“خبز من أعلاف الحيوانات”.. نساء غزة خلف “الطابون” لتأمين غذاء النازحين

377

مدارات عربية –  الثلاثاء 23/1/2024 م …

سيدات فلسطينيات يمنهنّ صناعة الخبز لآلاف النازحين في مراكز الإيواء، في وقت يضطرون إلى إعداد الخبز من حبوب الذرة وأعلاف الحيوانات في ظل شحّ الدقيق.

لساعات طويلة، تتسمّر الفلسطينية آمال أبو خضير، وهي نازحة من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، أمام الفرن الطابون البلدي لإعداد الخبز لآلاف النازحين، أملاً في الحصول على كميّة قليلة من الأموال تُعيل بها عائلتها المكوّنة من 9 أفراد. 

حالة النزوح التي أُجبر عليها سكان القطاع بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، دفعت أبو خضير، للعمل في صناعة الخبز للنازحين، بعد أن حصلت، بشقّ الأنفس، على فرن بلدي قديم مصنوع من الطين والقش، وهو المتوارث بين الفلسطينيين.

ساعات طويلة من العمل 

تبدأ آمال منذ ساعات الفجر الأولى بإعداد الخبز، وتتركّز مهمّتها في أمرين رئيسيّين: الأول، تجهيز العجينة الخاصة به لبعض العائلات التي لا تعرف سيداتها كيفية إعداده، والأمر الآخر خبزها على نار فرن الطابون. 

وتفيد للميادين نت بأنها تستقبل الزبائن في مكانها المتواضع أمام أحد مراكز الإيواء في مدينة رفح، لتحصل مقابل كل ثلاثة أرغفة على أقل من نصف دولار، وهو ما يوفر لها القدر اليسير من الأموال لاحتياجات أسرتها.  

ويساعد السيدة الفلسطينية، في مهمتها الشاقة زوجها محمد الذي يتولّى مهمّة البحث عن الحطب وإشعال النار وإبقائها موقدة طوال ساعات العمل، والتي تمتد حتى آخر الليل، من دون أن يتمكّن الزوجان من الحصول ولو على قسط قليل من الراحة. 

وتقول أبو خضير: “النازحون يعتمدون حالياً على الأفران القديمة لإعداد الخبز بسبب عدم توفر غاز الطهي وإغلاق المخابز الآلية، وأحصل في اليوم الواحد على نحو 50 دولاراً، وهو مبلغ زهيد لا يكفي لسد الاحتياجات اليومية لأسرتي”.

الكثير من السيدات، وفق أبو خضير، أصبحن يعملن في هذه المهمة، وأفران الطابون منتشرة في مختلف مناطق النزوح، وهي توفر للعائلات الخبز الطازج، وذلك بشرط توفر الدقيق الذي يفتقر إليه سكان القطاع. 

مقابل زهيد

وبطريقة مختلفة قليلاً، تعمل خديجة دلول، في المهنة نفسها وللأسباب ذاتها، إذ تقوم باستخدام فرن حديدي معدّ للاستخدام بواسطة غاز الطهي، وتقول لـلميادين نت: “أستخدم الجزء السفلي من الفرن لوضع الحطب وإشعال النيران، والجزء العلوي لتجهيز الخبز”.

يواجه النازحون في مراكز الإيواء صعوبة في إعداد الخبز، فلا كهرباء ولا معدات ولا مكان ملائماً لذلك؛ إلا في الأماكن التي أعدّها بعض النازحين من أجل ذلك، كما أن هذا الأمر يسهل عليهم مشقات كثيرة، حسب دلول.

وتؤكد أنّ “ما تحصل عليه مقابل هذه المهمة قليل، ولا يقارن بالاحتياجات اليومية لأسرتها، خاصة في ظل الارتفاع الكبير للأسعار وندرة السلع والمواد الغذائية”، مضيفةً: “أنا ممتنّة لأمي التي علّمتني إعداد الخبز وتجهيزه على النار”.

وحسب التجربة التي مرت بها دلول، فإن المهنة صعبة للغاية، خاصة وأن المكوث أمام النار لساعات طويلة يؤثر في صحتها ويسبب لها بعض الحروق الطفيفة، مستدركةً: “لكنني مضطرة لتحمّل كل ذلك من أجل عائلتي”. 

خبز من أعلاف الحيوانات 

وفي فصل آخر من فصول المعاناة في غزة، يسلك سكان شمال القطاع المسلك نفسه للنازحين في جنوبه، باستثناء عدم قدرتهم على الحصول على الدقيق اللازم لإعداد الخبز، الأمر الذي اضطرهم إلى الاستعانة ببدائل أخرى. 

ويفيد خالد مسلم الميادين نت، بأنه وزوجته يقومان بإعداد الخبز لمن تبقى من سكان الشمال من حبوب الذرة وأعلاف الحيوانات، خاصة في ظل شحّ الدقيق وعدم سماح الاحتلال الإسرائيلي بإدخاله إلى غزة وشمالها منذ أشهر. 

ويؤكد مسلم، أنّ الحصول على الخبز يعدّ من أصعب المهمات في غزة والشمال، وأن الجوع والعطش خطران يهددان حياة الآلاف من السكان، قائلاً: “الاحتلال الإسرائيلي يقود ضدنا حرب تجويع لقتلنا وتهجيرنا”.

البدائل التي يستخدمها سكان الشمال لإعداد الخبز غير صحية وغير جيدة، ويمكن أن تؤثر في صحتهم، ولا سيما شريحة الأطفال؛ بيد أنهم مجبرون على تقبّلها أو الموت جوعاً، وفق مسلم، متابعاً: “لا يتوفر لدينا الحد الأدنى من الطعام”.

ويفيد بأن “المواطنين يقومون بطحن حبوب الذرة وأعلاف الأرانب بوسائل بدائية للغاية؛ بسبب توقف المطاحن وعدم توفر الكهرباء، ويتم إعدادها على أفران الطين”، مشدداً على أن هناك صعوبة في الحصول على الحطب أيضاً.

التقارير الدولية والأممية تؤكد تفاقم حالة الجوع في جميع مناطق قطاع غزة، خاصة مع دخول حرب الاحتلال الإسرائيلي شهرها الرابع، مؤكدة أن شبح المجاعة يطارد سكان غزة والشمال، ما ينذر بأمراض سوء التغذية وغيرها من المخاطر الصحية.

التعليقات مغلقة.