النقود الفلسطينية في ظل الإحتلال البريطاني (1927-1946) / مهند إبراهيم أبو لطيفة  

981

مهند إبراهيم أبو لطيفة  ( فلسطين ) – السبت 19/6/2021 م …

مع بدء الإحتلال البريطاني لفلسطين، قامت السلطات المحتلة بإعتماد النقد المصري بشكل قانوني كعملة رسمية، إضافة لعملة جيوش الحلفاء، وبشكل مؤقت تم اقرار استخدام العملة العثمانية الدهبية والورقية، وفي 2 من ديسمبر أتمت بريطانيا سيطرتها الكاملة على فلسطين، فأمرت بإلغاء التداول بالعملات  العثمانية دون غيرها.  

كان واضحا تماما ومند  البداية ، أن بريطانيا تهيء البيئة الإقتصادية في فلسطين بالتدريج، بالتنسيق مع الوكالة اليهودية لإقامة الكيان الإسرائيلي على حساب الشعب الفلسطيني. وكانت السياسة البريطانية تمهد للهجرة الكثيفة إلى فلسطين، الإستيطان، والإستيلاء على الأراضي.  

على الجانب الصهيوني، عملت المنظمة الصهيونية العالمية، عبر الوكالة اليهودية، والجمعية اليهودية للإستعمار في فلسطين ( بيكا) ، وصندوق الإئتمان اليهودي للإستعمار ، والصندوق القومي اليهودي ( الكيرين كايمت)، لتحقيق نفس الأهداف، ولهذا الغرض تم إنشاء الصندوق التأسيسي أو ال ( الكيرين هايسود) في عام 1920 ، ليكون له دور كبير في الإدارة المالية لتأسيس الكيان.  

إستكمالا لبرنامج سايكس- بيكو الإستعماري (1916)، وتنفيذا لوعد بلفور الذي تعهد بدعم الكيان الإسرائيلي، قامت سلطات الإنتداب البريطاني (الإستعمار) في فلسطين، بتشكيل لجنة خاصة لإعداد نظام للنقد في فلسطين في أوائل أبريل سنة 1946. أمر المندوب السامي بتأليف هذه اللجنة على أن تتكون من أربعة مديري مصارف أجنبية، ثلاثة من موظفي الحكومة، وإثنين من العرب يتم تعينهم من قبل الحكومة دون ترشيح من الشعب أو التخبة السياسية الفلسطينية، وثلاثة من اليهود ترشحهم اللجنة الصهيونية. تحسس الشعب الفلسطيني، ونخبته السياسية الآثار المدمرة على الإقتصاد الفلسطيني نتيجة هذا الإجراء، فهبت جميع المؤسسات للإعتراض عليه، وعلى مجمل السياسة الإقتصادية البريطانية، ورفعت هذه المؤسسات عرائض ومذكرات إحتجاج للمندوب السامي. يوثق التاريخ بعضها، على سبيل المثال:  

1 – مذكرة من الجمعية الإسلامية المسيحية بمدينة حيفا بتاريخ 12 ابريل 1924، جاء فيها :  

” إن مشروع الحكومة بوضع عملة للتداول في فلسطين، ضربة قاضية على إقتصاديات البلاد لأسباب كثيرة، أهمها فتح الباب أمام المصارف للتلاعب بأموال البلاد، تلاعبا يجرها للخسارة والإفلاس المستعجل كما هو الحال في سوريا الشمالية “. وساندت غرفة تجارة حيفا هذه المذكرة.  

2 – مذكرة من اللجنة التنفيذية العربية:  

” إن هذا المشروع الصهيوني، وضعه مدير مصرف أنجلو فلسطين الصهيوني، وقدمته جمعية فلسطين الإقتصادية الصهيونية…سينتج عن ذلك عدم إستقرار للنقد على سعر ثابت، لأن الحكومة تستطيع أن تُصدر من الأوراق ما تشاء بلا قيد أو رقابة، بما يُعرض البلاد لتلاعب الصيارفة والمضاربين من الأجانب، مما يؤدي بالسوق المالية إلى ما تعانيه سوريا الآن “.  

