للحرية رئتان : الوطن والإنسان / فيحاء عبد الهادي
فيحاء عبد الهادي ( فلسطين ) الأحد 10/11/2019 م …
صباح انتفاضة لبنان.
صباح انتفاضة العراق.
صباح الوحدة، والعزيمة، والصمود، والمقاومة.
صباح نضال الشعوب العربية ضد الفساد، والظلم، والطغيان، والعنصرية، والانقسام والتشرذم.
صباح الثورة على أنواع التمييز كافة؛ الطبقي والطائفي والجنسي والعرقي، على امتداد الوطن العربي.
صباح انتفاضة الشعوب العربية ضد المستعمر، والمحتل.
صباح نضال الشعوب العربية لتحرير الأوطان وتحرير الإنسان.
“نازل آخذ حقي”.
“كلنا للوطن..للعلا للعلم”.
“من لبنان إلى العراق
الوجع واحد
والحق واحد”.
*****
“وفق تقرير منظمة الشفافية العالمية، عام 2018؛ تقع لبنان في المرتبة 138 بين 180 دولة على مؤشر الفساد العالمي، أي في الثلث الأخير بقائمة الدول الأكثر فساداً، بينما سجلت درجة الشفافية 25 نقطة فقط من أصل 100 نقطة، بينما حل العراق في المركز 168 بين 180 دولة، كما أن البنك الدولي صنف العراق كثاني أكثر دولة بالعالم تعاني من تفشي الفساد، فضلاً عن التصنيفات التي تعده واحداً من أكثر الدول سوءاً من ناحية الأعمال التجارية، وضعف البيئة الاستثمارية؛ نظراً للإشكالات العديدة في البنية القانونية والتشريعية وهشاشة الوضع الأمني”.
*****
في لبنان: “ويا مواطن يا مسكين..ضحكوا عليك باسم الدين”.
في العراق: “باسم الدين باكونا (سرقونا) الحرامية”.
في لبنان والعراق: “دولة دولة مدنية”. “دولة علمانية”.
لا مكان في الدولة المدنية العلمانية للانحياز الفئوي. الدين لله والوطن للجميع.
*****
تبدع الشعوب حين تتحرّك، وتنتفض، وتثور.
تعطي الأحرف والكلمات دلالات مختلفة، تخدم أهدافها:
“شارع مع شارع”، بدلاً من “شارع ضد شارع”.
وتبتكر أساليب جديدة في المقاومة.
قرع الحوائط، قرع الطناجر، إطلاق زامور السيارات، الغناء، الرقص، وغيرها.. وغيرها.
*****
لا تستقيم الحرية سوى بشقيها: السياسي والاجتماعي.
للحرية رئتان: الوطن والإنسان.
*****
في لبنان أسقط الثوار الطائفية؛ “تعانقت طرابلس وصور وجل الديب، وتعانقت النبطية مع ساحة الشهداء في بيروت”.
وظهر البعد القومي بشكل واضح.
هتف الثوار لفلسطين:
“فلسطين؛ إحنا معاك حتى الموت”؛ رفعوا علمها، غنوا أغانيها،
وحيّوا الثورات العربية: “حيّوا السودان؛ حيّوها”، حيّوا اليمن؛ حيّوها”.
*****
لا تغيير جذرياً دون مشاركة النساء.
لا تغيير مجتمعياً دون تحقيق مبدأ المساواة بين المواطنين.
مطالب أم حقوق؟
“أنا ما عندي مطالب..بدي حقوقي”.
*****
تصدَّرت صور اللبنانيات انتفاضة لبنان.
طلعت النساء بانسجام كامل مع أنفسهن، لم يفرضن قيوداً على أنفسهن في ملابسهن أو مظهرهن، كنّ أنفسهن:
“بدنا نرقص بدنا نغني بدنا نسقِّط النظام”.
“طلعت يا محلا نورها شمس النسوية..ياللا بنا نهتف ونغنّي: تسقط الأبوية”، في وعي كامل للعلاقة العضوية بين السلطة في الحيز الخاص (العائلة) والسلطة في الحيز العام (البنية الاجتماعية ككل؛ في المجتمع والدولة والاقتصاد):
“النظام الأبوي قاتل/ ثورتنا نسوية/ هيدي ثورة البنات”،
“ثورة ثورة نسوية/ ثورة على الأبوية/ للحرية للحرية/ ثورة ع الطائفية/ ثورة ع الذكورية”.
“علّي صوتك علّي علّي ..عن حقوقك ما تتخلّي، علّي صوتك علّي صوتِك..ها الأبوية بَدّا تموّتِك”.
أعلنت النساء اللبنانيات سبب مشاركتهن الواسعة في الانتفاضة، تلك المشاركة التي تطمح إلى إسقاط النظام الذي يظلمهن مرَّتين، مرَّة كمواطنات، ومرَّة كنساء؛ الأمر الذي أدى إلى التركيز على المعركة القانونية جنباً إلى جنب مع المعركة السياسية والاجتماعية:
طالعات لإسقاط النظام؛ الطائفي، العنصري، الأبوي والرأسمالي:
“ثورة لحقوق الإنسان/ من حقنا نعلن إضراب”.
“ثورة ثورة نسوية، ضد الحرب الأهلية”.
“الثورة أنثى/ القوة للنساء”.
“ياللا ثوري يا بيروت..لا كهربا ولا ميِّة/ عن ثورتنا ما تتخلي/ الحدّ الأدنى للأجور”.
“من بيروت تحية للعاملة الأجنبية/ طاق طاق طاقية مطالبنا نسوية”.
“حق المرأة في الأمان/ حق المرأة بالجنسية/ حق المرأة في الحضانة/ حق المرأة بالإسكان”.
“حق المرأة المتزوجة من أجنبي أن تعطي الجنسية لأولادها وبناتها”.
“قانون مدني للأحوال الشخصية”.
“بدنا حقوق اللاجئين/ مش عم نحكي ع التوطين/ بدنا حقوق اللاجئات”
“حق اللاجئة تعيش بكرامة/ حقنا نعيش بلا تحرش/ “حق المرأة تحكي باسمها”.
“هيدا الشارع شارعنا/ هيدي الثورة ثورتنا”.
*****
احتل الشباب في لبنان قلب المشهد الثوري؛ فتيات وفتياناً،
انتفضوا من أجل غد مشرق، ودولة مدنية ديمقراطية علمانية، تضمن لهم العيش الكريم، والمساواة، والعدالة الاجتماعية، دولة يستطيعون فيها أن يحققوا أحلامهم، وأمانيهم:
“طاق طاق طاقية..كلّن قُرطة حرامية”.
“دَعوِس يا شعبي دَعوِس..ع الحكومة وع المجلس”
“الشعب يريد إسقاطَ النظام”..”ثورة..ثورة”. “كِلُّن يعني كِلُّن”.
*****
هل يمكن أن تحقق الانتفاضة أهدافها الثورية؟ في لبنان، وفي العراق؟
قد تحقق أهدافها؛ لكن لو سرقت، أو اختطفت، ولم تتمكن؛ فهي أسَّست لما لا يمكن نسيانه، ولما يمكن البناء عليه مستقبلاً، في لبنان، وفي العراق، وفي المنطقة العربية.
لا حرية سياسية دون حرية اجتماعية، ودون مساواة، ودون شراكة، ودون إلغاء أنواع التمييز كافة، ودون تحقيق العدالة الاجتماعية.
[email protected]
www.faihaab.com
التعليقات مغلقة.