القصة الحقيقية للخلاف بين داعش وجبهة النصرة
الإثنين 27/2/2017 م …
الأردن العربي …
القصة الحقيقية للخلاف بين داعش وجبهة النصرة …
نفرط العقد بين تنظيمي “القاعدة” و”الدولة الاسلامية في العراق” مع اندلاع الصراع في سوريا عام 2011 عندما قرر أبو بكر البغدادي الذي يقود تنظيم الدولة منذ عام 2010 بتوسيع نشاطه ليشمل الأراضي السورية. فأرسل عددا من مقاتليه لإقامة موطئ قدم لهم هناك.
في بداية الأمر رحب أيمن الظواهري – الذي ورث قيادة تنظيم “القاعدة” إثر مقتل مؤسسه أسامة بن لادن في باكستان عام 2011 – بدخول تنظيم الدولة معترك القتال ضد النظام في سوريا إلا أن الزعيم الجديد كان يحبذ الاحتفاظ بـ”جبهة النصرة” – فرع “القاعدة” في سوريا – ككيان مستقل بقيادة سورية منفصلة عن التنظيم القادم من العراق.
غير أن قيادة “الدولة الاسلامية” رأت أن التنظيم الذي يقوده الظواهري أفرط في التركيز على القتال في سوريا وتجاهل العراق. وظل الخلاف قائما بين القيادتين حتى عام 2013 حين أصدر الظواهري أمره للبغدادي بالامتثال. غير أن الأخير رفض وأعلن من جانب واحد وضع جبهة النصرة تحت قيادته العراقية.
وفي مطلع عام 2014 اندلع القتال بين التنظيمين وعلى إثره أنهى الظواهري رسميا علاقات “القاعدة” بـ”الدولة الاسلامية” التي أعادت تسمية نفسها بـ”الدولة الاسلامية في العراق والشام” وباتت تعرف اختصارا بـ”داعش”.
ويعزى انفصال التنظيمين وقيادتهما عن بعضهما لأسباب عدة ترتبط بنوعية العدو المستهدف والاستراتيجية المتبعة في مواجهته، علاوة على اختلافات فقهية وفكرية بين التنظيمين، وذلك برغم تقاسمها الأهداف المتوخاة من ذلك.
فقد وضع تنظيم “القاعدة” وفروعه في اليمن والجزيرة العربية والمغرب العربي، ضرب مصالح الدول الغربية عموما والولايات المتحدة على نحو خاص، هدفا رئيسيا لهجماته.
ويعتقد هذا التنظيم أن استهداف أمريكا – العدو الأكبر الذي يتهمه بتوفير الحماية لأنظمة عربية وإسلامية يعتبرها فاسدة – سيجبرها في نهاية المطاف على سحب الدعم منها لتصبح بعد ذلك عرضة للانهيار من الداخل تحت وطأة الجماعات الجهادية المحلية المنضوية تحت راية “القاعدة”.
غير أن “داعش” فضلت استهداف “العدو المحلي” قبل “الخارجي”. ويرى زعيمها أبو بكر البغدادي أن الجهاد يملي عليها القضاء على ما يسميه “الأنظمة الكافرة” حيثما وجدت في العالم العربي و”تطهير” المجتمع الاسلامي بالقضاء على كل من يخالف تنظيمه فكريا ودينيا ومذهبيا.
وتشمل القائمة الطويلة لأعداء “داعش”، فضلا عن الأنظمة السياسية بكل تياراتها، السنة الخارجين عن طاعة التنظيم والشيعة حيثما وجدوا والأقليات الدينية الأخرى والجماعات الجهادية المنافسة.
لم يصدر عن تنظيم القاعدة على مدى العقدين الماضيين ما يشير الى نيته في احتلال أراض أو قضم مناطق ضمن دولة عربية أو اسلامية ما وعزلها والتمدد فيها وفرض نظام ديني متشدد على سكانها. لكنه ركز على توجيه دعايته عبر أشرطة صوتية ومصورة لقيادتها تحض فيها أنصارها وعامة المسلمين على اعتناق فكرها بتذكيرهم بواجبهم في الجهاد.
أما استراتيجية داعش في هذا المجال فكانت أكثر جرأة، إذ سعى الى بسط سيطرته على الأرض وتوسيع وجوده لإقامة دولة تحت سلطة حكومة يعيش فيها مسلمون سنة دون غيرهم، يخضعون لمفهوم خاص للشريعة الإسلامية اختاره التنظيم.
ويرى قادته أن مع إحكام السيطرة على الأرض يمكن بناء جيش يوظف في الاستيلاء على مزيد من الأراضي لإقامة دولة خلافة لا حدود لها تتبعها “ولايات” يعلن عنها حيثما تمكن أتباعه ومقاتلوه من فرض وجودهم على أراضيها.
ويبدو لعدد من المتابعين أن تنظيم “القاعدة”، الذي قاد حركة الجهاد العالمي منذ حوالي العقدين، قد فقد زمام المبادرة ومعركة ريادته أمام تنظيم داعش. فلم يعد الأول قادرا على مضاهاة قوة الثاني لا ماليا ولا تنظيميا ولا عسكريا ولا إعلاميا، بل إن بعض فروعه عبر العالم أعلنت انضمامها لداعش، ومبايعة زعيمها أبو بكر البغدادي الذي أعطى لمشروع الجهاد العالمي نفسا جديدا لا يزال يستقطب أتباعا وشبابا عبر العالم ذكورا وإناثا من كل الأعمار لا يترددون أمام دعوة التنظيم للالتحاق للعيش في كنف “دولته الاسلامية”.
التعليقات مغلقة.