المفكر العربي الأردني محمد احمد الروسان يكتب: التاريخ عندما يتقيأ نفسه !… الأمريكي والأوكراني وما تسمى بانتهاكات حقوق الشعب التتاري
كتب المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) – السبت 30/11/2019 م …
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية …
الجيش الأمريكي هو الذي يكاد يكون الجيش الوحيد في العالم الذي لا يستريح، وهو محرك الاقتصاد الأمريكي، حيث الأخير اقتصاد قائم على الحروب، وانتاج السلاح ومصالح المجمّع الصناعي الحربي الولاياتي الامريكي.
استراتيجية دفاعية أمريكية، وتحديثات مستمرة لمفاصلها وتمفصلاتها الاممية وفعلها على الميدان الدولي، لثالوثها النووي البحري والجوي والصاروخي، وبالخلفية أيضاً تحديث، لمجتمعات استخباراتها وأفعالها القذرة في جلّ ساحات الخصوم والحلفاء على حد سواء، لوقف تآكل القوّة العسكرية الأحادية الشاملة، أمام الفدرالية الروسية والصين وكوريا الشمالية وايران، وهي استراتيجية تنافس من جهة، ومواجهة عسكرية ومخابراتية وسيبرانية من جهة أخرى، وحفاظاً على حيوية الأقتصاد الأمريكي وهو اقتصاد حروب. فأمريكا تتهم كل من روسيّا والصين بتقويض قوّة الناتو، والأخير من مخلفات الماضي التليد(نلحظ رغبة أمريكية في انهائه للناتو، لكن الأوروبي متمسك به، كونه يرى أنّ الأمريكي يسعى الى شطبه للأوروبي بالمعنى الأستراتيجي عبر تقوية أوكرانيا عسكرياً واقتصادياً، والناتو يحمي أوروبا من روسيّا هكذا تفكر كوادر القارة العجوز، بالرغم من حديث ماكرون الرئيس الفرنسي أن الناتو في حالة موت سريري)، وجاءت موضوعة مكافحة الأرهاب المعولم كأولوية ثانية في المسار العسكري التحديثي لواشنطن، وظهرت أمريكا في مفاصل رؤيتها العسكرية، أنّها في غاية القلق من التمدد العسكري والأقتصادي لكل من الصين وروسيا وايران في أفريقيا والشمال الأفريقي، وترى أنّ القوّة العسكرية هي الوسيلة الوحيدة لفرض الهيمنة والقرارات على العالم، فوجدت ملاذها وأخيراً في خلع القفّازات وقرع طبول الحرب لأستعادة ما فقدته من نفوذ في العالم، حيث الأستخباراتيون الأمريكان يعودون من جديد في الخارجية الأمريكية، والعيون تلو العيون على ديفيد شينكر صديق برامكة الدولة الأردنية من حزب واشنطن في الداخل الأردني(شنكر يهندس ركوب الحراك اللبناني وفي باقي الساحات العربية)، ولمواجهة صراعاتها من تحت الطاولة ومع بريطانيا أيضاً، ووصفت كل من روسيّا والصين كقوى رجعية، وصار جليّاً للجميع ومن خلال فواصل ونقاط الخطاب العسكري الأمريكي، أنّ واشنطن لم تحارب الأرهاب الدولي يوماً، لا بل عملت على رعايته وتسكينه وتوطينه واستثمرت فيه، ومع كل ما سبق لم تعد أمريكا في قاموس البوط العسكري وقاموس البوط الأقتصادي(باعتبار الأقتصاد الأمريكي اقتصاد حروب وقائم عليها)تتصدر القائمة، فجاءت استراتجيتها الدفاعية الجديدة كنوع من الحنين الى ماضي الأحادية في ظل عالم ينحو نحو التعددية وحفاظاً على الأمن والسلم الدوليين، وهنا عرّت التعددية القطبية الهدف الأمريكي، فصار حلم ووهم. موسكو ردت على واشنطن بتعقل وعلى لسان سيرجي لافروف: انّ الأستقرار العالمي رهن التعاون بين موسكو وأمريكا، ومع ذلك واشنطن تسمم العلاقات بين روسيّا وأمريكا، وفي الخفاء الرد الروسي له سنوات على أرض الميدان العالمي، وبتشارك مع الصين وايران بالمعنى الأقتصادي والمالي والسيبراني والعسكري. كارتلات المؤسسات، السياسية، والتشريعية، والقضائية، والأستخبارية، والعسكرية، في العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، وبالتماهي