المحامي محمد احمد الروسان يكتب: واشنطن في وزنها للقوى الاقليمية في الشرق الأوسط … وعلاقات روسية وصينية وإيرانية متنامية وبعمق

1٬864

 المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) – السبت 6/1/2024 م …

* عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية …

= = التغيرات المتدرجة التي ستغير وجه العالم

من خارج الصندوق: كيف تنظر الولايات المتحدة في وزن القوى الإقليمية في الشرق الأوسط، ما بعد تداعيات طوفان الأقصى؟ وما هي التغيرات التي ستغير وجه العالم وعلى الأقل قبل عام 2050 م، وتعمل أمريكا على تسطيحها واخفائها؟ وما هو الذي أيضا يثير مخاوف الدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط وفي العالم؟ وكيف تراجعت أدوار الدول المركزية، وتصاعدت دول الأطراف ذات الجيوش الصغيرة؟.

 نعم: وبالمجمل، يعد الشرق الأوسط بشكل عام، منطقة ذات كفاءة منخفضة للجيوش التقليدية، وإنّ الجيوش المحلية مسيّسة وموجهة بشكل كبير، وإن لم يكن حصريًا، نحو ضمان السيطرة المحلية في بلدانها الأصلية، هذا جيد للولايات المتحدة، التي ترغب في منع الهيمنة الإقليمية.

إيران: هي الدولة التي يعتقد الأمريكيون، وحسب تقديرات المستويات الأمنية والعسكرية لديهم، غالبًا أنّها تشكل تهديدًا للهيمنة على الشرق الأوسط، لكن جيشها يفتقر إلى القدرات الأساسية للقيام بمحاولة للهيمنة، والميزة الأكثر أهمية للجيش الإيراني، هي تركيزه على الحرب غير التقليدية، لا سيما في فيلق الحرس الثوري الإسلامي، وهو في الأساس قوّة عسكرية ثانية، تتلقى موارد أكثر من الجيش الإيراني التقليدي نفسه.

ومع ذلك: فإنّ القدرات الحربية الخاصة الأخرى حقيقية، وإذا كانت محدودة، مما يسمح للحرس الثوري الإيراني، وفيلق القدس، بدعم الحلفاء، بشكل هادف، في مختلف الحروب الأهلية في الشرق الأوسط، ولمساعدة النظام الإيراني في الحفاظ، على الاستقرار السياسي في الداخل الإيراني – رأي أمريكي.

وقد تجعل هذه القدرات إيران، في وضع جيد جداً نسبيًا، للتعامل مع بعض متطلبات احتلال ما بعد الغزو مثلاً، على الرغم من أن خصائص إيران الفارسية والشيعية، ستتفاقم في نفس الوقت، وصعوبة التفاعلات مع السكّان المحليين، في المستهدف من الأهداف، في ساحات ومساحات المنطقة، لكن الخبرة في السياسة الداخلية، تأتي أيضًا مع عيوب أخرى.

ويمكن أن يعتمد التقدم إلى مناصب قيادية عسكرية في إيران بشكل كبير، على السياسة والولاء الديني بدلاً من الجدارة الى حد ما، ويبذل بعض القادة العسكريين جهودًا كبيرة في الواقع، لإدارة الأعمال التجارية المختلفة، التي يمتلكها الجيش الايراني، والتي تمثل جزءًا كبيرًا من الاقتصاد الإيراني – نادرًا هو:  سمة من سمات إمكانات الهجوم من الدرجة الأولى، إن وجدت. وأفضل القوات العسكرية الإيرانية، ليست مدربة ولا مجهزة لهزيمة الجيوش المتنافسة، والسيطرة على الأراضي، وأيضاً الى حد ما، وفي غضون ذلك، كافح الجيش الإيراني التقليدي لعقود.

ومن بعض النواحي، من المثير للإعجاب، أنّ إيران تمكنت من الحفاظ على تشغيل – أي من معداتها، من خلال العقوبات الاقتصادية الشديدة، التي تشمل حظر قطع الغيار، وضوابط التصدير على المنتجات العسكرية، وذات الاستخدام المزدوج، ولكن الصيانة والتحديثات، وحتى القدرة على تجهيز قوة كبيرة بالحد الأدنى، لا تزال تمثل مشاكل بالنسبة لإيران، وعندما تعلن صناعة الأسلحة الإيرانية المحلية، عن قطعة جديدة ومبتكرة من المعدات، فإنّها غالبًا ما تعمل على تجميع أجزاء من المعدات القديمة لإنتاج الوهم(هذا ما تفسره أمريكا، كونها، تريد التقليل من قدرة ايران، وتسطيح التصنيع العسكري الايراني)الذي يحتفظ على الأقل ببعض الدبابات أو المروحيات في الميدان، وبالتالي: إنّ أحجام الإنتاج محدودة بالضرورة – هكذا تنظر أمريكا هنا الى هذه الجزئية.

