نتنياهو يلعب بالنار ويجازف بإشعال حرب عالمية ثالثة / د. خيام الزعبي

360

د. خيام الزعبي ( سورية ) – الأحد 3/3/2024 م …

وسط تصاعد الحروب في المنطقة، فهناك حرب في أوكرانيا، وأخرى في قطاع غزة، وخلافات بين باكستان وإيران، ناهيك عن هجمات البحر الأحمر، واقتتال في السودان وليبيا، والضربات في سورية والعراق، وأيضاً جنوب لبنان الملتهب، كما تخوض روسيا والصين وإيران حربا علنية مع الولايات المتحدة، والنزاعات المحتملة، مثل: بحر الصين الجنوبي، وشرق المتوسط، والبلقان، وزيادة حضور اليمين المتطرف في دول غربية، كل هذه التوترات باتت تنذر بنشوب حرب عالمية ثالثة.

ما يحصل في غزة اليوم هو حلقة جديدة من سلسلة السياسات السرية والعلنية التي إنتهجها الكيان الصهيوني وحلفاؤه، ومحاولتهم التخلص من المقاومة وإشغال محور المقاومة عن دوره الكبير الذي يمارسه الآن في دعم فصال المقاومة ضد هذا الكيان ، والتأثير على دعمه لمنظمات المقاومة، مثل سورية وايران وحزب الله والآن يتم إستهداف العراق وتعطيل دوره لمنعه من أن يكون ذات قوة مؤثرة، ويساهم نتنياهو اليوم في المخطط الأخير لخنق غزة عبر قصفه للمدنيين وتدمير البنية التحتية هناك، بما جعل له تداعيات إقليمية ودولية عديدة محتملة، قد تدفع نحو نشوب حرب عالمية ثالثة.

متابعة تطورات الأحداث في المنطقة الآن، يكشف عن تنشيط وتحريك المشروع التآمري للولايات المتحدة وحلفاؤها على سورية والعراق وحزب الله في منطقة الشرق الأوسط دعماً لأمن وإستقرار الكيان الصهيوني وخدمة لمصالح الدول الحليفة لهذا المشروع في المنطقة، فسورية والعراق وحزب الله تواجه عمليات إرهابية يومية نتاج هذا المشروع ولم يبق إلا أن يتسع هذا المشروع ليشمل إيران.

بالتالي إن احتمالات توسع الحرب قائمة وترتفع كلما استمر العدوان الاسرائيلي على غزة، واستمر انخراط بعض الأطراف، مثل: حزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن، والمقاومة الاسلامية في العراق، إذ أن مستويات التوتر والضربات المتبادلة في مختلف الجبهات في ازدياد مستمر، بالمقابل، إن سعي الولايات المتحدة لاحتواء الحرب وحصرها في غزة قد أدّى لنتائج عكسية، حيث توسّعت ، وخصوصا في جبهتَي جنوب لبنان، وجنوب البحر الأحمر، بمعنى إن استمرار الحرب على غزة أدَّى لانخراط حزب الله والحوثيين والمقاومة الاسلامية في العراق، واستمرار ذلك يحمل مخاطر انخراط إيران فيها، وإذا ما حصل ذلك فإن ذلك يرفع من احتمالات تدخل روسيا و الصين بشكل كبير.

وعلى الطرف الأخر، إن منطقة الشرق الأوسط كلها تقف أمام عملية تغيير جذرية وقد لا يسلم من جرائها أحد، أنظمة ستسقط وأخرى ستنشأ، وحدود ستتغير، وما زلنا في بداية الطريق، أو بالقرب من المحطة الأولى، ولا أحد يعرف أين وكيف ستكون المحطة الأخيرة، وصمود غزة يعني إنفجار القنبلة الفلسطينية في وجه نتنياهو وعودة جيشه الى المواجهات الدموية مجدداً.

منذ الحرب الاسرائيلية على غزة، تعيش إسرائيل وذيولها حالة متنامية من القلق والخشية غير المسبوقين، فإسرائيل متيقنة من أن الرد آت لا محالة، ومفتقرة في الوقت نفسه إلى معلومات حسية تقودها إلى تحديد مكان الرد وزمانه وحجمه وأسلوبه، الأمر الذي يطلق العنان لتقديرات وتنبؤات استخبارات واسعة، وهي في أغلبها تقديرات تشاؤمية مقلقة.

 

في هذا السياق، إن نتنياهو  يلعب بالنار وأن جيش الاحتلال يتحمل نتيجة ما يرتكبه الآن، وإن للمقاومة الحق في الدفاع عن نفسها وشعبها، فالحرب القادمة بين المقاومة والكيان الصهيوني ستكون مختلفة تماماً، وستؤلم هذا الكيان الغاصب وستغير هذه الحرب الكثير من النظريات والعقائد العسكرية في العالم، كما أنها ستدفع بالقوى الدولية لإعادة النظر في حقيقة موازين القوى وسبل قياسها، فالمقاومة لن تفاجئ الكيان الصهيوني في حجم ترسانة صواريخها وتنوعها فحسب، بل ستفاجأها أيضاً بأسلوبها وجهوزيتها القتالية على مستوى العدة والعديد.

 

مجملاً… إن المنطقة اليوم تدخل في مرحلة جديدة سيكون عنوانها التغيير، وسيتمخض عن المعركة الدائرة مع العدو ولادة شعب عربي متحرر من خوف الأعداء، وسينتج عنها إستعادة المحور المقاوم لدوره، وتعزيز ثقافة المقاومة بين شعوب المنطقة، المستندة إلى برنامج وطني نضالي واحد هدفه تحرير الأراضي المحتلة.

وأخيراً ربما أستطيع القول، إن الحرب على غزة، وَفق هذا المنظور، تسرّع نحو رسم شرق أوسط جديد يصنعه مقاومو لبنان وإيران والعراق واليمن ومعهم جنود الجيش العربي السوري في الميدان، إنها معركة الإرادة الواحدة والجبهة الواحدة في مواجهة عدو واحد وهجمة موحّدة. وإنطلاقاً من كل ذلك، فإن الحرب في الشرق الأوسط ستظل مشتعلة ومستمرة  إلى أن يعلن الفلسطينيون قيام دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس.

[email protected]

التعليقات مغلقة.