والتساوق والتنسيق مع مسارب العميق من كواليس الحكومة الخفية فيها، و(وول ستريت)وشركات النفط الكبرى، يسعى الجميع لتدمير الوجود الروسي في المنطقة، أو على الاقل أبطاء تقدمه وعرقلته، وان كان هو يعاني من أوضاع اقتصادية نوعاً ما صعبة، قد تقود الى احتجاجات لاحقاً يركبها الاوروبي والامريكي، وهذا هو الهدف من الأزمة التي خلقها وأحسن خلقها بخبث مجتمع المخابرات الأمريكي والبريطاني والفرنسي بالتعاون، مع استخبارات البنتاغون والأستخبارات الدبلوماسية التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية في أوكرانيا، كنتيجة للآستعصاء في المسألة السورية وتماسك صلابة الموقفين الروسي والصيني والأيراني. بعد ضم القرم(كشفت المخابرات الروسية الداخلية مؤخراً عن اعتقالها لجاسوسة خطيرة في القرم، أعمالها تضر بالأمن القومي الروسي)، فنحن أمام يالطا جديدة أنهت يالطا القديمة، وحالات الخلع الأستراتيجي ومحفزاته وتراكيبه في المنطقة ومن المنطقة، والأرباكات الأمريكية المقصودة للشرق الأوسط لغايات هيكلة وهندرة الوجود الولاياتي لهذا النفوذ، تهتم الدولة العبرية(الكيان الصهيوني)بدولة أذربيجان، والأخيرة كونها تعتبر النقطة الجيواستراتيجية الأكثر أهمية في منطقة أوراسيا قلب العالم القديم، وتمثل بوابة السيطرة على منطقة حوض بحر قزوين(بحر الخزر بالتسمية الأيرانية)الغني بالموارد النفطية والغاز الطبيعي، وعن طريق أذربيجان يمكن بسهولة تهديد منطقة قلب الدولة الحيوي في إيران، وذلك لقربها الشديد من العاصمة طهران، والمناطق الإيرانية الفائقة الأهمية والحساسية، إضافة إلى وجود حجم ليس بالقليل لما يعرف بـ(الأقلية الأذربيجانية)الموجودة في شمال إيران، وتتميز بمشاعر عداء قوية إزاء المجتمع الإيراني، وتنشط داخلها حالياً بعض الحركات الانفصالية التي تطالب بالانفصال عن إيران والانضمام لأذربيجان، وذلك بدعم المحور الأمريكي الغربي الأسرائيلي البعض العربي، ولأنّ أذربيجان تشكل نقطة تموضع كقاعدة يمكن تهديد المنشآت الروسية في مناطق منابع النفط الروسي منها، ومحطات الطاقة الكهرومائية الروسية، وأيضاً منطقة جنوب غرب روسيا التي تتمركز فيها الأنشطة الصناعية الروسية، ولأنّ أذربيجان تشكل بطريقة أو بأخرى محطة لدعم الحركات المسلحة في آسيا الوسطى ومنطقة القفقاس، وبالتالي فإن دعم هذه الحركات عن طريق باكو من الممكن أن يؤدي إلى المزيد من القلاقل في هاتين المنطقتين. العلاقات الدولية غير مستقرة لأسباب عديدة ومتعددة، ولكن جلّ تلك الأسباب والمسببات جاءت بفعل وتفاعلات ومفاعيل الحدث السوري وعقابيله، ان لجهة الدولي والأقليمي، وان لجهة المحلي وبيئته في جغرافيا سورية الطبيعية، فمن خديعة ما يسمى بالمجتمع الدولي( أمريكا و”اسرائيل” وحلفائها من الغرب وبعض عرب)لروسيّا في الحدث الليبي، الى الخديعة الأوكرانية وعقابيلها، قاد ويقود ذلك الى تصلبات في الموقف الروسي العميق والثابت من المسألة السورية، وما يحاك حالياً لفنزويلا على طريق ميكانيزميات الحدث الأوكراني، وما جرى في بوليفيا أيضاً. أوكرانيا وروسيّا توأمين سياميين ولدوا من بطن واحد، حيث روسيّا تدرك أنّ هناك محاولات أمريكية وغربية واسرائيلية وبعض عربية واهمة، كلّها تسعى لتفخيخ روسيّا من الداخل، مع عدم انكارها واغفالها للقوّة الميثولوجية للأمبراطورية الأمريكية، وهذا مؤشر قوي على حكمة وواقعية القيادة الروسية ونخبة نواتها الصلبة التي تعمل كفريق واحد، ان لجهة السياسي والدبلوماسي، وان لجهة الأقتصادي والمالي، وان لجهة العسكري والمخابراتي، وان