من أسرار العشرة أيام الأولى لعملية ” طوفان الأقصى ” … حزب الله يحتل قاعدة للمظليين الاسرائيليين واسرائيل تعترف بسقوط مروحية عليها 50 جنديا / مجدى حسين

434

مجدي حسين ( مصر ) – الثلاثاء 17/10/2023 م …

* الساعة الواحدة صباحا من يوم 16 أكتوبر 2023 – اليوم العاشر من طوفان الأقصى …

مازال تقدير الموقف رقم 6 ساريا حتى هذه اللحظة ، فنحن لا نزال على أعتاب التحول من مرحلة إلى مرحلة فى هذا الصراع الضارى . على كافة المستويات : الميدانية والاقليمية والدولية ، بل تسير الأحداث وفقا لنفس التصور .

أولا : على المستوى الميدانى

ذكرت أن العدو الاسرائيلى يسعى ويعد للبدء فى الاجتياح البرى لغزة لأنه لم يحقق أى هدف عسكرى مباشر طوال 9 أيام . نجح فى قتل 800 طفل فلسطينى و500 إمرأة فلسطينية . واستخدمت تعبير أن ” يده مرتعشة ” وهو يتخذ هذا القرار . وهو بالفعل عاجز عن إتخاذ القرار حتى اللحظة . ولكل الأسباب التى ذكرتها فهو لايزال يراوح فى مرحلة التردد وبالتالى التأجيل ، ولكن لا أتصور أنه يمكن أن يلغى هذا الاجتياح ولكن سيحوله إلى اجتياح جزئى . وقد ظهرت وقائع جديدة كاشفة لحالة الكيان الصهيونى . فالحقيقة ان الرغبة فى الاجتياح البرى كانت مطروحة منذ اليوم الأول بعد الصد المبدئى لغزوة حماس لغلاف غزة ، ولكن القرار ظل يؤجل حتى اليوم وتبين أن هذا التأجيل ليس فى إطار ضبط وإعداد وتخطيط ولكن فى إطار تخبط وعجز عن وضع أهداف عملية للاجتياح ، إلا الهزيان الذى جاء على لسان نتنياهو كاعلان يوم القيامة وتسوية قطاع غزة بالأرض . وقد تحول هذ الهزيان إلى خطة غير واقعية يجرى تنفيذها ، بإبادة وإزالة أحياء بأكملها ، وقتل المدنيين فى أسبوع بنفس العدد الذى قتلته اسرائيل فى الاجتياح الذى استمر 50 يوما. ولكن هذا لايكفى فكان شعار تهجير كل سكان غزة أى أكثر من 2 مليون إلى مصر . واستعادة ما حدث فى عام 1948 فى بعض مناطق فلسطين .

تكتشف القيادة السياسية والعسكرية الفاشلة أن أوصال الجيش الاسرائيلى الذى هو قلب المشروع الصهيونى وحارسه الأمين قد تمزقت إربا إربا ليس فحسب بسبب صدمة يوم 7 أكتوبر الكبرى حيث تم ضرب أهم قواعد الجيش فى غلاف غزة ولكن أيضا بسبب أعراض الهزال والتراجع التى أصابت الكيان فى الأعوام والعقود الأخيرة فبعد صدمة 1973 ، هزمت قوات الكيان وانسحبت من لبنان عام 2000 بعد أن تصور عام 1982 أنه على وشك ضم لبنان إليه ثم واجه الانتفاضات الفلسطينية ثم هزيمة 2006 فى لبنان وغزة . ثم هزائمه المتوالية فى كل معاركه مع غزة . كتبت مرارا وغيرى من المتخصصين فى الشئون الاسرائيلية على مدار أكثر من عقدين من الزمان عن مظاهر تفكك وتراجع وتدهور الكيان من الداخل على كل المستويات الاجتماعية والأخلاقية . وكان الانقسام الكبير الأخير المستمر منذ شهور بين معسكرى التطرف الدينى والعلمانية هو ذروة هذه الأزمات . الآن فى اسرائيل فإن أجيال الشباب خاصة لا رغية لديها فى القتال أو الذهاب للجبهة وبالتالى هاجروا أو يفكرون فى الهجرة . فى بلاد جنوب شرق آسيا على سبيل المثال يمكن أن ترى شبابا اسرائيليين يبحثون عن عمل وإقامة دائمة وعندما يسألون لماذا تركتم اسرائيل ؟ يقولون ببساطة لا نريد أن نحارب ولا نريد أن نعود لاسرائيل . يقولون أنهم استدعدوا 360 ألف من الاحتياطى والعارفون بأحوال اسرائيل يقولون أن هذا رقما مبالغا فيه والعدد لا يزيد عن 220 ألف ، والأهم أن أغلبهم من العناصر التى لا تريد الحرب وعندما يدفعون لجبهات القتال فى غزة أو لبنان فسيذهبون بروح ميتة ، وهذا ما يسهل عمليات أسرهم أو قتلهم . ويضاف إلى ذلك أن الجيش فقد الثقة فى القيادة ، ومن أهم دلائل ذلك ما جرى لنتنياهو عندما حاول أن يزور غلاف غزة بعد مرور 7 أيام على يوم 7 أكتوبر الأسود حيث تعرض لتمرد من الضباط الذين سبوه بألفاظ نابية هو والوزراء الذين معه مما اضطره للهروب من القاعدة وعدم إلقاء خطاب . وفى تل أبيب ورغم تعرضها للقصف الصاروخى من المقاومة ، تعددت المظاهرات التى تطالب بإستقالة نتنياهو هو وكل القيادة العسكرية والسياسية . وكذلك تقول استطلاعات الرأى التى تجاوزت فى هذا الموقف 94 % . وهناك وقفات واعتصامات متوالية أمام وزارة الأمن الاسرائيلى يقودها أهالى الأسرى . والصحف الاسرائيلية تغص بالهجوم على الفشل التاريخى للقيادة وعلى سبيل المثال قالت صحيفة ذى ماركر فى مقال تحت عنوان : نتنياهو اذهب إلى البيت . ودعته إلى التنحى واتهمته بالتسبب فى تدهور الأوضاع الأمنية ، وإيصال اسرائيل إلى الدرك الأسفل من الانحطاط الذى لم تعهده منذ 1948 .