حتى إذا تغيرت الظروف الدبلوماسية، مما سمح لإيران بشراء بعض المعدات الحديثة، التي قد تحتاجها لهجمات كبرى، فإنّها ستحتاج إلى الوقت، لاستيعاب المعدات الجديدة، وتعلم كيفية استخدامها إلى أقصى إمكاناتها، والتغلب على  حواجز داخلية عميقة، حدّت من قدرة الجيش الإيراني، على تنفيذ عمليات الأسلحة المشتركة في الماضي القريب، وعلى سبيل المثال لا الحصر، كانت إيران منذ سنوات خلت، على وشك استلام أنظمة دفاع جوي روسية متطورة من طراز S-400، ولكن حتى لو كانت كذلك، سيحتاج الجيش الإيراني إلى تعلم كيفية استخدامها، بأسلوب أسلحة مشترك، في الظروف الصعبة، للتحرك لشن هجمات عسكرية ما.

كما ستميل القيادة الإيرانية دائمًا، إلى حجز الدفاعات الجوية المتقدمة، للأهداف عالية القيمة في الداخل، ولا سيما القيادة السياسية والمنشآت النووية، وحتّى إذا تغيرت سياسة إيران وقدمت التزامًا كبيرًا بالاستثمار في قوّاتها التقليدية، فإنّ التقسيم التنظيمي: بين الحرس الثوري الإيراني، والجيش التقليدي، سيستمر في إعاقة التخطيط الاستراتيجي والفعالية التشغيلية.

انّ تحويل الجيش الإيراني، إلى قوة هجومية، قادرة ومقتدرة يعتبر شيء في الأفق، و التهديد بفرض هيمنة إقليمية سيكون مشروعًا كبيرًا ومكلفًا، وعصيبًا سياسيًا، وطويل المدى وهو شيء آخر مختلف، وفي حين: أنّ تركيا هي في الواقع، هي القوّة الإقليمية الأقرب إلى القدرة، على تهديد الهيمنة الإقليمية، ولكن تتمثل العيوب الرئيسية التي سيواجهها الأتراك، في المسافات الشاسعة التي سيتعين على جيشهم تغطيتها، لهزيمة الجيوش الكبيرة الأخرى في المنطقة، والمشاكل التي قد يواجهها الجيش التركي على الأرجح، في التفاعل مع السكّان المحليين، أينما كان الجيش يقاتل في الشرق الأوسط.

سيواجه الأتراك اختلافات عرقية ودينية وثقافية، تتقاتل في أجزاء رئيسية من المنطقة، ومن المرجح بشكل خاص، أن تحفّز تركيا مقاومة أي غزو أو احتلال، ومن ناحية أخرى، يوجد في تركيا عدد كبير من السكّان، وجيش كبير وحديث، ولقد استفاد تدريب الجيش التركي ومعداته من عضوية الناتو، وكانت تجربته القتالية التقليدية ناجحة نسبيًا، ومع ذلك، يجب أن تتطابق نقاط القوّة هذه، مع نقاط الضعف التعويضية.

 لقد ركزت بعض أهم الأنشطة العسكرية التركية، على العمليات الداخلية غير التقليدية، سواء ضد السكان الأكراد المحليين، أو عبر الحدود في سوريا، وأدت السياسات الداخلية المعقدة، وتاريخ الانقلابات فيما مضى، إلى التسييس المنهك، ومنع الانقلاب داخل الجيش التركي نفسه، ولهذا: ستعيق هذه العوامل مجتمعة ومنفردة، القدرات الهجومية التركية في الشرق الأوسط.

وكما أسلفنا في بداية هذا الاشتباك الفكري التحليلي: يعد الشرق الأوسط بشكل عام، منطقة ذات كفاءة منخفضة للجيوش التقليدية، وإنّ الجيوش المحلية مسيّسة وموجهة بشكل كبير، وإن لم يكن حصريًا، نحو ضمان السيطرة المحلية في بلدانها الأصلية، هذا جيد للولايات المتحدة، التي ترغب في منع الهيمنة الإقليمية.

