أعلنت إسرائيل منذ عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر الماضي أن لها ثلاثة أهداف في غزة، إعادة الرهائن أحياء والقضاء على حركة المقاومة الفلسطينية “حماس” خلال أيام فقط وبسط سيطرته على القطاع.. وقد استعملت حكومة نتنياهو اليمينية الأمنية كل الإمكانيات العسكرية الذاتية والخارجية أيضا لتحقيق هذه الأهداف وحظيت بدعم معنوي ومادي من كل الحلفاء وفي مقدمتهم واشنطن حيث توافد قادة الإدارة الأمريكية على تل أبيب للإعلان أن إسرائيل ليست وحدها، وكان الرئيس بايدن أول الوافدين معلنا انه “لو لم تكن إسرائيل موجودة لتم بعثها”، فيما أردف وزير خارجيته بلينكن بقوله:”انك لست بحاجة لتكون صهيونيا لدعم إسرائيل”، وتلاه وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن الذي أعلن إلى جانب وزير الحرب الإسرائيلي أن دعم بلاده لإسرائيل لا يتزعزع..، توافدت المساعدات العسكرية على إسرائيل من قنابل وقاذفات صواريخ ومدرعات وطائرات عسكرية ووصلت السفينة الحربية إلى المتوسط لتكون على أهبة الاستعداد تحسبا لأي مفاجآت.. مضى اثنا عشر أسبوعا على المحرقة المستمرة على أهالي غزة واستعمل جيش الاحتلال كل أنواع السلاح في استهداف المستشفيات والمدارس والكنائس والمساجد والمباني السكنية والجامعات وتحولت غزة إلى ركام حتى لم يعد للحياة أي مظهر باستثناء ما تقترفه آلة القتل الإسرائيلية وارتفاع عدد الضحايا والشهداء، ومع ذلك لا يتوقف القصف رغم مناشدات المجتمع الدولي.. بل وفي كل مرة تضاعف حكومة نتنياهو مظاهر العدوان على غزة وتستبيح المستشفيات معتبرة أنها تأوي المقاومة.. وبرغم كل مظاهر القتل والتدمير اليومي لم يخرج جيش الاحتلال بما يؤكد ادعاءاته بشأن كشف أنفاق المقاومة أو استهداف قياداتها وعناصرها التي لا يعرف لها مكانا أو عددا.
بالأمس أقر جيش الاحتلال عن أسفه لاستهداف عشرات المدنيين بسبب خطإ في الأسلحة المستخدمة وقناعتنا أن جيش الاحتلال كان يدرك أنه يستهدف المدنيين وتعمد ذلك وكان يدرك انه لا وجود لعناصر المقاومة وأقدم على استهداف الجرحى والمصابين وإصابة النساء والأطفال والشيوخ وأن كل عملياته في حق الأهالي كانت متعمدة وهدفها ترهيب أهالي غزة ودفعهم قسرا للهروب إلى سيناء ..
حتى هذه المرحلة عجز جيش الاحتلال الإسرائيلي المدعوم من مختلف قوى العالم على إنهاء وجود حركة المقاومة كما ادعى من قبل والأرجح انه لن يكون بإمكانه تحقيق هذا الهدف مهما تجندت القوى الكبرى في دعم جيش الاحتلال وتوفير الغطاء له.. وبعد ثلاثة أشهر على حرب الإبادة المستمرة في قطاع غزة الذي يواجه حربا غير مسبوقة يمكن القول أن الجيش الإسرائيلي ومعه رئيس الحكومة نتنياهو فشل في تحقيق هذه الأهداف الثلاثة وأنه بات موضع انتقادات كبيرة في مختلف الأوساط الإسرائيلية لاسيما عائلات الرهائن التي باتت تجاهر بدعوتها لإسقاط نتنياهو والدعوة إلى قنوات للتفاوض مع المقاومة لاستعادة أبنائها مقابل تحرير الأسرى الفلسطينيين الذين يعدون بالآلاف… وهي مسألة مصيرية بالنسبة للفلسطينيين الذين دفعوا ثمنا باهظا في هذه الحرب ..
لا احد بإمكانه التكهن بما ستكون عليه نهاية هذه الحرب أو السيناريوهات والمفاجآت التي يمكن أن تظهر.. ولكن يمكن القول أنه سيتعين على العالم الحر الخروج عن دور المتفرج المتلذذ بصور هذه الحرب البشعة وإيقاف المجازر المستمرة في غزة …
لقد حاول جيش الاحتلال أن يصنع لنفسه انتصارا وهميا وهو يعلن قصف بيت السنوار الذي يعتبره العقل المدبر لعملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر الماضي.. ولكن كل ما تم العثور عليه تحت ركام بيت السنوار دمية وفردة حذاء تحولت إلى موضوع للسخرية في الإعلام العبري والعالمي.. السنوار ليس الوحيد الذي يتطلع نتنياهو للوصول إليه لإعلان نصره في هذه الحرب إذ يبقى محمد الضيف أيضا القائد العام لـ”كتائب القسام” هدفا آخر لإسرائيل …
الأكيد أن نتنياهو يدرك جيدا أن في استمرار هذه المجازر استمرار لوجوده على رأس هذه الحكومة وأن الاستجابة لدعوات وقف الحرب تعني بكل بساطة نهايته وتحوله إلى مطارد داخل إسرائيل بسبب ملفات الفساد التي تلاحقه وزوجته وخارجها مع الدعوات المفتوحة عبر العالم لملاحقته في جرائم الحرب التي تحمل توقيعه بشهادة كل العالم …
التعليقات مغلقة.