متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الرّابع والأربعون / الطاهر المعز
الطاهر المعز ( تونس ) – السبت 04/11/2023 م …
يتضمن هذا العدد الرّابع والأربعون من نشرة “متابعات” فقرة بعنوان “في جبهة الأعداء” وتتضمن مُقدّمة وتتفرع إلى عناوين وفقرات قصيرة وعناوين منها : كاتم الصوت + سلاح التجويع + شركة داعمة للإحتلال + تشيلي اليسار المائع الدّاعم للإحتلال + فرنسا، تجارة الأسلحة + صهاينة العرب، كما يتضمن هذا العدد فقرة عن مكانة إنتاج وتصدير الحبوب في اقتصاد روسيا وأخرى عن الخطوات التي قطعتها الصين في إطار مشروع نظام عالمي رأسمالي متعدّد الأقطاب، وفقرة عن ارتهان أوروبا للمعادن الرّوسية وارتفاع وارداتها منها رغم إعلان الإتحاد الأوروبي مقاطعة الإقتصاد الروسي ورغم الدّعم الضخم لأوكرانيا، وفقرة عن وضع الحُرّيّات الدّيمقراطية الأساسية في بريطانيا، وفقرة عن نتائج إضراب عُمّال السيارات في الولايات المتحدة، وفقرة تتضمّن التّذكير ببعض أزمات رأس المال التي سَدّد الكادحون والفُقراء ثمن تَجاوُزِها من قِبَلِ الرّأسمالية، وأخرى عن بعض التقارير الإقتصادية المتشائمة بنهاية شهر تشرين الأول/اكتوبر 2023.
في جبهة الأعداء
استورد الكيان الصّهيوني بين سنَتَيْ 2018 و 2022 أسلحة بقيمة 2,7 مليار دولار، وتشير التفاصيل إن 79% منها بقيمة 2,1 مليار دولارا من الولايات المتحدة، من الولايات المتحدة، و20% من ألمانيا، بقيمة 546 مليون دولار مُعلنة، وهي أرقام تقل عن الواقع بكثير لأن ألمانيا تبيع الكيان الصهيوني أسلحة دقيقة كثيرة، وغواصات قادرة على حمل رؤوس نووية بقيمة نحو 65% من قيمتها في السوق العالمية للسّلاح، كما يتلقّى كيان الإحتلال مساعدات اقتصادية وعسكرية أمريكية ضخمة بلغت قيمتها 246 مليار دولارا بين 1953 و 2021، وتعهّدت الولايات المتحدة بمنح دولة الإحتلال 3,8 مليار دولارا سنويا لفترة عشر سنوات من سنة 2019 إلى 2028، ولا تُدْرج الولايات المتحدة أو ألمانيا – التي دفعت للكيان الصهيوني مبالغ تُغَطِّي قيمتها ما أنفقه على جميع الحروب العدوانية التي شَنَّها ضدّ البلدان والشّعوب العربية – مثل هذه المبالغ ضمن مبيعات الأسلحة، طيلة العقود السبع الماضية.
كاتم الصّوت
عندما يتم اعتقال صحافي واحد في إيران أو فنزويلا أو الجزائر، تُثير نقابات الصحافيين ووسائل الإعلام زوبعة، دفاعًا عن زملائهم، وذلك أمرٌ طبيعي، لكن أصوات الصحافيين ونقاباتهم ووسائل الإعلام تخفت أو تغيب تمامًا عندما يقتل الكيان الصهيوني 34 صحافيا يحمل شارة ظاهرة في غزّة بين السابع والثامن والعشرين من تشرين الأول/اكتوبر 2023، فضلا عن إصابة العشرات وقصف خمسين مؤسسة إعلامية، مُتحدّيا قرار مجلس الأمن (2222)، الذي ينصّ على حماية الصحافيين أثناء النزاعات المسلحة واتفاقية جنيف بشأن حماية المدنيين، إذْ يستهدف الكيان الصهيوني الشعب الفلسطيني الذي لا يمتلك جيْشًا أو سلاحا ثقيلا، فضلا عن وجوده على أرضه وفي وطنه الذي احتلّه الإستعمار الإستيطاني الصهيوني…
سلاح التّجويع
حَظَرَ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2417 بالإجماع في عام 2018 استخدام التجويع كأداة للحرب ضد المدنيين، ونَصَّ القرار “إن أي منع لوصول المساعدات الإنسانية هو أمر غير مقبول، وانتهاك للقانون الدولي”، غير إن نفس الدّول الكبرى التي أقَرّت هذا الحَظْر تدعم سياسة الحصار والتجويع التي ينتهجها الكيان الصهيوني، وأعلتت منظمة “أوكسفام” إن العدو الصهيوني يستخدم سياسة التجويع كسلاح حرب ضد المدنيين في غزة، ويمْنَعُ دخول الغذاء والمياه والوقود وغيرها من الضروريات الأساسية، كما أظْهَرت بيانات الأمم المتحدة أنه تم إدخال 2% فقط من الإحتياجات الغذائية ( في شكل مساعدات) إلى قطاع غزة بين