انّ الحروب بين الجيوش الكبيرة غير الفعّالة، كما في الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات، يمكن أن تسبب معاناة رهيبة، لكن تأثيرها ضئيل على المصلحة الوطنية للولايات المتحدة، تكتسب الهجمات القليلة من الأرض بتكلفة هائلة، ويوفر النشاط البطيء، في الجبهة للبلدان الأخرى في المنطقة، العديد من الفرص، لتعديل دعمها لجانب أو آخر، للحفاظ على التوازن، وكما قلنا: وبالمجمل أنفاً، يعد الشرق الأوسط بشكل عام، منطقة ذات كفاءة منخفضة للجيوش التقليدية، وعلاوة على ذلك، يبدو أن بعض الدول الصغرى – في الشرق الأوسط، لديها جيوش عالية الجودة، ويمكن لـسبارتا الصغيرة – كما تُعرف الإمارات العربية المتحدة أحيانًا، أن تساهم بشكل فعّال، في الدفاع ضد قوة إقليمية مغيبة، لكن الإمارات العربية المتحدة، لا يمكنها أن تهدد بشكل واقعي، باجتياح العديد من الدول الكبرى، في محاولة للهيمنة، وان كانت تملك الموارد والمال الوفير، والذي يسيل لعاب الدول المختلفة له، وينطبق الشيء نفسه على مقاتلي حزب الله، ذوي الكفاءة القتالية نسبيًا في لبنان، وكذلك ينطبق على الجيش الإسرائيلي المتبجح، حيث أظهر طوفان الأقصى، أن سيقانه من قش، وأنّ الجيش الذي لا يقهر، كانت كذبة كبرى ووهم والدليل: في البدء: كانت حرب الكرامة مع الجيش العربي الأردني بالتعاون مع المقاومة، فكان الانتصار، وتحرير الجنوب اللبناني عام 2000 م، وحرب تموز عام 2006 م، والان طوفان الأقصى 2023 م.

انّ الجيوش الصغيرة، التي تضرب فوق وزنها، هي أيضًا جيدة للولايات المتحدة، القائمة على الوضع الراهن، ويخشى البعض من احتمال، وجود قوة إقليمية خارجة عن السيطرة على الشرق الأوسط، ولا سيما أنّ قوة عظمى مثل الصين أو روسيا، ستتحالف مع دولة أو دولتين داخل المنطقة، وتبني قواعد عسكرية فيها، وتدفق قوة عسكرية كافية إلى الشرق الأوسط من أجل  تهيمن عليهسوريا مثال واضح هنا.

انّ التحديات التي واجهتها الولايات المتحدة، في محاولة السيطرة على الأحداث في الشرق الأوسط في العقود الأخيرة، يجب أن تخلق شكوكًا كبيرة، في أنّ قوة عسكرية أجنبية أخرى ذات قوى أضعف بكثير، وأقل خبرة من الولايات المتحدة، يمكن أن تخلق هيمنة عسكرية إقليمية، وهذه مهمة أكثر صعوبة، من جهود الولايات المتحدة الفاشلة،  علاوة على ذلك: تتمتع الصين وروسيا، بقدرات جوية وبحرية أقل بكثير لدعم مثل هذه الحملة، ولا تتمتع أي منهما، بقيادة مركزية، من شأنها أن تسهل مثل هذه القوة – هكذا تنظر أمريكا والتي تعاني من عقدة التفوق الذاتي.

من جانب آخر: علاقة صينية إيرانية متنامية، وعلاقة روسية إيرانية متنامية بعمق، ولكن ليس هناك ما يشير إلى أنّ قوة كبرى في الشرق الأوسط، مهتمة بتشكيل تحالف عسكري هجومي، مع أي قوة من خارج المنطقة، لأنّ مثل هذا التحالف، إذا كان مدعومًا بقدرات عسكرية حقيقية، وانتشار لمئات الآلاف، من القوات الأجنبية التي ستكون ضرورية للتنافس على الهيمنة الإقليمية، من شأنه أن يشكل تغييرًا كبيرًا في البيئة الأمنية الدولية، التي تتطلب إعادة تفكير كبيرة في سياسة الأمن القومي للولايات المتحدة، لكن هذه الإمكانات، لا يمكن أن تتطور بسرعة، وبدون التهديد بحدوث تحول مفاجئ في الديناميكيات، لا يوجد سبب للالتزامات المسبقة أو الاستجابات الوقائية.

