متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الواحد والأربعون / الطاهر المعز

311

الطاهر المعز ( تونس ) – الإثنين 16/10/2023 م …

يُخصّص العدد الواحد والأربعون حيّزًا لاجتماعات صندوق النّقد الدّولي والبنك العالمي التي تجري هذا العام من 09 إلى 15 تشرين الأول/اكتوبر بمدينة مراكش المغربية، وفقرة عن دور النساء الريفيات في الإنتاج الزراعي، وفقرات عن حدث الأسبوع وتأثيرات العمليات الفدائية “طوفان الأقصى” على اقتصاد كيان الإحتلال الصهيوني ومواقف القوى الإمبريالية الدّاعمة للإحتلال، وفقرة عن التوقعات المتشائمة للبنك العالمي بشأن النمو الإقتصادي بالدّول العربية، وفقرة عن الفقر بالولايات المتحدة وفقرة عن نمو سوق السلع الفاخرة، في تناقض صارخ مع ارتفاع نسَب الفقر والبُؤس في العالم وفقرة عن إضراب العاملين بشبكة “كايزر للرعاية الصّحّيّة”

 

ظروف اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي بمراكش من 09 إلى 15/10/2023

يعود البنك العالمي وصندوق النقد الدولي إلى أفريقيا للمرة الأولى منذ مؤتمر كينيا سنة 1973، بنفس المخططات والتعليمات النيوليبرالية التي تضر بالعاملين والفقراء، بفعل الخصخصة وخفض الإنفاق الحكومي وإلغاء دعم السلع والخدمات الأساسية، ما يؤدّي إلى انعدام الأمن الغذائي والتجويع والمُعاناة وتعميق الفوارق الطبقية…

تدور الاجتماعات السنوية لمؤسسات بريتون وودز في مراكش بعد فترة وجيزة من الزلزال المأساوي والأضرار الناجمة عنه في المغرب وعن الفيضانات في ليبيا، وتعكس هذه الحوادث المؤلمة الافتقار إلى البنية التحتية، وخاصة في ليبيا حيث دَمّر حلف شمال الأطلسي البلاد وأطاح بالنّظام القائم ونشَرَ “الفَوضى الهَدّامة” التي تُسميها الولايات المتحدة “الفوضى الخَلاّقة” ولذلك لم تتم صيانة سدود “درنة” في ليبيا التي كانت غنية، وأصبحت فقيرة بفعل التدمير والخراب، وتحتاج تمويلات هائلة لإعادة إعمار ما خربته جيوش حلف شمال الأطلسي والمليشيات الإرهابية.

كان الرئيس الجديد للبنك العالمي والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي، قبل تَوَلِّي منْصِبَيْهِما، موظفيْن كبيرَيْن بأكبر المؤسسات المالية الإحتكارية الخاصّة، ولما يتم تعيينهم من قِبَل الدّول الرأسمالية الإمبريالية على رأس المؤسسات الدّولية، ينتقل الموظفون من البنك العالمي إلى صندوق النقد الدّولي (مثل المُديرة الحالية للصندوق)، ويتميز معظم كبار مُوظّفي هاتَيْن المُؤَسَّسَتَيْن بضلوعهم في قضايا احتيال وفساد وسرقة ورشوة وتزييف البيانات، لكن لا أحد يجرؤُ على نقد المؤسَّسَتَيْن اللّتَيْن تُشكلان أداةً للسياسة الخارجية للولايات المتحدة وللإتحاد الأوروبي، وتحتفظ واشنطن بحق النقض على سياسات ومشاريع البنك العالمي والصندوق وتدعم الأنظمة الدّكتاتورية الموالية لها مثلما حصل في حالة باكستان، حيث أمرت الولايات المتحدة بتسريع منح قرض بقيمة ملياري دولار، مقابل إرسال باكستان أسلحة إلى أوكرانيا بقيمة 900 مليون دولار.

أما الدّور الأهم لهاتَيْن المُؤسّسَتَيْن فهو العمل على هيمنة الأيديولوجية والسياسات الإقتصادية النيوليبرالية وعقد الصفقات المالية مع حكومات فاسدة ومُطَبِّعَة مع الكيان الصهيوني، مثل المغرب ومصر، وَيَفْرِض صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي على الدّول المُقْتَرِضَة تطبيق برنامج التَّكَيُّف الهيكلي الذي يتضمّن خفض الإنفاق الحكومي والخصخصة وإلغاء دعم السلع والخدمات الأساسية وخفض قيمة العُمْلَة وخفض عدد الموظّفين وما إلى ذلك، غير إن البدائل المطروحة على مستوى دولي بقيت داخل المنظومة الرّأسمالية الليبرالية، مثل “بنك التنمية الجديد”، المؤسسة الخاصة بمجموعة البريكس، فيما لا يزال اتفاق احتياطي الطوارئ الذي أقرّتْه مجموعة بريكس نَظَريًّا أو حبرًا على ورق…

