ألمانيا – ميراث النّازية / الطاهر المعز

239

الطاهر المعز ( تونس ) – الخميس 28/3/2024 م …

تضاعفت حالات جرائم الكراهية ضد الأجانب المسجلة في جميع أنحاء ألمانيا من قِبَلِ وزارة الداخلية أكثر من ثلاثة أضعاف بين سَنَتَيْ 2013 و2022 لتصل إلى أكثر من عشرة آلاف حالة مُسجّلة رسميًّا، وصَرّح مدير مؤسسة متوسطة الحجم في مدينة كيمنتس (شرقي ألمانيا) إن التوترات العنصرية جعلت العمالة الأجنبية الماهرة تُغادر البلاد، رغم الحاجة المُلِحّة لشركات ألمانيا لهذه العمالة الأجنبية، للتّخفيف من المصاعب الأخرى مثل ارتفاع أسعار الطاقة وصعوبة التزود بالمواد الأولية، فيما تُشير التقديرات التي أصدرها اتحاد أرباب العمل والتقديرات الرسمية إلى أن البلاد ككل تعاني من نقص العاملين وتحتاج حاليا إلى حوالي مليُونَيْن وإلى سبعة ملايين عامل ماهر بحلول العام 2035، مقارنة بقوة عمل تبلغ حوالي 46 مليونًا، وتحاول شركات مدينة كيمنتس، الواقعة في ولاية ساكسونيا بالقرب من الحدود التشيكية، جذب العمال المهرة، وعلى سبيل المثال تحاول شركة إنغلمان للهندسة الكيميائية المساعدة في ترتيب السكن المؤقت واللغة وحتى دروس القيادة لتشجيع الموظفين الأجانب على الاستقرار، غير إن المناخ المُعادي للعمال الأجانب أدى إغلاق المصانع وتسريح العمال وإلى نزوح الشباب في العديد من مناطق البلاد، ونظّم الحزب اليميني المتطرف فراي ساكسونيا (ساكسونيا الحرة) خلال مظاهرة في كيمنتس يوم الثامن عشر من آذار/مارس 2024 ضد وجود العمال الأجانب، ما يُقَوّضُ جُهُود الشركات التي يتذمر مديروها من الإهانات العنصرية والإقصاء الذي تعرض له العمال الأجانب مما يدفعهم إلى مغادرتها بعد فترة وجيزة من وصولهم بسبب مظاهر كراهية الأجانب، وأعرب مسؤولو العديد من الشركات الكبرى في ألمانيا وهولندا عن قلقهم بشأن  صعوبة التوظيف منذ خمسة أو ست سنوات، بل “وفقدان موظفين بسبب الأعمال المعادية للمهاجرين التي ترتكبها شرائح من السكان لا تدرك أن هؤلاء عمال أجانب ماهرون ويريدون تقديم مساهمة حقيقية في ألمانيا“. وفق تصريح مدير إحدى الشركات الألمانية لوكالة رويترز التي ركّزت على مدينة كيمنتس التي تقع في ألمانيا الشرقية وفقدت نحو 20% من سكانها منذ ابتلاع ألمانيا الشرقية من قِبَل ألمانيا الغربية، سنة 1990، لينخفض عدد سكان المدينة إلى ما يزيد قليلاً عن 250 ألف نسمة، ومع نزوح الشباب إلى مدن ألمانيا الغربية ارتفعت نسبة العمال المهاجرين من 2% من العدد الإجمالي للسكان سنة 2000 إلى  نحو 14% سنة 2022، وفقا لبيانات معهد FOG لأبحاث السوق والأبحاث الاجتماعية ومقره كيمنتس، حيث تنظم الأحزاب اليمينية المتطرفة – التي تمثل 25% من أعضاء مجلس المدينة – مظاهرة كل يوم إثنين ضدّ المهاجرين، ولاحظ أحد أعضاء بلدية المدينة “إن كيمنتس سوف تنهار بدون المهاجرين وعلى سبيل المثال، إن 40% من العاملين في المستشفى هم من الأجانب”

أعلن الرئيس التنفيذي لشركة سولار وات للطاقة الشمسية ومقرها مدينة دريسدن بشرق ألمانيا: “لقد غادر اثنان من موظفينا الأجانب ألمانيا لأنهما قالا إنهما لم يعودا يشعران بالراحة والأمان هنا”، وغادر آخر إلى إنغلترا بسبب المناخ العنصري في ألمانيا، وأعلن مدير عام شركة ( FDTech ) لصناعة برمجيات القيادة الذاتية، ومقرها مدينة كيمنتس (ألمانيا الشرقية)، “إن الشركة فقدت موظفين وعمالًا من ذوي المؤهلات بسبب انتشار مظاهر العنصرية التي لا تقتصر على إقليم ساكسونيا، أو مدينة كيمنتس، بل في جميع أنحاء ألمانيا، وجميع من أنحاء أوروبا  في ظل الإنكماش وضُعْف أداء الإقتصاد…”، وأكّدت دراسة استقصائية أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) خلال سَنَتَيْ 2022 و2023  “رغم جاذبية ألمانيا للعمال الأجانب، إلا أن التمييز يمثل مشكلة”، وتَتَبَّعَ مُنفِّذو الدّراسة الحياة المهنية لثلاثين ألف شخص أجنبي من ذوي المؤهلات العالية الذين أرادوا القدوم إلى ألمانيا كعمال مهاجرين منذ آب/أغسطس 2022، وأكّد الاستطلاع أن الأشخاص الذين انتقلوا بالفعل إلى ألمانيا تعرضوا لتمييز يفوق بكثير ما كانوا يتوقّعونه، وأكّد مُدير وكالة التّوظيف (مكتب العَمل) في مدينة إيسن، ويُركّز عمل الوكالة على استقطاب العاملين الأجانب في مجال تكنولوجيا المعلومات، إنه لاحظ لأول إن ألمانيا لم تعد وجهة مُميّزة للمهندسين ومُطَوِّري برامج الإعلامية والإتصالات بسبب تزايد كراهية الأجانب وعدم الشعور بالترحيب ولا حتى بالأمان…

عن رويترز 27 آذار/مارس 2024

التعليقات مغلقة.