قادرة بالتعبير عنه؟

الحمار قادني الى خيبة امل واحباط وعنوانها.. من الذي اعادنا الى الحمير؟ رؤيتي للحمار في قلب عمان الغربية اخرج الحمار عن صورته العادية. وكلما خرجت من عمان، وذهبت الى الكرك ارى الحمار يوميا واركبه واستعمله، وهذا عادي ومألوف.. ولكن ان يجلب الحمار من الماضي كحل وعلاج لازمات عاصمة حديثة وعصرية كعمان، فهذا هو الفشل بعينه، فما رايكم؟

انهي هنا مقالي، وليعذرني الحمار.. ولا اقصد هنا اي اساءة او انتقاصا من قيمته ودوره الحيواني. بالعكس انه خير صديق ورفيق، ومن يكون موجودا في اوقات الشدة والمحن والمصاعب.. واعني لو يجرد الكلام من التشبيهات والكنايات والمجازات ليكون الفهم ايسر واوضح واشد تاثيرا.