لماذا عبرت حاملة الطائرات ” لنكولن ” هرمز ؟! / العميد ناجي الزعبي
العميد ناجي الزعبي ( الأردن ) – السبت 23/11/2019 م …
ان التصعيد واستعراض القوة الذي عملت اميركا على اذكائه بالخليج ومضيق هرمز بعبور حاملة الطائرات الأضخم ابراهام لنكولن مضيق هرمز يتزامن مع التصعيد الذي تتسبب به السياسات الاميركية بالوطن العربي والإقليم ، مع التصعيد الذي تفتعله بمعظم ارجاء العالم من بوليفيا ، للبرازيل والأرجنتين ، وفنزويلا ، وكوريا الديمقراطية والصين ، وكشمير ، وروسيا ، واوكرانيا ثم فلسطين بغزة ، ولبنان ، وسورية ، والعراق واليمن ، فايران .
وهي المرة الاولى التي تعبر بها حاملة طائرات مضيق هرمز الذي يبلغ عرضه ٥٠ كم منذ اسقاط القلوبال هوك وتفيد التصريحات الاميركية ان عبورها كان مقررا سلفاً .
ان التصعيد سياسة اميركية  متصلة منذ عهد اوباما فقد غادرت كلينتون منصبها وهي تهدد باستخدام السلاح النووي .
هذه السياسة تخدم مجمع الصناعات الاميركية العسكرية ، والنفطية عابرة القارات ، متعددة الجنسيات ، وتقدم سياسة توتير وشحن الاجواء على سياسة الهدؤ والسلم والازدهار الاقتصادي العالمي كسمة من سمات الرأسمالية الاحتكارية ” الامبريالية ” وخاصية من خصائصها.
وهي ايضاً سياسة ثابتة تتعرض لها ايران منذ ان اندلعت الثورة الايرانية للآن ، كما يندرج التصعيد في سياسة الحرب الاقتصادية على ايران وسورية ولبنان وغزة ، ويتزامن مع التوترات الأمنية المصطنعة بإيران والعراق ولبنان ، ومحاولة قطع طريق القائم والبو كمال وإقامة منطقة كردية عازلة بين العراق وسورية .
صاحب عبور حاملة الطائرات الاميركية مضيق هرمز إرسال ثلاثة الاف جندي اميركي للسعودية للانظمام الى القوة الاميركية السابقة بها.
لقد اعتبرت اميركا هذه الخطوة بمثابة تحذير جديد توجهه لايران رداً على ( التحذيرات الايرانية المتصاعدة والمثيرة للقلق) حسب البيان الاميركي وتصريحات جون بولتون .
تتساوق هذه الخطوة مع تصعيد نتنياهو وترامب للتوتر في سياق دعمهما المتبادل لبعضهما البعض ومحاولة استعادة دور الكيان الصهيوني في خدمة المشروع الاميركي ودور نتنياهو ومكانته بتشكيل حكومة وحدة وطنية تحول دون خطر المحاكمة الذي يتهدد مستقبله السياسي والاجتماعي وتتهدد الكيان الصهيوني نفسه ومن الجلي عجز نتنياهو عن تشكيل حكومة وحدة وطنية وعجز غانيتس ايضاً وقد اعرب ليبرمان – بيضة القبان – عن رفضه للانظمام لحكومة يشكلها نتنياهو اًو غانيتس هذا الاستعصاء الذي فرضته المقاومة ، كما ان ترامب يخوض معركته الانتخابية ويتعرض لحملة محمومة لعزله لهذه الأسباب ولإيصال رسائل للعالم والداخل الاميركي ولابتزاز حكام النفط يجري استعراض القوة وشن حرب نفسية
ان حاملة الطائرات يو اس اس ابراهام لنكولن
واحدة من اضخم حاملات الطائرات ورمزاً للقوة الاميركية تقوم بدور مركزي وتتبع للقيادة للقياد الجوية في المحيط الأطلسي وتحمل ٩٠ طائرة ومروحية وتحمل ستة الاف بحار ، وسترسل الولايات المتحدة ، حسب البيت الابيض يوم الأحد مجموعة لينكولن الضاربة التي تتكون من حاملة الطائرات وثلاثة سفن وفرقاطة ، اذا ان التشكيلات البحرية الضاربة تتكون من حاملة طائرات وطراد واحد على الأقل ومدمرتين اًو فرقاطتين وقوة جوية من ٦٥ الى ٧٠ طائرة بين مقاتلات وقاذفات وتضم ٧٥٠٠ فرداً.
تبلغ القواعد الاميركية المنتشرة بالعالم ٧٥٠ قاعدة في ١٤٠ دولة ويبلغ عدد مرتباتها نصف مليون جندي وجاسوس ، كما يبلغ عدد الجنود المحيطين بايران ما يناهز ال ١٢٥ الف جندي منهم ٩٠ الف في افغانستان في عملية – الحرية الدائمة- و٢٠ الف على السفن الحربية ، ولديها ايضاً سلسلة من المواقع الامنية الصغيرة المعروفة باسم Lily Pads تضم كل منها ٢٠٠ جندي واقل.، ونذكر بتصريح ليون بانيتا وزير الدفاع الاميركي السابق بان هناك ٤٠ الف جندي بالخليج تتوزع بالقواعد العسكرية كالتالي :
الكويت . وبها اكبر القواعد الاميركية و ١٦٦٠٠ جندي
الامارات . ٤٢٤٠ جندي في قاعدة الظفرة اضافة للقوة الفرنسية بمعسكر السلام وقاعدة المنهاد بها قوة استرالية.
