العالم مُكتظٌّ بفلسطينا … إضاءة على المشاهد في فلسطينا / د. سمير محمد ايوب

283

د. سمير محمد ايوب ( الأردن ) – الجمعة 5/4/2024 م …

في ظل رداءة قبضات الكثير من السياسيين، وبساطيرهم التي تشحذ الحجج وأطروحات التبرير، فإن الكثير من المَواطِن العربية وبسطات الكاز ومدن الرمل والقلق، تواصل البقاء منصاتَ تَزَلُّمٍ وتَسحييجٍ وتَفحيج، لن يسير أيُّ تغيير فيها إلا إلى الوراء، وتحدث عن السيادة فيها بلا حرج، فجُلُّ المُواطَنةِ هناك إما أكُفٌّا تُسَحِّج، أو ألسُنةً بباغاوية مُستعارة، أو أوْجُها حِرباويَّةٌ متلوِّنَة، أو جُثثا مُغيَّبة في المنافي أو في السجون أو في القبور أو أحياء عند ربهم يرزقون.
إلى أن اندلع طوفان – الأقصى، فتململ التاريخ إلا في مَواطِنِ العَرب، وبادر جل أحياء الناس الى تمزيق متصاعد لسرديات الماضي وتفنيد عيوبه، وعلى وقع هذا التمزيق المتدرج والتراجع المتدحرج، بدأ العالم رقصة التعري قطعة قطعة، حتى بانت الكثير من العورات. وأخذ العالم بالتغيير والتضعضع، حتى كاد ان يصير بلا قادة ولا رموز ولا أصنام تُعْبد أو حتى تُؤكل!!!
رغم كل سواد اللحظة ومايكروفوناتها المُدَلِّسَةِ ، فان فلس – طين تنتصر بالكامل على قتلتها، نصرا غير قابل للتزوير أو السرقة أو الاحتواء أو التتويه أو الاخفاء، فقد انتشر دم غزة العزة وروحها وعزمها في كل الهياكل، وانتشر في كل السماوات، وصارت غزة باتساع هذا الكون، فاكتظ العالم بفلس – طين وقضيتها، وصار من الضروري قبل الولوج المكرر في فولكلور المآلات والأسباب الباسلة، القول::
ستبقى فلس – طين بدمها المناضل، هي الشاهد الانساني الاخلاقي، الحاضر في ميادين العالم المستحيل، وشوارع الخرافة، وزواريب الوهم والتنازل، بطريقتها الفذة لها القول الفصل، ما لم تُخْذَل بالخيانة على طريقة إخوة يوسف وأبي لهبٍ وتفاحة أبونا آدم.
فلس – طين الطوفان عتبةٌ في المنازلة الكبرى المتصلة، نعم لتلك العتبة ما قبلها، وبالقطع لها ما بعدها. ولكن رغم كل لِجام، وهي تُغيِّر خرائط الغضب الإنساني الراقي في العالم، ستُغيِّر الكثيرَ في إقليمها وحواضنها.
فالعالم صار في قلب غزة، ومعادلات الأضداد والمُتشابهين والمِثليين السياسيين، وهي تحاول رسم أزمان وتفاصيل المسارات، توزع مع الكثير من الفتن، الكثير من الميكروفات والاقلام على بعض الأحذية والرؤوس، لانها باتت تخشى من بقاء غزة العزة في قلب العالم، فقط عبر الرصاص الحر والشريف، فمع مثل هكذا رصاص يمكن المضي الى الامام وعليه يمكن البناء.
نعم، الرطن في الكثير من الأمكنة، بات عبريا وبلكنة صهيو – أمريكية، والموت بات كثيرا وبالجملة، والحزن الغاضب عاصفا، والنسيان مستحيلا، فهذه الفلس – طين وان تقادمت الذكرى فيها ومعها، وتشتت بعضها وبعضها تشوه، فإنها تكتب بدمها أسماءكم وأنتم في خلواتكم، وتبعث مجددا شرف المستكينين من مرقده ، وتستولد من الموت شرفا للعاجزين منكم وما أكثرهم للأسف.

التعليقات مغلقة.