لجهة الثقافي والفكري في تعزيز الشعور القومي الروسي. العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي قلقة على امدادات قواتها في أفغانستان حيث40% من هذه الأمدادات الضرورية تمر عبر الأراضي الروسية وبالتالي هي بحاجة الى موسكو، لذلك البنتاغون الأمريكي غير مرتاح لمسارات السياسة والدبلوماسية الأمريكية ومسارات التشريع في الكونغرس ازاء روسيّا بسبب الملف الأوكراني وعقابيلة وتداعياته المعقدة، والهوّة شاسعة بين الدولتين وهي أعمق من حرب باردة وشراسات استخباراتية بين البنى المجتمعية المخابراتية في كلا المجتمعين ذات تداعيات عرضية ورأسية، وعمليات تعبئة أيديولوجية تاريخية باحتقانات استراتيجية وسياسية على طول خطوط واشنطن موسكو، لا حلّ لها باعتقادي الاّ بانفجارات مبرمجة بشكل ثنائي، لأعادة انتاج صيغ أخرى لقواعد اللعبة الأممية واسقاطاتها، لوضع لبنات جديدة بجانب الموجود منها نحو عالم متعدد الأقطاب. للولايات المتحدة الأمريكية متاهاتها الأستراتيجية العميقة، حيث كانت المتاهة الأولى لها في الأفغانستان وما زالت، ثم العراق وما زالت وعبر الأنبار تعود من جديد، وتركب موجات حراكات الشارع العراقي، كما تركب حراكات الشارع اللبناني لنزع سلاح حزب الله والمقاومة، وتحاول ركوب حراكات الشارع الايراني وتفشل حتّى اللحظة، المتاهة السورية الأصعب والأشد وما زالت، والآن المتاهه الأوكرانية وعقابيلها التي تتدحرج ككرة الثلج ولكن بصمت، الى المتاهة العرضية في شبه القارة الهنديّة حيث تتفاعل من جديد، ثم جاءت المتاهه اليمنية الحالية، فأم المتهاهات العامودية والعرضية الأستراتيجية الدولاتية الأمريكية، هي المتاهه السورية الأصعب والأعمق والأشد، والنتيجة فيها تحدد مصير المتاهات الأخرى وشكل العالم الجديد. انّ جنين الحكومة الأممية(البلدربيرغ الأمريكي)هو صاحب هذه المتاهات وصانعها، فيستغل حالة الأستعصاء الدولي والأحتقانات الشاملة كنتاج للحدث والمسألة السورية، وما خلّفته من سحب دخانيّة سوداء عميقة قد تستمر لسنيين عديدة، من شأنها أن حجبت وتحجب عيون العالم عن ساحات أخرى من المعمورة، لا تقل أهميتها الأستراتيجية عن أهمية سورية أو أهمية الحدث الأوكراني الحالي مثلاً، وكذلك الحدث اليمني الآني(قد يعتقد البعض أنّ واشنطن تريد وضع استراتيجية خروج للسعودي منه، العكس هو الصحيح تماماً، تريد توريطه للسعودي والأماراتي معاً)، من أجل تحقيق عمق مصالحه ومكتسباته كحكم أممي(حكم البلدربيرغ الأمريكي)، وربط اقتصاديات العالم من جديد بالأقتصاد الأمريكي، للخروج من الأزمة الأقتصادية الأمريكية الحالية، والتي في حالة استمرارها وتفاقمها، أن تقود الى افلاس الولايات المتحدة الأمريكية. أوكرانيا هي عتبة البيت الروسي نعم، وهذا صحيح الواقع وعلم الرياضيات السياسية، وليس من الحكمة بمكان أن يقاتل العدو الغربي والأمريكي على العتبة البيتيّة، لأنّه هنا صار داخل البيت فتمّ ويتم مقاتلته داخل عقره وحدائقه الخلفية، عبر تعزيز وبناءات جديدة للقواعد العسكرية الروسية في كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا وفيتنام، فمحور واشنطن تل أبيب ومن ارتبط به من غرب وبعض عرب متصهين واهم ومخادع عرض المعادلة التالية بكل بساطة: سورية مقابل أوكرانيا فتمّ الرفض الروسي(بلا)روسيّة، حيث الموقف الروسي قائم على رؤية بعيدة المدى واستراتيجية دقيقة متماسكة وحسابات علم الرياضيات السياسية، حيث أوكرانيا لا تشكل سوى جزء ومهم ولكنه محدد، حيث المشتركات بين الحدث السوري والحدث الأوكراني في الجغرافيا