المحامي محمد احمد الروسان يكتب: حرّاس المعرفة والعدالة – الروس والصينيون

618

المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) – السبت 18/3/2023 م …

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية …

= قرار المحكمة الجنائية الدولية ضد بوتين – فضيحة القرن.

= العلاقات بين موسكو وبكين – تفاعل استراتيجي ومرونة محسوبة.

قرار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بحق الرئيس فلادمير بوتين، هو قرار سياسي وغير قانوني وباطل ولا شيء: NOTHING  – ومجرد هيستيريا سياسية غربية، وفي التوقيت والسياق: بعد حادثة المسيّرة الامريكية فوق البحر الأسود، وقبيل زيارة الرئيس الصيني تشي جينغ بينغ الى موسكو، وهذه المحكمة مجرد أداة غربية أمريكية، مع العلم، أنّ واشنطن وموسكو وكييف، ليسوا أعضاء بها بالمطلق ولا يعترفون بشرعيتها.

قرار هذه المحكمة الجنائية الدولية، والتي تفرض أحكامها فقط على الحكّام الضعفاء، فصل جديد من فصول الكوميديا السوداء، وهي عبارة عن أداة ضغط وشيطنة لمجتمع الخصوم، بالنسبة لأمريكا والغرب، وتعمل في نطاق السياسات الغربية والأمريكية، والقرار الأخير الصادر عنها، خطوة في مسار طويل، نحو تفكّك المنظومة الدولية، التي أنشئت، بعد الحرب العالمية الثانية، وبالنسبة لموسكو لا معنى لقرارات هذه المحكمة، وهي لا تعترف بها، وهو قرار سياسة لا عدالة ولا قضاء، قرار أرعن، لأزعر العالم، وأزعر الأحياء والمساحات والساحات، أزعر الحي: أمريكا.

ولماذا لم تصدر هذه المحكمة الجنائية الدولية المهزلة والمضحكة في قراراتها، أحكاماً ضد بوش الصغير وضد توني بلير الديّوث، بعد غزوهم العراق وتدميره، وقتل أكثر من 3 مليون عراقي؟ ولماذا لم تصدر أحكامها القراقوشيّة، ضد أي مسؤول إسرائيلي متهم، بجرائم حرب وضد الإنسانية؟.

 هذه المحكمة المهزلة، يتم الان تسيس عملها من قبل واشنطن والغرب، وهي محاولة لشيطنة بوتين اعلامياً وسياسياً وقانونياً، وكل قرارات المحكمة الجنائية الدولية المهزلة، تحمل أبعاداً سياسية لمصلحة الغرب، وأين قراراتها بخصوص الحالة الأفغانية وجرائم أمريكا فيها، وكذلك الجرائم الأمريكية في الداخل السوري والداخل اللبناني؟.

ان قرار الجنائية الدولية المهزلة، بحق بوتين وزميلته المفوضة لحقوق الطفل، بمثابة رسالة تهديد للرئيس الصيني تشي، والذي يزور الفدرالية الروسية، لغايات الشراكات الحقيقية في الميدان وعلى الميدان، لمواجهة الهيمنة الأمريكية، والتي تنكفأ لأسباب عديدة ومتعددة.

انّ قرارات هذه المحكمة الجنائية الدولية المهزلة والفضيحة، لن تقلق الرئيس فلادمير بوتين، أو حتّى تلفت انتِباهه، ليس لأنّه يملك 6500 رأس نووي وصواريخ أسرع من الصّوت 14 مرّة، وإنّما لأنّه ينشغل هذه الأيّام بمَهمّةٍ عظيمةٍ بالتّحالف مع صديقه الصيني شي جين بينغ، لإنهاء العصر الأمريكي الظّالم وأنظمته، ومُؤسّساته، وبناء نظام عالمي جديد ينحاز إلى المظلومين على أنقاضه.