مالم ينشره الاعلام العربى الذى لا يتابع بجدية الاعلام الاسرائيلى أن الجيش الاسرائيلى أعلن منذ يومين ان هناك 500 جثة لعسكريين فى المشرحة من أصل 674 ماتوا . وهذا رقم كبير جدا خلال أقل من أسبوع وهو بالتأكيد أقل من الواقع ، بل يسقط يوميا عسكريون اسرائيليون على جبهتى غزة ولبنان . ويتحدث الاعلام الاسرائيلى عن 3400 جريح اسرائيلى ، وتثبت رقم مقتل 1500 اسرائيلى وهذا ما كنت قد ذكرته منذ عدة ايام فى أحد الفيدوهات والرقم الذى يشمل عسكريين ومدنيين يتزايد بالتأكيد .

وتتواتر خسائرالعسكريين الاسرائيليين قبل بداية الغزو البرى وتأكد خبر إسقاط طائرة مروحية ومقتل خمسين على متنها بصاروخ كورنيت روسى المضاد للدروع ولكن تم تحويله ليكون دفاع جوى ، ونشر الاعلام الاسرائيلى صورة المروحية المتفحمة . وتواصل المقاومة قصف القوات التى تحتشد على حدود غزة وتوقع بها إصابات مباشرة وتعترف اسرائيل ببعضها . وتأكد نشاط مجموعات فلسطينية فى عمق 30 كيلومتر فى غلاف غزة وهو عائق جديد فى عملية الاجتياح البرى . وانضمت الجبهة اللبنانية إلى عقبات هذا الاجتياح بسبب تهديد حزب الله وإيران بأن إجتياح غزة سيكون سبب فتح هذه الجبهة . بل أكثر من ذلك أصبحت تصريحات عبد اللهيان وزير خارجية إيران أكثر صراحة بالحديث عن تدخل إيران مباشرة إذا تواصلت مجزرة المدنيين فى غزة . ثم قال إن أصابع الجميع على الزناد فى إشارة لمحور المقاومة بأكمله ، بل إلى ما هو أوسع من محور المقاومة . ولكن جبهة لبنان تعمل بالفعل منذ الأيام الأولى وتتصاعد تدريجيا وتشكل إشغالا للعدو وتشتيتا لقواته التى أصبحت موزعة بين الشمال والجنوب والضفة الغربية . ويوم الأحد أطلق 30 صاروخا من لبنان وقام حزب الله باحتلال موقع اسرائيلى ورفع علمه عليه لفترة . وتبين أنه موقع للمظليين الاسرائيليين و يبدو أن حزب الله انسحب من القاعدة بعد ذلك لعدم تصعيد الموقف. ثم اتضح أن القوات البرية الاسرائيلية انسحبت لمسافة 9 كيلومترات عن الحدود . ولذلك كان دخول حزب الله سهلا ولم يستغرق ساعة واحدة .

تهجير المستوطنين يتزايد بشدة من الشمال بعد الجنوب وأصبحت تل أبيب مكتظة بالمهاجرين إلى حد الإشغال الكامل لكل الفنادق . وهذه من مظاهر تفكك تركيبة الكيان الذى أصبح محصورا فى رقعة ضيقة من أرض فلسطين المحتلة . وبطبيعة الحال ليست تل أبيب و ما حولها آمنة ، إلا نسبيا بسبب الصواريخ ، ولكنها تحولت لمدينة أشباح وخوف والناس مكتئبة ولا تتحرك حتى فى فترات عدم إطلاق الصواريخ .

ومن مفاجآت أمس الأحد أن تنظيم الجهاد ضرب على مستوطنة اسرائيلية صاروخا من صناعة يمنية بدر 1 ومن غير المعروف بعد هل تم تقليد صناعته فى غزة أم تم تهريبه لغزة أم تم ضربه من لبنان واسرائيل فى حيص بيص من هذا التطور الخطير . فاليمن تقول نحن هنا . وهذا صاروخ متطور يضرب من فوق شاحنة !! كذلك ضربت غزة عشرين صاروخا على نهاريا وهى قريبة جدا من لبنان وفى نفس اللحظة أطلقت لبنان 30 صاروخا كما ذكرنا على نفس البلدة فى نفس الوقت وهذا تنسيق غير عادى بين الطرفين ويؤكد مدى صواريخ غزة التى تطال كل الكيان .

كل هذه علامات عسكرية غير مشجعة على خوض اجتياح غزة وأعلن الجيش الصهيونى أنه أجل الهجوم بسبب أحوال الطقس !! ولكن الصحف الأمريكية تقول أن أمريكا أمرته بالتأجيل لأنها بدأت تشعر أن الأمور تفلت من يدها . وبدأ بلينكن يتحدث عن إدخال المساعدات لغزة بل أعلن وزير الطاقة الاسرائيلى عودة ضح المياه لجنوب غزة . وهذه ليست من علامات يقظة الضمير ولكن من علامات إدراك أن الموقف العربى والاسلامى والمقاوم صلب ومتماسك ويحتاج لمزيد من التحايل .

باختصار نحن نتجه للانتصار فى الجولة الأولى من هذه المعركة الكبرى ، والله ناصرنا .

 

التعليقات مغلقة.