والأستراتيجيا. فروسيّا تدرك أنّ رؤية الطرف الثالث فيما يجري في سورية، هي ذات الرؤية لذات الطرف في الحدث الأوكراني الآن، في جعل الجغرافيا الأوكرانية(كحويصلة)تتجمّع فيها كل أمراض العالم، تماماً كما فعل ويفعل الغرب بالتعاون مع واشنطن وبعض عرب غادر، في جعل الجغرافيا السورية(كحويصلة)تضم كل أمراض العالم الأرهابية، باختصار انّهم يريدون للتاريخ أن يتقيأ نفسه في أوكرانيا أيضاً، فهل ستسمح موسكو لهم ولتاريخها وهي الأقرب الى الشرق منه الى الغرب أن يتقيأ نفسه على أبوابها؟!. الأزمة الأوكرانية ترى فيها أطراف أنّها مرحلة جديدة متسارعة من مراحل حرب أعمق من الباردة، بعثت من جديد على طول خطوط الكباش الشامل للعلاقات الروسية الأمريكية، والمسألة في كييف هي نتاج طبيعي لتفاعلات ومفاعيل العامل الروسي في الأزمة السورية، لجهة عرقلة مشاريع الطرف الثالث في المسألة السورية، والسعي نحو عالم متعدد الأقطاب تنسجه موسكو بالتعاون مع أعضاء موضوعيين في الأسرة الدولية كحلفاء موثوقين للفدرالية الروسية، لذلك تم الدفع أمريكيّاً وغربيّاً ونيتويّاً بتحريك الشارع الأوكراني، وتعبئة النزعة القومية لدى اليمين المتطرف فيه، وافتعال ما جرى لعرقلة اجراءات السير نحو عالم متعدد الأقطاب، تتوزع فيه المسؤوليات الأممية، ويتحمل فيه الجميع من أعضاء الأسرة الدولية واجباته، باعتباره جزء من التغيرات الجيواستراتيجية في المعمورة، وتنظر واشنطن ومن معها الى منطقة أوروبا الشرقية، كمجال حيوي هام بالنسبة لموسكو أرادت الأشتباك فيه، عبر التوسعة في القدرات العسكرية فيها، وفي مفاصل جغرافيتها وثناياها الديمغرافية لمواجهة الدولة الروسية ونواتها الصلبة، للحد من تعاظم نموها الطبيعي ان لجهة الأفقي وان لجهة الرأسي. فشرق أوكرانيا(روسيّا القديمة)وجزيرة شبه القرم والتي تتمتع بالحكم الذاتي، يشكلان المنفذ الأستراتيجي الى المتوسط عبر البحر الأسود وصولاً الى القاعدة العسكرية في طرطوس السورية. وروسيّا تدرك نوايا الغرب في ضم أوكرانيا الى الناتو وهو يعاني من أمراض الشيخوخة، حيث يعني ذلك أنّ البحر الأسود صار بحيرة نيتويّة بامتياز، كما أنّ نواة حكم الدولة في روسيّا تدرك أنّ الطرف الثالث الغربي في الحدث الأوكراني، يسعى لنصب فخ التورط العسكري لموسكو في أوكرانيا ليصار الى اضعاف واستنزاف القوّة الروسية واشغالها لتنكفأ الى الداخل الروسي الفدرالي، وجعلها في موقع الدفاع لا الهجوم ولمنعها من التمدد العسكري والأقتصادي وتوسعة المجال الجيوبولتيكي الأستراتيجي لمجتمع المخابرات الروسية في العالم، لتدعيم مفهوم العالم المتعدد الأقطاب عبر التعاون مع دول البريكس ومجتمعات استخباراتها ومخابراتها. الحدث الأوكراني والذي يجري العمل على تسخينه، يهدد الأمن في جلّ القارة الأوروبية، وقد تنزلق الأمور الى ما لا يحمد عقباه، عبر التدرج بتدحرج الى أحداث عسكرية مباشرة بين الغرب والروسي، حيث المعركة معركة السيطرة على ممرات الغاز والنفط في العالم، فكيف يصار الى الأرتهان لجزء من الأدوات الأوكرانية المتساوقة والمتماهية مع الأمريكي والأوروبي في القرم، والتي عادت الى روسيّا ودون اطلاق رصاصة واحدة؟!. ضمن رؤية أمريكية بريطانية وغربية أوروبية استخباراتية وسياسية ودبلوماسية، تقوم السلطات الأكورانية في كييف، الى دعم ما يسمى بمجلس الشعب التتري في القرم، للعبث في استقرار القرم وشرق أوكرانيا، وبالتالي لمزيد من الضغوط على الفدرالية الروسية والكرملين، والذي يتولاه كل من المدعو: السيد جميليف والسيد تشوباروف ومجموعاتهم، وجعلهما