تتهيّأُ الجمعيات الأهلية والمناهضة للعولمة، منذ بداية سنة 2023، لتنظيم مُؤتمر مُوازي أو قِمّة مُضادّة للإجتماعات السنوية لصندوق النقد الدّولي والبنك العالمي، في مدينة “مراكش”، وأعلنت المنظمات المناهضة للعولمة النيوليبرالية أن “الحلول” التي يطرحها صندوق النقد الدولي والبنك العالمي والمُؤَسَّسَة على التّقشف تُؤدّي إلى توسيع الهوة بين الأغنياء والفقراء، ويتمثل الحل في إلغاء ديون أفقر دول العالم وفرض ضرائب على الأغنياء، ووَرَدَ في بيان منظمة “أوكسفام” إن 57% من أفقر دول العالم مضطرة إلى خفض الإنفاق العام بمقدار 229 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، وأعلنت المنظمات العربية في بياناتها أنها “تعتبر البنك العالمي وصندوق النقد الدولي مؤسسات مالية استعمارية، أنشأتها القوى الإمبريالية لفرض هيمنتها على الشعوب” وإن المنظمات والجمعيات الأهلية تهدف “كَشْفَ نتائج سياسات هاتين المؤسستين والأضرار التي لحقت شعوب منطقتنا” جَرّاء فَرْض السياسات الليبرالية والخصخصة وخفض الإنفاق على التعليم والصحة ومجمل الخدمات العمومية، ما أدّى إلى زيادة الدُّيُون والفقر ببلداننا، واعتبرت الجمعيات الأهلية العربية إن الدّيون وأعباءها وسيلة لتعميق التبعية الاقتصادية والقضاء على الإنتاج المحلي لقطاعات الفلاحة والصناعة ضمن مخططات التقسيم العالمي للعمل وللإنتاج، وتدعو القوى المناهضة للإمبريالية والعولمة النيوليبرالية “لتجاوز مؤسسات بريتون وودز ولإسقاط الديون ذات الطابع الاستعماري والديون الكريهة، ولتشكيل نظام عالمي جديد يقطع مع التبادل غير المتكافئ، ولإنشاء منظومة نقدية جنوب- جنوب تكون حلقة من شبكه دولية للتبادل المتكافئ بين البلدان والشعوب الواقعة تحت الإضطهاد…

 

تغذية – دور النساء الريفيات

ارتفع عدد الأشخاص المتضررين من الجوع سنة 2021، بحوالي 150 مليون شخص إضافي، بفعل تفشِّي جائحة “كوفيد – 19″، وبلغ 828 مليون شخص، وفق البيانات الرسمية – وهي دون الواقع – وارتفعت نسبة الفقر المدقع وحالات الجوع من 8% سنة 2019 إلى قرابة 10% سنة 2021 وشكّلت النساء نسبة 32% والرجال نسبة 27,6% من حالات انعدام الأمن الغذائي “المعتدل أو الحاد” بالعالم، بحسب تقرير للأمم المتحدة بعنوان حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم، وتمثل هذه الأرقام دليلا على الإبتعاد عن تحقيق أحد أهداف التنمية التي تم إقرارها سنة 2015، المتمثل في القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بحلول سنة 2030، وفقا لخطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة للفترة 2015 – 2030.

تُعرّف وزارة الزراعة الأمريكية انعدام الأمن الغذائي بأنه “حالة اقتصادية واجتماعية على مستوى الأسرة تتسم بصعوبة الحصول على الغذاء الكافي”، ورغم خفض المقاييس وعدم مطابقتها للواقع الذي يعيشه الفقراء، ارتفع عدد حالات انعدام الأمن الغذائي، ووَرَدَ في تقرير برنامج الأغذية العالمي، إن نحو 258 مليون شخص من 58 دولة واجهوا سنة 2022، “مستويات أعلى من انعدام الأمن الغذائي فيما تُشكّل النساء أهم عامل وأهم مَوْرِد (غير مستغل) لتحسين هذا الوضع

يُعلل تقرير الأمم المتحدة ارتفاع نسبة الفقر والجوع الشديد “بالصراعات العالمية والصدمات الاقتصادية وتغير المناخ وتأثيرات جائحة كوفيد-19 ” غير إن النساء والفتيات يتأثَّرْن بشكل غير متناسب، وفق المركز الدّولي للبحوث المتعلِّقة بالمرأة الذي يرى الحل في “تحسين قدرة المزارعات على الوصول إلى الموارد والتكنولوجيات والأسواق وحقوق الملكية… بهدف زيادة الإنتاجية الزراعية وتحسين تغذية الأسر. …”، وتُقدّر نسبة النّساء من القوى العاملة في قطاع الزراعة بالدول المُسماة “نامية” بنحو 43% في المتوسط، ومعظمهن يعملن بشكل موسمي أو بدوام جزئي أو بدون أجْرٍ، ويفوق حجم عمل النساء الريفيات في إفريقيا حجم عمل الرجال في المزارع بنسبة 50% وتشير التقديرات إن توفير نفس الموارد للنساء مثل الرجال، يمكنهن زيادة الإنتاج الزراعي بنسبة 4% وخفض عدد الجياع في العالم بنسبة 12% إلى 17% لو تمكنت النساء من الحصول على القروض بفائدة ضعيفة وعلى حقوق حيازة الأراضي والوصول إلى الأسواق، ورغم امتلاكهن أقل من 10% من شهادات حيازة الأراضي، تُنْتِجُ النساء في إفريقيا نحو 70% من الغذاء وفي آسيا ما بين 50% و 60% وفي أمريكا الجنوبية حوالي 30%.

