ملخص ميدان المعركة البرية في غزة.. اشتباكات المقاومين الضارية مع الاحتلال مستمرة وتبطئ تقدمه

390

مدارات عربية –  الأحد 12/11/2023 م …

المعلومات تؤكد أنّ الاحتلال يواجه معارك شرسة ومستمرة، خلال توغله في المحور الغربي لغزة، حيث يحاول تطويق مستشفى الشفاء، بينما أعلنت المقاومة تدمير 3 دبابات وناقلة جند واحدة على الأقل في المحور الغربي اليوم الأحد.

تستمرّ الاشتباكات العنيفة في جنوبي المحور الغربي لغزة وشماليه، بين المقاومين وجيش الاحتلال، الذي يحاول الإطباق على المنطقة الغربية من غزة من الجهتين الشمالية والجنوبية، وتطويق الكتلة العمرانية الأهم في الشمال.

وفي وقت روّجت وسائل إعلام، تابعة للبروباغندا الصهيونية، سيطرة الاحتلال على مناطق واسعة في المحور الغربي، وصولاً إلى السيطرة على المستشفى، فإنّ المعلومات تؤكد أنّ الاحتلال لم يتمّ بعد سيطرته على الجهة الغربية لشمالي القطاع، لكنه اخترق، طُولياً، شارع الرشيد من الجهة الجنوبية، وصولاً حتى دوار عبد الناصر، والتفّ على مربع المستشفى غرباً في اتجاه مخيم الشاطئ، كما اخترق شارع النصر من الجهة الشمالية، وصولاً إلى مستشفى القلب، الذي يبعد نحو كيلومتر عن مستشفى الشفاء.

لكنّ الاحتلال يتحرك تحت وابل من قذائف المقاومة وتصدي مقاوميها من مسافة صفر، والذين يقفون في وجه الهجوم، على الرغم من القصف الجوي العنيف الذي يتعرض له كل مبنىً تصدر منه نيران في اتجاه القوات الغازية، الأمر الذي أدى إلى عرقلة محاولات التقدم السريع لتطويق الجهة الغربية من المدينة.

القسام تعلن استمرار الاشتباكات

وأكّد الناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، أمس السبت، أنّ المقاومين “يخوضون اشتباكات ضارية، ويفجرون آليات العدو في كل محاور تقدم العدو ونقاطه في غزة”.

وأعلنت كتائب القسام استهدافها 3 آليات عسكرية بقذائف “الياسين 105” في محور جنوبي غربي مدينة غزة أمس، و3 دبابات اليوم الأحد. كما أفاد صحافيون في غزة بسماع أصوات اشتباكات عنيفة في الأماكن التي وصلت إليها آليات الاحتلال، في حي النصر وحي الميناء والمشارف الجنوبية لمخيم الشاطئ.

وفي المحور الشمالي الغربي، أعلنت القسام استهداف ناقلة جند إسرائيلية بقذيفة مضادة للدروع وتدميرها.

ونشرت القسام مشاهد لتصدي قواتها في بيت حانون للتوغل البري الإسرائيلي، بحيث أظهر مقطع فيديو رصد المقاومين عن قرب قوةً راجلة للاحتلال، حاولت التحصن في أحد البيوت، واستهدفتها بالقذائف والرصاص بصورة مباشرة، على الرغم من كون بيت حانون المحور الأبعد عن وسط الكتل العمرانية، والأكثر تطرفاً في شمالي شرقي القطاع، وهو ما يُظهر عجز الاحتلال عن السيطرة على أجزاء واسعة منه، بعد أكثر من 37 يوماً على المعركة.

ونشرت القسام أيضاً مشاهد تُظهر تصدي قواتها، بالقذائف الخارقة للدروع، لتوغل الاحتلال في مناطق التوام في المحور الغربي الشمالي، حيث تحاول دباباته الالتفاف على مخيم الشاطئ بعد عدة محاولات فاشلة لاقتحامه، أدت إلى تكبد قوات الاحتلال خسائر فادحة.

وأكّدت مشاهد الإعلام الحربي تصدي المقاومين المستمر للاحتلال في محور بيت حانون، بقذائف “الياسين 105” الخارقة للدروع، وتدمير آلياته.

 

وأظهرت المشاهد قدرة المقاومين على التحرك، مستفيدين من الغطاء العمراني واستهداف آليات الاحتلال من مسافة لا تتعدى 50 متراً، محققين إصابات مباشرة ودقيقة.

