بحث هام جدا … الشيوعيون المصريون و”العدوان الثلاثي”… من المقاومة الشعبية في بورسعيد إلى سجون عبد الناصر / مي الصباغ
مي الصباغ ( مصر ) الإثنين 8/11/2021 م …
عندما هاجمت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل مصر، رداً على قرار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس، وعودتها إلى السيادة المصرية بعدما سيطرت الدول الاستعمارية عليها لأكثر من 80 عاماً، في ما عُرف باسم “العدوان الثلاثي”، لعب أبناء مدينة بورسعيد دوراً مهماً في التصدي للعدوان، والدفاع عن سيادة بلدهم.
وقع العدوان الثلاثي على مرحلتين؛ فقد هاجمت إسرائيل سيناء، في 29 تشرين الأول/ أكتوبر 1956، وعندما انشغل الجيش المصري بالتصدي لها، أصدرت كل من بريطانيا وفرنسا، في 30 تشرين الأول/ أكتوبر، إنذاراً لكلَي الطرفين بوقف إطلاق النار، وانسحاب كل منهما لمسافة عشرة كيلومترات بعيداً عن القناة، وقبول إشرافهما عليها، بغرض حماية الملاحة الدولية، وهو ما كان مجرد خداعٍ لاحتلال القناة.
رفضت مصر القرار، وفي 31 تشرين الأول/ أكتوبر، هاجمت بريطانيا وفرنسا مصر بغارات مكثّفة على القاهرة والإسكندرية، بغرض تشتيت القوات المصرية بين ثلاث جبهات.
انسحب عبد الناصر من القناة، والإسكندرية، وتمركزت القوات المصرية على جبهة سيناء. في المقابل، هاجمت بريطانيا وفرنسا مدن القناة، واحتلت بورسعيد، وهنا جاء دور المقاومة الشعبية.
لم تكن هذه المقاومة غير منظمةٍ، أو بلا قيادة، فقد كان وراءها أبطال مجهولون، وهبوا أنفسهم لتنظيم الناس، واختراع الحيَل لمواجهة العدو، وتوفير سبل الإغاثة لسكان المدينة، بعد فرض حظر التجول، وطباعة البيانات السياسية الحماسية، وتوزيعها، وتنظيم التظاهرات، وكسر حظر التجوّل الذي فرضته قوات العدوان، وغيرها من الأدوار.
دور حركة “حدتو“
في سياق تلك الأجواء النضالية، برز دور كوادر حركة “حدتو” الشيوعية (الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني) التي تأسست في صيف 1947، وأعضائها، والتي جاءت، حسب ما يذكر محمود الورداني في كتابه “حدتو سيرة ذاتية لمنظمة شيوعية”، بعد فصول عدة من تأسيس الحزب الشيوعي المصري، ثم حلّه، وتأسيس كيانات وأحزاب وتجمعات يسارية ذات توجه ماركسي، ثم فشلها في الاستمرار.
وكان من أبرز قيادات “حدتو”، يوسف الصديق، وخالد محيي الدين، وكانا من أعضاء مجلس قيادة الثورة. ورفعت الحركة شعار “تحرير قناة السويس”، قبل قرار التأميم بسنوات، وهو ما وضعها في مقدمة الصفوف لمساندة القرار فور صدوره.
وحسب كتيّبٍ لسعيد الصباغ بعنوان “دور الشيوعيين في مواجهة العدوان الثلاثي على مصر”، أصدره مركز “آفاق اشتراكية” التابع للحزب الشيوعي المصري، في كانون الأول/ ديسمبر 2016، توجّهت قيادات الحركة، وأعضاؤها، فور بدء العدوان الثلاثي، إلى بورسعيد، لينضموا إلى رفاقهم الشيوعيين من أبناء المدينة في مقاومة العدوان الثلاثي.