إن جميع المقترحات والحلول الرسمية وبحوث الأمم المتحدة والمنظمات المُسمّاة “غير حكومية” لا تتطرّق إلى مسألة المِلْكِية التي يحتكرها الأثرياء وبعض الشركات الكُبرى وإلى دعم الحكومات للأثرياء، بدل مُساعدة صغار الفلاحين للحصول على البذور والماء والأسمدة ومساعدتهم على شراء محاصيلهم وتسويقها، فالهدف ليس تحقيق “الأمن الغذائي” فقط، بل تحقيق السيادة الغذائية.

 

الكيان الصهيوني جزء من الإمبريالية الأمريكية

أعلن الرئيس الأمريكي يوم السبت 07 تشرين الأول/اكتوبر 2023، في أول تعليق علني له على العملية الفدائية الفلسطينية: إن الولايات المتحدة مستعدة لتوفير “جميع سبل الدعم المناسبة”، ولن نتقاعس أبدا عن مساندتها… (لأن) لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وشعبها، ونُحذر أي طرف آخر معاد لإسرائيل من السعي لانتهاز الفرصة في هذا الموقف… (وإن) ” سلاحا وعتادًا ومساعدات عسكرية أميركية إضافية في طريقها إلى إسرائيل”، وفق إعلان البيت الأبيض يوم الأحد 08 تشرين الأول/اكتوبر 2023 وأعلن وزير الحرب الأمريكي: “ستزود الجيش الإسرائيلي بسرعة بمعدات وموارد إضافية، بينها ذخائر… ونعمل على تعزيز أسراب الطائرات المُقاتلة في المنطقة، بالتوازي مع توجُّه حاملة الطائرات يو إس إس جيرالد آر فورد والسفن الحربية المرافقة لها إلى شرق البحر الأبيض المتوسط…”، وذكر موقع صحيفة “بوليتكو” الأميركية أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تنظر في إرسال أسلحة إضافية متطورة لإسرائيل، بشكل عاجل، على ضوء التوترات الأمنية الأخيرة”، ونقلت العديد من وسائل إعلام أميركية أن الجيش الأميركي يخطط لنقل سفن البحرية والطائرات العسكرية، وتقلّ حاملة الطائرات على متنها نحو خمسة آلاف جندي وطائرات حربية ومدمرات وصواريخ موجهة، وفق وكالة “أسوشيتد برس”، وذكر موقع “أكسيوس” الأمريكي (الأحد 08/10/2023) إن رئيس الوزراء الصهيوني طلب تمويلا أمريكيا طارئا، لتعزيز نظام القبة الحديدية، وقدّرت تسريبات أخرى المبلغ المطلوب بثماني مليارات دولار، فضلا عن الإنتشار الواسع لأسلحة الدّمار الشامل الأمريكية بالقرب من فلسطين المحتلة لإظهار الدعم غير المحدود للكيان الصهيوني، بتواطؤ مع الأنظمة التي اعتبرها جوزيف بايدن “مُعتدلة”، ومن بينها مصر وتركيا وقطر والسعودية والأردن وعمان والإمارات وجميع أعضاء الإتحاد الأوروبي…

يُعتَبَر الدّعم – السياسي والعسكري والمالي- غير المشروط للكيان الصهيوني مُشاركةً أمريكية وأوروبية مُباشرة في العدوان على الشعب الفلسطيني الذي لا حَقَّ له في الحرية والدّيمقراطية التي تدّعي الدّول الإمبريالية الدّفاع عنها…

 

من مظاهر الدّعم الأوروبي للكيان الصهيوني

تُعادل قيمة الدّعم الألماني لوحْدِهِ، منذ سنة 1953، ما أنفقه الكيان الصهيوني لإعداد وتنفيذ كافة حروبه العدوانية ضد الشعوب والبلدان العربية، وعلى المستوى الأوروبي، عبّر الإتحاد الأوروبي كَكِيان، وعبرت حكومات الدّول الأوروبية كذلك، عن الدّعم المُطلق (غير المَشْروط) للكيان الصهيوني، يوم السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023، ولم تَشُذّ الصُّحف الأوروبية (باستثناءات قليلة جدًّا) عن هذا الموقف الدّاعم للإحتلال وللمُستوطنين (معظمهم من أصل أوروبي)، واعتبرت العديد من الأحزاب والصّحف الأوروبية إن عمليات المُقاومة هي من قبيل “الإرهاب”…

لقد أدانت حكومة الولايات المتحدة ورئيس المجلس الأوروبي، رئيس حكومة بلجيكا السابق “تشارلز ميشيل”، ورئيسة مُفَوّضيّة الإتحاد الأوروبي ( أورسولا فون دير لاين) ومُفوّض السياسة الخارجية (جوزيب بوريل) وكلاهما لا تختلف مواقفه في شيء عن مواقف اليمين المتطرف، وأدانت كذلك كل الحكومات الأوروبية المقاومةَ الفلسطينيةَ، ودعمت الكيان الصهيوني، واعتبر جميعهم إن المستوطنين الصهاينة “مدنيون أبرياء” وبالمقابل اعتبروا النساء والأطفال الفلسطينيين ضمن “الإرهابيين”…