ويمكن للولايات المتحدة(ودول أخرى حول العالم)، النظر في مثل هذا الموقف إذا، وعندما يبدأ المشهد نفسه في التطور، ووضع استراتيجية جديدة، لهذا السيناريو المستقبلي المحتمل، عندما تكون قد أصبحت معالمه واضحة، وان كان الاحتمال في السياسة ليس يقيناً.

وفي الوقت الحالي، فإنّ تهديد هيمنة شرق أوسطية خارج المنطقة – سواءً كانت روسيا أو الصين – لا يكاد يذكر في أي تحليل عسكري معقول للمنطقة، وبالنظر إلى انخفاض مخاطر الهيمنة الإقليمية في الشرق الأوسط، وحتّى في ظل تداعيات طوفان الأقصى، وأي إسرائيل سنرى؟، ما الذي يمكن أن يفعله الجيش الأمريكي، مع ذلك: لخدمة المصلحة الوطنية الأمريكية؟… قد تختار الولايات المتحدة بشكل معقول، تقليص الأداة الحالية التي تختارها في المنطقة – إسرائيل ما بعد طوفان الأقصى، عبر إعادة انتاجها بصورة مختلفة، كونها صارت كيان هش وتحت التحقيق القانوني الدولي، وان كان يملك أسلحة نووية وبيولوجية.

ولعقود من الزمان، ركزت الكثير من الجهود الأمريكية غير القتالية، على محاولات تدريب القوّات المحلية، التي تعتبرها الولايات المتحدة (صديقة)، ولم يكن لهذه الجهود مردود ضئيل من حيث التحسينات الواضحة في جودة القوّات المحلية، وعلى وجه الخصوص، تلاشت القوّات العراقية المدربة تدريباً مكثفاً، في مواجهة هجمات داعش، وكان أداء القوات السعودية المدربة، من قبل الولايات المتحدة ضعيفاً في اليمن، حيث كافحت حركة أنصار الله أثناء القتال، و تمت  إصابة العديد من غير المقاتلين، وربما هنا، يكون التدريب الأكثر أهمية، وحتى التدريب الناجح، إذا كان لتحسين قدرة الجيوش في الشرق الأوسط، على تنفيذ تكتيكات الأسلحة الحديثة المشتركة، من شأنه أن يزيد من قدرات السكان المحليين في كل من الهجوم والدفاع، مما يوفر نفوذاً ضئيلاً على القضية الأساسية للمواطنين الأمريكيين، وهي قدرة السكان المحليين على المنافسة على الهيمنة الإقليمية.

ويمكن أن يؤدي، تقليل الاتصال العسكري الأمريكي مع الجيوش الإقليمية أيضًا، إلى تحسين صورة الولايات المتحدة بين شعوب الشرق الأوسط، أو على الأقل التخفيف من الصورة التآمرية، بأنّ الولايات المتحدة، هي القوة الحقيقية التي تتحكم في السياسة المحلية، وتضع الأجندة المحلية، ولكن معركة طوفان الأقصى، فضحت أمريكا وأظهرتها في أبشع صورها، ومعها ربيبتها إسرائيل، التي وضعت نفسها على مسار وسكة الزوال القريب، وتريد من واشنطن مشاركتها في ذلك، وحتّى أولئك الذين يميلون إلى معاداة الولايات المتحدة، يميلون إلى النظر إلى الجيش الأمريكي، على أنّه تأثير – بعيد المنال، وليس كأولوية يومية، على قائمة الشكاوى الخاصة بهم.

ولقد بدأ، موسم التحرش، الأمني والسياسي والعسكري، لغايات التمهيد، من قبل كارتلات الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية وعميق دولتها، في ساحات ومساحات دول حلفائها في الشرق الأوسط، ولغايات الاستحلاب المالي والنقدي، بعد اتضاح صورة العدوان على غزة، وما بعد تداعيات طوفان الأقصى، وانتصار المقاومة الفلسطينية، حيث هناك مجلة أمريكية اسمها: فورين أفيرز، تشير في تقرير تحليلي لها ومطول: لاضطرابات متوقعة في دولة الامارات وخلال العام الجديد الحالي 2024 م، اضطرابات لا ترحم ضمن بيئة الشرق الأوسط القاسية، حيث تقع الإمارات بين إيران والسعودية، وقد خضعت على الفور للمنافسة بين جيرانها الأكبر منها بكثير، لكن الشيخ زايد – رحمه الله، الذي حكم حتى وفاته عام 2004 م، عمل على تحقيق التوازن بين القوتين الثقيلتين: السعودية وإيران، فتعاون مع جيرانه بذكاء، والتزم الحياد أثناء الصراعات، مثل الحرب الإيرانية ـ العراقية.