3 – مذكرة من غرفة تجارة يافا:  

” إن هذا المشروع سابق لأوانه بالنظر إلى حالة البلاد السياسية، وإلى الضمانة الذهبية الضرورية غير الموجودة في البلاد “.  

لم تستجب السلطات البريطانية لهذه المذكرات، وأصدر وزير المستعمرات البريطاني قانونا للعملة الفلسطينية، فتم تعيين ” مجلس النقد الفلسطيني “، وتم منحه السلطة الشرعية لإصدار النقود بالنيابة عن حكومة فلسطين. وفي بداية شهر شباط سنة 1927، صدر مرسوم النقد الفلسطيني، ليتم إستبدال النقد المصري بنقد فلسطيني، وحدد أن الكتابة على العملة ستكون بلغات ثلاث: العربية، الإنجليزية، العبرية، وتم إستبعاد صورة ملك بريطانيا من الظهور على النقد الجديد، وتعينت لندن (المؤسسة الملكية لسك العملة) كمكان يتم فيه ضرب هذه العملة، ومن نص المرسوم :  

” عملا بالسلطة المخولة في الفقرة 3 من المادة 1 من قانون النقد الفلسطيني لسنة 1927، أنا اللفتنانت كولونيل جورج ستيوارت سايمن، القائم بإدارة الحكومة، أعلن بأن النقود المصرية الذهبية والفضية والنكلية والورقية، التي وضعت موضع التداول القانوني في فلسطين، بموجب الإعلان المنشور في العدد 36 من جريدة حكومة فلسطين الرسمية، المؤرخ في 1 من شباط 1922، لا  تعتبر عملة قانونية في فلسطين بعد اليوم الحادي والثلاثين من شهر آذار سنة 1928 “.  

أجبر الشعب على تبديل النقود المصرية، ونتج عن ذلك إرتفاع الأسعار بشكل مفاجيء، وتفاقمت الظروف الإقتصادية الصعبة. وتم طرح النقود الجديدة في الأسواق على نوعين : مسكوكات معدنية، وعملة ورقية، تم تصميمها وإصدارها من لندن، وفور طرحها بالأسواق قامت مظاهرات كبيرة ضد الإحتلال البريطاني، لإدراك النخبة الفلسطينية لدلالات هذه الخطوة في حينها.  

المسكوكات المعدنية:  

فئة 1 مل: كتب “فلسطين” عليها بثلاث لغات  متتابعة: العربية، الإنجليزية، العبرية، وتاريخ السك، وعلى الظهر غصن زيتون.تزن القطعة  3,24 غرام، بقطر 21 مليمترا من معدن البرونز.  

عشر قطع من هذه الفئة، ضربت في عشر سنوات مختلفة ، سنة الضرب والكمية المضروبة من هذه الفئة:  

1923 ضرب منها 10,000,000 قطعة  

1935 ضرب منها 704,000  

1937 ضرب منها 1,200,00  

1939 ضرب منها 3,700,00  

1940 ضرب منها 396,000  

1941 ضرب منها 1,920,000  

1942 ضرب منها 3,040,000  

1943 ضرب منها 4.320,000  

1944 ضرب منها 2,000,000  

1946 ضرب منها 960,000  

1947 ضرب منها 2,880,000  ولم تظهر إطلاقا، واعيد صهرها بسبب الحوادث في البلاد.  

 

فئة 2 مل: نفس مواصفات المليم من حيث الشكل، تزن كب قطعة 7,77 غرام بقطر 28 مليمترا، حافتها لمساء، والكميات المضروبة:  

1927 ضرب منها 5,000,000  

1941 ضرب منها 1,600,00  

1942 ضرب منها 1,440,000  

1945 ضرب منها 960,000  

1946 ضرب منها 960,00  

1947 ضرب منها 480,000 ولم تظهر للتداول.  