كان على رأس أبناء بورسعيد، إبراهيم هاجوج، والمحامي سعد عبد اللطيف، ومحمد شاكر مخلوف، صاحب مطبعة أشرف الذي عمل على تهريب أدوات الطباعة، ليتمكن رفاقه من طباعة مجلة الانتصار من داخل المدينة الباسلة. أما من خارج المدينة، يتابع الكاتب، وهو أحد قيادات الحزب الشيوعي المصري، فكان عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي المصري سعد رحمي، والضابط الملازم أول محمد منير موافي، وعشرات من رفاقهم الذين تسللوا إلى داخل المدينة متخفّين بملابس صيادين، وآخرون دخلوها على أنهم تجار خضار وفاكهة، حاملين معهم لوحات مجلة الانتصار التي لعبت دوراً مهماً في تحريك الوعي الجماعي للأهالي في ما بعد. ثم انضم إليهم في دفعة أخرى، أحمد شوقي المرجاوي، وصلاح دهب، وعبد المحسن الحفناوي، وأحمد كامل خليل، وغيرهم.
أقام أعضاء حركة “حدتو فور” تجمّعهم في بورسعيد، بتشكيل “الجبهة الشعبية للمقاومة”، ثم انضمت إليهم تكتلات أخرى يسارية، فتحولت إلى كيان أكبر تحت اسم “الجبهة المتحدة للمقاومة الشعبية”.
“سنقاتل… سنقاتل“
كان لمحمد شاكر مخلوف، صاحب مطبعة مخلوف، والذي كان عضواً في منظمة “حدتو”، وقبلها في حزب مصر الفتاة الاشتراكي، دور مهم في حشد الجماهير، إذ عمل على إصدار مجلة الانتصار، وتشكيل هيئة تحرير تكوّنت من أحمد الرفاعي، وعبد المنعم القصاص، وصالح دهب. وخرج الإصدار الأول للمجلة بشعار “سنقاتل… سنقاتل”، في 10 كانون الأول/ ديسمبر 1956.
كانت الطبعة الأولى مكوّنةً من 300 نسخة فقط، ثم توالت الطبعات بآلاف النسخ. ووضع مخلوف مطبعته تحت تصرف المقاومة، وهي موجودة الآن في المتحف الحربي.
وفي ما خصّ الجبهة المتحدة للمقاومة الشعبية، كُلِّف أحمد الرفاعي بقيادة المقاومة المسلحة، ومعه كل من إبراهيم المناسترلي، ومحسن لطفي، والمهندس جمال عبد الحميد، وعبد المنعم الغزالي، الذين التقوا بالضابطين في الجيش المصري كمال رفعت، وعبد الفتاح أبو الفضل. وكان رفعت قد كُلِّف من قبل عبد الناصر بقيادة حركة المقاومة الشعبية، لذا نسّقا مع مجموعات الشيوعيين.
“قلّما يُذكَر دور الشيوعيين في مقاومة العدوان الثلاثي، كـ‘نتيجة طبيعية لتوجهات السلطات المتعاقبة، السياسية والاقتصادية’”
اتّخذ الشيوعيون من منزل إحدى نساء المدينة مكاناً لتبديل ملابسهم، واستلام الأسلحة. وكنوع من التمويه، عملت صاحبة الدار على بيع السجائر، والحلويات، أمام منزلها، ليظهر رجال المقاومة، وهم يحادثونها، كأنهم زبائن، وليس هناك ما يدعو للشك.
كان القرار الأول الذي اتّخذته الجبهة المتحدة للمقاومة الشعبية، هو تحطيم حظر التجوّل الذي فرضه الإنكليز، على المدينة وسكانها، وقد بدأ الأهالي بتشكيل لجانٍ مهمتها تنظيم الحياة اليومية، وتوفير أسس الحياة من سلع تموينية، وأدوية، وغيرها. وكنوعٍ من محاولة بث الرعب في نفوس السكان، قامت القوات الإنكليزية بتدمير سجن بورسعيد، ليخرج منه المجرمون والمساجين، فشكّل أحمد الرفاعي لجنةً كانت مهمتها البحث عن الهاربين، والتحدث إليهم، وتقويمهم، ودعوتهم لمشاركة أهالي مدينتهم في مقاومة العدوان.