يرفعان ويستخدمان شعارات على شاكلة: حماية حقوق الشعب التتري المسلم، ودفعهما الى الأستفادة الشخصية من وراء ذلك، وتوظيفه كمشروع اقتصادي شخصي، وحتّى وقبل أن تعود القرم الى الفدرالية الروسية، فتركزت جلّ التبرعات التي حصلا عليها، في أيديهما والجماعات التابعة لهما، وما زالا حتّى اللحظة مستمران في نفس النشاط لمزيد من الأرباح عبر توظيفات لعملياتهما الدعائية هذه وتحت عنوان: حماية الحقوق للشعب التتري المسلم في القرم، لتحقيق شيء واحد أوحد، وهو جذب اهتمام بعض الدول العربية وبعض الدول الأسلامية، والتي تموّل أي نشاطات معارضة ومعادية لروسيّا، ومن هنا تسعى العاصمة الأوكرانية كييف الى الترويج لما يسمى بمجلس الشعب التتري برئاسة كل من الأدوات العملاء: جميليف وتشوباروف، ضمن مسار استراتيجية اعلامية بروبوغاندا، ورفع عمل هذا المجلس التتري المزعوم بل المجلس الوهم على المستوى الدولي، ان في الأمم المتحدة، وان في جلّ المنظمات الأقليمية والدولية العالمية كمنظمة مؤتمر التعاون الأسلامي، لمزيد من الضغط على الفدرالية الروسية، خاصةً وأن موسكو هي عضو مراقب في هذه المنظمة. الشعب التتري المسلم في القرم، هو ضد عمل هذا المجلس الذي يتزعمه أثنين من أدوات المخابرات الأمريكية والبريطانية والأوكرانية، وحتّى أنّ عرائض قدمت في السابق(وقبل عودة القرم الى روسيّا)من قبل الشعب التتري، الى الرئيس يوروشينكو يشكون فيه على أنّ هذا المجلس المزعوم سيطر بدعم سلطات كييف على كل خدمات النقل باتجاه جزيرة القرم، ومنع التتار هناك من المشاركة في هذا العمل كقطاع اقتصادي منتج، الأمر الذي تركهم نهشّاً للفقر والجوع وبدون لقمة عيش كريم، بجانب خطابات مسجّله على اليوتيوب وعلى جلّ وسائل التواصل الأجتماعي، تخاطب المسؤولين في كييف حول عمل هذا المجلس الوهم، والذي لا يريد أن يدافع عن مصالح التتار في النزاعات بينهم وبين شعوب أوكرانية أخرى، ونظرة سريعة على آلاف من المقالات والتحليلات في معظم الصحف الأوكرانية، لوجدنا شتائم عميقة بحق القائمين على هذا المجلس التتاري الوهم والمزعوم، وعلى رأسه كل من جميليف وتشوباروف، وعلى شاكلة: كلاب، حيوانات، أسود، خنازير، ومع كل ذلك، فهذا المجلس لا يأخذ بباله كل ذلك وما يهمه فقط هو الربح وملىء الجيوب والبطون. والمصيبة أنّ سلطات كييف لم تأخذ ببالها خطابات الشعب التتاري في القرم، ضد هذا المجلس المزعوم، المجلس الوهم، المجلس الأداة، في الفترة التي سبقت عودة جزيرة القرم الى موسكو عبر استفتاء شعبوي نزيه لم تطلق رصاصة واحدة فيه، بل ما زالت وحتى الآن وبعد عودة القرم الى روسيّا، تدعم هذا المجلس لمزيد من الضغط على موسكو وحسب توجيهات المخابرات الأمريكية والبريطانية، كما تساهم سلطات كييف في نشر معلومات كاذبة عن انتهاكات مزعومة لحقوق الشعب التتري في القرم وهي معلومات كاذبة بامتياز. ومنذ فترة ليست بالطويلة، قام أحد الصحفيين الأوكرانيين المشهورين(كوتسابا)ومعه فريق عمل من الأعلاميين وخبراء في اجراء استطلاعات الرأي، بزيارة جزيرة القرم وأجرى الكثير من اللقاءات مع زعماء وشخصيات من الشعب التتاري المسلم هناك، وناقش هذا الأمر وعمل المجلس التتاري، وقد أعرب أغلبية التتار في الأستطلاع اياه وبنسبة 93 % عن عدم قبولهم ورضاهم عن عمل السيد جميليف والسيد تشوبانوف ومجموعتهما وأدواتهما، حيث قاد عملهم جميعاً هؤلاء العاملون في خلية مخابراتية أمريكية أوكرانية بريطانية غربية، الى خلق وتخليق طائفية بغيضة ونشر البغضاء والفتن بين الروس والتتار والأوكرانيين، لذلك طالب