تونس : انتخابات رئاسية بالفيسبوك / أحمد الحباسى
أحمد الحباسى ( تونس ) – الثلاثاء 6/8/2024 م …
نحن نتذكر فضيحة شركات الدعاية التي كلفتها حركة النهضة و المرشح الرئاسي السابق نبيل القروي بتبييض سيرتهما و تضليل الرأي العام حتى ينساق إلى انتخابهما و نتذكر أن حركة الإرهاب بقيادة الشيخ راشد الغنوشى قد تبرأت في البداية و أنكرت علاقتها بالشركة المعنية رغم كل المؤيدات المقدمة تماما كما فعل نبيل القروي و بعض أتباعه من الإعلاميين بودورو المكلفين بمهمة التطبيل و التزمير لهذا المرشح الذي اختار في النهاية و بعدما استعمل كل الحيل و الألاعيب و الخزعبلات الفرار إلى باريس أين سيقضى بقية حياته طريدا من العدالة و منشودا للمحاسبة و السجن . نتذكر أيضا كل المقالات التي تحدثت بكثير من الإطناب و سوء النية عن تعمد بعض شركات سبر الآراء التونسية تلميع صورة هذا المرشح أو ذاك و ذلك بتصعيد أسمه من الذيل إلى أعلى الترتيب في سلم نوايا التصويت و كل شيء بثوابه كما يقال . نتذكر أن القضاء قد تعهد بملف فضيحة شركات الدعاية الأجنبية التي سخرتها حركة النهضة و نبيل القروي مقابل أموال طائلة لا يعرف أحد مصدرها و لكن و لحدّ الآن لم يكشف التحقيق عن كافة التفاصيل رغم اتهام البعض بكون شركة الدعاية المعنية هي شركة صهيونية.
ما دفعنا للتذكير بهذه الشركات المشبوهة هو ما نلاحظه منذ أيام قليلة من سيول عارمة من صفحات الفيسبوك التي تعلن انتسابها للرئيس قيس سعيد المرشح الرئاسي و التي لا تتورع مثل صفحة ” نحن الماكينة ” عن نشر إشاعات زائفة مثل أن تزعم أن المخابرات الفرنسية قد فتحت صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي تدعو إلى عدم انتخابه أو إسقاط ترشحه بكل الوسائل ، مثل أيضا أن تزعم أنه لن يكون هناك دور ثان ، مثل أن تتلفظ بألفاظ أقل ما يقال فيها أنها سوقية تجاه كل من يعترض على نشر مثل هذه الأراجيف دون دليل . كيف خططت هذه الصفحات لتخرج للعلن فى نفس اللحظة و على بعد أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية ؟ من يمول و يقف وراء هذه الصفحات الصفراء التي تشوه كل معارض؟ لماذا لا تتحرك النيابة سريعا كما فعلت مع صفحات أخرى ؟ من يحمى هذه الصفحات و هل أن سيادة الرئيس على علم بنوعية الخطاب البائس الذي تعتمده هذه الصفحات ؟ هل أن إطلاق إشاعة تدخل المخابرات الفرنسية دون دليل لا يضر بالأمن القومي و بالعلاقات مع هذا البلد و لماذا لا تتحرك وزارة الداخلية لردّ هذه الإشاعة المشبوهة و تقديم توضيحات شافية في الغرض؟ .
في الحقيقة ما يحصل في مشهد الانتخابات الرئاسية هذه الأيام غير مسبوق على كل المستويات ناهيك أنها المرة الأولى بعد ما يسمى بالثورة تحصل انتخابات مثيرة للجدل و الاتهامات المتبادلة بين السيد الرئيس و كل المرشحين الآخرين و لعل أول الاتهامات تخص انحياز هيئة الانتخابات و تعمدها اختلاق نظرة قانونية غير واقعية تتعلق بملف الترشح و مطالبتها للمرشحين المسجونين بمطالب تعجيزية غير مبررة و تدعو إلى التساؤل. ثاني الاتهامات موجهة للرئيس قيس سعيد بكونه يستغل إمكانيات مسؤوليته الرئاسية للقيام بحملته الانتخابية و لعل القرارات التي أتخذها مؤخرا في ملف رجال التعليم المناوبين بالإذن بترسيمهم في تنفيذ لقراره المعلن بإلغاء كل مظاهر التشغيل الهش هو ما تسميه الجهة المقابلة بالقرارات الانتخابية التي لا غاية منها إلا كسب تعاطف و استقطاب المنتفعين منها . بطبيعة الحال لم يعد سرا أن هناك ماكينة انتخابية تقوم بحملة واسعة النطاق و تحت أنظار و مباركة السلط الجهوية التي باتت تتخوف من ردود الفعل الانفعالية لرئيس الدولة .
من الواضح من مجريات الأمور أن هناك سعى كبير من طرف جهات يصعب تحديد ملامحها أو هويتها ليستمر الرئيس قيس سعيد في قيادته للبلاد أثناء فترة رئاسية قادمة و من الواضح أيضا أن هذه الجهات قد أخذت على عاتقها مهمة إنجاح الرئيس في الانتخابات و لهذا فهي تفعل كل شيء بما في ذلك الاعتماد الكبير على بث الشائعات و التقليل المبالغ فيه من شأن بقية المرشحين و بهذا المعنى فقد صدر عن عديد الجهات داخليا و خارجيا علامات امتعاض كبرى متهمة ضفة الرئيس بكونها تشوّه العملية الانتخابية و تمسّ من مصداقيتها معبرة و منذرة بأن ما يحصل هو مهزلة انتخابية ستكون لها آثار مدمرة على مسار الديمقراطية التونسية الناشئة و ستعيد الجميع إلى مشهد انتخابات الحزب و المرشح و النتيجة الواحدة . من الواضح أيضا أن هناك حالة امتعاض و إحباط و رفض كامل لوجود السيد فاروق بوعسكر على رأس الهيئة المستقلة للانتخابات و اتهامه صراحة بكونه يقوم بدور غير محمود إزاء بعض المرشحين يصبّ لفائدة ترشح رئيس الجمهورية و يحدّ من عدد المرشحين الذين يتمتعون بقدرة الفوز في الانتخابات .
التعليقات مغلقة.