لم يبقَ على قيد الحياة عدد كبير من رموز هذه الأحداث المهمة في تاريخ مصر، لكن رصيف22، التقى بالكاتبة والصحافية أمينة شفيق، التي كانت على رأسهم، وهي من أبرز رموز اليسار المصري، وكانت عضوةً بارزة في الجبهة المتحدة المقاومة الشعبية التي نظّمتها “حدتو”، مع أنها لم تكن عضوةً فيها.
تتذكر شفيق جزءاً من دورها المحوري، وتقول لرصيف22: “مهما وصفتُ الحالة التي عشناها جميعاً وقتها، لا يمكنني أن أوفّيها حقّها، فقد كانت حالةً من الثورة والحرية والمقاومة، وكان العدو واضحاً، والانتصار واضحاً، والمطالب واضحةً، وكانت الخنادق محددةً بجلاء، وكانت لحظات لا يمكن صياغة وصف مناسب لها، فلم يكن هناك أي مشاعر أنانية، أو طمع، أو تهافت. وبالنسبة إلى دوري، فقد شاركت في الكثير من اللحظات والأدوار، ولكن أكثرها حضوراً في ذهني، هي مشاركتي في صياغة مجلة ‘الانتصار’، وطباعتها، وتهريب أدوات الطباعة، واستخدامنا للمحالّ ليلاً، بعد مواعيد الإغلاق، والطباعة على ضوء الشموع، خوفاً من دوريات قوات العدو الإنكليزي”.
وتضيف: “لم تكن طباعة المجلة والبيانات الحماسية أمراً سهلاً، أو بسيطاً، بل كانت عمليةً معقدة جداً، نستخدم فيها الحيل كلها حتى لا يُقبَض علينا، كذلك أتذكر يوم دخول محافظ بورسعيد مكتبه، بعد هزيمة القوات الإنكليزية، وانسحابها، في 23 كانون الأول/ ديسمبر. لقد كان عيداً”.
ومن بين الأعمال الناجحة للمقاومة الشعبية، بقيادة “الجبهة المتحدة”، والتي رسمت طريق تحرير بورسعيد، خطف الضابط أنطوني مور هاوس، ابن عمّة الملكة إليزابيث، في 11 كانون الأول/ ديسمبر. وبعدها بثلاثة أيام فقط، وجّهت المقاومة ضربةً موجعةً للقوات المحتلة، باغتيال المايجور جون ويليامز، رئيس مخابرات القوات البريطانية في بورسعيد. كذلك تمكنّت المقاومة من مهاجمة مقرّ كتيبةٍ بريطانية، ومهاجمة الدوريات بالقنابل اليدوية، وهو ما كبّد البريطانيين خسائر كبيرة.
على الرغم من ذلك كله، قلّما يُذكَر دور الشيوعيين في مقاومة العدوان الثلاثي، وهذا برأي شفيق هو “نتيجة طبيعية لتوجهات السلطات المتعاقبة، السياسية والاقتصادية، والحقيقة أن الشيوعيين قاموا بدورهم البطولي هذا، كنداء طبيعي، وكواجب محتوم عليهم، ولم ينتظروا مديحاً، ولا بروباغندا، ولا أي مقابل لما خاضوه كله، وإن معنوياً”.
الشيوعيون وعبد الناصر بعد العدوان
على الرغم من الدور المقاوم للشيوعيين، لم يأخذ جمال عبد الناصر ذلك بعين الاعتبار، ولم يمضِ وقت طويل حتى بدأت حملات التضييق عليهم، واعتقالهم، والإلقاء بهم في زنازين المعتقلات، لأن النظام رأى فيهم قوةً يصعب عليه ترويضها، وتطويعها لخدمته.
