جريدة “الأيام” ترصد مشاهد جديدة من العدوان الصهيوني المتواصل على غزة في يومه الـ 250
مدارات عربية – الجمعة 14/6/2024 م …
كتب محمد الجمل:
تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بشكل عام، ومحافظة رفح على وجه التحديد، في اليوم الـ 250 من الحرب المُستعرة، مع تعميق العمليات البرية غرب وشمال المحافظة، وتصاعد القصف الجوي والمدفعي على جميع أنحاء القطاع.
“الأيام” تنقل مشاهد جديدة من العدوان المُستمر، منها مشهد يوثق نبش الاحتلال للمقابر في رفح، ومشهد آخر بعنوان “رفح.. معارك على مدار الساعة”، ومشهد ثالث يرصد ملاحقة نيران الاحتلال للنازحين أينما تواجدوا، ومشهد رابع بعنوان “عيد بلا طقوس أو أضاحٍ”.
الاحتلال ينبش مقابر رفح
استكمل الاحتلال حملته على مقابر قطاع غزة، بنبش 4 مقابر جديدة في محافظة رفح، وإخراج رفات مئات الموتى والشهداء، وسرقة عشرات الجثامين، ونقلها إلى داخل الخط الأخضر.
وبدأ الاحتلال حملته على المقابر في رفح، بتجريف مقبرة حي السلام، جنوب شرقي المحافظة، ونبش القبور، حيث أكد شهود عيان أن جرافات عسكرية قامت بتجريف المقبرة، ثم نزل جنود من مركباتهم العسكرية، ونبشوا القبور، وأخرجوا الجثامين منها، ونقلوا العشرات باتجاه الحدود الشرقية.
وبعد نحو أسبوعين، وصلت الدبابات لمحيط مقبرة “زعرب”، وقامت الجرافات بتجريفها، وجرى نبشها، وإخراج مئات الجثامين والرفات منها، ثم انتقل العمل لأكبر مقابر رفح، وهي مقبرة تل السلطان، وكررت قوات الاحتلال ذات الأمر فيها، حيث تم تجريفها وتخريبها، ونبش القبور، وسرقة الجثامين.
ووفق المصادر المحلية وشهود العيان، فقد تقدمت الدبابات غرباً، وأحكمت سيطرتها بالكامل على القرية السويدية، قبل أن تبدأ بتدميرها وتجريف المقبرة الرابعة التي تقع وسط القرية، الملاصقة للبحر.
وبحسب المصادر فقد جرى سرقة جثامين الموتى والشهداء، خاصة ممن توفوا حديثاً، وجرى نقلهم دون معرفة ما هي الجثامين التي تمت سرقتها، ومن هم أصحابها.
وأعرب مواطنون عن استيائهم من العبث في المقابر ونبش القبور، مؤكدين أن هذا الأمر يخالف كافة الشرائع والمواثيق السماوية والأرضية، داعين للضغط على الاحتلال للتوقف عن هذا السلوك، وإعادة الجثامين والرفات إلى مكانها، ومراعاة حرمة الموتى.
وذكرت وسائل إعلام عبرية قيام جيش الاحتلال بنقل عدد غير محدد من الجثامين من رفح إلى أحد المعاهد العدلية داخل إسرائيل، لمعرفة هويات أصحابها، وسط شكوك أن تكون بعض الجثامين تعود لأسرى إسرائيليين.
ومنذ بدء العمليات البرية في قطاع غزة، نبشت قوات الاحتلال عشرات المقابر في القطاع، وسرقت عدداً كبيراً من الجثامين.
رفح.. معارك على مدار الساعة
رغم دخول العملية البرية على محافظة رفح أسبوعها السادس، إلا أن حدة المعارك والاشتباكات المسلحة لم تهدأ، وما زال الاحتلال يواجه مقاومة ضارية في جميع مناطق المحافظة المخلاة من سكانها، خاصة في مخيمي يبنا والشابورة، ومناطق وسط المحافظة.
ووفقاً لما صدر عن مواقع إخبارية عبرية، فإن مخيم رفح يشهد معارك يومية، وكمائن مستمرة، كان أخطرها تفجير منزل في قوة إسرائيلية، ما تسبب بانهياره، وأدى ذلك لمقتل 4 جنود وإصابة آخرين.
ونشرت فصائل المقاومة مقاطع فيديو تُظهر استهداف آليات وجنود في محاور القتال المختلفة برفح، وكان معظم هذه المقاطع داخل مخيم رفح، وتحديداً منطقة يبنا، إذ ظهرت دبابات يتم استهدافها وسط المخيم، مع توالي إصدار بلاغات عسكرية، باستهداف مقاومين لقوات الاحتلال في ذات المنطقة.
وأكد المواطن بلال فرج، وهو نازح يقيم في مناطق جنوب خان يونس، إنه يتابع من موقعه المعارك التي تدور في رفح، ويستطيع من خلال معرفته بأحياء المحافظة، تحديد موقع الاشتباكات.
وأكد أنه يستطيع بسهولة معرفة إذا ما كان إطلاق النار والقذائف عبارة عن قصف تقليدي أو ناتجا عن مواجهات مسلحة، ويظهر ذلك من خلال تباين أصوات إطلاق النار، واختلاف أصوات الانفجارات، والقصف المدفعي العنيف، واستدعاء الطائرات المروحية، إذ لا يحدث الأمر الأخير إلا حال اشتداد المعارك.
