إضاءه على المشهد السياسي … التاريخ إن تقيّأ!! / د. سمير محمد أيوب و المحامي محمد أحمد الروسان

653

مدارات عربية – الأربعاء 4/12/2019 م …

كتب المحامي محمد الروسان والدكتور سمير ايوب

بثقة وثبات ، تزحف التعددية القطبية ، الى جبهات المواجهة ، بين العملاقين العالميين وحلفائهما ، وتكشف الغطاء عن هشاشة العلاقات بينهما .
في ظل هذه الهشاشة ، يتعاظم الدور الروسي بمواجهة الهيمنة الأمريكية في كافة الملفات ، وبالذات تلك المتعلقة بالشرق الأوسط .
الحكومة الخفية في الولايات المتحدة الامريكية ، في غاية القلق من هذا التمدد . وترى أنّ القوّة العسكرية ( الرسمية والارهابية ) ، وسيلة متاحة لتدمير الوجود الروسي ، في الكثير من مناطقه ، وعرقلته وابطاء تقدمه فيها.تمهيدا لترميم هيمنتها على العالم .
للولايات المتحدة الأمريكية متاهات استراتيجية وتكتيكية عميقة كثيرة ، لمشاغلة الروس فيها . ولكن المتاهة السورية هي أم تلك المتاهات . فهي الأصعب والأشد ، ونتائجها ستحدد مصير المتاهات الأخرى ، وشكل العالم الجديد .
لم تحجب السحب الدخانية الناجمة عن حالة الأستعصاء الدولي المتوالدة عن المسألة السورية ، الرؤية عن محور الحكومة الخفية الامريكية ، التي لم تغفل للحظة عن ساحات أخرى في العالم ، لا تقل أهميتها عن سورية في تحقيق عميق مصالحها .
على وقع الرفض الروسي الحاسم ، مقايضة سورية باوكرانيا ، أعيد دحرجة كرة النار في اوكرانيا .
الموقف الروسي في مواجهة هذه الكرة النارية ، قائم على رؤية بعيدة المدى ، من رواسيها في سلة الادراك الروسي ، ما يلي :
أولا : متابعة الروس بصبر ذكي ، السعي الامريكي الحثيث ، لاعادة فرض الهيمنة الامبريالية على العالم ، بإضعاف روسيّا عسكرياً واقتصادياً ، كعتبات حتمية لإضعافها سياسياً ودولياً . وتتابع روسيا كذلك ، محاولاتهم الحثيثة لمحاصرتها بسلسلة من القواعد ، تقربهم اكثر من حدودها ، وتمكنهم من الإضرار باستقراها الداخلي .
ثانيا : تعلم واشنطن ومن معها ، ان منطقة القرم مجال حيوي استراتيجي لموسكو . تشكل والبحر الاسود منفذها الأستراتيجي الى المتوسط ، وصولاً الى قاعدتها العسكرية في طرطوس السورية . .
ثالثا : أن المسألة في اوكرانيا هي نتاج طبيعي لتفاعلات روسيا في المسالة السورية من جهة ، ومن جهة اخرى ، لعرقلة سعي موسكو نحوعالم متعدد الأقطاب تنسجه بالتعاون مع أعضاء أخر في الأسرة الدولية .
رابعا : أوكرانيا هي عتبة البيت الروسي ، وليس من الحكمة أن تقاتل عدوك على عتبة بيتك ، بل في عقر داره هو ، او تنقله الى حدائقه الخلفية .
خامسا : يشكل الملف النفطي ، وما تفرع عنه من ملفات اخرى ، واحدا من أبرز النقاط التي تتضارب وتتنافر فيها ، المصالح الروسية مع المصالح الأمريكية .
سادسا : وترى روسيا المشترك بين كرة النار في اوكرانيا ، وكرة النار في الحدث السوري . يراد لاوكرانيا ان تصبح مستنقعا يضم تلاوين الارهاب العالمي . ليتقيأ التاريخ أسوأ ما فيه هناك ، تماما كما فعلوا في سوريا .
فهل ستسمح لهم موسكو، بالتقيئ على على عتباتها ؟! أوجرها الى فخاخ التورط العسكري في اوكرانيا لاشغالها واستنزاف قوتها ؟!
إنّها مرحلة جديدة متسارعة من مراحل حرب أعمق من الباردة ، بعثت من جديد على طول خطوط الكباش الشامل للعلاقات الروسية الأمريكية .
التلويح الامريكي بخلع القفازات الناعمة وقرع طبول الحرب ، على وقع الإستعصاء العسكري في المسألة السورية ، وصلابة الجبهة الداخلية السورية ، وصمود وتحالفاتها ، فخخ العالم بازمات خبيثة وبإرباكات مقصودة ، في جل المواطن العربية . وأوصل العالم الى ما هو اعمق من حرب باردة جديدة .باتت تستدعي يالطا جديدة ، تعيد انتاج قواعد اللعبة الاممية ، وهيكلة مناطق النفوذ في العالم .
الاردن – 4/12/2019

التعليقات مغلقة.