إسقاط الطائرة المقاتلة الروسيّة، للدرون الأمريكي فوق البحر الأسود، بثتها أميركيا، ليس لمعاتبة الروس، والطلب منهم عدم إعادتها مرة ثانية، وإنما لفتح صفحة جديدة من القتال، يسمح فيه للعسكر الأمريكي بالرد، على هذه الضربة الموجعة، والتي لا تقارن بإسقاطهم المنطاد الصيني فوق بحر أمريكا.

والسؤال المحفّز للتفكير والعصف الذهني: هل تريد الدولة العميقة في أمريكا، التورط في صراع كامل مع روسيّا؟ أم تفضّل المواجهة الهجينة الحالية؟.

الرئيس الصيني تشي جينغ بينغ، يزور الفدرالية الروسية ويلتقي نظيره الروسي الرئيس فلادمير بوتين، في مسعى تاريخي أممي، وفي ظل عالم وصل إلى مفترق طرق في مسيرة تاريخية، حيث لا بدّ من تعزيز التنمية المشتركة ومجتمع مصير مشترك للبشرية، لكي يتحقق الرخاء المستدام والأمن المضمون، عبر التمسك بالمسار الصحيح للعولمة الاقتصادية، ومحاربة جميع أشكال الأحادية القطبية والسعي الى عالم متعدد الأقطاب بالتعاون مع الفدرالية الروسية والقوى الإقليمية الاخرى الحيّه، والتصدي بحزم لجميع أشكال الهيمنة الامريكية وسياسات القوّة، والكيل بمكيالين، والازدواجية المزمنة المفرطة المثيولوجية، وعقلية الحرب الباردة، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والمعايير المزدوجة، وبغض النظر عن مرحلة التنمية التي تصل الصين إليها، فانّ الصين وعبر الحزب الشيوعي الحاكم، لن تسعى وراء الهيمنة أبدا، ولن تنخرط في التوسع الخارجي أبدا، لكنها ستتعاون مع الجميع، وخاصة الحلفاء مثل الفدرالية الروسية وايران، وجل ساحات ومساحات العالم العربي والاسلامي.

فأمريكا تتهم كل من روسيّا والصين بتقويض قوّة الناتو، فجاءت الهندسة الأمريكية للمواجهة الروسية الأطلسية عبر أوكرانيا، لبث الروح من جديد في جسد الناتو، والناتو يحمي أوروبا من روسيّا، هكذا تفكر كوادر القارة العجوز، وجاءت موضوعة مكافحة الإرهاب المعولم كأولوية ثانية في المسار العسكري التحديثي لواشنطن، وظهرت أمريكا في مفاصل رؤيتها العسكرية الجديدة، أنّها في غاية القلق من التمدد العسكري والاقتصادي لكل من الصين وروسيا وايران في أفريقيا والشمال الأفريقي.

وترى واشنطن أنّ القوّة العسكرية هي الوسيلة الوحيدة لفرض الهيمنة والقرارات على العالم، فوجدت ملاذها وأخيراً في خلع القفّازات وقرع طبول الحرب لاستعادة ما فقدته من نفوذ في العالم، حيث الاستخباراتيون الأمريكان يعودون من جديد في الخارجية الأمريكية، ولمواجهة صراعاتها من تحت الطاولة ومع بريطانيا أيضاً، ووصفت كل من روسيّا والصين كقوى رجعية، وصار جليّاً للجميع ومن خلال فواصل ونقاط الخطاب العسكري الأمريكي، أنّ واشنطن لم تحارب الإرهاب الدولي يوماً، لا بل عملت على رعايته وتسكينه وتوطينه واستثمرت فيه، ومع كل ما سبق لم تعد أمريكا في قاموس البوط العسكري وقاموس البوط الاقتصادي(باعتبار الاقتصاد الأمريكي اقتصاد حروب وقائم عليها)تتصدر القائمة، فجاءت استراتيجيتها الدفاعية الجديدة كنوع من الحنين الى ماضي الأحادية في ظل عالم ينحو نحو التعددية وحفاظاً على الأمن والسلم الدوليين، وهنا عرّت التعددية القطبية الهدف الأمريكي، فصار حلم ووهم.

