متى ينتهي العدوان على غزة؟ عوامل ستدفع الاحتلال للبحث عن مخرج من مأزقه / د. رامي عياصرة

363

د. رامي عياصرة  –  الأربعاء 24/1/2024 م …

هذا هو السؤال الأهم الذي يشغل بال الجمهور والمراقبين والمتابعين لمجريات الاحداث منذ 7 أكتوبر حتى الآن.
الترقب ليس لعيش لحظة النصر وشهود أعظم هزيمة ستطال الكيان الصهيو ني منذ اقامته وانشائه، وانما ايضا لوقف معاناة اهلنا في غزة الذين تحملوا على مدار أكثر من 110 أيام نتائج وتداعيات أكثر الحروب وحشية وشراسة ولاأخلاقية في العصر الحديث .
ثمة جملة من المعطيات والمؤشرات يمكن أخذها بعين الاعتبار للاجابة على السؤال عنوان المقال ، أولها : ما يصدر عن الجانب الاسرائيلي وتحديدا مجلس الحرب ونتنياهو الذين تصدر عنهم مواقف متباينة منها ما يشير الى الاستمرار في العدوان لعدة شهور أخرى قد تصل الى منتصف العام الحالي على أساس تحقيق النصر على حماس والمقاومة من خلال التعويل على عدم وجود إمدادات لها من خارج القطاع بالتالي نفاد سلاحها وذخيرتها واستهلاكها بالكامل، ولهذه الغاية يعمل بقوة على محور فيلادلفيا بالتعاون مع الجانب المصري الذي اعلن على لسان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات انه دمّر أكثر من 1500 نفق وأنها تعمل على تقوية الجدار الحدودي مع غزة عبر تعزيزه بجدار خرساني اضافي.
وفي هذا السياق يؤكد غالبية قادة الاحتلال أنهم يخوضون حرباً ذات طابع وجودي لم يشعروا بمثل هذا الخطر منذ قيام كيانهم .
لكن بالمقابل تؤكد حماس والمقاومة أن سلاحها وذخيرتها يصنّع في داخل غزة وانفاقها الأمر الذي يؤدي الى عبثية وسقوط هذه النظرية من اصلها.
بكل الأحوال هذا السيناريو من الصعب أن يصمد أمام الكثير من العثرات التي تعترضه، منها عدم قدرة الكيان الصهيو ني على تحمّل حرب طويلة يستنزف القوة العسكرية وتحمّله الخسائر الباهظة التي تكبده اياها القسام وفصائل المقاومة سواء في المعدات أو الجنود الذين يعودون يومياً بالتوابيت ليس آخرها ما جرى في خانيونس والمغازي، علاوة على الاقتصاد الاسرائيلي الذي تكبد خسائر كبيرة، وستعمل اطالة أمد الحرب الى مضاعفة هذه الخسائر واذا استمرت لعدة شهور اضافية ربما تصيب الاقتصاد الاسرائيلي بالانهيار ، فالاقتصاد الاسرائيلي كبير يقدر سنويا ب 500 مليار، وخسائره كبيرة وليست سهلة حتى لو جرى تعويضه مالياً من الولايات المتحدةوالدول الاوروبية الداعمة له.
المسألة الاخرى التي ربما تكون عامل من عوامل تقصير أمد العدوان التي ظهرت بشكل واضح في الآونة الاخيرة وهي الاختلاف بين قادة الاحتلال في طريقة إدارة الحرب وجدوى الاستمار بالحرب في تحقيق الاهداف التي وضعت لها ، وهذه الاختلافات جوهرية يختلط فيها الأهداف الشخصية مع الاهداف العامة لنتنياهو والقيادات العسكرية التي تخشى من الحساب على ما جرى في هزيمة 7 أكتوبر ، وبذات الوقت فان الاستمرار في المعركة مع تكبد المزيد من الخسائر يجعلهم في ورطة أكبر من سابقتها يوم 7 أكتوبر. ومن هنا نستطيع وصف ما يعانية الاحتلال الإسرائيلي في غزة بأنه واقع في مأزق و ورطة حقيقية بالفعل.
المسألة التي تعتبر نقطة ارتكاز مهمة في المشهد هي مسألة الأسرى الاسرائيليين في قبضة القسام و المقاومة ، هذا هو الملف الذي يشكل نقطة الضعف الاسرائيلي، فقد فشل الاحتلال في تحرير أي منهم بعد كل ما جرى ، وبذات الوقت يرتكز الحراك الداخلي الاسرائيلي الضاغط على القيادات السياسية والعسكرية للاحتلال على مطالبة ذوي الاسرى بعمل اللازم لاطلاق سراحهم، وهذا الذي ربما يؤدي الى انهيار حكومة نتنياهو وربما انتهاء الحرب بالذات مع الوصول لقناعة مفادها أنه من المستحيل تحرير أيٍّ من الاسرى من دون وقف كامل لاطلاق النار واتمام صفقة تبادل شاملة واطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين.
الذي يمتلك قرار وقف الحرب من خارج قيادة الحرب الاسرائيلي هي الادارة الأمريكية التي حتى الآن هي الأخرى لا تدعم وقف كامل لاطلاق النار و انهاء العدوان بالرغم من مطالبة المجتمع الدولي بذلك واصدار قرار من الجمعية العمومية للأمم المتحدة تقضي بذلك .
كل ما تطرحه الادارة الامريكية هو وقف مؤقت لاطلاق النار لمدة شهرين يتم من خلالها تبادل الأسرى، وهذا التصور بعيد عن الواقع ولا تقبله حماسو المقاومة .
بمعنى ان المؤشرات تقول بأن هذه الحرب لازالت فصولها طويلة وربما تأخذ اشكالاً متنوعة حتى بعد الانسحاب البري للقوات الاسرائيلية ، وربما تنحو باتجاه فرض شروط معينة ترتبط باعادة إعمار غزة بعد انتهاء العمليات العسكرية مع استمرار الحصار الذي يعدّ شكلاً من اشكال الحرب بالمناسبة ، بالاضافة الى ترتيبات ما بعد انتهاء المعركة ومَنْ سيحكم غزة وغيرها من الطروحات الامريكية والغربية ومعها العربية.
خلاصة القول من الصعب التنبؤ بالمدى الزمني الذي ستصل له المعركة ومتى يمكن أن ينتهي العدوان ، ولكن بكل الأحوال فإن قوة المقاومة على الأرض وقدرتها على تكبيد العدو الخسائر المتتالية والكبيرة ، واحتفاظها بقدراتها وديناميكيتها على أرض المعركة، ومدى قدرتها على إظهار سيطرتها على قطاع غزة كاملاً من شماله الى جنوبه ، والأهم قدرتها على الاستمرار في اخفاء الأسرى وعدم تحرير أيّ منهم بالعمليات العسكرية .
كل هذه عوامل ذاتية ستدفع الاحتلال الإسرائيلي والحلفاء وكذلك الداعمين للوصول الى قناعة كاملة بأن هزيمة حماس والمقاومة باتت في حكم المستحيلة وانها يجب أن تبحث لها الولايات المتحدة عن مخرج لها من مأزقها يبدأ بوقف العدوان بشكل كامل حتى لو من غير عملية سياسية كاملة .

 

التعليقات مغلقة.