تَمَيّز ساسةُ وصحافيُّو ألمانيا (مَهْد ومَوْطن النّازية) بمغالاتهم في دعم الصهيونية كعقيدة يمينية متطرفة واستعمارية، ودعم الكيان الصهيوني كتجسيد للإستعمار الإستيطاني وكمدرسة لتطبيق الإقصاء وإحلال المُستوطنين محل الشعب الفلسطيني، وطالب بعضهم بتعليق التمويل الأوروبي لسلطة الحكم الذاتي الإداري (المنبثقة عن “مفاهمات” أوسلو) وتساءلت صحيفة “فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ” بقدر كبير من الخُبْث: “ألا تَدعم المُساعدات المالية الأوروبية الإرهاب”؟

عمومًا، كثفت المؤسسات والحكومات ووسائل الإعلام الأوروبية إداناتها “للمجازر التي ترتكبها الحركة الإسلامية”، وفق تعبير صحيفة “لوموند الفرنسية” (بتاريخ 10/10/2023) التي كانت تُعْتَبَرُ “مُعتدلة”، قبل أن يتولّى “جان ماري كولومباني” (Jean-Marie Colombani ) إدارتها من 1994 إلى 2007، وأعلن جوزيب بوريل، مسؤول الدبلوماسية في الاتحاد الأوروبي، يوم الأحد 08 تشرين الأول/اكتوبر 2023 “إن الاتحاد الأوروبي يتضامن مع إسرائيل، التي لها الحق في الدفاع عن نفسها، وفقا للقانون الدولي، في مواجهة هذه الهجمات الإرهابية العنيفة والعشوائية”، ولم نعثر على تصريح من المؤسسات الحكومية، أو من مؤسسات الإتحاد الأوروبي، يُندّد بالقصف الصهيوني ولا بالإغتيالات والإعتقالات والحصار…

بعد الإعلان عن تعليق “المساعدات” من قِبَل أوليفر فارهيلي، المفوض المسؤول عن سياسة الجوار في الاتحاد الأوروبي، يوم الإثنين 09 تشرين الأول/اكتوبر 2023، دون استشارة ممثلي الدّول الأعضاء، بذريعة استفادة حماس من المساعدات التي تقل عن 300 مليون دولارا سنويا (وهي شكل من أشكال إزاحة مسؤولية الإحتلال عن إدارة الشؤون اليومية للشعب الواقع تحت الإحتلال، وهي تمويل لعملاء الكيان الصهيوني من سلطة أوسلو)، تراجعت السلطة التنفيذية للإتحاد الأوروبي بسبب عدم موافقة العديد من الدول الأعضاء على هذا القرار لأنه “قرار أحادي”، لكن اتفقت جميع الدّول الأوروبية على “دعم إسرائيل في مواجهة حجم الإرهاب والوحشية ضد إسرائيل وشعبها وعلى عدم السماح بأي تمويل من الاتحاد الأوروبي لمنظمة إرهابية بشكل غير مباشر لمنظمة إرهابية تُنفّذ هجمات ضد إسرائيل…”

 

طوفان الأقصى – تأثيرات جانبية

تؤدِّي عمليات المقاومة إلى إلحاق الضّرر باقتصاد الإحتلال المبني على الإستثمارات الأجنبية والصادرات – خصوصًا صادرات الأسلحة والتكنولوجيا – وعلى الدعم المالي والعسكري المباشر من الإمبرياليّتَيْن الأمريكية والأوروبية، وبعد إعلان رئيس حكومة العدو إن مستعمَرَتَهُ في حالة حرب، سجلت بورصة تل أبيب غداة عملية “طوفان القدس” انخفاضا حادا في أسهم كبرى الشركات وفي المؤشرات الرئيسية، بعد يوم من عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية صباح السبت 07 تشرين الأول/اكتوبر 2023، ضد الاحتلال، وأدت العملية الفدائية إلى نقص حاد بالمنتجات الطازجة (الخضار والفواكه والدّجاج والبيض والخبز…) وتواجه شبكات التسوق نقصا كبيرا في عدد العاملين بسبب بقاء العديد من العمال في المنزل، فضلا عن توقف شحن الخضار والفواكه الطازجة في المواني بسبب إجازة وزارة زراعة العدُوّ خلال الأعياد اليهودية التي استمرت أسبوعين وانتهت مساء السبت 07/10/2023، بحسب صحيفة ” ذا ماركر” الاقتصادية.