السابع والسادس والعشرين من تشرين الأول/اكتوبر 2023، وأدّى القصف الهَمَجِي والتّخريب إلى انقطاع الأدوية والغذاء ومياه الشرب حيث لا تتوفر سوى ثلاثة لترات من مياه الشرب المتاحة يوميا للشخص الواحد، في حين تؤكد الأمم المتحدة أن الحد الأدنى للإستهلاك الفردي لا يقل عن 15 لترا يوميا، وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لغَوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن تَوفُّر المساعدات الغذائية المسموح بدخولها، مثل الأرز والعدس، يصبح عديم الفائدة لأن الناس بسبب غياب مياه الشرب والوقود لإعدادها، خصوصًا بعد تدمير المحاصيل الزراعية وقَصف الحيوانات ومعظم المخابز والمتاجر وتدمير مراكب الصيد البحري، فضلا عن نقص الدقيق وانقطاع التيار الكهربائي الذي أدى إلى تعطيل المُبَرِّدات والثّلاجات والمُعدّات الطّبّيّة…
شركة داعمة للإحتلال
تعمّدت شركة ماكدونالدز للأغذية الرديئة وغير الصّحّيّة التَّفَاخُرَ والإعتداد بدعم العدوان الصهيوني بشكل استفزازي من خلال إعلانها تقديم عدّة آلاف من الوجبات المجانية لجنود جيش العدو و”للشرطة والمستشفيات وقوات الإنقاذ” وكذلك لسكان المُسْتعمرات الإستيطانية، وفق مواقع الشركة بشبكات التواصل “الإجتماعي”، ما أدّى إلى تزايد الدعوات لمقاطعة هذه الشركة العابرة للقارات، ذات المَنْشَإ الأمريكي، بسبب “المساعدة والتحريض والترويج لمذبحة الآلاف من الأشخاص” في فلسطين، وأفادت الإعلانات الإشهارية للشركة إنها وزّعت – خلال عشرين يوما – أكثر من 100 ألف وجبة مجانية، بقيمة إجمالية تجاوزت حوالي 1,5 مليون دولارا، وأصرّ فَرْع الشركة في فلسطين المحتلّة على استمرار الدّعم رغم النّقد والإستنكار الذي واجهته هذه الشركة التي ترفض، منذ 2016، زيادة رواتب موظفيها من 7,25 إلى 15 دولارا مقابل ساعة عمل، وأعلنت بعض المصادر إن شركة مستقلة تحمل ترخيصًا لعلامة “ماكدونالدز” اتخذت قرار دعم جيش وشرطة الإحتلال ومستوطنيه بشكل مستقل لا يُلْزِمُ الشّركة الأم غير إن وكالة رويترز أوضحت إنها حاولت الاتصال بالشركة الأم للفرع المحلي بفلسطين المحتلة، لكنها لم تحصل على رد، وأشارت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إنها ليست المرة الأولى التي تثير فيها شركة ماكدونالدز التوترات، وإن هذه الحادثة تُذَكِّرُنا بدعم ماكدونالدز لاحتلال وتدمير العراق من قِبَل الجيش الأمريكي وحلفائه ودعم الكيان الصهيوني خلال الإنتفاضات المعروفة، وسبق أن هاجم المُشاركون في مظاهرات 2011 بمصر في الهجوم الذي تعرضت له مطاعم الوجبات السريعة المحيطة بميدان التحرير، وإفراغها وتحويلها إلى مراكز إسعافات أولية للمتظاهرين…
تشيلي اليسار المائع الدّاعم للإحتلال
تعَهَّدَ غابرييل بوريتش خلال الحملة الإنتخابية سنة 2021 – قبل أن يُصبح رئيسًا لدولة تشيلي – بفرض عقوبات على استيراد السلع والخدمات من الأراضي المحتلة” ( أي من مُستوطنات الضّفّة الغربية فحسب) كما تعهد بتبني “موقف أكثر وضوحًا يدين انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي، ومنها مصادرة الأراضي والممتلكات والطرد القسري للسكان، وانتهاك “القانون الإنساني” في فلسطين، غير إن تصريحاته وتصرفاته تُناقِضُ هذه الوعود، لمّا أصبَحَ رئيسًا، إذْ كتب بوريتش على تويتر: “ندين الهجمات الوحشية وعمليات القتل والاختطاف التي ترتكبها حماس دون أي موجب أو تبرير…” وَفي تصريح لا حق سَاوَى بين عدوان الجيش الصهيوني وعمليات المقاومة، أي بين المُحتَلّ والواقع تحت الإحتلال، وأدانت نائبته “بشكل قاطع ودون أي غُمُوض، عمليات القتل والاغتصاب والاختطاف التي تنفذها حركة حماس بحق مدنيين إسرائيليين”، بحسب زَعْمِها، وهي “عمليات” لم تحْصُل أبدًا سوى في تصريحات الصهاينة وداعميهم.
