اغتيال ” قادة الحرس الثوري الايراني” يأخذ المنطقة لمواجهة كبرى / د. خيام الزعبي

377

د. خيام الزعبي ( سورية ) – السبت 20/1/2024 م …

إن الترهيب والقتل لا يمكن ان يخيف رجال المقاومة ولا الترغيب يسقطهم من أداء مسؤوليتهم الوطنية ولا التثبيط يمكن ان يصل الى قلوب المجاهدين كونهم مشروع شهداء، وأن من تغتاله إسرائيل هناك من سيخلفه بالقيادة والميدان، ومع ذلك، تبقى الاغتيالات أحد أقوى أدوات الضغط والحرب بمواجهة حركات المقاومة، بعد فشل عدوانها على غزة في تحقيق أي انتصارات عسكرية بل وفقدت المزيد من قواتها فضلا ً عن الغضب الشعبي الذى يحيط بالحكومة الإسرائيلية من الداخل.

حالة من الترقب تسود إيران وسورية ولبنان والمنطقة، عقب العدوان الإسرائيلي الذي استهدف مبنى من أربع طوابق في حي المزة الدبلوماسي في قلب دمشق، وأدى إلى اغتِيال أربعة مستشارين عسكريين من الحرس الثوري الإيراني.

لم تكن حادثة إغتيال “المُستشارين العسكريين الإيرانيين” حدثاً عابراً، بل كانت محطة عظيمة وكبيرة إستوقفت كل أحرار العالم، ونبَّهت الأمتين العربية والإسلامية على الخطر الحقيقي الذي يمثّله الإحتلال الأسرائيلي وحلفاؤه، وهنا يبرز سؤال مهم حول لجوء إسرائيل الإرهابية لسياسة الاغتيالات، بحثاً عن انتصار لم تنتزعه منذ اندلاع عملية ” طوفان الأقصى”.

 

وبينما يعجز الكيان الصهيوني عن “إنهاء المقاومة” كما وعد حكومته، لم يتمكن أيضاً من ردع حزب الله في جبهتهم الشمالية ولا الحوثيين في البحر الأحمر، رغم تهديداته المستمرة بشن حرب واسعة على لبنان واليمن، ثم جاء اغتيال المُستشارين العسكريين الإيرانيين في قلب دمشق، ليؤكد أن إسرائيل بحربها “الوجودية” هذه، سلكت دربها بعمليات الاغتيال، كحرب موازية لإخفاقاتهاعلى جميع الأصعدة.

 

ولم تقتصر ردود الفعل على عملية اغتيال المُستشارين العسكريين على الداخل الإيراني والسوري واللبناني والفلسطيني ، بل كان لها صداها في الخارج أيضاً، واعتبرت حركات المقاومة في مختلف الدول بأنها محاولة من العدو الصهيوني لتوسيع رقعة الاشتباك وجر المنطقة بأسرها إلى الحرب للهروب من الفشل الميداني العسكري في المنطقة والمأزق السياسي الذي تعيشه حكومة الكيان، إثر فشلها من حربها على غزة .

‏هنا لا بد من الاعتِراف بأن عمليّة الاغتِيال هذه، ما كانَ لها أن تتم إلّا نتيجة اختراق أمني واستخباراتي كبير بمشاركة شبكة المخبرين والناشطين المرتبطين بأجهزة المخابرات الإسرائيلية مثل الشاباك والموساد ،وهناك مجموعات منظمة أكثرها تحت شعارات سياسية، وخصوصا أن هناك العديد من المنظرين باسم الحرية يدعون للتدخل الخارجي وللتطبيع مع اسرائيل، وهناك آخرين يعملون من أجل المال، الأمر الذي يحتاج الى إعادة النظر بالإجراءات الأمنية وسد الثغرات الموجودة لسدّ الطريق أمام تحقق التطلعات والأهداف الإسرائيلية في المنطقة.

 

وتتزامن هذه التطورات بعدما ذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن طهران نجحت في إطلاق القمر الصناعي (ثريا) ووضعه في مداره، في خطوة من المرجح أن تزيد مخاوف إسرائيل والغرب حيال طموحات طهران النووية، وجاء في التقارير أن القمر الصناعي الذي تطوره الذراع البحثية لمنظمة الفضاء الإيرانية، وضع في مدار يبعد 750 كيلومترا، وهو أعلى مستوى تنجح إيران في الوصول إليه.

 

لا شك أن مشاركة الساحة اليمنية والسورية واللبنانية والعراقية هي أكبر رد على العدو الصهيوني ورعاته، بأن الحصار ومغامرات استخدام “داعش” وغيرها ومحاولات التخويف والتهديد لم تؤثر على ثوابت محور المقاومة وخياراته، بل زادته وحدة وتنسيقاً يبدأ من مكاتب السياسة وصولاً إلى غرف العمليات العسكرية والقتالية، وهي رسالة ينبغي أن يستوعبها العدو جيداً من خلال ردعه عن ارتكاب الحماقات والتمادي في العدوان على دول محور المقاومة، وهنا أكد بأن الكيان الصهيوني لا مستقبل له وأن زواله مسألة وقت ولم يعد طويلاً بل تراه المقاومة ويراه المقاومون قريباً.

 

بالتالي إن اغتيال قادة من “الحرس الثوري الايراني” في العمق السوري بالتزامن مع استمرار الحرب على غزة والمواجهات في جنوب لبنان ودقة ضربات الحوثي بالبحر الأحمر واستهدافها سفنا مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إليها، يشكل تصعيداً غير مسبوق، وينذر بمواجهة أكبر قد تمتد على صعيد المنطقة بأكملها، بين “محور المقاومة” وإسرائيل.

 

وهنا أؤكد بأن حادثة الاغتيال تعتبر أعنف استهداف في العمق السوري، ما يعني ان إسرائيل أسقطت ما كان يعرف بقواعد الاشتباك، ولم يعد لديها خطوط حمراء تجاه مواجهة إيران وسورية وحزب الله في المنطقة، وهذا ما ينذر باستهدافات أكبر وأشمل.

 

وإن هذه الجريمة لن تمر أبدا من دون رد وعقاب… وهذه الجريمة النكراء لن تزيد المقاومين في فلسطين ولبنان واليمن وسورية وإيران والعراق إلا إيمانا بقضيتهم العادلة والتزاما وتصميما أكيدا وثابتا على مواصلة طريق المقاومة والجهاد حتى النصر والتحرير

 

مجملاً… إن المنطقة اليوم تدخل في مرحلة جديدة سيكون عنوانها التغيير، وسيتمخض عن المعركة الدائرة مع العدو ولادة شعب عربي متحرر من خوف الأعداء، وسينتج عنها إستعادة المحور المقاوم لدوره، وتعزيز ثقافة المقاومة بين شعوب المنطقة، المستندة إلى برنامج وطني نضالي واحد هدفه تحرير الأراضي المحتلة.

 

وبإختصار شديد، هناك توقعات بإنفجار المنطقة برمتها التي أصبحت معرضه لمخاطر الحرب نتيجة المواقف المتعنتة للدول المتآمره على ايران والعراق وسورية ولبنان وفلسطين، فالحقيقة التي يجب أن ندركها إننا الآن أمام تحدي كبير يتطلب منا التغيير في الاستراتيجيات والأدوات والعودة إلى الكفاح والمقاومة بكل أشكالهما، وكسر حال الصمت لمواجهة إسرائيل الحاقدة على العرب.

التعليقات مغلقة.