البحرين . قاعدة الحفير شرق المنامة والأسطول الخامس الذي تشمل عملياته منطقة الخليج وخليج عمان وبحر العرب وخليج عدن والبحر الاحمر واجزاء من المحيط الهندي ، ويعتبر تأمين نفط الخليج الذي يمر منه قرابة نصف إمدادات النفط للعالم احد مهام الأسطول الخامس.
كما يوجد قاعدة بريطانية انشأت بال ٢٠١٤
بها ٥٠٠ جندي
قطر . يوجد بها قاعدة العيديد وهي اكبر قاعدة جوية بالعالم وبها ١١ الف جندي اميركي و١٢٠ طائرة وقاذفات وطائرات استطلاع ، كما يوجد بها قاعدة السيلية وقاعدة تركية
وكنموذج لأغراض هذه القوة فبحرب الكويت قتلت اميركا ١٠٠ الف عراقي وتسببت بجرح ٧٥٠ الف وأسرت الالاف ودمرت ١٠ الاف منشأة حيوية وسرقت ٥٢ مليار دولار .
في الحصار من ال ٩١ الى ٢٠٠٣ توفي مليون طفل دون الخمسة أعوام .
وفي غزوها للعراق سنة ٢٠٠٣ قتلت اكثر من ١٤٠ الف عراقي وجرحت اكثر من مليون ودمرت البنى التحتية واستخدمت أسلحة محرمة دولياً ، وصنعت داعش وقتلت ٤٠٠ الف عراقي وخسر العراق اكثر من ٣٠٠ مليار دولار
وهي الان تسحب قواتها من سورية وتدخلها للعراق ، وبسفارتها ٢٥ الف اميركي اغلبهم مخابرات وجواسيس وسرقت الاف الأطنان من الذهب وهي الان تتدخل بالانتخابات العراقية وتفرض عملائها لكن زيارة ترامب لقاعدة عين الاسد قبل بضعة شهور كانت تحت جنح الظلام وكان ترامب مرعوباً مذعوراً برغم كل مظاهر القوة والاستعراض الاعلامي لها
.
اذاً يجد العالم نفسه الان امام مشهدين مشهد اميركي منحسر ينسحب أفغانستان وسينسحب من العراق ويتضائل نفوذه بلبنان وبشرق اسيا واروبا واميركا اللاتينية ومن سورية ويترك مظهر القواعد الاميركية بشمال شرق سورية التي انسحبت منها وأخذت محلها دوريات الشرطة العسكرية الروسية تأثير صادم في العالم فلقد اصبح من المؤكد ان اميركا لم تعد القوة العسكرية الاولى في العالم وبرفعها الغطاء عن الحلفاء والعملاء ويخوض ترامب الذي يواجه حملة تسعى لعزله بتهمة تهديده الرئيس الاوكراني معركته الانتخابية ويصبح الشارع والناخب وصناديق الاقتراع أولى الأولويات ، ومشهد العدو الصهيوني الذي يواجه ازمات عدة واستعصاء لا يخفى وانحسار لقدراته العسكرية ويواجه الازمة الديمغرافية الفلسطينية وخطر المقاومة ومحورها ، مقابل قدرات إيرانية متصاعدة تجلت في اسقاط القلوبال هوك والعجز الاميركي الفاضح عن حماية ناقلات النفط التي تعرضت لعمليات تخريبية وضمان تدفقه من الخليج الذي بات يخضع للسيادة الايرانية ، وباب المندب الذي يخضع للسيادة اليمنية فقد احتجز الجيش واللجان الشعبية السفينتين الكوريتين والسفينة السعودية لانتهاكهما للسيادة اليمنية وقوانين الملاحة الدولية دون القدرة على الرد ، وازمة سفينة النفط الايرانية التي احتجزت بجبل طارق ثم اطلق سراحها وأفرغت حمولتها تحت سمع وبصر اميركا والأطلسي واحتجاز ايران لسفينة النفط البريطانية ، وعملية ارامكو التي كانت بمثابة ضربة قاصمة للقدرات السعودية والاميركية والإعلان الصريح من ترامب عن عدم رغبته بتقديم الحماية للسعودية ، اضافة لسقوط ألوية المرتزقة السعوديين بعسير ونجران كما ان تهديد عبدالملك الحوثي باستهداف عمق العدو الصهيوني يؤكد على التسلح والقدرات اليمنية النوعية واضطراد تطورها
اضافة لتطور قدرات المقاومة بغزة وعجز العدو الصهيوني عن مقارعة الجهاد الاسلامي منفردة اضافة لقدرة المقاومة اللبنانية الحاسمة وبسط الجيش السوري سيطرته على الجزيرة ومعظم التراب السوري واقتراب حسم معركة ادلب.
كل هذه المعطيات تؤشر لان عبور الناقلة وارسال الجنود للسعودية هو استعراض للقوة وحرب نفسية ورسائل للعالم والعدو الصهيوني والرجعية العربية والناخب الاميركي والصهيوني .
واذا كان الانتشار الاميركي بالمنطقة بغرض الحفاظ على المصالح الاميركية ، وضمان تدفق النفط من الخليج ، وضمان امن العدو الصهيوني ، فقد ثبت بالتجربة العملية ان القدرات الاميركية اصبحت من الماضي وان هذه الأعراض والمهام ما عاد ممكن تحقيقها
التعليقات مغلقة.