وجب التّذكير إن حوالي نصف مليون مواطن تشيلي ينحدرون من عائلات فلسطينية مُهاجرة، وحاول غابريال بوريتش استمالتهم خلال حملة الإنتخابات الرئاسية استمالتهم من خلال تَعَهُّدِهِ بدعم تشريعات المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات (BDS)، غير إنه قَلَبَ ظَهْرَ المِجَنّ عندما أصبح رئيسًا، سنة 2022، والتقى موقفه (وأفعاله) مع قوى اليمين التي كانت تدعم الجنرال أوغوستو بينوشيه والتي تُندّد بالمُقاومة الفلسطينية وبفنزويلا وكوبا، وأعرب الرئيس “غابريال بوريتش” عن قَلَقِهِ “بشأن الهجمات ضد المدنيين من قِبَل حماس وإسرائيل”، مُساوِيًا بذلك بين الجيش الصّهيوني والفلسطينيين الذين يقصفهم هذا الجيش ودفنوا تحت الأنقاض.
فرنسا – تجارة الأسلحة
تفاقمت الأزمات الإقتصادية والإجتماعية في فرنسا، غير إن الصناعات الحربية بقيت مُزْدَهِرَة، إذْ تمثل حِصّة فرنسا 8% من إجمالي الصادرات العالمية للصواريخ والطائرات المقاتلة والسفن الحربية، وحققت تجارة أرباحًا قياسيةً، وتتبادل شركات صناعة الأسلحة الفرنسية الخبرات مع نَظِيرتها من الشركات الصهيونية التي يستخدم الجيش الصهيوني أسلحتها “وقتل خلال أُسبوعَيْن ما لا يقل عن 6000 مدني (وجميع الفلسطينيين مدنيون) في قطاع غزة من 8 إلى 22 تشرين الأول/اكتوبر 2023، من بينهم 2000 طفل، من خلال القصف المكثف، وإلقاء آلاف الأطنان من المتفجرات على المباني والمدارس ومرافق الرعاية الصحية والملاجئ وغيرها من المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، وكانت بعض القنابل فرنسية الصُّنع، إذ باعت فرنسا للكيان الصهيوني خلال السنوات العشر الماضية أسلحةً فاقت قيمتها المُعْلَنَة 311 مليون يورو، مُعْلَنَة في مَوْقع وزارة الحرب الفرنسية، لتصبح فرنسا وألمانيا من أكبر الدّول الأوروبية المُصَدِّرَة للأسلحة (الصواريخ والمركبات المدرعة والطائرات بدون طيار والمعدات المتطَوِّرة ) إلى الكيان الصهيوني، منذ 1953، فضلاً عن “تبادل الخبرات في قمع المظاهرات”، حيث تُساعد الشرطة الصهيونية نظيرتها الفرنسية في قمع أبناء العرب والإفريقيين في الأحياء الشعبية وضواحي المُدُن الفرنسية، منذ سنة 2005، وبالإضافة إلى الأسلحة والمُعدّات الحربية، ارتفعت قيمة صادرات السّلع الفرنسية إلى الكيان الصهيوني، بنسبة 53% خلال ثلاث سنوات، من 1,386 مليار يورو سنة 2020 إلى 2,131 مليار يورو سنة 2022 ما يجعل من الحكومات الفرنسية المتعاقبة شريكة في جرائم الإحتلال الصهيوني لفلسطين.
صهاينة العرب
بعد ثلاث سنوات من تطبيع دول المغرب والإمارات والبحرين علاقاتها مع الكيان الصهيوني، بلغت الصادرات الصّهيونية من الأسلحة ووسائل الأمن والتّجسّس، سنة 2022، مُستوى قياسيا، يُعادل 12,5 مليار دولارا، وتُشكل الطائرات بدون طيار بنسبة 25% من قيمة هذه المبيعات، تليها الصواريخ والقذائف وأنظمة الدفاع الجوي بنسبة 19%، وصادرات أنظمة الرادار والأسلحة الإلكترونية 13% من القيمة الإجمالية لمبيعات الأسلحة، وشكّلت حصّة الدول العربية المطبّعة نحو 3 مليارات دولار أو حوالي 24% من الصادرات العسكرية الصهيونية، سنة 2022، وعمومًا ارتفعت قيمة الصادرات العسكرية الصهيونية إلى الدول المطبّعة بنسبة 16,5% بين سنتي 2021 و 2021، وهي أسلحة مُوجّهَة لمواجهة الشّعوب العربية (اليمن أو سوريا ) أو لقمع الإحتجاجات في البحرَيْن أو المغرب أو غيرهما، لتصبح الدول العربية الموقّعة لاتفاقيات أبراهام ثالث أكبر تجمّع للدول استيراداً لأسلحة العدو بعد دول آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا ما يجعل من أنظمة الدول العربية المطبّعة مموّلًا رئيسيًّا لمجمع الصناعات العسكرية للعدو وللمجازر الصّهيونية ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، وفق بيانات وزارة الحرب الصهيونية ومعهد ستوكهولم الدّولي لأبحاث السّلام.
