لا للتبرع للوطن .. ! / د. مفضي المومني

895

د. مفضي المومني ( الأردن ) – الخميس 16/4/2020 م …

نعم… فأكثر كلمة تؤلمني وأسمعها هذه الأيام التبرع للوطن..! بغض النظر عن النية الحسنة، لكن يجب ان نستخدم مصطلحات أخرى، فالوطن يا سادة ليس يتيماً يتسولكم، ولا معوزاً يطلب مالكم، ولا جائعاً ينتظر فضلة طعامكم، الأردن عبر مسيرته، واجه العالم والغريب والقريب ولم يستجدي أحداً وهو يدفع ثمن مواقفه، حوربنا كثيرا وقطعت المساعدات عنا، لكننا لم نستسلم ولم ننتظر تبرع احد، وبقي الأردن عزيزا بأهله وقيادته، مرفوع الهامة، واسألوا دول الإغتراب عن الأردني، شهامته وعزة نفسه، وإخلاصه وتميزه عن الجميع، فإذا كنا لم نفعلها في أحلك الظروف، وأُقيل يوما ما، أحد مشايخنا لأنه أظهرنا بصورة المستجدي، فكيف نقبلها الآن، ومِن مَن؟ من ألاثرياء وأصحاب الملايين في بلدنا، الذين جمعوا من المال والأطيان الكثير، من العمل والإستثمار أيام الرخاء بالحلال، وهنالك من أثرى من خلال النهب والسلطة والعطاءات وغيرها الكثير من الألاعيب والتي جعلت بعض من أتانا بخفي حنين مليونيرا في غضون سنوات قليلة من العمل العام..!، والقصص والأمثلة لمن أثروا على حساب الوطن، ولكن ليس الآن وقت الحساب، ربما كان من الواجب أن يُفَعَل قانون من أين لك هذا منذ زمن، المهم الآن هل نستجديكم ونستجدي تبرعاتكم؟ هل تنتظرون ذلك؟ هل تقبلوا ان تتبرعوا وتَمنوا على الوطن؟ هو من اشبعكم واحتمل غلاستكم وقبحكم وحرمنتكم منذ سنين (واقصد من أكل ونهب من المال العام او الخاص بغير وجه حق)، واما اصحاب المال الحلال والذين جمعوا ثرواتهم من خير هذا البلد فالواجب عليهم أن يردوا الجميل بأحسن منه، انت لا تتبرع للوطن لأن الوطن هو ذاتك هو بيتك هو ابنك هو ابنتك هو كل قطرة دم بذلت لعزة الوطن، الوطن يحتضنكم ولم يمن عليكم يوما، فلماذا تنتظروا أمر دفاع او قرار من الاعلى يفرض عليكم اقتطاع جزء من ثرواتكم التي ستبقى ورائكم تلعنكم بعد مغادرة هذه الحياة لأنكم لم تقدموها لتضميد جراحاته حينما احتاجها، أنا لست مع أمر دفاع لاقتطاع مبالغ فنحن دوله عزيزه قوية أيا كان اقتصادنا، ولكني مع احكام عرفية لاستعادة كل قرش نهب من قبل البعض بطريقة غير مشروعة، ادفعوا وابذلوا للوطن، فأنت ومالك في النهاية للوطن، لا تعلن أنك تتبرع… ! فالأبن لا يتبرع لأمه… !
بكل صراحة ووضوح قالها رئيس لجنة صندوق همة وطن، هنالك عائلات ثرية لم تساهم، وأنا أقول لحكومتنا هؤلاء بدهم (عين حمرا)، إذا كان الموظف محدود الراتب اقتطع من راتبه وساهم في جهود الدولة، فماذا أنتم منتظرون يا عبيد المال، الملياردير البرتغالي انطونيو بييرا مونطييرو رئيس بنك سانتاندير بالبرتغال توفي بسبب عدوى فيروس كورونا.ابنته كتبت في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي:
“نحن عائلة ثرية لكن والدي توفي وحيداً و مختنقا يبحث عن شيئ مجاني هو الهواء، المال بقي في المنزل”… .نعم اموالكم ستبقى في البنوك ولن تفيدكم عند الحاجة لنفَس اوكسجين مجاني او نسمة من هواء الوطن، إدفعوا حق الوطن في أموالكم المتراكمة، وأما أصحاب المال الحرام، ردوا ما نهبتموه وسيسامحكم الوطن ويحاسبكم الله الذي لا يضيع كبيرة ولا صغيرة، لكن مغفرته وسعت كل شيء، فاغتنموها…!
الوطن واقتصاده وقطاعاته بحاجة لوقفة الجميع، كل أصحاب الثروات، وأيضا أصحاب الرواتب العالية، (مطلوب اقتطاع جزء منها لمصلحة الوطن)، لنبادر جميعا ونقف مع الوطن بكل ما نستطيع، لأننا نقف مع أنفسنا وذاتنا ووطننا، ولكن لا يتفوه أحد بكلمة تبرع… فأنت لا تتبرع لذاتك وطنك… أمك الحنون…حياً أو ميتاً… .حمى الله الأردن.

التعليقات مغلقة.