حرب غزة وحج هذا العام! / كاظم الناصر

278

كاظم الناصر ( فلسطين ) – الجمعة 14/6/2024 م …

أدت الجرائم التي ارتكبتها دولة الاحتلال منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى استشهاد ما يقارب 38000 شهيدا، وجرح 84494 وان عدد الشهداء مرشح للزيادة لان الألاف منهم ما زالوا تحت الركام وفي الطرقات ولا تستطيع طواقم الإسعاف المدني الوصول إليهم، وإلى تدمير شبه كامل للبنية التحتية، وما يزيد عن 50% من البيوت والبنايات. هذه الجرائم كشفت لمعظم شعوب العالم الوجه الحقيقي لدولة الاحتلال كدولة إبادة جماعية عنصرية توسعية متوحشة لا تهتم بالقيم الأخلاقية الإنسانية والقوانين الدولية، ولا تريد حلا سلميا للصراع، ولا تخفي مخططاتها لتهجير الفلسطينيين وتحقيق أطماعها التوسعية في الوطن العربي.
ولهذا خرجت الشعوب المحبة للسلام، الداعمة للحق الفلسطيني، الرافضة للعدوان الصهيوني في مظاهرات حاشدة في العديد من عواصم دول العالم التي تدين بالمسيحية، أو البوذية، أو لا يؤمن  العديد من مواطنيها بأي دين، ومن ضمنها عواصم الدول المتواطئة مع دولة الاحتلال والمشاركة في قتل الفلسطينيين وتدمير غزة واشنطن ولندن وباريس وبرلين، بينما الشعوب العربية والإسلامية صامتة، مستكينة، متخاذلة وكأن الأمر لا يعنيها، ووصلت إلى حالة من الإحباط والاستسلام غير المسبوقة، ولم تفعل شيئا حتى عندما تكون في مكة المكرمة وعلى جبل عرفة، وتنسى ان الله يحثها على الجهاد دفاعا عن أوطانها وكرامتها ومستقبلها، وسيعاقبها على  تخاذلها وطاعة حكامها الفاسدين الظالمين الانهزاميين.
لقاء ملايين الحجاج المسلمين في مكة المكرمة والمدينة المنورة هذا العام بالذات، ووقوفهم على جبل أحد الذي خاض الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ثاني معاركه هو وصحبه على صخوره وترابه دفاعا عن الإسلام والمسلمين، يجب ان يكون مناسبة ليس فقط لإتمام مناسك الحج والعبادة وإظهار المشاعر الدينية والروحية، بل ان يكون مناسبة لدعم غزة، وتدارس أوضاع المسلمين وتعزيز علاقاتهم البينية، وحثهم على الدفاع عن أوطانهم ومقدساتهم، والدعوة لإحقاق الحق، والتصدي لأعداء أمتهم وعلى رأسهم دولة الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا، ومحاربة الظلم والفساد الذي تعاني منه أوطانهم.
السلطات السعودية نظمت أعمال ندوة الحج والعمرة في نسقها ال 48 التي عقدت في مكة المكرمة يوم الإثنين 10/ 6/ 2024، أي قبل بدء الحج رسميا بأيام قليلة تحت عنوان ” مراعاة الرخص الشرعية والتقيد بالأنظمة المرعية في شعيرة الحج ” برعاية وزير الحج السعودي توفيق الربيعة، وحضور أكثر من 500 مشارك من ” أصحاب المعالي (الوزراء) والعلماء ومفكري العالم الإسلامي ” كما وصفتهم وسائل الاعلام السعودية.
والمضحك المبكي هو أن جدول أعمال هذه الندوة لم يتطرق لذكر حرب غزة، وأن الهدف من انعقادها هو الثناء على الجهود التي يبذلها النظام، وشرعنة حصول الحجاج على رخص رسمية مكلفة ماليا لأداء مناسك الحج، ودعم منع السلطات السعودية الحجاج من ذكر المقاومة، ومن القيام بأي نشاطات سياسية من ضمنها رفع شعارات مؤيدة للفلسطينيين. ونحن نسأل ” أصحاب المعالي الوزراء والعلماء ومفكري العالم الإسلامي” هل يجيز الإسلام استسلام العرب والمسلمين للإرادة الصهيونية والأمريكية؟ وهل يقبل الإسلام أو أي دين ما تقوم به دولة الاحتلال من جرائم إبادة جماعية لأطفال ونساء ورجال وشيوخ غزة؟ وهل يقبل الإسلام تخاذل العلماء والمفكرين ونفاقهم ودعمهم لحكام العرب والمسلمين الخانعين الفاسدين؟
الإسلام يحارب الظلم والظالمين، ويرفض الخنوع والخانعين، ويؤمر العرب والمسلمين شعوبا وحكاما بالدفاع عن أوطانهم ومقدساتهم، والحفاظ على أرواح وكرامة وأمن المواطنين المسلمين والمسيحيين، ولا يقبل الاستسلام لأعداء الأمة الإسلامية والتحالف معهم والانصياع لإرادتهم، كما يفعل معظم قادة العرب والمسلمين.
عار على شعوب وحكام الدول الإسلامية، خاصة العربية منها، وعلى رجال الدين والمثقفين، ومن نظموا ندوة الحج في مكة، وحضروها، وشاركوا بأعمالها أن يصمتوا ويتجاهلوا جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني والأماكن المقدسة حتى في موسم الحج وفي مكة المكرمة والمدينة المنورة، بينما يخرج المدافعون عن الحق الفلسطيني في مظاهرات عارمة في مدن العالم وجامعاته، ويشتبكون مع رجال الأمن، ويعرضون أنفسهم للضرب والسجن!

التعليقات مغلقة.