روسيا – غذاء
ارتفع إنتاج روسيا من القمح سنة 2020، بنسبة 15% مقارنة بسنة 2019، وبلغَ 85 مليون طنا متريا وصدرت روسيا نحو 45 مليون طن من القمح خلال الموسم الزراعي 2022/2023 لتحتفظ بمكانتها المهيمنة في سوق القمح العالمية، ولِتَظَلَّ المُصَدّر العالمي الرئيسي في العالم، ويتوقع ارتفاع إنتاج الموسم الزراعي 2023/2024 إلى 140 مليون طن، منها 90 مليون طن من القمح، وتصدير نحو 60 مليون طن من القمح، وبذلك تتمكّن روسيا من تعزيز مكانتها الإقتصادية رغم الحصار والعقوبات، ومن المحافظة على الروابط المتينة مع أكبر المُستَوْرِدين مثل مصر والجزائر…
الصين، من أجل نظام رأسمالي “مُتعَدّد الأقطاب”
أظهرت البيانات المنشورة ارتفاع حجم المبادلات التجارية بين روسيا والصّين ما يجعل هدف بلوغها التبادل التجاري بينهما 200 مليار دولارا قابلاً للإنجاز قبل موعده الذي كان مُقررا لسنة 2024، ويَهْدِفُ النّظامَان الحاكمَان في البَلَدَيْن “تشكيل نظام عالمي جديد”، وفقا للتحاولات الحاصلة في المشهد الجيوسياسي العالمي، الذي دَفَعَ روسيا والصّين إلى تعزيز التعاون بينهما في مواجهة “الضغوط والاستفزازات الغربية”، وفق تعبير الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”. أما الصين فإنها تحاول تسريع إنجاز مشروع الحزام والطريق (طريق الحرير الجديدة) وعقد منتدى ضخم كل سنتَيْن مع شُركائها لتُنْجزَ المبادرة الصينية مشاريع ومَمَرّات جديدة تتقاطع وتتكامل مع مشاريع أخرى مثل رغبة إيران فك عزلتها، فقد أعلنت الصين استثمار نحو 400 مليار دولارا في اقتصاد إيران مقابل إمدادات النفط الرّخيص على مدى ربع قرن، ومثل “ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب” (INTSC) الذي يهدف توسيع التبادل التجاري بين روسيا وإيران والهند، وبذلك تتمكّن إيران من فَكّ عزلتها التي تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها منذ أكثر من أربعة عُقُود، ومثل منظمة شنغهاي للتعاون والاتحاد الاقتصادي لأوراسيا، الذي يضم روسيا وأرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان، وهي المشاريع التي مكّنت الصّين من إيجاد بدائل لأسواق أوروبا، وفق تحليل نشره مصرف “كريدي سويس” الذي أشار إلى استفادة اقتصاد الصّين من تطوير العلاقات مع دُوَيْلات الخليج العربي لتوريد كميات كبيرة من النفط والغاز، وتعزيز سوق شنغهاي للنفط والغاز الطبيعي، الهادق استخدام العُمْلَة الصّينية “يُوان” في تجارة النفط والغاز، ضمن مَشْرُوع أَشْمَلَ بعنوان “مبادرة الحزام والطريق” وكذلك “النظام العالمي متعدد الأقطاب” الذي تتبنّاه مجموعة “بريكس”…
استخدمت الصين قُوّتها المالية لتكثيف وتنويع المشاريع الإقتصادية، وخصوصًا في مجال البُنْيَة التّحتية في آسيا، مثل تمويل خط السكك الحديدية فائق السرعة بين جاكرتا وباندونغ ( أندونيسيا) ومشروع خط سكة حديد الساحل الشرقي في ماليزيا وثلاثة مشاريع للسكك الحديدية في الفلبين وهي من مشاريع مبادرة الحزام والطريق التي تستفيد منها الصين ودول آسيا الجنوبية، ومنها الدّول ذات الكثافة السكانية والأسواق الكبيرة، لتَتَمَكَّنَ الصّين من تعويض الخسائر التي قَدْ يتكبّدها اقتصادها جراء الحصار “الغربي”، وتحاول الصّين فَرْضَ نسخة مُحْدَثَة ومُنَقَّحَة من العَوْلَمَة مع شُركائها من دول مجموعة بريكس وأمثالها…
أوروبا – ارتهان للمعادن الروسية
فَرَضَت الولايات المتحدة على حُلفائها وشُركائها في حلف شمال الأطلسي مُقاطعة روسيا، منذ بداية حرب أوكرانيا، ما جعل الدّول والشركات الأوروبية تشتري الغاز الصخري الأمريكي مرتفع الثمن ومنخفض الجودة، بدل الغاز الروسي عالي الجودة ومنخفض الثمن، وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على عدة شركات روسية منذ سنة 2014، بعد ضم شبه جزيرة القرم، لكن، ورغم التّصريحات العِدائية لبعض القادة الأوروبيين من فرنسا وألمانيا وإسبانيا وغيرها، “سَمَحَت” المُفوّضية الأوروبية – وهي هيئة غير مُنْتَخَبَة تُمثّل الحكومات ولا تُمثّل الشعوب- لشركات أوروبية ضخمة، مثل “آيرباص” أو “سَفْران” وغيرهما بشراء معادن “نادرة” من روسيا بقيمة لا تقل عن 13,7 مليار يورو، خلال الأشهر التِّسْعة الأولى من سنة 2023، وهي معادن ضرورية لصناعة الطائرات، كما قرر وزراء الدول السبع والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالإجماع فرض عقوبات على الأفراد أو الشركات الروسية المنتجة للنفط الخام والصلب والأسمنت والأخشاب وغيرها من المنتجات، لكن الشركات الأوروبية تواصل استيراد أكثر من ثلاثين نوعا من “المواد الخام الحرجة” ومنها التيتانيوم والنيكل والألمنيوم، وهي مواد تُسْتَخْدَمُ لتشغيل الصناعات المتطورة مثل الطيران أو توليد “الطاقة المُتجدّدة”، وهي “مواد خام مهمة”، مثل التيتانيوم، استوردت منها شركة إيرباص بين 24 شباط/فبراير 2022 و14 آذار/مارس 2023، بقيمة لا تقل عن 22,8 مليون دولار لشراء التيتانيوم من الشركة الروسية ( Vsmpo-Avisma) وهي المنتج الرئيسي العالمي وتمتلك شركة الأسلحة الوطنية الروسية Rostec نسبة 25% من رأسمالها وتصنع شركة “روستك” الصواريخ والأسلحة الدقيقة والمعدات المتطورة للقوات الجوية الروسية، وتمتلك شركات روسية أخرى 65%.