قَدّرت وزارة المالية الصّهيونية الخسائر الناجمة عن العملية، وفق التقديرات الأولية للأضرار بعد اليوم الأول لـ” طوفان الأقصى” بأكثر من 30 مليون دولار، فضلا عن الأضرار التي لحقت بالممتلكات والمباني العامة، مثل تدمير مركز الشرطة في مستوطنة “سديروت” وتدمير معبر بيت حانون وأكثر من مائة مبنى ومئات المركبات المدنية، جراء الصواريخ وإطلاق النار، كما تَوَقَّفَ تدفق الغاز من حقل “تمار”، وفق إدارة الحقل الموجودة قبالة شاطئ عسقلان، ما أدّى إلى انخفاض مؤشر الغاز والنفط في البورصة، يوم الأحد 08 تشرين الأول/اكتوبر 2023، بنسبة 9,2%، ويتخوف الصهاينة (ومعهم الإمبريالية الأمريكية والأوروبية) من اشتعال جبهة شمال فلسطين المحتلّة، المُحاذية لجنوب لبنان، ما قد يُعَرِّض حقول الغاز المنهوب من الفلسطينيين إلى الخطر، ووتأخَّرَ افتتاح بورصة تل أبيب بسبب التراجع الحاد، حيث انخفض المؤشر الرئيسي (تل أبيب 35 ) بنسبة 6,47%، ومؤشر “تل أبيب 125 ” بنسبة 6,69%، و”تل أبيب 90 ” بنسبة 7,86% وانخفض مؤشر العقارات بنسبة 9,48%، ومؤشر المصارف بنسبة 8,7%، ولم يتمكّن المصرف المركزي من مَنْعِ انهيار العُملة الصهيونية (الشيكل )، يوم الإثنين 09 تشرين الأول/اكتوبر 2023، إلى أدنى مستوياته خلال سَبْع سنوات سجلها الخميس الماضي، ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة بحسب صحيفة “هآرتس”…

تكمن أهمّية العمليات الفدائية في بث الخوف لدى المُستوطنين الذين يُدْرِكُون إنهم يحتلون وطن الشعب الفلسطيني، ولذلك يحتفظون بجنسياتهم الأصلية، أو يسعَوْن للحصول على جنسيات الدّول الإمبريالية، ما يُؤَدِّي إلى هُرُوب المستوطنين وتَخَوُّف القادمين الجدد من بئس المصير، وإلى خوف المستثمرين وانخفاض الإستثمارات الأجنبية وعائدات السّياحة، بل قد تتجاوز التأثيرات الجانبية رقعة فلسطين المحتلة إلى الإقتصاد العالمي وفق توقُّعات رئيس مصرف التسويات الدولية ( أحد فُرُوع مجموعة البنك العالمي) الذي أعلن “إن المواجهات سوف تؤثر على الاقتصاد العالمي الذي لا يزال يعاني من ارتفاع التضخم بعد جائحة كورونا، وتؤثر على سعر النفط وعلى سوق الأسهم”، وفق رويترز 09 تشرين الأول/اكتوبر 2023…

يتأثّر الكيان الصهيوني – بصفته كيانًا مُصطَنَعًا – بكافة أشكال مُقاومة الشعب الفلسطيني، وعلى سبيل المثل أدّت العملية الفدائية التي نفّذتها المُقاومة الفلسطينية إلى تعليق الكيان الصهيوني الإنتاج مؤقتاً من حقل غاز “تمار” الذي يقع في البحر المتوسط، كما حاول السائحون الأجانب السفر إلى الخارج، هرباً من الضربات، غير إن العديد من شركات الطيران والشحن ألغت رحلاتها من أمريكا الشمالية وأوروبا إلى فلسطين المحتلة، كما ألغت شركات الشحن رحلاتها إلى موانئ فلسطين، ويُشكّل قطاع السياحة موردًا هامًّا للعملات الأجنبية ( 3,4 مليار دولارا سنة 2022) ومركز استقطاب إيديولوجي، لجلب الشباب اليهود من جميع بلدان العالم لزيارة فلسطين المحتلة، وتعلم العبرية وحشو الدّماغ بالرواية الصهيونية لتاريخ فلسطين والمنطقة…

أشارت وسائل الإعلام الأمريكية إن الولايات المتحدة وعدت بتعويض كافة الخسائر الصهيونية وشحن الأسلحة والعتاد، فضلا عن الأسلحة الأمريكية المُخزنة في فلسطين، غير إن الإقتصاد الصهيوني كان يُعاني، قبل العمليات الفدائية من أزمة اقتصادية تَمَظْهَرَتْ في زيادة معدلات التضخم والزيادات المتعدّدة في أسعار الوقود والكهرباء والسلع الأساسية، فضلا عن الإنخفاض الأخير في قيمة عُمْلة المُستوطنين (الشيكل) وانخفاض أسهم البورصة، ما دفع إلى تدخل المصرف المركزي الذي ضَخَّ ثلاثين مليار دولار لوقف انهيار الشيكل، وتخصيص 15 مليار أخرى كدفعة ثانية في هذا الإطار، كما يُتَوقَّعُ هجرة الآلاف من الشركات الناشئة من تل أبيب إلى خارج فلسطين، فضلا عن انخفاض الإستثمارات المحلية والأجنبية التي سَجّلت انخفاضاً كبيراً بنسبة 60% خلال الربع الأول من سنة 2023، مقارنة بمعدل حجم الإستثمار الأجنبي خلال الربع الأول من سنتَيْ 2020 و2022 وفق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وتتوقع وسائل إعلام الإحتلال ارتفاع خسائر قطاعات التكنولوجيا (منها أجهزة التّجسس) والسياحة والطيران والنقل والبنية التحتية إلى نحو مائة مليار دولار، وفقا لموقع صحيفة “هآرتس” 10 تشرين الأول/اكتوبر 2023