ويطالب الشعب التتاري من القائمين على المجلس الوهم المزعوم مجلس الشعب التتاري بعدم التصريح باسم الشعب التتاري. انّ المملكة الأردنية الهاشمية تربطها علاقات دبلوماسية مع كل من الفدرالية الروسية ومع أوكرانيا، ولديها مصالح مشتركة مع موسكو وكييف، وان كانت علاقاتها مع موسكو أعمق وأوسع أفقياً بكثير من علاقاتها مع كييف، حيث العلاقات مع كييف مضى عليها ستة وعشرين عاما، في حين مع موسكو أكثر من ذلك بكثير وأضعاف تلك المدة مع كييف، حيث الأخيرة كانت جزءً من الأتحاد السوفياتي السابق، وهناك محاولات من جانب الأمريكان والسلطات الأوكرانية في اثارة ما تسمى بانتهاكات حقوق الشعب التتاري التي يروج لها المجلس التتاري لدى المنظمات الدولية والأقليمية، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الأسلامي. وأحسب وأعتقد أنّه من المنطق والصواب وجادّة الطريق الأستراتيجي، على حكومة المملكة الأردنية الهاشمية ومؤسساتها، أن تنأى بنفسها وتكون بعيدة عن تأييد كييف ومبادرات المجلس التتاري الوهم والمزعوم في المنظمات الدولية وخاصة في منظمة المؤتمر الأسلامي، حيث يعد ذلك تدخلاً في شؤون الدول الأخرى، وكذلك الحال بأن ينسحب موقفها هذا لدى منظمة الأمم المتحدة اذا ما أثير هذا الأمر، الاّ بالقدر الذي يوقف اللعب باستقرار القرم، وشرق أوكرانيا، وبالتالي الأضرار باستقرار الفدرالية الروسية. روسيّا كشفت عن قرار استراتيجي متخذ من مدة وبدء العمل به من مدة ليست بالقصيرة، في بناء المزيد من قواعد عسكرية روسية في كل من كوبا وفنزويلا وفيتنام ونيكاراغوا(الحدائق الخلفية لواشنطن في أمريكا اللاتينية)، كاستراتيجية تطبق على استراتيجية واشنطن العابثة في الحدائق الخلفية للفدرالية الروسية، والأخيرة بعاصمتها موسكو تشكل قلب أوراسيا، وقيل قديماً أنّ من يسيطر على أوراسيا يسيطر على العالم. في أوكرانيا هناك يمين متطرف، ويمين اليمين وهو أشد تطرفاً من اليمين المتطرف، وذو عناصر راديكالية مسلّحة ذات ميول نازيّة فاشيّة، فتمّ تعبئته أمريكيّاً وغربيّاً من جديد وشحنه، لتعم الفوضى في الداخل الأوكراني وبالتالي على الحدود مع روسيّا، مع العلم والمعرفة أنّ فكرة موالاة أوكرانيا للغرب وواشنطن هي فكرة ضد الجغرافيا والتاريخ، حيث أمام الأزمة في أوكرانيا خيارين فقط: الأرتهان الى التسوية السياسية وعلى قاعدة لا غالب ولا مغلوب، أو الحرب الأهلية والتي قد تقود الى شراسات غير معهودة في رد الفعل الروسي المشترك مع الصين تحديداً، ازاء الغرب وأمريكا وفي أكثر من مكان في العالم وصولاً الى حزب الله في لبنان، حيث تقول المعلومات أنّ صواريخ ياخنوت الروسية – كروز الروسية ذات المدى 300 كم وغيرها، قد وصلت حزب الله اللبناني وبكميات غير قليلة، استعداداً للحرب القادمة مع الكيان الصهيوني. تتحدث المعطيات والوقائع الجارية على طول خطوط العلاقات الروسية الأمريكية الغربية، على حالات من الكباش السياسي والعسكري والأقتصادي والدبلوماسي والأمني الأستراتيجي، وتضارب المصالح والصراعات على أوروبا والحدائق الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية، ومثيلتها الحدائق الخلفية للفدرالية الروسية وعلى قلب الشرق سورية، وعقابيل وارهاصات ما يجري في أوكرانيا الآن. اذاً تدهورت العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين، استناداً إلى تدفقات الأخبار والمعلومات التي تكشف كل يوم الدور المتعاظم والمتزايد الذي تقوم به موسكو في مواجهة تحديات النفوذ والهيمنة الأمريكية. فكلا العاصمتين الأمريكية والروسية