تجدر الإشارة إن التيتانيوم الروسي غير مُسجَّل ضمن قائمة المنتجات الخاضعة “للعقوبات” الأوروبية، ما يفسر زيادة إنتاج شركة «روستك» الروسية بمقدار عشرة أضعاف، بين آذار/مارس 2022 وأيار/مايو 2023، رغم «العقوبات» الأميركية والأوروبية، على اعتبار أن هذه الشركة تساهم في تعزيز القدرات الأمنية والعسكرية والتكنولوجية وتوير قطاع الدفاع والأمن في روسيا، وفقًا لوثائق أوروبية رسمية، وكان الإتحاد الأوروبي يُشكّل السوق الرئيسية لصادرات التيتانيوم الروسية، سنة 2021، بنسبة 47,7% من حصة الصادرات الروسية و28% من صادرات الألومنيوم الروسية، وفقًا للأرقام الصادرة عن كلية كييف للاقتصاد (KSE) وتستند مجمل هذه الأرقام إلى البيانات التي نشرها مكتب الإحصاء للاتحاد الأوروبي – يوروستات
بريطانيا- حريات
سرق “لُصُوصٌ” مجهولو الهوية، مَرّتَيْن في مكانَيْن مختلِفَيْن، بنهاية سنة 2022 بألمانيا، أجهزة الحاسوب الخاصة بالمُدَوّن والدّبلوماسي البريطاني السابق “كريغ موراي”، الذي اضطر في كل مرة إلى شراء جهاز كمبيوتر جديد، لأن اللّصُوص يسرقون الحاسوب ويتركون المبالغ المالية الموجودة بنفس الحقيبة، وبعد حوالي عشرة أشهر اعتقلت شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية، يوم 16 تشرين الأول/اكتوبر 2023، نفس المدون والدبلوماسي البريطاني السابق ( كريغ موراي ) في مطار غلاسكو لدى عودته من “راكيافيك” عاصمة أيسلندا، حيث شارك في تظاهرة تضامن مع الشعب الفلسطيني ومع جوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس، وصادرت الشرطة هاتفه وجهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به، قبل احتجازه واستجوابه من قِبَل ضباط شرطة مكافحة الإرهاب، حول آرائه السياسية، ومحتوى مدونته الشخصية التي اعتبرتها الشرطة (ذراع الحكومة البريطانية) “داعمة للإرهاب”، وفق قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2000، و قانون الحدود ومكافحة الإرهاب لعام 2019 الذي يمنح الشرطة صلاحيات واسعة للتحقيق في الشؤون الشخصية والمهنية للمعارضين، وأضيف قانون الأمن القومي (تموز/يوليو 2023) إلى هذه الترسانة، وتم اعتقال كريغ موراي لمجرد التعبير عن التضامن مع شعب فلسطين الواقع تحت الإحتلال الصهيوني، وبعد الإستجواب الطويل، أطلقت الشرطة سراح المدون والدبلوماسي البريطاني السابق كريغ موراي، لكنها احتفظت بهاتفه وجهاز الحاسوب الخاص به.