يُجْمِعُ المُعلقون والخُبراء الإقتصاديون على فداحة الخسائر الإقتصادية الصهيونية، لكن لا أحد يهتم بوضع الفلسطينيين الواقعين تحت القصف والحصار، بل حاول بعض مُفَوِّضي الإتحاد الأوروبي قطع التمويل عن سلطة أوسلو بذريعة “استفادة الإرهابيين منها”…

 

في جبهة الأعداء – أوروبا الإمبريالية

شهدت معظم الدّول الأوروبية مظاهرات دعم للكيان الصّهيوني فيما أُعْلِنَ حَظْر التظاهرات المُؤَيِّدَة لحقوق الشعب الفلسطيني (رغم ضبابية الشعارات) وخصوصًا في فرنسا وألمانيا، وإضاءة واجهات المؤسسات الرسمية والمعالم التاريخية بلون علم دولة الإحتلال، ولئن تراجعت المُفَوّضيّة الأوروبية عن تصريح مفوض شؤون العلاقات مع الدول المجاورة للاتحاد الأوروبي (أوليفر فارهيلي – وهو من اليمين المتطرف بالمَجَر ) الذي أعلن، دون استشارةٍ على ما يبدو، مدفوعًا بقناعاته العقائدية اليمينية وبدعم رئيسة المُفَوِّضِية (أورسولا فون دير لاين وهي ثرية تمتلك مع زوجها عددًا من شركات المختبرات والأدوية) بشأن قَطْع تمويل سلطة الحكم الذاتي الإداري وبعض المساعدات المالية الأخرى، فإن التصريحات الرسمية تُشير إلى دعم غير محدود للكيان الصهيوني، كما حصل ويحصل منذ 1948، فالكيان الصهيوني جزء لا يتجزّأ من حقبة الإستعمار والإمبريالية، وأعلن رئيس حكومة بريطانيا “التضامن الكامل مع والدّعم الأمني والإستخباراتي والسياسي لإسرائيل”، وتظاهر مؤيدو الكيان الصهيوني (بحماية أمْنِيّة كثيفة) في فرنسا وبلجيكا وألمانيا والنّمسا،، فيما تم حَظْرُ العديد من التظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني…

ظهرت خلافات بين هذه الدّول الدّاعمة للكيان الصهيوني بشكل مُطلق، ودول أخرى فقد اعترضت حكومة تصريف الأعمال بإسبانيا وحكومة جمهورية إيرلندا وحكومة إيطاليا والبرتغال ولكسمبورغ على تصريحات “أوليفير فارهيلي (من حيث الشّكل وعدم استشارة الأعضاء) واعتبرت “إن وقف كليّ للمساعدات التنموية الأوروبيّة تعني عقابًا جماعيّا للمدنيين الفلسطينيين”، فهل ثمة جيش فلسطيني أو عساكر “غير مدنِيِّين”؟

تُلزم لإاتفاقيات الدّولية سلطات الإحتلال بإدارة الشؤون اليومية للشعوب الواقعة تحت الإحتلال، غير إن الإتحاد الأوروبي خَلَّصَ الكيان الصّهيوني من هذه المُهِمّة، خصوصا منذ “مفاهمات (وليس اتفاقيات) أوسلو”، ويُمول سلطة الحكم الذاتي الإداري التي تُدير الشؤون اليومية للضفة الغربية وغزة، وخصوصًا الجانب الأمني، لتتفرغ سلطات الإحتلال لمهام قمعية أخرى، فدَرَّبَت الإستخبارات الأمريكية وسلّحلت الجهاز الأمني الفلسطيني ( قُوات “دايتون”، على إسم الجنرال الأمريكي المُشرف على التدريب) الذي يُلاحق المقاومين، بالتنسيق مع جيش ومخابرات الإحتلال، كما يُمَوّل الإتحاد الأوروبي بعض منظمات “المجتمع المدني” التي تلتزم بشروط من يُمَوّلها، أي الإتحاد الأوروبي الذي يرأسه وينطق باسمه مشاهر الرجعيين والصهاينة من أمثال أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية، و “روبيرتا ميتسولا”، رئيسة البرلمان الأوروبي، و”أوليفير فارهيلي” وشارل ميشال وغيرهم ممن أعلنوا تأييدهم المطلق للكيان الصهيوني، ورفعوا رايات الكيان الصهيوني فوق مباني المؤسسات الأوروبية، وأدانت جميع الدّول الأعضاء السّبعة والعشرين العملية الفدائية الفلسطينية، وأكّدَ بيان المتحدث باسم المفوضية الأوروبية للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية “دعم الاتحاد الثابت الذي لا يتزعزع لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وأراضيها، وشعبها، بما يتماشى مع القانون الدولي… ”

 