تقول شفيق: “على الرغم من أن الشيوعيين كانوا حلفاء لعبد الناصر، وساندوه في قرار التأميم، ثم في تنظيم المقاومة الشعبية في بورسعيد، إلا أن رد فعله القمعي تجاههم، يتّسق مع طبيعته. فعلى الرغم من أنه كان رجلاً عظيماً أخذ قراراتٍ مهمةً وعظيمةً، إلا أنه كان يخشى الاستقلالية، ويخشى الرأي الآخر؛ إن أردت الوجود ككيان سياسي، فلا بد أن يكون ذلك من خلاله هو، ومن تحت عباءته هو، وليس بشكل مستقلّ عنه، الأمر الذي يفسر لنا قرار حلّ الأحزاب عام 1953، ورغبته في عدم تكوين أحزابٍ مرةً أخرى، بل وعمله على تكوين عدد من الكيانات السياسية، منها الاتحاد الاشتراكي، وفشلها جميعها”.
“على الرغم من أن الشيوعيين كانوا حلفاء لعبد الناصر، وساندوه في قرار التأميم، ثم في تنظيم المقاومة الشعبية في بورسعيد، إلا أن رد فعله القمعي تجاههم، يتّسق مع طبيعته، إذ إنه كان يخشى الاستقلالية، والرأي الآخر”.
وتضيف شفيق لرصيف22: “هناك زاوية أخرى لتفسير رد فعل عبد الناصر على دور الشيوعيين: هو كان يعلم تمام العلم بأنه يتعامل هنا مع تيارٍ وتنظيمٍ، أفراده مثقفون، ومستقلو الفكر، ولهم ثقل سياسي حتى وإن كان عددهم ليس ضخماً، ولكنهم قادرون على قراءة الواقع السياسي، وتحليله، والتفاعل مع الجماهير، وحثّها على التفاعل معهم. وأبرز تلك الأمثلة، الدكتور عبد العظيم أنيس، رحمه الله. فعلى الرغم من كونه أستاذاً جامعياً، وعلى الرغم من دوره في تنظيم حملة ضخمة لمناهضة العدوان الثلاثي، إبّان وجوده في إنكلترا، وعمله مدرساً للرياضيات في جامعة لندن، وكانت حملته مستقلةً عن حملة السفارة وقتها، إلا أن نظام عبد الناصر اعتقله مدة ست سنوات، من 1959 إلى 1965، خلال حملة الاعتقالات التي شنّها النظام على الحركة الشيوعية”.
طال التنكيل أعضاء التيار الشيوعي المصري، سواء حركة “حدتو”، أو الحزب الشيوعي المصري، وحاولت سلطة عبد الناصر منع أبناء “حدتو” الذين قاتلوا في بورسعيد، من حضور احتفالات الانتصار في الذكرى الأولى، عام 1957. وعندما أصرّوا على حضور الاحتفالات، عوملوا بطريقةٍ مهينة من قبل أجهزة الأمن، فقد تعمّدت السلطات أن يلازم كلَّ عضوٍ في “حدتو”، مخبرٌ من الشرطة، وكذلك قامت السلطات بمراقبة أعضاء الحركة، وكأنهم جواسيس.
كما كُلّف مخبرون بمراقبة منازل أعضاء الحركة. وبعد أشهر قليلة من الذكرى الأولى للانتصار على العدوان الثلاثي، اعتُقل القيادي في الحركة، شهدي عبد الوهاب، وعُذّب في السجن الحربي مع آخرين من الكوادر الشيوعيين، على الرغم من أنه كان قد اعتُقِل وعُذِّب على أيدي قوات الاحتلال الإنكليزي، عندما كان أحد المشرفين على صدور العدد الأول من مجلة الانتصار.
وفي كانون الثاني/ يناير 1959، اعتُقِل عدد كبير من كوادر “حدتو”، والمتعاطفين معها، ضمن حملةٍ كبيرةٍ ضد كوادر التيار الشيوعي شملت كذلك عدداً كبيراً من قيادات الحزب الشيوعي المصري، وحوكموا أمام القضاء العسكري.
ومن أبرز ضحايا الاعتقال والتعذيب في عهد عبد الناصر، القيادي في حركة “حدتو” شهدي عطية الشافعي، الذي توفي في سجن أوردي ليمان “أبو زعبل”، في 15 حزيران/ يونيو 1960، عن عمر ناهز 49 عاماً، من شدة التعذيب الذي تعرّض له، بعد أن صدر ضده حكم بالأشغال الشاقة سبع سنوات.