اعتقلت شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية ( بموجب تشريعات “مكافحة الإرهاب”)، خلال شهر نيسان/ابريل 2023، المحرر والمناضل السياسي الفرنسي إرنست موريه، الذي ساهم بنشاط في احتجاجات باريس ضد الإصلاحات النيوليبرالية التي فَرَضَتها حكومة الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، واحتجزته الشرطة البريطانية لمدة أربع وعشرين ساعة لرفضه تقديم كلمات مرور لأجهزته الإلكترونية، وفي تموز/يوليو 2023، أصدر المركز البريطاني لمكافحة الإرهاب تقريرًا يُشير إلى وجود قائمة إسْمِية لأشخاص يتوجب منعهم من السّفر واعتقالهم عند عودتهم إن تمكنوا من مغادرة بريطانيا، وأثر التقرير ضجة ووصفت العديد من التقارير قواعد بيانات “الإرهابيين” التابعة لأجهزة الاستخبارات الدولية، ومنها البريطانية ب”غير القانونية” لأن الشرطة اعتادت على الحدّ من الحق في حرية التعبير والاحتجاج وعلى تنفيذ الإعتقالات لأسباب سياسية، باسم مكافحة الإرهاب في دولة تدّعي تطبيق الديمقراطية وتدّعي احترام حقوق الإنسان وحُرّيّة التّعبير، وتباهى أحد ضباط الشرطة الذين اعتقلوا الصحافي والمدون الفرنسي “إرنست موريه”، بأن الإستخبارات والشرطة البريطانية هي “السّلطات الوحيدة التي تستطيع تنزيل المعلومات من الأجهزة الخاصّة بالأفراد والاحتفاظ بها إلى الأبد”
أمريكا – إضراب عُمّال السيارات
أدّت الإنتخابات النقابية باتحاد عمال السيارات الأمريكية ( UAW ) – آذار/مارس 2023- إلى فَوْز مجموعة جديدة من المناضلين العماليين النشطين الذين تمكّنوا من تهيئة المناخ المُواتي لمواجهة الشركات الكُبرى، عبر الإضراب الذي بدأ يوم 15 أيلول/سبتمبر 2023، بعد فشل المفاوضات مع الشركات الكبرى لصناعة السيارات بشأن عقد العمل الجماعي الذي انتهت صلاحيته منتصف أيلول/سبتمبر 2023، وتمحور الصراع حول تجديد العقد (لفترة أربع سنوات) وزيادة الرواتب وتحسين ظروف العمل والتّأمين الصحي والإجتماعي وجرايات التّقاعد وما إلى ذلك.
أطلق اتحاد عُمّال السّيّارات (UAW ) بمصانع الشركات الأمريكية الثّلاث الكُبرى جنرال موتورز وفورد وستِلانتس بعد اتفاق مبدئي لحُصُول العُمّال على زيادة الرواتب وتحسين ظروف العُمّال والموظفين المؤقتين وتسوية وضعهم الوظيفي، والتخفيف من حدّة الفوارق في الأجور بين المُديرين التنفيذيين وبقية عُمّال وموظّفي شركات صناعة السّيارات، خصوصًا في ظل ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم وانخفاض القيمة الحقيقية للرواتب، خلافًا لرواتب المُديرين التنفيذيين التي ارتفعت كثيرًا، وتميّز هذا الإضراب الأخير بأنه لم يكن يَهْدِفُ مجرد زيادة هامّة في الأجور، بل شمل التّفاوض بشأن التحول الذي طَرَأَ على صناعة السيارات منذ انتشار إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية إذ استغلت الشركاتُ المئاتِ من العُمّالِ المُختَصِّين الشّبّان لتشغيلهم ساعات إضافية برواتب أقل من العمال القُدامى، ما اعتبره الإتحاد النقابي لعُمّال السيارات بمثابة حكم بالإعدام النقابي، في حين استفادت شركات السيارات من مُساعدات الدّولة والحُصُول على مليارات الدّولارات من المال العام في شكل ضمانات قروض ومنح لتعزيز “التحول الأخضر”.
توقّفَ الإضراب في مصانع الشركات الكُبرى الثّلاث، يوم 30 تشرين الأول/اكتوبر 2023، بعد التوصل إلى اتفاقيات مبدئية بشأن عقود العمل الجماعية، إثر الإضراب الذي بدأ يوم الخامس عشر أيلول/سبتمبر 2023، واستمر لفترة 45 يومًا في مصانع شركات السيارات الثلاث الكُبْرى: فورد وجنرال موتورز وستلاّنتس، وينُصُّ الإتفاق المبدئي على زيادات لتدارك ارتفاع تكلفة المعيشة ليَصِل أجر ساعة العمل إلى أربعين دولارا بحلول نهاية العقد الحالي، وزيادة عامة في الرّواتب بنسبة 25% على مدى السنوات الأربع والنصف المقبلة.