عرب- توقعات اقتصادية مُتشائمة

توقع البنك العالمي في تقرير أصدَرَهُ يوم الخميس 05 تشرين الأول/اكتوبر 2023 بعنوان “تحقيق التوازن.. الوظائف والأجور في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عند وقوع الأزمات” ( قُبَيْل الإجتماعت السنوية للبنك العالمي وصندوق النقد الدّولي التي تجري هذا العام من التاسع إلى الخامس عشر من تشرين الأول/اكتوبر 2023، بمدينة مراكش المغربية)، تباطؤا حادا للنمو الاقتصادي للمنطقة التي يُسمّيها “الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” (أي الوطن العربي)، وانخفاضة من نسبة 6% في المتوسط، سنة 2022، إلى 1,9% كمعدّل سنوي، بنهاية سنة 2023، ويُعلّل خبراء البنك العالمي هذا التباطؤ الإقتصادي بارتفاع نسبة التّضخّم وسياسات التشديد المالي (زيادة سعر الفائدة على القروض) في العالم، وبخفض إنتاج النفط (في البلدان النفطية)، في ظل تراجع أسعاره هذا العام، مقارنة بالعام 2022، ولذلك يتوقع التقرير أن يكون تتضرّر دُوَيْلات الخليج والبلدان المُصدّرة للنفط أكصر من غيرها من تراجع النمو، حيث يُتوقّع أن تتراجع نسبة نُمُو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمشْيَخات الخليج من 7,3% (كنسبة متوسطة) سنة 2022 إلى 1% سنة 2023، بسبب انخفاض إنتاج وأسعار النفط. أما الدول المستوردة للنفط، فإن وضعها المالي سيّء منذ 2020، وازداد الوضصع سُوءًا بارتفاع معدلات التضخم، وهما عاملان يُعرقلان النشاط الاقتصادي، ويزيدان من انخفاض معدّل إنفاق المواطنين على السلع الإستهلاكية والخدمات، بسبب ارتفاعها وانخفاض قيمة الدّخل الحقيقي للمواطنين، ولذا توقع تقرير البنك العالمي أن ينخفض معدل نمو البلدان المستوردة للنفط من 4,9% سنة 2022 إلى نحو 3,6% سنة 2023، وأشار نائب رئيس البنك العالمي لشؤون منطقة “الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” ( أي الوطن العربي) إلى زيادة عدد العاطلين بنحو 5,1 مليون شخص إضافي (عن الحجم “الإعتيادي” للمُعَطَّلين)، بسبب تواصل الأزمة منذ 2020، وإن نسبة النمو الضعيفة والمُضطربة لا تُبشر بخير ولا تُمكّن من توفير وظائف للوافدين على سوق الشُّغْل الذي يُقدّر عددهم بنحو 300 مليون شاب بحلول العام 2050، فضلا عن انخفاض قيمة الدّخل الحقيقي للأجَرَاء والحرفيين وصغار المزارعين والكادحين والفُقراء…

 

الولايات المتحدة بين الثراء الفاحش والفقر المدقع

أصدر مكتب الإحصاء بيانات جديدة عن الفقر تظهر ( خريف 2023) تراجعا مذهلا في الأمن الاقتصادي على مدار العام 2022، وارتفاعًا لمستوى الفقر، وخصوصًا فقر الأطفال، حيث كان نحو 12,4% من الأميركيين فقراء سنة 2022، غير أن احتساب ذوي الدّخل المنخفض الذين يجدون صعوبة في توفير الغذاء وإيجار المسكن وتسديد ثمن خدمات الكهرباء وغيرها، يرفع عدد الفقراء إلى أكثر من 135 مليون شخص، ما يُمثل نحو أربعين بالمائة من الأمريكيين البالغين، ويشمل الرقم 135 مليوناً كل من يعيش تحت خط الفقر أو مباشرة فوق خط الفقر بقليل، وفي ظروف غير مستقرة فوقه مباشرة، أي إن الفقر أكثر انتشارا مما تعكسه الأرقام الرسمية

يتم اعتبار المواطن الأمريكي “فقيرا” إذا كان شخصا بالغًا يقل عمره عن 65 سنة ويعادل دخله 15 ألف دولارا سنويا، أو ثلاثين ألف دولارا للأسْرَة المكونة من شخصين بالغين وطفلين قاصِرَيْن، وهي أرقام لا تعكس حقيقة الفقر، وتعتبر الشخص الذي يكسب عشرين ألف دولار غير فقير، وكذلك الأسرة التي يبلغ دخلها أربعين ألف دولار، رغم ارتفاع خدمات الرّعاية الصحية وتعليم الأطفال وصيانة السيارات في ظل انعدام أو رداءة النقل العمومي بالولايات المتحدة، ويعتبر الباحثون إن عدم الأمان الاقتصادي يطال حوالي 175 مليون شخصأ في البلاد، فضلا عن الفوارق العرقية الصارخة التي ترفع نسبة الفقراء ( وفق البيانات الرّسمية) من أصيلي أمريكا الجنوبية إلى حوالي 60% ومن السود إلى حوالي 54% ومن السكان الأصليين إلى حوالي 58%، ووفقا لبحث أجرته جامعة كاليفورنيا، ريفرساي، شكل الفقر رابع الأسباب الرئيسية للوفاة سنة 2029، أو ما يتراوح بين 500 و 800 حالة وفاة يوميا. ، قبل جائحة كوفيد-19…

