قصة مؤثرة عن نازح لبناني هرب من الموت في بنت جبيل فلقي حتفه في أزقة الضاحية الجنوبية

310

مدارات عربية –  الأربعاء 6/3/2024 م …

كأن مأساة النزوح القسري من القرى الحدودية في جنوب لبنان التي تتعرض لقصف إسرائيلي لا تكفي حتى تكتمل بقصة مؤثرة وحزينة طالت أحد الهاربين من جحيم الحرب وهو المواطن موسى بزي (64 عاما) من بلدة بنت جبيل، الذي ترك بلدته التي عاش وترعرع فيها، ليقيم لدى شقيقته هلا في الضاحية الجنوبية لبيروت، وهذا ما أودى بحياته بعيداً عن بنت جبيل التي لم يبارحها كما يقول عارفوه طيلة السنوات الماضية حتى في حرب تموز/ يوليو 2006.

 

هذا المواطن الجنوبي الذي يُعتبر من ذوي الاحتياجات الخاصة، ويعاني صعوبة في النُطق، فُقِد في 26 كانون الثاني/ يناير الفائت بعدما تاه في مكان إقامته الجديد، ليُعثر عليه جثة داخل “فتحة صرف صحي” مفتوحة بمنطقة الأوزاعي. ويروي عارفوه أن موسى بزي ذهب لتقديم واجب العزاء مع شقيقته، بابنة بلدته التي قضت في غارة إسرائيلية على طريق كفرا، وانفصل عن شقيقته للدخول إلى الجناح المخصص للرجال. وبعد انتهاء التأبين، لم تجده شقيقته وساد الاعتقاد أنه غادر للعودة إلى المنزل، لكنه لم يعرف الطريق وضاع في أحياء الضاحية لينتهي به الأمر داخل حفرة من دون غطاء.

وقد أوجع رحيل هذا المواطن الجنوبي قلوب الكثيرين، وخصوصاً أبناء بنت جبيل الذين يعرفونه تمام المعرفة، وبذلوا كل جهد ممكن للعثور عليه. واستحق موسى لقب شهيد النزوح وشهيد الإهمال.

 

وانتشرت صور موسى بزي على مواقع التواصل الاجتماعي، وكُتبت حوله التعليقات بينها للمواطنة بيبا بيضون التي قالت: “موسى هجّرته الأحداث التي لا ناقة له فيها ولا جمل كما هجّرت الكثيرين من سواه، وحضر إلى بيروت ومنذ شهر تاه ومات غريباً ووحيداً”. وأضافت: “لا أحد يمكن له التكهن ما الذي يُمكن قد مرّ به موسى وما الذي عاناه وهو الذي كان فاقداً للنطق عاجزاً عن الكلام وطلب المساعدة وطلب النجدة وعاجزاً عن الصراخ”.

أما الإعلامية فاديا بزي فكتبت: “إلى موسى عزيز بنت جبيل وأحد أبطال روايتي top camera من أول الصفحة حتى النقطة الأخيرة على آخر السطر”. وقالت: “يا موسى حبستك في الرواية ظناً مني أنك لن تتوه بين السطور، وأنت العارف بكل زواريب بنت جبيل وحاراتها وبيوتها وتلالها وقبورها قبراً قبراً، لكنك مرغماً، ارتكبت فعل الهروب من جحيم الحرب لتضيع في زواريب المدينة، ألم ينبئك حدسك يا موسى أن الموت الذي هربت منه في بنت جبيل سيلاقيك في أزقة المدينة، أم أنه مثلك ضلّ طريقه وتتبع خطاك ووقع معك في الجُب فرافقته في رحلة العودة لتدلّه على الطريق!”.

وأضافت: “هل تدري أيها الموت أنك سرقت من بنت جبيل طفولتها وذاكرتها، وحارس لياليها ونهاراتها وفصولها، ورافع جوامعها ومآذنها وصلواتها على كفّيْ، وأنك أيها الموت رسمت نهاية رجل حكمته في صمته”.