أجْبَر الإضراب – الذي قاده اتحادُ عمالِ السياراتِ – الشركات الثلاث الكبرى على تضمين عقد العمل الجماعي ( الإتفاقية المُشتركة) إدراج تأهيل العُمّال وتدريبهم ليتمكّنوا من إنتاج البطاريات الخاصة بالسيارات الكهربائية وإعادة فتح مصانع تم إغلاقها وتسريح عُمّالها، مثل مصانع شركة ستلنتيس في مدينة إلينوي…
عَيِّنات من أزمات رأس المال
انهار مُؤَشّر ” داو جونز” يوم 29 أيلول/سبتمبر 1929، وأقَرّت السّلطات الإتحادية خطة الإنقاذ الطارئة التي سمحت بضخ مليارات الدّولارات في النظام المالي الأمريكي، وأعادت أزمة 2008 إلى الأذهان هذه الأزمة التاريخية، حيث فقد ملايين المواطنين وظائفهم وارتفع معدل البطالة إلى ذروته عند 10% في تشرين الأول/أكتوبر 2009، نتيجة للأزمة، وأقرت السلطات خطة لإنقاذ الإقتصاد بقيمة فاقت 700 مليار دولارا، ثم أقرت قانون دود-فرانك سنة 2010، وتَضَمَّنَ العديد من الإصلاحات لتنظيم القطاع المالي وشكّلت هاتان الأزمتان ذورة أزمات الرأسمالية خلال ثمانين سنة، تخلّلتها أزمات أخرى عديدة، منها:
أزمة 1987 التي احتدّت يوم الإثنين 19 تشرين الأول/أكتوبر 1987 واعتبر محلّلو الأقتصاد هذا اليوم أحد أكثر الأيام اضطرابًا في التاريخ المالي العالمي، لأنها حلّت “على نحو غير مُتَوَقَّع”، بعد فترة ازدهار (لرأس المال وليس للكادحين) وكان ذلك اليوم بمثابة العاصفة التي اجتاحت ودَمَّرت الأسواق العالمية، وأهمها “وول ستريت” (نيويورك) التي خسرت 22,6% من قيمتها في جلسة تداول واحدة، وأطلق المُحلّلون على ذلك اليوم اسم “الاثنين الأسود”، وتعود أسباب انهيار سوق الأوراق المالية سنة1987 إلى عدة عوامل رئيسية ومنها ارتفاع حجم الدين العالمي الذي تضاعف خلال عقد واحد وأنتج تدفقًا كبيرًا للسيولة، كما تضاعف مؤشر داو جونز ثلاث مرات في غضون عقد من الزمن، ومن بين أسباب الإنهيار كذلك التقلبات المُفاجئة والهامة في سعر الدولار في منتصف الثمانينات، بعد توقيع اتفاقيات جامايكا التي عزّزت نظام تَعْويم سعر الصرف، وأضيف إلى هذه الأسباب توسيع استخدام آلِيّة “تأمين المحفظة” للحد من المخاطر، غير إن هذه الآلية أدّت إلى التّدمير الذّاتي للمنظومة المالية، إِثْرَ انتشار الأنظمة الآلية لبيع وشراء الأسهم، وما إلى ذلك من التّأويلات التّقنية، لتفسير انهيار سوق المال الأمريكية ثم الأسواق العالمية، حيث سجلت سوق هونغ كونغ (التي كانت مُسْتَعْمَرَةً بريطانية) انخفاضًا بنسبة 45,8%، وسوق أستراليا انخفاضا بنسبة 41,8%، وسوق لندن بنسبة 26,4%، وكندا بنسبة 22,5%…
اتخذ مصرف الإحتياطي الإتحادي الأمريكي قرارات استباقية لإنقاذ السوق المالية والشركات، من خلال توفير مبالغ ضخمة على ذمة المصارف منذ يوم 20 تشرين الأول/أكتوبر 1987، وتمكّن بذلك من تجنب أزمة رأسمالية كبرى، وكرّر ذلك خلال أزمة الثالث والعشرين من أيلول/سبتمبر 1998، وبعد الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001، وأدّى ضخ السيولة إلى احتواء أزمة سوق الأوراق المالية إلى تَجَنُّبِ أزمة اقتصادية طويلة الأمد، مثل أزمة 1929، غير إنه أدّى إلى ظهور فقاعات ائتمانية جديدة استفادت من انخفاض سعر الفائدة التي كانت تُقارب الصّفر خلال أزمات 1987 و 2008
أزمة 2008: استفاد قطاع العقارات من سهولة الحصول على القروض بأسعار فائدة منخفضة، غير إن هذه القروض كانت عالية المخاطر، حيث شجّعت المصارفُ الأُسَرَ الأمريكيّةَ مُتوسّطة الدّخل، على شراء مساكن ثم عجزت هذه الأُسَرُ، بعد بضعة سنوات، على تسديد حِصَص القروض وفوائدها، فانطلقت الأزمة بإعلان أحد أكبر المصارف الاستثمارية الأمريكية (مصرف ليمان براذرز ) إفلاسه ( بفعل الإفراط في تقديم مثل هذه القُروض عالية المخاطر) يوم الخامس عشر من أيلول/سبتمبر 2008 وتم تسجيل تاريخ الأزمة بانفجار”فُقّاعَة” الإسكان المعروفة باسم قروض الرهن العقاري، يوم 29 أيلول/سبتمبر 2008 بانهيار مؤشر داو جونز (سوق أسْهُم الصناعة بنيويورك) قبل أن تمتدّ إلى مختلف أنحاء العالم، حيث تجاوزت الأزمة المؤسسات المالية وانهيار قيمة الأصول المرتبطة بالرهن العقاري، لتُصْبِحَ أزمة اقتصادية شاملة.