 

الولايات المتحدة، تعمل على خلق الأزَمات في تايوان، والهمالايا، وبحر الصين وتصعيدها، من أجلِ جرّ الصين إلى مِصيَدةِ حربٍ استراتيجيّة، وتوريط أستراليا مثلاً في خوضِ هذه الحرب، على غِرار استِخدامها لأوكرانيا كطُعمٍ، لاستِفزاز روسيا وجرّها لإرسال القوّات إليها.

وها هي أمريكا، عبر وكالة المخابرات المركزية الامريكية، والتي صارت تفقد قوّة جهاز مناعتها الذاتية بشكل سريالي متفاقم، ولكي تحرف التحقيقات، تعمل على تسريب تقريرًا إلى صحيفة نيويورك تايمز المُقرّبة من مجتمع أجهزة الاستِخبارات، لكي ينسف تحقيقًا استقصائيًّا أجراهُ الصّحافي سيمون هيرش، يُؤكّد أن غوّاصين من الأسطول البحري الأمريكي، هُم الذين زرعوا المُتفجّرات تحت أنابيب غاز نورد ستريم الروسي الألماني، بالقول: إن جماعة دكتور إيفل أو طبيب الشّر، الإرهابيّة المُوالية لأوكرانيا، هي التي زرعت هذه الألغام، والمسؤولة عن التّفجير بالتّالي.

الإدارة الأمريكيّة وبصفاقة سياسية، تُريد أن تدفع بحُلفائها إلى محرقةِ الحُروب، وتبقى هي، وشعبها في الخلف، تدّعي البراءة من أيّ عملٍ إرهابيّ هُنا وهُناك، وتضع المسؤوليّة على كاهِل حُلفائها أو أتباعها، فكُلّ ما يهمّها هو تحقيق مصالحها، وليذهب الجميع إلى الجحيم، تمامًا مثلما فعلت في أفغانستان، والحرب العِراقيّة- الإيرانيّة، والحرب الحاليّة في سورية، وقبلها في العِراق، والدّورُ قادمٌ على مِصر والأردن.

أمريكا استخدمت، وتستخدم، حِلف النّاتو كذراعها المُقاتل الدّاعم للحرب الأوكرانيّة المِصيَدة، وها هي تُؤسّس حِلفا مُوازيا في جنوب شرق آسيا، طابعه إنكلو سكسوني عُنصري (أوكوس) بضم أستراليا وبريطانيا إلى جانبها، حيث الشمال الأسترالي، تحوّل إلى قاعدةٍ عسكريّة أمريكيّة، ومنصّة انطِلاق لأيّ حرب لاحقاً ضد الصين.

خديعة الحِماية، التي استخدمتها الولايات المتحدة لامتِصاصِ ثروات دول الخليج وإيران، تُعيد تِكرارها هذه الأيّام في أستراليا، بإقناع الحُكومة الأسترالية، بأنّ الصين تُشَكّل التّهديد الوجوديّ الأكبر لأمنها واستقرارها، وأنّ عليها أن تتهيّأ للحرب لوقف هذا الخطر، ووزير أسترالي(مالكولم تيرنبل) قال وعلى الهواء مباشرة: إن أستراليا تُضحّي بسِيادتها، من أجلِ الحِفاظ على سيادتها، وترصد 70 مِليار دولار، لبناءِ غوّاصةٍ نوويّةٍ بمُشاركة أمريكا.

التّصعيد الأمريكي ضدّ الصين مُتشعّبُ الأسباب، وخاصّةً التفوّق الاقتصادي المُتسارع لها، واتّساع دائرة نُفوذها عالميًّا، وعملها بصمتٍ لإقامة نظامٍ ماليٍّ عالميٍّ جديد على أنقاض الدّولار، وبنائها أكبر قوّة بحريّة في العالم، واستِعدادها المكتوم لتزويد روسيا بالأسلحة والذّخائر والذّكاء الاصطناعي، ولكن ما دفع الغضب الأمريكي يعوم على السّطح في الأيّام الأخيرة هو رفض شي جين بينغ زعيم الصين مُمارسة ضُغوط جديّة على حليفه الروسي الرئيس بوتين لوقف الحرب الأوكرانيّة.

