المفكرة السياسية الأردنية ديانا فاخوري تكتب: تدوس “الانتفاضة الفلسطينية” الموت بالموت وتبشِّرنا بفرح عظيم يكون لجميع الشعب فتطير صفقة القرن على قرن غزال شارد!
ديانا فاخوري ( الأردن ) – الأربعاء 13 / أيار ( مايو ) / 2020 م …
بعد ان أنزلت دول المحور الصهيواعروبيكي السماء على الارض وإستبدلت الطبيعة بما ورائها في محاولة لتحقيق الميتافيزيقا في الحياة اليومية، تدوس الانتفاضة الفلسطينية الموت بالموت وتبشِّرنا بفرح عظيم يكون لجميع الشعب فتطير صفقة القرن على قرن غزال شارد!
من قرار تقسيم فلسطين رقم 181 لعام 1947إلى “نيوم” (الذكية – هل هي حقاً كذلك!؟) مرورا بكامبب ديفيد ومشتقاته (اوسلو ووادي عربة) والربيع العربي – يبدو المخطط الصهيواعروبيكي العسكري الاقتصادي متهافتاً لانشاء منطقة حرة وسط مربع يجمع السعودية ومصر والأردن وفلسطين المحتلة ويتضمن السيطرة على مضيق باب المندب وجزيرة بريم (اضافة للثروات النفطية اليمنية وخاصة في محافظتي مأرب والجوف) بأهميته الاستراتيجية العسكرية الأمنية الاقتصادية حيث يربط بين البحر الأحمر والخليج العربي والمحيط الهندي، ويعمل كطريق ملاحة للسفن النفطية وغير النفطية التي تنتقل بين الشرق الأوسط وبلدان البحر المتوسط .. وهذا يعيدنا لحزيرتي تيران وصنافير وكيف تخلت عنهما مصر للسعودية ليتم ربط “نيوم” بسيناء وربط السعودية ب”كامب ديفيد” بأثر رجعي .. انه – بلغة ادونيس – ذلك “العجلَ الأسودَ” الذّهبيّ، نفطاً (وغازاً)، والذي هو وفقاً لعبارةٍ بريختيّة، على الأرجح، “عصير الجثث”، جثث المعادن المتنوِّعة في أعماق الأرض، والذي يتحوّل في المُمارَسة إلى “عصير جثثٍ بشريّة” يسيل دافِقاً دامِياً على وجه الأرض.
تتوغل الأسلحة الحوثية من صواريخ باليستية ومُسيّرات في العمق النفطي السعودي ويتموضع “أنصار الله” على الشّاطئ الشرقيّ للبحر الأحمر، وباب المندب لتُشَكِّل تهديدًا للسّفن الإسرائيليّة والمِلاحة في خليج العقبة!
تضرب ايران “عين الاسد” في الأنبار بعد اسقاط المسيّرة الاميركية “غلوبال هوك”.. وها هي اليوم تُطلق “نور”، القمر الصناعي العسكري، على ارتفاع 440 كيلومترًا في الغِلاف الجويّ، ليَرصُد التحرّكات العسكريّة الصهيواعروبيكية في المِنطقة .. باختصار ايران على الشاطئ الشرقي للمتوسط مقابل تركيا على شاطئه الغربي والعرب داخل “الأسوار”.
تُصر دمشق على ازالة الإحتلال الأميركي الُمطبق على حقول النفط والغاز في شرق الفرات حيث قامت بتسديد عدة ضربات استخباريّة في مرمى واشنطن، وتمكنت من أسر جنديَّين اميركيين كانا يستقلّان الآليّة التي تعرّضت للهجوم اثناء تنقّلها بين حقلّي العمر والتنك بريف دير الزور الى جانب “اوستن تايس” (القائد السابق بالبحرية، الذي سُجن في سورية في شهر اب عام 2012) عداك عن عدد كبير من المعتقلين من جنسيّات امريكية وغربيّة وخليجية!
يمتصّ مقاتلو الحشد الشعبي العراقي الهجمات “الداعشية” ويقومون بملاحقة خلايا التنظيم في صحراء الأنبار من خلال عمليّة “اسود الصّحراء”، ليكون القطاف ثلاثة من قياديي القوات الاميركية .. وفي جعبة الحشد المزيد من المفاجئات!
تسمح امريكا للعراق بالاستمرار باستيراد الوقود لاستهلاك الكهرباء من ايران ولمدة أربعة شهور بدلاً من شهر واحد!
تقوم امريكا بسحب بطاريات باتريوت وبعض طائراتها من المملكة العربية السعودية!
هل تتلاقى المصالح الاميركية والإيرانية فتُشكل “رئاسة” مصطفى الكاظمي في العراق بعد حسان دياب في لبنان إشارة لخفض التصعيد في المنطقة باتجاه السلام والاستقرار، وهل حقاً انَّ ايران لم تعدْ تشكّل تهديداً للمصالح الاستراتيجية الامريكية في المنطقة!؟ هل هو صدى ارتطام (The Thief/Killer-in-Chief) بالحائط وهرولة الأدراج خاصة مع اشتداد الخناق على دولة الاحتلال او الاعتلال – ان شئت الدقة .. ام تراه استمرار للابتزاز الترمبي لدول الخليج بعد إغراقهم في أزمة النفط والغاز: هاتوا ما تبقى في جيوبكم/صناديقكم أو أذهب الى ايران وهي كفيلة بكم!؟ انه الهوس الأميركي العسكري – الاقتصادي بأحادية الهيمنة ذاته، هوس تحويل العالم إلى معازل وأسواق ومعسكرات لكأنهم اصحاب الارض وورثتها بمن عليها يخترعون الصراعات ويديرون الفيروسات مُحٓوِلين “الاَلة” الى “الإله” بابتذال العولمة والليبرالية الجديدة المستجدة بما يعكس تمجيد السوق والكم والشيء!
لو قُيّض للطيب صالح طول بقاء لكتب “جُملًا واضحة بخط جريء” حول بدء موسم الهجرة الامريكي عن جبل طارق العربي الى جبل طارق الآسيوي، كما يحلو لبعض اهل الجيوبوليتيك ان يسمّي مضيق ملقا (Strait of Malacca)، تلك القناة الرئيسية للشحن بين المحيط الهندي والمحيط الهادي، حيث يصل بين اقتصاديات آسيا الرئيسية مثل الهند، الصين، اليابان، كوريا الجنوبية، وإندونيسيا .. هل بدأ موسم الهجرة هذا بعد ان أصبحت الصين القوة الاقتصادية العُظمى دوليا، وروسيا القوة العسكرية الاولى في العالم (الصواريخ الفرط صوتية والاسلحة الكهرومغناطيسية) وإيران دولة إقليمية كبرى تتحدى القوة العسكرية الأميركية!؟ .. هل بدا لهم ان ثمة آفاق أُخرى بعد اصطدامهم بصخرة الصمود السوري وكرامات محور المقاومة واخفاقهم في تشظية وتفكيك وتجزئة وتفتيت المنطقة، ومحاصرة روسيا والصين وإيران للهيمنة على منابع وأنابيب النفط والغاز.
ورغم ذلك تراهم ما فتؤا يمكرون و”يطبخون” استراتيجيا وتكتياً ويُعِدّون لعُدوانٍ صهيواعروبيكي على محور المُقاومة بتوقيت انتخابي أمريكيّ، ولكن المقاومة لهم بالمرصاد انسجاما مع الْأَية الكريمة 30 من سورة الأنفال:
“وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ “!
الدائم هو الله، ودائمة هي فلسطين!
نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..
التعليقات مغلقة.