تدخّلت الحكومة الإتحادية الأمريكية – التي تدعو إلى تَرْك السُّوق تُعَدّل نفسها بدون تدخُّل حكومي – عند الأزمات الحادّة، وسمحت لنفسها بضخ المال العام، المتَأَتِّي من ضرائب المُقِيمين بالبلاد، في خزائن المصارف والشّركات الكُبْرى، وفاقت هذه المبالغ تريليون دولارا، منها 700 مليار دولارا لإنقاذ المصارف المُتَعَثِّرَة، خلال أزمة 2008، بذريعة العمل على ” تحقيق الإستقرار الإقتصادي”، غير إن الأزمة خَلَّفَتْ مرحلةً من الرّكود الذي أصاب الإقتصاد العالمي وفقد ملايين العاملين منازلهم بالولايات المتحدة، فضلا عن التّسريح الجماعي بالعديد من مناطق العالم، ولم تَنْجو سوى الدّول الأقل ارتباطًا بالرأسمالية العالمية، مثل كوبا (وهي مُحاصرة منذ عُقُود) وأمثالها، وبذلك تَجَلَّتْ المظاهر السّلْبِيّة للعولمة الرأسمالية المُفْرِطَة، غير إن الأزمة كانت فُرصةً لإعادة هيْكَلَة الرأسمالية، كما حَصَلَ إثْرَ الأزمات الأخرى، ويبقى العُمّال والأُجَراء والكادحون والفُقراء يُسدّدون الثّمن المُرْتَفِع لأزمات رأس المال، الدّوْرِيّة والطّارئة، إلى أن يتمكّنوا من وضع حدّ لسطوة ولهَيْمَنَة الرّأسمالية…
تقارير اقتصادية متشائمة
أظهر مؤشر الأسعار العالمية لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) بنهاية شهر أيلول/سبتمبر 2023 استقرار أسعار السلع الغذائية، فقد انخفضت أسعار الزيوت النباتية ومنتجات الألبان واللحوم ( في الأسواق العالمية الكُبْرى وليس في متاجر التّجْزِئة ) فيما ارتفعت أسعار السكر والحبوب والذرة بشكل خاص، وتتوقّع المنظمة ارتفاع إنتاج القمح في روسيا، للموسم الثالث على التّوالي، وفي انتظار صدور مؤشر منظمة “فاو” لأسعار شهر تشرين الأول/اكتوبر، تُفيد بيانات البنك العالمي بنهاية شهر تشرين الأول/اكتوبر 2023 ( التقرير الشهري عن الأمن الغذائي) ارتفاع أسعار المواد الغذائية بوتيرة أسرع من التضخّم في حوالى 80% من دول العالم، وخصوصًا في البلدان الفقيرة حيث ارتفعت أسعار الغذاء بنسبة تصل إلى 10% في أسواق البيع بالجملة (أي إنها تزيد عن 20% في متاجر البيع بالتجزئة)، وتتجاوز نسبة الإرتفاع على أساس سنوي 30% في بلدان مثل باكستان وإيران ومصر ونيجيريا والأرجنتين وغيرها، ما يزيد من حِدّة الفَقْر. أما في الدّول الرأسمالية المتقدّمة فقد ارتفعت أسعار المنتجات الغذائية في دول الإتحاد الأوروبي بنسب وصلت إلى 39% على أساس سنوي، وفي إفريقيا قدّر البنك العالمي عدد من يُواجهون انعدام الأمن الغذائي في القرن الإفريقي (الحبشة والسودان والصومال وجنوب السودان) بنحو 62 مليون شخصًا…
كما حَذّر البنك العالمي من النتائج السّلبية للعدوان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني على الإقتصاد العالمي، حيث يتوقع خُبراء البنك العالمي أن يؤدّي التصعيد إلى “حدوث اضطراب كبير في أسواق السلع الأساسية، وفي مقدمتها برميل النفط الخام الذي قد يرتفع سعره بنسبة 75% إلى 157 دولارًا، في حال انخفاض أو انقطاع الإمدادات بفعل ما يُسميه تقرير البنك العالمي “التوترات الاستراتيجية المتزايدة التي قد ستتسبب في تقلبات أسعار النفط والغاز الطبيعي والفحم”، ويتخوف خبراء البنك العالمي من “انهيار أسواق السلع الأساسية وزيادة تكاليف المعيشة” التي قد تؤدّي إلى ارتفاع عدد الإضرابات والنّضالات العُمّالية وما قد يُسبّبُهُ “عدم الإستقرار الجيوسياسي العالمي من عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي”، وفق تقرير البنك العالمي، وتقارير بعض المصارف الكبرى…
كانت أسعار النّفط مُتقلّبة طيلة الأسبوع الأخير من تشرين الأول/اكتوبر 2023، خوفًا من احتمال انقطاع إمدادات النفط العالمية نتيجة العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، وأدّى هذا العدوان إلى اتجاه الشركات النفطية الكبرى نحو زيادة الإستثمارات في مناطق أخرى من العالم، إذْ أعلنت شركتا “إكسون موبيل” و “شيفرون” عن صفقات استحواذ ضخمة لشراء شركات محلية أمريكية لتعزيز مكانتها في السوق المحلية الأمريكية وزيادة منصّات التنقيب عن النفط إثر انخفاض تكاليف الإنتاج، بهدف دعم احتياطاطها الضّخمة المُعَدّة لتلبية النّمُوّ المتوقّع للطلب العالمي على النفط والغاز، وزيادة عائدات أصحاب الأسهم، مما يجلب لشركات النفط المزيد من الإستثمارات، وتحاول هذه الشركات دَفْع السلطات الأمريكية إلى تشديد العقوبات على إيران، في إطار المزايدات اليمينية التي تتسم بها الحملات الإنتخابية الأمريكية، وللتذكير فإن الإنتخابات المقبلة سوف تجري سنة 2024…
ارتفعت أسعار النفط في التعاملات الآسيوية صباح الثلاثاء 31 تشرين الأول/اكتوبر 2023، بعد انخفاضها أكثر من 3% خلال اليوم السابق بسبب ضُعْف أنشطة الصناعات التحويلية والأنشطة غير التصنيعية بالصين، وفق برقية وكالة رويترز (31/10/2023)
التعليقات مغلقة.