وأنفقت أبو ظبي في عهد الشيخ محمد بن زايد مليارات الدولارات، على بناء وتحديث جيشها، ليصبح ما أطلق عليه وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس اسم: سبارتا الصغيرة، وجعلت دولة الإمارات من نفسها المركز المالي في الشرق الأوسط، فدخلت في منافسة السعودية الان، وإنّ الإمارات، جزء من رؤية الرئيس الأمريكي جو بايدن، لممر اقتصادي في الشرق الأوسط، يربط بين الهند وأوروبا، لكونها تتمتع بعلاقات قوية، مع القوى المتوسطة الناشئة الأخرى، مثل البرازيل والهند وإندونيسيا، ولكن هذا الممر تم شطبه بفعل 7 أكتوبر 2023 م، بعد دخول حماس والمقاومة المغتصبات في غلاف غزّة، لذلك المعركة والعدوان على غزة ومنذ أكثر من ثلاثة شهور ويستمر، هي معركة الأمريكي وما زالت وستبقى، وفرض اليانكي الأمريكي، شكلاً من أشكال الانتداب والوصاية، على حكومة بنيامين نتنياهو منذ السابع من أكتوبر لعام 2023 م.

وما زالت الإمارات مقيدة في سعيها إلى النفوذ والسلطة، وهي تعتمد اعتماداً كبيراً على النفط، وتواجه ضغوطاً للتخلي عن الوقود الأحفوري بسرعة، حيث تسعى وتريد أبوظبي، استخدام القوى الخارجية كما تراه مناسبًا، وبالتالي لا يمكن لأي قوة خارجية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، الاعتماد عليها، لتكون بمثابة وكيل لها في الشرق الأوسط، ولكن الواقع يقول: عكس ذلك تماماً، فدول الأطراف ذات الجيوش الصغيرة والمدربة، قد يكون لها كل النفوذ والتأثير الى حد ما.

وكانت علاقة الامارات، مع الولايات المتحدة، ذات أهمية متجددة بالنسبة لدولة الإمارات، التي رأت أن العلاقات الأمريكية القوية، هي ترياق لإدارة التحديات الأمنية الإقليمية، وبدأت أبوظبي في عهد محمد بن زايد، حين كان وزيراً للدفاع في الاستثمار بشكل أكبر في علاقتها مع واشنطن، بما في ذلك من خلال تكثيف القتال، إلى جانب القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، حيث كان للانضمام إلى تحالف واشنطن، فائدة إضافية لأبوظبي، تتمثل في منح الجنود الإماراتيين، الخبرة العملياتية، والبدء في تحويل الإمارات إلى قوة عسكرية.

وتواجه أبوظبي، تحديات عديدة ومتعددة، أبرزها تعارض طموح الإمارات مع قطر – وهي دولة صغيرة تقوم على صادرات الطاقة، وأظهر صعود الدوحة المذهل إلى الصدارة في التسعينيات، في أعقاب التطور السريع لمواردها من الغاز الطبيعي، أن الحكام المتسامحين مع الإسلام السياسي، قادرون أيضاً على توفير نوعية حياة عالية للمواطنين(ثمة وهابية قطرية معتدلة – تنافس الوهابية السعودية المتشددة).

وقد منحت قطر ملاذاً آمناً لزعماء إسلاميين، وعرضت الدعم لجماعات الإخوان المسلمين، بما في ذلك قيادات حماس السياسية، وكبار مسؤولي طالبان، وتصاعدت التوترات بين قطر والإمارات طوال العقد الأول من هذا القرن، ومن جهة أخرى، تعارضت بعض الأولويات الوطنية للإمارات، مع نظيراتها في السعودية، حيث تخوض أبوظبي والرياض منافسة اقتصادية وعلمية متصاعدة، ضمن قطاعات السياحة والتجارة واستكشاف الفضاء، حيث تتنافس الدولتان على تنويع اقتصاداتهما، بعيدا عن إنتاج الوقود الأحفوري.