أدّى تطبيق برامج الإغاثة إلى خفض نسبة الفقر، ما خفض من عدد المواطنين الذين يواجهون مخاطر الرواتب المنخفضة والإخلاء من المسكن (بسبب العجز عن تسديد قيمة الإيجار) ومن الجوع والأزمات الصحية، لكن هذه حلول مُؤقّتة وتم تطبيقها سنتيْ 2020 و 2021، ثم توقّفت بقرار سياسي من الكونغرس، والمطلوب، سواء في الولايات المتحدة أو غيرها حلول جذرية لمشاكل الفقر، وتتمثل في توفير العمل ورفع الرواتب وإقرار مجانية الخدمات الصّحّيّة والتعليم والنّقل وغيرها، وإعادة توزيع الثروات بشكل يجعل الجميع في حالة “أمان اقتصادي”…

 

عالم ليس لنا – قطاع السّلع الفاخرة

بينما يتوقع الخبراء آفاقًا قاتمة للإقتصاد العالمي ويُعاني حوالي مليار شخص من الفقر ومن العجز عن توفير المسكن اللائق والغذاء والطاقة والدّواء والرعاية الصحية، ينفق الأثرياء مبالغ طائلة لاقتناء الكماليات، حيث حقق قطاع السلع الفاخرة إيرادات بقيمة 1,3 تريليون دولارا، وازدهرت سوق السلع الفاخرة خلال فترة ما بعد جائحة كورونا، وحققت نموًأ بنسبة 20% سنة 2022، وفقاً لتقديرات شركة ( Bain) الاستشارية، وتُقَدّرُ نسبة النمو لسنة 2023 بنحو 10% وفق وكالة “بلومبيرغ”، ويعود انخفاض نسبة النمو إلى تباطؤ السوق الأميركي وتراجع الإنفاق في الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي والصّين وارتفاع نسبة التّضخّم وحرب أوكرانيا، غير إن علاقة الأثرياء بالسلع الفاخرة لا تخضع للمقاييس التقليدية للعَرْض والطّلب…

تُقدّر وكالة بلومبرغ قطاع الأزياء الفاخرة (وهو من أكبر قطاعات السلع الفاخرة) بنحو 112 مليار دولارا سنة 2023، وللولايات المتحدة منها نصيب الأَسَد، بالتوازي مع نمو مبيعاتها عبر الشبكة الإلكترونية (قطاعات الحقائب والملابس والساعات والمجوهرات)، رغم الأوضاع الاقتصادية السيئة لأغلبية مواطني العالم، وأشار تقرير وكالة “بلومبرغ” إلى ازدهار سوق الإستحواذات والاندماجات في قطاع الأزياء ومستحضرات التجميل والجلد وغيرها من “السلع الفاخرة”…

 

الولايات المتحدة – إضراب العاملين بالرعاية الصحية

يضم ائتلاف نقابات شبكة مستشفيات “كايزر” (القَيْصَر) أربع نقابات تمثل 85 ألف عامل، وبدأ أكثر من 75 ألف عامل في مجال الرعاية الصحية، من صيادلة وممرضين وفنيين في مجال الأشعة واختصاصيِّي غرف الطوارئ وفنِّيِّي الموجات فوق الصّوتية، في شبكة مستشفيات كايزر الأمريكية، يوم الإربعاء 04 تشرين الأول/اكتوبر 2023، أكبر إضراب في تاريخ هذا القطاع، بعد انتهاء سريان عقد العمل الجماعي يوم السبت 30 أيلول/سبتمبر 2023، دون التوصل إلى أي اتفاق جديد، وتعدّ ولاية كاليفورنيا أهم مراكز الإضراب، فضلا عن إضراب آلاف العاملين في ولايات أوريغون وواشنطن وكولورادو لمدّة ثلاثة أيام، وتُخطّط نقابة العاملين لإضراب آخر أطول في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2023، إذا لم يتم التفاوض على اتفاق جديد.

يحتج المُضربون على عدم اهتمام مالكي هذه المستشفيات الخاصة بمشاكل النّقص الفادح في عدد العاملين من ممرضين وفنّيّين لأنهم يهملون رعاية المرضى ولا يهتمُّون سوى بجَمْع المزيد من المال، ما أدّى إلى إرهاق العاملين وعدم قُدْرَتهم على أداء مهامهم لحصول المَرْضى على الرعاية الضّرورية، لأن نقص الموظفين يؤدّي إلى قيام الممرض الواحد بمهام شخصين أو ثلاثة أشخاص، كما يُطالب العاملون بزيادة الرواتب بنسبة 7% لتدارك زيادة الأسعار، وإقرار حد أدنى للأجور قدره 25 دولارًا في الساعة، ووضع حدّ للعمل الهش وتثبيت العاملين بعقود هشة ومؤقتة وتوظيف ممرضين وفَنِّيِّين وإداريين إضافيين لاستيعاب الطوابير الطويلة من المرضى…

قُدّرت أرباح شبكة “كايزر” للرعاية الصحية بنحو 21 مليار دولارا خلال السنوات الخمس الماضية وبنحو ثلاثة مليارات دولارا خلال النصف الأول من سنة 2023، ويحصل 49 من مديريها التنفيذيين على رواتب سنوية تزيد عن مليون دولار.

التعليقات مغلقة.