فئة 5 مل – تعريفة: مثقوبة من الوسط، يحيط بالثقب غصن زيتون على الوجه فقط، على اليمين اسم فلسطين باللغات الثلاث، وزنها 2,92 غرام، وقطرها 20 مليمترا، جميعها من النيكل برونز، ما عدا التي صدرت في سنة 1942 وسنة 1944 فهما من البرونز فقط، بسبب نقص القصدير في الحرب العالمية الثانية.  

1927 ضرب منها 10,000,000  

1934 ضرب منها 500,000  

1935 ضرب منها 2,700,000  

1939 ضرب منها 2,700,000  

1941 ضرب منها 400,000  

1942 ضرب منها 2,700,000  

1944 ضرب منها 1,700,000  

1946 ضرب منها 1,000,000  

1947 ضرب منها 1,000,000 لكنها لم تظهر.  

فئة العشر مليمات- القرش: مثقوبة من الوسط، عليها إسم فلسطين باللغات الثلاث. وزن القطغة 6,48 غرام وقطرها 27 مليمترا، وهي من النيكل برونز.  

1927 ضرب منها 5,000,00  

1933 ضرب منها 500,000  

1934 ضرب منها 500,000  

1935 ضرب منها 1,150,000  

1937 ضرب منها 750,000  

1939 ضرب منها 1,000,000  

1940 ضرب منها 1,500,000  

1941 ضرب منها 400,000  

1942 ضرب منها 600,000  

1942 ضرب منها 1,000,000 لونها أحمر (برونز)  

1943 ضرب منها 2,000,000 لونها أحمر ( برونز)  

1946 ضرب منها 1,000,000  

1947 ضرب منها 1,000,000 لم تظهر إطلاقا.  

 جميع القطع من النيكل برونز(بيضاء) ما عدا ما ضرب سنة 1942 و 1943 فهي من البرونز (الأحمر) بسبب الحرب

فئة العشرين مل (القرشان): مثقوبة أيضا،عليها فلسطين باللغات الثلاث، حول الثقب غصن الزيتون، وزن القطعة 11,34 غراما، وقطرها 30,5 مليمترا. جميعها نيكل برونز، عدا سنة 1942 و 1944 فهي من البرونز الأحمر.  

1927 ضرب منها 1,500,000  

1933 ضرب منها 250,000  

1934 ضرب منها 125,000  

1935 ضرب منها 575,000  

1940 ضرب منها 200,000  

1941 ضرب منها 100,000  

1942 ضرب منها 1,000,000 برونز أحمر  

1944 ضرب منها 1,000,000 برونز أحمر

فئة الخمسين مل ( شلن):  من الفضة الخالصة، عليها غصن زيتون من الوسط، وكتابة باللغات الثلاث، وعلى مدار النقد إسم فلسطين. تاحتفة مسننة، تزن القطعة 5,83 غرام، بقطر 23,6 مليمترا، عيار 720 فضة، 286 نحاس.  

1927 ضرب منها 8,000,000  

1931 ضرب منها 500,000  

1933 ضرب منها 1,000,000  

1934 ضرب منها 398,000  

1935 ضرب منها 5,600,000  

1939 ضرب منها 3,000,000  

1940 ضرب منها 2,000,000  

1942 ضرب منها 5,000,000

فئة  100 مل: أي عشرة قروش(بريزة)، وهي من الفضة الخالصة، عليها غصن زيتون، وإسم فلسطين باللغات الثلاث. تزن القطعة 11,66 غراما بقطر 29 مليمترا، وحافتها مسننة وهي من الفضة عيار 720 ، 28 نحاس.

1927 ضرب منها 2,000,000  

1931 ضرب منها 250,000  

1933 ضرب منها 500,000  

1934 ضرب منها 200,000  

1935 ضرب منها 2,850.000  

1939 ضرب منها 1,500,000  

1940 ضرب منها 1,000,000  

1942 ضرب منها 2,00,000

المسكوكات الورقية – الاوراق النقدية: طبعت جميعها في لندن، تتشابه في نظام الكتابة وتختلف في ألوانها، وأطوالها والصور المطبوعة عليها لتميزها.  