وكان عطية الشافعي قد مثُل أمام محكمة عسكرية برئاسة الفريق هلال عبد الله هلال، قائد سلاح المدفعية وقتها، في قضية عسكرية طالت أشخاصاً عدة اتُّهموا بمعاداة القومية العربية، والوحدة المصرية-السورية، وبالعمالة للخارج، ضمت عدداً من كوادر الحزب الشيوعي المصري، وحركة “حدتو”، وكان الشافعي هو المتحدث باسم الحركة أمام المحكمة.
وفي مرافعته، رحّب الشافعي بصدور قرارات تأميم بنك مصر، وشركاته، التي صدرت وقتها، إلا أن موقفه الوطني لم يشفع له أمام المحكمة العسكرية، فحُكم عليه بسبع سنوات مع الأشغال الشاقة.
وتوفي شهدي عطية الشافعي خلال إحدى وصلات التعذيب التي طالته، في سجن أوردي ليمان، والتي كان يشرف عليها وكيل مصلحة السجون وقتها، إسماعيل همت.
وفي 15 حزيران/ يونيو 1960، أُنزِل المسجونون من عربات الجيش، على بعد ما يقرب من 300 متر من بوابة سجن أوردي ليمان، وأُجبِروا على جلوس القرفصاء، ووجوههم منكسة إلى الأرض، في ثلاثة صفوف، وأحاطت بهم مجموعة ضخمة من العساكر الذين يحملون الشوم (عصا غليظة)، والضباط الذي ركبوا على ظهور الخيل وفي أيديهم عصيان من جريد النخل، وبدأت حفلة التعذيب على أيدي بعض الضباط، وأحدهم اسمه مرجان إسحاق، والآخر كمال رشاد، وبدأوا بالضرب العشوائي بالجريد والشوم على رؤوس المساجين، وظهورهم، واستمر هذا الوضع ساعتَين.
عند وصول اللواء إسماعيل همت إلى السجن، صدر أمر للصف الأول من المعتقلين، المكوَّن من ثلاثة أشخاص، بأن يركعوا، ثم صدر أمر آخر بالجري وسط خطَّين من الجير الأبيض في اتجاه بوابة المعتقل، وكان الضباط يجرون بالخيل وراء المعتقلين، ويقومون بضربهم، لدفعهم بسرعة في اتجاه البوابة، بينما يقوم صف الجنود على جانبَي الطريق بضربهم أيضاً بالشوم.
عند وصول المعتقلين إلى البوابة، تعرضوا لمرحلة أكثر بشاعةً من التعذيب المجنون القاتل، فقد ضُرب المعتقلون بطريقة وحشية، باستخدام الشوم، و”الشلاليت” على الأوجه، وكانوا عندما يفقد المعتقل وعيه، يغطّسون رأسه في حفرة مملوءة بالماء، ويواصلون تعذيبه، بعد إخراج رأسه منها.
وذلك كله كان يجري والمساجين عراة تماماً. كان التعذيب هو المقصود في حد ذاته، فقد كانت المحاكمة قد انتهت، ولم يتبقَّ سوى صدور الأحكام، ولم يتحمل الشافعي التعذيب أكثر من ذلك، فمات من شدة التنكيل به.
وكان من بين زملاء الشافعي، الكاتب الصحافي لويس عوض الذي تعرّض لصنوفٍ مختلفة من التنكيل، فقد استُبعد من التدريس، وكان مساعداً لقسم اللغة الإنكليزية في كلية الآداب في جامعة القاهرة، في 1954، واعتُقِل في العام نفسه، ثم انضمّ إلى القضية السابق ذكرها في 1959، متّهَماً بالشيوعية، على الرغم من أنه لم ينضم إلى أي تنظيم شيوعي في تلك الفترة، كما مُنع من استكمال نشر مقالاته في الأهرام. وهذه التفاصيل ذكرها محمود الورداني، في كتابه “حدتو سيرة ذاتية لمنظمة شيوعية”.
التعليقات مغلقة.