أمريكا هي الدّاعم الأكبر للإرهاب في العالم، وأقدمت على تفجير خط أنابيب نورد ستريم لخلق أزمة بين ألمانيا وروسيا، ومنع وصول الغاز الروسي إلى أوروبا، وحتّى لا يظهر وجهها البَشِع على حقيقته، رفضت أيّ تحقيق أُممي حِيادي عِلمي حول هذا التّفجير، خشيّة أن يتوصّل إلى حقائقٍ تكشف الدّور الأمريكي.

سكوت بينيت الجِنرال السّابق في الجيش الامريكي، وأحد أبرز مُحلّلي مُكافحة الإرهاب في وزارة الخارجيّة الأمريكيّة سابقًا، أكّد أنّ غوّاصَين أمريكيين تسلّلوا إلى مِنطقة التّفجير، أثناء مُشاركتهم في مُناورةٍ لحِلف النّاتو في المِنطقة، ووضعوا الألغام تحت الأنابيب، وقامت النرويج لاحقًا، وبتَنسيقٍ مع واشنطن بتفعيلها، وتدمير الخطّ كُلّيًّا، وختم تصريحه بالقول إن التّخطيط لهذا العمل الإرهابي جاء بمُشاركةٍ أمريكيّة بريطانيّة.

أمريكا تخسر الحرب في أوكرانيا، وسيكون ثمن هذه الخسارة باهظًا سياسيًّا وعسكريًّا، واقتصاديًّا، بوتين قال: إنّه لا يُوجد شيء اسمه أوكرانيا، ووصف الحرب الحاليّة أمريكيّة غربيّة بأنّها دينيّة تُريد تدمير الدّيانة المسيحيّة الأرثوذكسيّة، ومُحاولة تدمير روسيا وتفكيكها، وتكون أوكرانيا هي قاعدة الانطِلاق.

ومن المُفارقة أن الرئيس الصيني يُؤيّد توصيف نظيره الروسي هذا، وأمَرَ بتعميمه على سياسيّيه ودبلوماسيّيه وأجهزة إعلامه، لقناعته بأنّ الصين تُواجه الاستِهداف والمصير التّدميري نفسه، وقال: أيّ الرئيس الصيني، عبارة تاريخيّة في خِطابه الأخير الذي هاجم فيه أمريكا بشدّة وهي: التّحديث لا يعني التّغريب.

المواجهات الروسية الأطلسية، دخلت في حرب شاملة عبر المسألة الأوكرانية، وقد تتعزّز بصراع صيني غربي، وصراع ايراني أمريكي في عالم مضطرب، والرئيس الصيني تشي أمر الجيش الصيني الاستعداد للقتال، والحروب الاقتصادية وحروب الوكالة، والبروكسي المخابراتية، التي تشنّها أمريكا، هي صورة من صور الحرب العالمية الثالثة، بحيث اذا تمكنت ونجحت واشنطن، من شطب القوى الصاعدة العالمية، سنصبح في نظام الطغيان العالمي، ويعجّل بنهاية الكوكب الأرضي بشكله الحالي، عبر اللحظة النووية وسلاحها. عروض واستعراضات عسكرية، ومناورات إيرانية روسية صينية مشتركة مكثّفة، تظهر قدرات عسكرية هائلة، حيث الناتو والغرب يواجه جبهة واحدة موحدة، تعزّز من عسكريتها الاحترافية وتطور الأسلحة، وهي رسائل قوّة واقتدار، وقواعد مواجهة جديدة في عالم متغير، والشراكة الروسية الصينية الإيرانية، قاعدة أساسية في العالم الجديد، ما بعد المواجهة الروسية الأطلسية عبر الجغرافيا الأوكرانية، فكيف يقضي الصراع  الجيو – سياسي، على بقايا عالم الأحادية القطبية، حيث يلفظ أنفاسه الأخيرة بسبب الفاعل والفعل الروسي وايران تدخل على خط ومسار الانهاء؟.