وأعلنت كتائب القسام أنها دكت حشداً للآليات المتوغلة غربي “إيرز” بقذائف الهاون، من العيار الثقيل.

وبحسب بيان الناطق العسكري باسم كتائب القسام، أبي عبيدة، وثقت المقاومة حتى الآن تدمير أكثر من 160 آلية عسكرية تدميراً كلياً أو جزئياً، منها أكثر من 25 آلية خلال يومين. 

 

وفي خان يونس، أعلنت القسام استهداف قوة صهيونية راجلة بعبوة مضادة للأفراد في منطقة خزاعة، شرقي خان يونس، قرب السياج الفاصل، مؤكدة أنها حققت إصابة مباشرة.

بدورها، قالت سرايا القدس إنّ مقاوميها يخوضون اشتباكات عنيفة في تل الهوى ومخيم الشاطئ في قطاع غزة ضد قوات الاحتلال المتوغلة، وإنهم أوقعوا إصابات مباشرة في صفوف القوات الإسرائيلية.

وأكّدت السرايا استهداف موقع “كيسوفيم” برشقة صاروخية مركزة، بالإضافة إلى أنها استهدفت طائرة صهيونية من نوع “هيرون تي بي (إيتان)”، وأصابتها إصابة مباشرة.

كيف أصبحت السيطرة على مستشفى الشفاء هدفاً عسكرياً؟

زعم الاحتلال، منذ بداية عدوانه العسكري البري، والذي بدأه بإعلانه نية الهجوم على كامل قطاع غزة، ثم انتقل إلى إعلان بدء توغل قواته في المنطقة الشمالية للقطاع، أنّ المستشفى هو مقرّ قيادة للمقاومة، من غير أن يقدم أي دلائل واقعية على هذا الأمر.

وسعى الاحتلال مؤخراً، عبر نشر صور فتحة في الأرض قريبة من المستشفى، إلى ترويج هذه الكذبة، إلا أنّ شهادات المواطنين وصورهم، بالقرب من المكان، الذي تظهر فيه البوابة الحديدية بصورة علنية وواضحة منذ أعوام مضت، أظهرت أن هذا المكان علني وليس سرياً، ليَظهر لاحقاً أنها فتحة تهوئة لخزانات المياه أو الوقود تحت المستشفى، وليفشل الاحتلال في إقناع أي من الجهات الدولية بجدية ادعاءاته.

لكن استهداف المستشفيات ليس صدفة أو هدفاً ثانوياً لدى الاحتلال، فهو قرر أن يخوض معركة إرادات ضد المقاومة، ووضع هدفه كسر إرادة أهل غزة ومقاومتها، بعد الضربة القوية والهزيمة التي تلقاها، عسكرياً وأمنياً واستخبارياً، في 7 تشرين الأول/أكتوبر. والمستشفيات تُعَدّ ركناً أساسياً من أركان صمود المجتمع الفلسطيني بصورة عامة، وفي غزة وشماليها اليوم، على نحو خاص.

ويريد الاحتلال، بقضائه على المسشتفيات وتدمير دورها، أن يمارس أبشع الجرائم ضد الإنسانية، والتي تنتهك كل قواعد السلم والحرب، عبر منع الفلسطينيين من تلقي العلاج من جراء العداون الذي يستمر في ممارسته ضد المدنيين في القطاع، منذ أكثر من 37 يوماً، والذي أدّى، حتى الساعة، إلى استشهاد أكثر من 11 ألف فلسطيني، وجرح نحو 30 ألفاً آخرين، كان من الممكن أن يُستشهدوا بدورهم لولا قدرة المسشتفيات على تقديم العلاج.

وبالتالي، يمكن القول إنّ الاحتلال قرر، في مقابل ما يتكبده من خسائر عسكرية فادحة من جراء تصدي المقاومة، أن يرفع تكلفة المقاومة على المدنيين الفلسطينيين، إذ إنّ قيامه بقصف المستشفى، على نحو متفرق وجزئي، ثمّ محاولته السيطرة عليه، هما السبيل الوحيد إلى تعطيل دوره الحيوي، بسبب عدم استعداده لتحمل عواقب قصفه مباشرة، مع ما يضمّع من آلاف المدنيين والطواقم الطبية والصحافيين.