وفي نفس الوقت: تواجه الإمارات تحديات، من أنها تعلم جيداً أن الولايات المتحدة، قد لا تكون دائماً شريكاً أمنياً جيداً، ويمكن أن يؤدي تغير المناخ على المدى الطويل، إلى درجات حرارة شديدة، وموجات جفاف تجعل شبه الجزيرة العربية غير صالحة للسكن، وعلى الرغم من أن دولة الامارات قد تبدو متقدمة على جيرانها الآن، إلاّ أن العديد من الدول بدأت باللحاق بها وتقوّض أمنها، حيث ما لم تتمكن أبو ظبي، من السيطرة على جغرافيتها، كدولة فدرالية بالمعنى القانوني والدستوري، فإنّ محاولات اضعافها الى درجة الصفر، قد يجري على يد القوى المهيمنة، المحيطة بها، في جوارها القاسي، وبالتالي: على الإمارات أن تقر وتقبل، بأنّها ستظل محاصرة بين إيران والسعودية وتركيا، ولا تستطيع الهروب من قيودها المادية، ولن يتمكن شركاؤها الخارجيون – مهما تعهدوا بتقديم الدعم – من حماية البلاد إلى ما لا نهاية، وفق ما يتم تسريبه، عبر مراكز التفكير في أمريكا، والتي تصنع السياسات الخارجية لواشنطن دي سي، وآخره ما قالته هذه المجلة، السابق ذكرها، لذلك، قلنا ونقول وسنبقى نقول: أن تكون عدواً لأمريكا، أمر خطير، لكن أن تكون صديقاً لها، أمر أكثر خطورة – صح شباب!.

انّ مفاصل الحكم في أمريكا، وحلفائها في المعمورة، كلّهم يتناسون، تلك التغيرات التي ستغير وجه العالم، وقبل العام 2050م، ونذكّرهم ببعضها كونهم يدركونها، حيث: تتموقع وتتموضع وتتمنطق حول التالي: 

الاحتباس الحراري سيصل إلى 3 درجات مئوية، وسيقلل قابلية الأرض للسكن وللحياة، وستصبح إدارة الهجرة الجماعية المشكلة العالمية الأولى، وسيصبح علم البيئة الاصطناعية، والهندسة الجيولوجية، هي حلول تدهور النظام البيئي، وستنخرط الدول المتقدمة في مسار أكثر حصافة رصانة(على المستوى الاستهلاكي)وتثبت أن هذا النموذج قابل للتطبيق، وتنامي الأزمات الصحية العالمية، وتحل الطاقات المتجددة، محل الوقود الأحفوري(هذا ما يقلق السعودية والامارات وكل الدول المنتجة للنفط في العالم)، وإعادة هيكلة التجارة العالمية حول منطقتين للتجارة الحرة: العالم الصيني / الثالوث الاقتصادي: الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مختصراً على عشر دول واليابان، ومناطق شاسعة من العالم، ستتمحور حول المدن، والتي ستتحول  الى مناطق حكم ذاتي، هذا وسيتغلغل الذكاء الاصطناعي في كافة مناحي الحياة، ويعيد تشكيل سوق العمل، وما يسمى(بالمشاعات العامة)موارد طبيعية يديرها مجموعة من الناس(المجتمعات)من أجل تحقيق المنفعة الفردية والجماعية، وستحل محل السوق والدولة، وسندخل عصر الحروب الآلية بالكامل، حيث ستستخدم أنظمة الأسلحة الفتّاكة ذاتية التشغيل(SALA)أنواعًا مختلفة، من أجهزة الاستشعار وخوارزميات الكمبيوتر، لتحديد الهدف واستهدافه وتدميره، دون التحكم البشري اليدوي في النظام، ونهاية حلف الناتو، ونشوء أزمة حادة عبر أطلسية: تأسيس الدفاع الأوروبي، وستدار القضايا الكبيرة، في جميع أنحاء العالم، من قبل نوادي من الجهات الفاعلة: من القطاع الخاص – ومن القطاع الحكومي، وستؤكد الأديان نفسها، على أنّها مصادر التوجيه والشرعية – في المجال السياسي، وباسم المصلحة العامة والأمن القومي الإنساني، ستصبح المراقبة العامة والجماعية، أمراً شائعا ومعتاداً عليه، وسيعاد تشكيل الديمقراطيات، بفضل المؤسسات الشبكية(مزيد من اللامركزية، والاستقلالية المناطقية، والحكم ألاّ دولتي).

عنوان قناتي على اليوتيوب حيث البث أسبوعياً عبرها:

https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A

[email protected]

منزل – عمّان : 5674111    

خلوي: 0795615721

 

 

التعليقات مغلقة.