 

الولايات المتحدة الأمريكية، تحاول جاهدةً كبح سقوط امبراطوريتها المهيمنة على المنطقة والعالم، والقائمة على استقساء الدماء كعصابة تسيطر أحادياً لعقود خلت، وهي مدركة بعمق، أنّ أدوات الهيمنة القديمة، لم تعد مجدية ومفيدة، لحالة التطورات المتسارعة في العالم، بمخاضاتها وارهاصاتها غير مكتملة حتّى اللحظة، فهي من ناحية تدرك أن التحولات العالمية ستنهي الأحادية القطبية، ومن ناحية أخرى تعمل على انشاء الأحلاف العسكرية الخاصة بها في أكثر من ساحة ومساح ومنطقة، علّها تكبح تراجع هيمنتها المطلقة. كما تعي واشنطن من جهة، أنّ ميكانيزميات سلال تراجع هيمنتها كمؤشرات، تشجع قوى دولية خصوم لها ومنافسين، على تسريع أفولها كإمبراطورية، تعمل على إعادة انتاج وخلق وتخليق نفسها من جديد، ومن جهة أخرى فانّ الاصطفاف الى جانب واشنطن في ظل ما يجري من متغيرات أممية على كافة الصعد، يعتبر مقامرة غير محسوبة النتائج والمعطيات، في ظلال صعودات صينية وبالدرجة الأولى بالاقتصاد، كعملاق اقتصادي، وعودة روسية متصاعدة ومتنامية بشكل سريع وثابت، وتناميات هنا وهناك لدور ايران الإقليمي، في مواجهة غطرسة وامبريالية هيمنة اليانكي الأمريكي المتعجرف والصفق سياسياً. هيمنة أمريكية وان كانت تقليدية عادية، مع تعددية أقطاب ناشئة وأقطاب قديمة، لها جذور في التحدي، تعمل على هيكليّة حديثة لأدوار مختلفة ومتعددة، من شأنها أن تعجّل بشكل سريع وبثبات، من أفول هيمنة القطب الواحد، وان كانت المواجهة الروسية الأطلسية الحالية، عبر عروق الجغرافيا الأوكرانية المتقيحة بصديد النازية والفاشية، دليل بجانب أدلة أخرى، على تراجع الغطرسة والهيمنة الأمريكية الإمبريالية، وهذا صحيح واقع ومنطق، أنّ نفوذ كارتلات الحكم الأمريكي في العالم، لم يعد كما كان في السابق، وهو في تراجع مستمر كل يوم.

انّ المواجهة الروسية مع الغرب وأمريكا، من خلال ما يجري في أوكرانيا، تسرّع في عمليات تحلل جثة الإمبراطورية الأمريكية، والتي أوغلت في القتل والتشريد، ونهب خيرات ومقدرات الشعوب، وفي فرض عقوبات قصوى وحادة، تمثل الوجه الأخر لفشل استراتيجيات رفض الشراكات، بجانب ابتعاد دول مركزية عن اعتماد الدولار، ساهم في اضعاف الولايات المتحدة الأمريكية.

بجانب تحلل الإمبراطورية الامريكية، نجد أن اليانكي شطب الأوروبي عبر المواجهة الروسية الأطلسية، وجلّ القارة الأوروبية صارت بفم الأمريكي، والاتحاد الأوروبي ينهار، وما قاله المجري رئيس الوزراء صح مئة بالمئة: أوروبا بفرضها عقوبات قصوى على روسيّا كمن أطلق النار على صدره.

فالعالم يتبدّل ويتحول الى تعددية مراكز، وليس من الان، بل ومن عقود خلت، والانتقال من نظام القطب الواحد الى المتعدد، يحتاج الى وقت، والعملية بدأت الان، وادارته ستكون مشتركة بصورة مختلفة ضمن تعددية الأقطاب، حتّى الفشل في اخضاع ايران انعكس تراجعاً في قيادة أمريكا لسياسة المنطقة، وزيارة جو بايدن الأخيرة للمنطقة، هي نوع من الاستدراك الأمريكي للفراغ في الشرق الأوسط، لكنه استدراك غير مقنع لأحد، وبالتالي صارت العولمة العسكرية الأمريكية في دائرة التساؤل والاستفهام؟!.

