الإسرائيليون يقرأون مستقبلهم….لا مكان لنا في فلسطين / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي ( سورية ) – السبت 04/11/2023 م …
تتسارع الأحداث في غزة وبشكل غير مسبوق، فهناك خطوات هامة تم إنجازها في الجانب العسكري والميداني وإجراءات كبيرة يسعى رجال المقاومة الفلسطينية لإستكمالها، والإستعدادات تجري على قدم وساق لحسم المعركة و تضييق الخناق على“إسرائيل” الإرهابية ، فبعد قرابة الشهر من الحرب على غزة راهن فيها الكثير على سقوطها، أو حتى محاولة إضعافها، لكن الميدان أثبت أن غزة خرجت أقوى مما كانت عليه، بل قامت بقلب الموازين وأسقطت حسابات إسرائيل والغرب في المنطقة بأكملها.
منذ اليوم الأول للعدوان الصهيوني على قطاع غزة أعلنت إسرائيل جملة أهداف له من أهمها: توجيه ضربة قاضية للمقاومة الفلسطينية، ووقف إطلاق الصواريخ، وضرب شبكة الأنفاق، واستعادة الهدوء لسكان الجنوب الإسرائيلي، إلا أنها وبعد مرور كل هذا الوقت على هذا العدوان فشلت من الإعلان عن تحقيق تلك الأهداف المعلنة، على الرغم من نجاحها بتحقيق هدف آخر تمثل بارتكاب مجازر بشرية بحق المدنيين الفلسطينيين.
من الواضح جاء الإخفاق الإسرائيلي في تحقيق تلك الأهداف نتيجة ثبات المقاومة الشرسة في غزة، التي كبحت جماح تقدم الجيش الإسرائيلي نحو القطاع، ومن هنا فإن المعنى الاستراتيجي لما حدث هو أن السيادة الإسرائيلية قد انتهكت، وأن الجيش لا يستطيع إسكات النار التي تُطلق على المستوطنات، مع عدم القدرة على إحراز حسم واضح في معارك التماس، وأن قوة إسرائيل الإقليمية لم تنجح بالتغلب بشكل حاسم على المقاومة الفلسطينية.
كما أن المقاومة الفلسطينية وضعت الآلة العسكرية الإسرائيلية في خانة العجز عن حماية أمن الدولة العبرية نتيجة هذه الحرب، والتي ستكون إسرائيل غير تلك التي نعرفها، وعلى الأرجح، سنكون أمام إسرائيل المصابة بـ”فوبيا” الحروب على الرغم من الدعم الإقليمي والدولي الذي تحظى به إسرائيل التي لا تقهر، والتي باتت عاجزة عن الفعل والمبادرة، وهي بانتظار الحلول السياسية للخروج من تورطها الميداني في غزة.
إذاً، غزة تنتصر وباقي المدن الفلسطينية تنتفض دعماً لها، وإسرائيل على مشارف هزيمة مذلة، و القبة الحديدية العسكرية لم تفعل فعلها، و الدولة العبرية لم تعد قادرة على توظيف قوتها بغير قتل المدنيين واستهداف المدارس والمستشفيات، بالتالي إخفاق الإسرائيليين في غزة، واضطرابهم أمام الحراك الشعبي في الضفة، يفتحان الأبواب أمام انتصارات فلسطينية مقبلة.
إن ما يجري في غزة هو البداية لزوال إسرائيل، لذلك فإن اجتياح المقاومة الفلسطينية يوم 7 أكتوبر غلاف غزة ومستوطناتها ومشاهد الهلع والفرار الجماعي للمستوطنين يشير إلى تآكل بنية وجود إسرائيل من خلال هروب الإسرائيليين الكثيف إلى الخارج .
في هذا السياق اعتمدت العقيدة الأمنية الإسرائيلية على معطى أساسي، وهو تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لشعب قليل العدد يواجه أغلبية مناهضة لوجوده، بالتالي تشير ظاهرة الهجرة العكسية المتزايدة إلى انعدام الاستقرار و الأمن، فبالنسبة للإسرائيليين لم تعد إسرائيل دولة آمنة ولا يتوفر فيها عنصر الاستقرار الأمن ومبررات البقاء والمستقبل الذي ينشدونه مع التآكل المتسارع لنظريتها الأمنية، واستنادا إلى ذلك لم يعد “المشروع الإسرائيلي” مغرياً وعنصر جذب لليهود للبقاء هناك.
بمعنى، لقد نجحت المقاومة في كشف عوامل الضعف في بنية إسرائيل، وبفعل صدمة 7 أكتوبر العسكرية وتفاقم المشاكل الداخلية ونزيف الهجرة العكسية تذهب إسرائيل إلى الفراغ، فلا استقرار ولا أمن ولا ازدهار يدعو للبقاء، وفي ذلك زيادة لعوامل الانهيار الداخلي لبنية وجودها الأساسية.
مجملاً… عملية “طوفان الأقصى” هي ضربة جديدة، ليس لإسرائيل التي تعيش نهاياتها العسكرية ، بل هي ضربة أخرى جديدة للدول الداعمة للإرهاب، ما يعني أن صمود المقاومة في غزة يشكل بوابة جديدة لعبور المستقبل الخالي من الكيان الصهيوني ، وهو استكمال النضال من أجل إستعادة كل شبر من الأراضي الفلسطينية كوننا نمتلك الإرادة والعزيمة وحب الإستشهاد في سبيل الوطن والدفاع عن الأرض والعرض والشرف والكرامة…
وأختم مقالي بالقول، لم تعد نهاية “دولة إسرائيل” ضرباً من الوهم أو التنبّؤ بالغيب، بل إنها تتحقّق في الميدان، بسواعد المقاومين الأشاوس للاحتلال، الساعين لتحقيق عدالة قضيتهم واسترجاع أرضهم. وبالتالي أرى أن المرحلة القادمة هي مرحلة تحرير ومرحلة الأمل مع العمل وإنجاز المشروع على أرض فلسطين في ظل التخبط الذي يعيشه الاحتلال وفي ظل المتغيرات المحيطة بالقضية الفلسطينية.
التعليقات مغلقة.