وأكد فرج أن الاحتلال في أغلب المعارك يطلق عشرات القنابل الدخانية، وهذا سلوك يحدث عند إخلاء الجرحى، كما أن طائرات الإنقاذ تهبط باستمرار وسط رفح، خاصة في ملاعب كرة القدم، لإجلاء القتلى والجرحى.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال، إن عملية رفح ستستغرق ما بين 4-6 أسابيع على حد أقصى، غير أن قادة في جيش الاحتلال أكدوا في وقت لاحق أن الوضع في رفح أعقد مما تخيلوا، وبدا ذلك واضحاً من خلال استدعاء وإدخال ألوية جديدة للمحافظة، للمشاركة في القتال.
نيران الاحتلال تلاحق النازحين أينما تواجدوا
تعرض آلاف النازحين للقتل أو الإصابة بنيران الاحتلال منذ بداية شهر أيار الماضي، جراء تعرضهم للرصاص والقذائف في عدة مناطق بالقطاع.
فقد سُجل عدد كبير من المجازر المتعمدة، التي استهدفت النازحين الفارين من القصف والموت، أبرزها مجزرة “البركسات”، وقصف مراكز إيواء وسط القطاع وشماله.
ولا يكاد يمر يوم دون تعرض خيام النازحين خاصة في مناطق جنوب ووسط القطاع لهجمات إسرائيلية مباشرة، ما يُسفر عن وقوع إصابات وجرحى، فقد تعرضت معسكرات النازحين في مناطق المواصي بمحافظة رفح، لعمليات قصف إسرائيلية متكررة في الأيام الماضية، بينما لاحقت نيران الاحتلال النازحين في منطقة الزوايدة، التي صنفها الاحتلال بأنها إنسانية آمنة، إذ سقط شهداء وجرحى، جراء إطلاق نار من الزوارق تجاههم.
وأكد المواطن النازح عمر عبد الكريم، إنه منذ بدء عملية رفح نزح أربع مرات، وفقد أحد أبنائه، وأصيب آخر خلال رحلات نزوح متكررة.
وبيّن عبد الكريم وكان يقطن شرق رفح، إنه نزل في المرة الأولى باتجاه حي تل السلطان، ومع تصاعد القصف اتجه لمنطقة شمال غربي رفح، فجرى استهداف الخيام بالصواريخ والقنابل من الطائرات، واستشهد أحد أبنائه، فنزح للمرة الثالثة باتجاه مواصي رفح، لكن نيران الاحتلال واصلت ملاحقتهم، حتى اضطروا للنزوح مرة رابعة باتجاه مواصي خان يونس، وقد وصلهم الرصاص في خيمتهم الجديدة، ما تسبب بإصابة ابنه الآخر بجروح.
وأكد عبد الكريم أن الوضع في قطاع غزة خطير، ولا يوجد مكان آمن، وأينما توجه الناس لاحقهم الموت، ويبدو أن خيام النازحين باتت هدفاً مفضلاً للاحتلال، إذ يتم استهدافها بصورة شبه يومية.
عيد بلا طقوس أو أضاحٍ
لأول مرة منذ عقود طويلة، يأتي عيد الأضحى والعشر الأوائل من ذي الحجة بلا طقوس، أو أجواء البهجة، وبدون أضاحٍ.
فقد حل العيد وهناك أكثر من 1.8 مليون مواطن في قطاع غزة يعيشون حياة النزوح، أغلبهم يقيمون في خيام، وسط حياة بائسة وعصيبة.
وقال المواطن أيمن هاشم، إنه لأول مرة من عقدين ونصف العقد يأتي عيد الأضحى بدون شراء أضحية لأبنائه، وبدون طقوس العيد التي اعتادوا عليها.
وقال هاشم، إنه عجز حتى عن صيام الأيام الأوائل من ذي الحجة، والتي اعتاد وزوجته وبعض أبنائه على صيامها كل عام، نظراً لارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير في الخيمة، وحاجتهم للمياه كل ساعة على الأقل، ومعاناة البحث عن المياه والطعام في ظل الأجواء الحارة.
وأكد أن العيد جاء في ظل وضع بائس، وحصار مطبق، فحتى الدواجن غير متوفرة في الأسواق، والناس كلها مشغولة بالبحث عن أساسيات الحياة، والكثير لا يعلمون أن العيد اقترب، فالناس في ظل حياة النزوح باتوا لا يتابعون الأيام والتواريخ، فالأيام أصبحت تشبه بعضها.
في حين استذكر المواطن محمود العطار، أجواء العيد في مثل هذا الوقت من كل عام، حيث كان الناس يبحثون عن الأضاحي، ويتجهزون للعيد، والنساء تصنع الحلوى، والأسواق عامرة، لكن هذا العام كل شيء اختلف، فقد استبدلت أجواء الفرح، بالحزن، واليأس، والنزوح، والتشريد.
وأكد أن الجميع كانوا ينتظرون العيد، فالمضحي يستعد وأسرته لأكل اللحوم، وغير المضحي تصله اللحوم، كهدايا وصدقات، لكن هذا العام يبدو أن جميع سكان غزة لن ينعموا بأكل اللحوم.
التعليقات مغلقة.