الصين وموسكو، لا تقولا أنّهما بديل محتمل عن أمريكا، ان في منطقة الشرق الأوسط، وان في العالم، حيث الأسباب كثيرة وكذلك المعطيات، وفي جلّها لا تسمح بذلك، انّها الواقعية الصينية و الروسية بأبهى صورها، ومرتكزاتها وتجلياتها، لكن موسكو والصين قادرة على تعطيل أي مشروع أمريكي في العالم بل وشطبه بالتعاون الجماعي والجمعي مع باقي الدول الإقليمية، وواشنطن تدرك ذلك.

لكن ثمة سؤال بتجدد نطرحه دوماً على أنفسنا، لتحفيز العقل على التفكير وهو: هل تعوض هندسة الأحلاف العسكرية الأمريكية المحتملة، من تراجع امبراطورية عسكرة البحار؟. وأي حرب مع ايران، تعلم واشنطن جيداً، أنّ المستفيد الوحيد منها هي روسيّا والصين، ومسرحية الدمى المتحركة التي يتم عرضها على مسارح المنطقة الشرق الأوسطية، هي بإخراج أمريكي وتمثيل وتمويل بعض عربي، ستجعل ايران الدولة الإقليمية العظمى بمحيطها، أكثر اصراراً على مواقفها، من هنا من زاوية مختلفة: قد يقع اتفاق استعادة العلاقات بين الرياض وطهران، في هذه التراتبية من السياق العام.

المشاهد تتهندس، بتفاعل البيانات والمعطيات، ومنحنيات الصراع الأفقي، ضمن كليّة واحدة موحدة، لجلّ خطوط ومسارب المشهد الراهن، مع تثبيت المسارات ضمن ما يعرف باسم: المرونة الاستراتيجية، بمرجعية ما يجري في الكواليس والخطوط الساخنة، على طول خطوط العلاقات الأمريكية الصينية بتصاعد وتوتر غير مسبوق، لدرجة التعقيد والتعقيد المزمن، وحيث الصراع يتخطّى جغرافية بحر الصين الجنوبي، ومسطحاته المائية وجزره المختلفة، بما فيه جزيرة تايوان الى النفوذ في العالم.

والأسئلة مفتوحة والتساؤلات هنا عديدة وكثيرة، ومن شأنها أن تحفّز العقول الضعيفة والمريضة والقوية على التفكير وعلى شاكلة التالي: هل التصعيد الأمريكي المتعمّد والمقصود إزاء الصين يحقق نجاحات هنا وهناك في احتواء بكين؟ وهل أمريكا تملك القدرة في احتواء المارد الصيني؟ وهل التوتر الصيني مع واشنطن، يؤشر الى حالة من اصطفافات دولية وإقليمية متفاقمة، من شأنها أن تؤسس لتوازن دولي جديد على الكوكب الأرضي، خاصةً وأنّ هذا التوتر وكما أسلفنا، يتجاوز بحر الصين الجنوبي ومسطحاته المائية، وكذلك يتجاوز تايوان، الى الصراع على مساحات وساحات النفوذ في العالم؟.

قواعد مواجهة جديدة في عالم متغير، والشراكة الروسية الصينية قاعدة أساسية في العالم الجديد، فمحور الصين روسيا تقارب أكثر ومعه ايران، ما بعد المواجهة الروسية الأطلسية عبر الجغرافيا الأوكرانية، فكيف يقضي الصراع الجيو – سياسي، على بقايا عالم الأحادية القطبية، حيث يلفظ أنفاسه الأخيرة، بسبب الفاعل والفعل الروسي؟.