هل يمكن أن تتحقق أهداف العملية في السيطرة على المستشفى؟

إذا كان الاحتلال يريد أن يخرج من غزة في صورة المنتصر، فعليه تحقيق أمرين، أعلنهما في بداية عمليته هدفاً أساسياً، أولهما القضاء على حماس وكتائب القسام والمقاومة، بصورة عامة، في شمالي القطاع، على الأقل، عبر تدمير قدراتها البشرية والعسكرية وشبكة الأنفاق. والثاني هو حلّ أزمة الأسرى، عبر استعادتهم، أو استعادة جثثهم، إذا قتلوا.

وفي كِلا الهدفين، تبرز مشاكل كبرى تعوّق إمكان تحققهما. فالقضاء على حماس، حتى لو اختزله الإسرائيلي، تحت وطأة الخسائر الميدانية والمقاومة الشرسة، في القضاء على قدراتها العسكرية في الشمال، يحتاج إلى معركة طويلة في حال استمرت وتيرتها كما يجري حالياً، قد تكلف الإسرائيلي مئات الآليات والدبابات والمدرعات والقتلى والجرحى في صفوف جنوده.

كما أنّ إعادة الأسرى أو جثثهم عملية معقّدة وصعبة، فالأسرى قد لا يكونون موجودين فقط في الشمال. يضاف إلى ذلك احتمال كبير، مفاده أن من الصعب جداً على الإسرائيلي أن يجدهم أو يجد الجثث في حال تمّ دفنها في مدافن، أو تمت تخبئة الأسرى في أنفاق تحت الأرض لا يعرفها إلّا أصحابها. وهذا ما يشير إليه عدد من المحللين الإسرائيليين، عبر القول إن هذه العملية “مجهولة الأفق”، وإنّ السبيل إلى إعلان نجاحها غير واضح.

أهداف المقاومة في المعركة

لا تتشابه أهداف المعركة، بالنسبة إلى القوة الغازية والقوة المقاومة، بحسب قواعد الحرب العامة. واليوم، في غزة، تظهر صدقية هذه القاعدة، من خلال كون المقاومة غير ملزمة بالدفاع الجغرافي عن المناطق في غزة، في وقت يجد الاحتلال نفسه مجبراً على محاولة السيطرة على المناطق العمرانية من أجل مواجهة المقاومين، على رغم تكبده الخسائر الفادحة.

وبالتالي، فإنّ مجرد سيطرة الاحتلال على مناطق جغرافية في غزة ليس إنجازاً، في حدّ ذاته، وخصوصاً إذا لم يتضمن سيطرته على مواقع حساسة، أو أماكن وجود الأسرى، أو القبض على مقاومين، أو كشف أماكن سرية أو أنفاق سرية، وهو ما لم يحدث حتى الساعة.

كما لم يتمكن الاحتلال حتى الآن من أسر مقاومين، بعد شهر وأسبوع على بداية المعركة، ولم يعرض أيضاً أي مشاهد لاشتباكات قواته مع المقاومين، ولا سيما قواته الراجلة، بينما تستمر المقاومة في عرض مشاهد استهدافاتها لدبابات الاحتلال ومدرعاته وقواته، بواسطة الأسلحة المتعددة.

ويشير هذا الأمر إلى حجم اعتماد الاحتلال على السيطرة بالمدرعات، وهو ما يفاقم خسائره، ويجعل سيطرته ناقصة. وهذا ما ظهر في مشاهد الإعلام الحربي الأخيرة للقسام، بحيث يخرج المقاومون من شوارع خلف الدبابات، ويستهدفونها من مسافات لا تتعدى في بعض الأحيان 20 متراً، وينسحبون تحت غطاء الكتل العمرانية الكثيفة.

في معركة الاستنزاف الجارية، تعمل المقاومة، في هذه المرحلة، على الاستفادة من توغل العدو في الكتل العمرانية في سبيل مفاقمة خسائره، وهو إنجاز أساسي لدى المقاومة، التي كبدته حتى الآن ما يزيد على 160 دبابة ومدرعة وآلية متضررة، بصورة كلية أو جزئية، وما لا يقل عن 300 جندي إسرائيلي مصاب، ونحو 40 قتيلاً، أعلن الاحتلال عنهم، على رغم التعتيم الإعلامي والرقابة، وهو ما يعني أنّ الأرقام قد تكون أكبر.

التعليقات مغلقة.