وحلفائهما تتبنيان مواقفاً متعارضة إزاء كافة الملفات الدولية والإقليمية الساخنة وغير الساخنة، وبالذات تلك المتعلقة بالشرق الأوسط وشبه القارة الهنديّة، والتوجهات الأمريكية الهادفة إلى عسكرة العالم، إضافة إلى بعض بنود التجارة العالمية، وقضايا حماية البيئة وحقوق الإنسان. أعمق من الحرب الباردة والتي تبعث من جديد، بسبب ظهور الفدرالية الروسيّة وكومنولث الدول المستقلة، وظهور منظمة شنغهاي للتعاون التي جمعت بين الصين وروسيّا على طاولة موحدة الأجندة، حيث الأدراك الأمريكي لروسيّا الفدرالية باعتبارها مصدراً للتهديد والخطر، فخبرة العداء لأمريكا متجددة في الشارع الروسي، وتجد محفزاتها في الإرث السابق الذي خلفته الكتلة الاشتراكية والاتحاد السوفييتي، وتدرك العاصمة الأمريكية واشنطن أنّ التماسك القومي الروسي أكثر خطراً من التكوين الاجتماعي السابق الذي كان في الاتحاد السوفييتي، خاصة في الاعتبارات المتعلقة بالعداء القومي الاجتماعي التاريخي بين القومية الروسية والغرب، وتتميز الدولة الروسية بالاكتفاء الذاتي وبوجود الوفرة الفائضة في كافة أنواع الموارد الطبيعية، وبالتالي يصعب التأثير عليها عن طريق العقوبات أو الحصار أو الحرب الاقتصادية والتجارية الباردة، وهو موقف يجعل روسيّا أفضل من الولايات المتحدة الأمريكية التي تستورد كل احتياجاتها من الخارج الأمريكي، وانّ روسيّا قادرة على التغلغل في أوروبا الغربية عن طريق الوسائل الاقتصادية، وهو أمر سوف يترتب عليه احتمالات أن تخسر أمريكا حلفاءها الأوروبيين وغيرهم الذين ظلت تستند عليهم وما زالت، وان المسافة بين الفدرالية الروسيّة والولايات المتحدة الأمريكية، هي بضعة كيلومترات عبر المضيق البحري الفاصل بين ولاية الاسكا وشرق روسيّا، أضف الى ذلك الى تملك روسيّا كمّاً هائلاً من أسلحة الدمار الشامل، والمعلومات الأمريكية الاستخبارية حول موسكو غير دقيقة بسبب قدرة الروس على التكتم والسريّة. فمقابل سلّة الأدراك الأمريكية هذه ازاء موسكو، هناك سلّة الإدراك الروسية لجهة العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، حيث لم يتغير الإدراك الروسي لأمريكا عن ذلك الذي كان سائداً في أيام الاتحاد السوفييتي، وينظر الروس لأمريكا حالياً على أساس سعي حثيث لأمريكا إلى فرض الهيمنة على العالم ولإضعاف روسيّا عسكرياً واقتصادياً تمهيداً لإضعافها سياسياً ودولياً، كما يريد الأمريكيون تحويل الاقتصاد الروسي(وان كانت روسيا الان دولة رأسمالية)إلى اقتصاد تابع للغرب، ويسعى الأمريكيون إلى السيطرة على المناطق المجاورة لروسيّا تمهيداً لمحاصرة روسيّا بسلسلة من القواعد. وكما تحدث كاتب هذه السطور في تحليل سابق بعنوان: واشنطن ودعم الحركات الأنفصالية عبر الجهاد الأممي ودموية وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، فانّ الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى الإضرار باستقرار روسيّا عن طريق تشجيع الحركات والتيارات الانفصالية الناشطة في بعض مناطق الاتحاد الروسي، عن طريق تشجيع الأقليات على التمرد والعصيان مثل الشركس في جمهوريتي ابخازيا وشركسيا، وأيضاً لتشجيع قوميات الأنغوش في أنغوشيا، إضافة إلى تمردات داغستان، والشيشان، وأوسيتيا العليا والسفلى، كما أنّ التحركات العسكرية الأمريكية الدولية والإقليمية تهدف إلى الاقتراب بأكثر ما يمكن باتجاه حدود روسيّا، وكان آخرها ما يجري في أوكرانيا الآن، ومحاولات مستمرة لأمريكا نشر الشبكات والمنصات الصاروخية والرادارات العملاقة على مقربة من حدود