فئة نصف جنيه ( 50 قرشا )، مكتوب عليه ” مجلس النقد الفلسطيني” بالإنجليزية واسفله بخط صغير بالإنجليزية في سطر واحد : ” إن ورق النقد قانون لدفع أي مبلغ كات “، كتب بالعربية على اليمين وبالعبرية على اليسار. وأسفل من ذلك كتب قيمة النقد بالإنجليزية ثم بالعربية والعبرية. ويوجد عليها كلمة القدس بالإنجليزية، وتاريخ الإصدار وتواقيع أعضاء مجلس النقد الفلسطيني. وفي الأربع زوايا كتب الرقم الدي يدل على قيمة الورقة ضمن إطار زخرفي، وهناك صورتانفي دائرتين على اليمين الصورة المائية، وعلى اليسار صورة أثر من الآثار الفلسطينية، فقد ظهر على فئة نصف الجنيه صورة قبة راحيل، ويغلب على نصف الجنيه اللون البنفسجي، وعلى ورق النقد صورة برج قلعة القدس. قياس نصف الجنيه 126* 72 مليمترا.  

فئة الجنيه ( 100 قرش) ، المقاس 164*90 مليمترا ، يغلب عليها اللون الأحمر ، وصورة الصخرة المشرفة.  

فئة الخمسة جنيهات ( 5000 قرش)، المقاس 190*100 مليمترا، وتحمل على وجهها صورة مئدنة الجامع الأبيض بمدينة الرملة.  

فئة العشرة جنيهات ( 1000 قرش) ، نفس شكل فئة الخمسة جنيهات، ولكن لونها أزرق، وحجمها 190* 103 مليمترا.  

فئة الخمسين جنيها ( 5000 قرش) ، تشبه فئة العشرة جنيهات، وتطابقها في المقاس، لونها أرجوان.  

فئة المئة جنيه ( 10,000 قرش) ، تطابق ورقة الخمسين جنيه، ولا تختلف عنها إلا في لونها الأخضرـ ومقاسها 192*105 مليمترا.

تاريخ إصدارات الأوراق النقدية:  

1 سبتمبر 1927 ( نصف جنيه، جنيه، 5 جنيه، 10،50،100 جنيه)  

30 سبتمبر 1929 ( جميع الفئات )  

20 أبريل 1939 (نصف جنيه، جنيه، 5 جنيهات)  

7 سبتمبر 1939 ( 10 , 50 , 100 جنيه)  

10 سبامبر 1942 ( فئة 100 جنيه )  

1 يناير 1944 ( جنيه، 5 ، 10 جنيهات )  

15 اغسطس 1945 ( فئة نصف جنيه )

استمرت النقود الفلسطينية مرتبة بالنقد الإسترليني، لقرابة عشرين عاما وحتى 22 فبراير 1948، عندما صدر قرار بخروج فلسطين من منطقة الإسترليني. فرضت بريطانيا قانون ” الدفاع المالي الإنجليزي” على الأموال الفلسطينية الموجودة بأنجلترا، ومنعت خروجها من هناك، ويقدر قيمتها ب 130 مليون جنيه إنجليزي، منها 54 مليون جنيه على هيئة سندات لغطاء النقد، وحوالي 76 مليون جنيه أرصدة بنكية ، وضاعت هذه المبالغ على الشعب الفلسطيني ( بالسرقة والسطو)، تنصلت بريطانيا من باقي عهودها مع العرب والفلسطينيين، وتم تسليم فلسطين.  

في مرحلة لاحقة قام الكيان الصهيوني بإستبدال النقد الفلسطيني الذي امتلكه عام 1949،وتمت تسوية مع الأردن عام 1960 ومصر عام 1951، للتعويض عن النقد الفلسطيني الذي كان بحوتهم.  

سؤال بريء فرض نفسه علي  وأنا أراجع كتاب النقود العربية الفلسطينية: أين أموال منظمة التحرير، الصندوق القومي الفلسطيني، ومؤسسة صامد؟

مراجع:  

– سليم عرفات المبيض، النقود العربية الفلسطينية، الهيئة المصرية العامة للكتاب.  

– الموسوعة الفلسطينية