روسيّا مع دول شرق أوروبا السابقة، وأيضاً إلى نشر القواعد الأمريكية في دول آسيا الوسطى. واشنطن تسعى إلى قطع الطريق أمام تعاون موسكو مع بقية دول العالم، وقد بذلت وتبذل جهوداً كبيرة في عرقلة مشروع تمديد أنابيب النفط والغاز من الحقول الروسيّة إلى مناطق الاستهلاك في غرب أوروبا، وعلى وجه الخصوص فرنسا وألمانيا، ومع عمل مستمر لاستقطاب دول الكتلة الشرقية السابقة مثل بولندا، بلغاريا، المجر، تشيكوسلوفاكيا، وتحويلها إلى قواعد عسكرية متقدمة للقوات الأمريكية في مواجهة الدولة الروسية. يشكل الملف النفطي أبرز النقاط التي تتضارب وتتنافر فيها المصالح الروسية مع المصالح الأمريكية، ويعتبر المخزون الروسي من النفط والغاز هو الأكبر في العالم حالياً، كذلك ماتزال روسيّا المصدّر الأول للنفط والغاز في العالم، ومن ثم فإنّ محاولات أمريكا الضغط على الدول المصدرة للنفط لكي تقوم بتخفيض الأسعار عن طريق رفع معدلات الإنتاج، هي محاولات تصطدم دائماً بالحاجز الحديدي الروسي. كذلك تفرعت عن الملف النفطي جملة من الملفات الأخرى، بعد انطلاق ما سمّي أمريكيّاً بالربيع العربي، فمن تونس الى مصر مرسي فمصر السيسي، فليبيا وحالات الفوضى فيها واستهداف سورية حتّى اللحظة قلب الشرق فأوكرانيا، وقطعاً ايران بالرغم من توقيع الأتفاق النووي معها، حيث تمثل إيران إحدى مناطق تضارب المصالح الأمريكية الروسية الغربية الأكبر في العالم، وايران خاصرة الفدرالية الروسية الضعيفة لجهة الجنوب الروسي الحيوي، ويريد الأمريكيون استراتيجيّاً ضرب إيران أو على الأقل اضعافها، من أجل إسقاط نظامها وإقامة نظام بديل يساعد في استقرار سيطرة أمريكا على العراق، وأيضاً من أجل الاستحواذ على مخزونات النفط الإيراني، إضافة إلى قطع الطريق على مشروع خط أنابيب نقل النفط الذي وقعت على اتفاقيته موسكو وايران، بحيث يتم تمديد الخط من روسيّا إلى إيران ثم إلى باكستان فالهند. كما تدرك موسكو أنّ أمريكا تجاهد من أجل التأكيد على رهان تمديد أنابيب النفط من السعودية والخليج والعراق، عبر الأردن إلى الدولة العبرية( الكيان الصهيوني)على النحو الذي يمكّن الدول الغربية من الحصول على احتياجاتها النفطية مباشرة من ساحل “إسرائيل” الساحل الفلسطيني المحتل المطل على البحر الأبيض المتوسط. هذا وتمتاز الدبلوماسية الروسية ببراغماتية متنوعة فريدة من نوعها، ظاهرها ناعم ويوحي بالتراجع أمام أي تقدّم أمريكي مندفع، وباطنها شائك وقوي وصلب يعرف ما يريد في النهاية، وأحسب وأعتقد كمراقب وراصد بأن التراجع الروسي إزاء التقدم الأمريكي أحياناً في بعض الملفات الساخنة وغير الساخنة، هو مخطط روسي استراتيجي يهدف إلى عدم الوقوف في طريق الولايات المتحدة الأمريكية، طالما أنها تندفع بأقصى سرعة باتجاه التورط في النزاعات والمشاكل، التي لن تجلب لها سوى الخسارة وكراهية الشعوب، وهو أمر سوف يؤدي إلى الإضرار بقوة واشنطن على المدى القريب، وإضعافها تماماً على المدى البعيد، وفي الوقت نفسه تكسب الفدرالية الروسية الوقت الكافي وتقوم بالمضي قدماً في تطوير التكنولوجيا والاقتصاد، وبناءات قوتها العسكرية ومستلزمات تفعيل مجتمع مخابراتها ومجالاته الجيوبولتيكية، وتحالفاته مع نظيره الصيني خاصةً أنّ موسكو تخلّت ومنذ سنوات من مخاوفها من الصعود الصيني المتعاظم.
*عنوان قناتي على اليوتيوب حيث البث أسبوعياً عبرها:
https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A
هاتف منزل – عمّان : 5674111 خلوي : 0795615721
سما الروسان في 1 – 12 – 2019 م.
التعليقات مغلقة.