والكارتل الحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية، بدأ يتخلى عن سياسة الغموض الاستراتيجي نحو الصين، فبعد أن تخلت روسيّا عن مفهوم منظومة الحذر الاستراتيجي مع واشنطن دي سي، ها هي الصين تتبعها وبعمق وتتخلى عن هذا الحذر الاستراتيجي، لا بل وتحرر نفسها الى حد ما، من نهج سياسة الصبر الاستراتيجي والمقرونة بالمرونة الاستراتيجية مع أمريكا، وتبدأ بكين تحركاتها من فضائها الخارجي كمجال حيوي، والبداية من جزر سليمان التي زارها وزير الخارجية الصيني، في رسالة رد وتحدي، على الاستفزازات الأمريكية، كون هذه الجزر تشكل بؤرة صراع صيني أمريكي متفاقم ومتصاعد.

وثمة استفزاز آخر قاده جو بايدن من بوّابة اليابان، حيث أطلق معركة جس نبض مع الصين، فجاءت المناورة الروسية الصينية المشتركة لقاذفات استراتيجية عملاقة وفوق بحر اليابان وفي مضيق تايوان، وامتد ذلك الى توقيع اتفاق إسطنبول لتصدير القمح، تجنباً لأزمة غذاء عالمية، سببها إصرار أمريكي على استمرار المواجهة الأطلسية مع الروس عبر أوكرانيا، فمن يجوّع العالم هم الأمريكان وليس الروس.

اليانكي الأمريكي وعبر إدارة الرئيس جو بايدن، والتي تعيش حالة مرضية متقدمة من هواجس النفوذ، يتحرك وبكل صفاقة سياسية ومخابراتية، في المجال الحيوي الصيني، والرئيس فلادمير بوتين يضعه، ورفاق إدارته ومدير استخباراته على القائمة السوداء.

ويظهر بشكل جلي، أنّ التوتر شرقاً، يتزامن مع التشابك الأطلسي الروسي غرباً في أوروبا، حيث الناتو يعزّز توجهه، الى عسكرة أوروبا الشرقية في مواجهة روسيا.

وان كانت الحرب الروسية الأطلسية تهدد أوروبا والعالم طاقويا الأن، فانّ أي مواجهة أمريكية صينية ستنهي العالم بشكله الحالي، حيث موسكو تحقق انتصارات ميدانية حقيقية في الداخل الأوكراني، وحرّرت جيب أزوفستال نواة الفايروسات البيولوجية الأمريكية، لجهة سلاسل توريد فايروس جدري القردة الى مختبراتهم في نيجيريا، وبتحرير جيب أزوفستال فانّ موسكو تؤمن الطريق البري مع القرم، وتغلق بحر أزوف في وجه أوكرانيا.

ولأنّ اللعبة الأمريكية الغربية، شبه انتهت في أوكرانيا، بعد كشف المخابرات الروسية مراكز البحوث البيولوجية في أوكرانيا والتي يديرها هنتر بايدن وتم تدميرها، ها هو والد الأول جو بايدن، يبحث عن ساحات ومساحات جديدة لمراكز حروبه البيولوجية وخاصة في اليابان وكوريا الجنوبية، وتوظيف اليابان في مواجهة روسيا وابتزاز كوريا الجنوبية وطوكيو ماليا، عبر البعبع الكوري الشمالي والحروب البيولوجية: العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي في استراتيجيتها الغامضة نحو الصين(ثمة غموض استراتيجي أمريكي باتجاه الصين)تعتبرها تحديّاً ومنافساً يصل درجة الخصم العاقل، وفقاً للرؤية الأمريكية ذاتها، والصين ترفض هذه الرؤية الشيطانية، التي تشير الى تفكير عصابة حاكمة، وتعتبرها خطيرة وغير مسبوقة باعتياد.

واشنطن دي سي، ترى في جلّ دول شرق أسيا أولوية استراتيجية أمريكية أولى لها، لمواجهة صعود الصين المتسارع في مختلف المجالات، وخاصةً الاقتصادية والمالية والعسكرية والنووية، وتستمر الولايات المتحدة الأمريكية وفي زخم وبشكل متدرج، في مواجهة ايران والفدرالية الروسية ودول البريكس، لمحاصرة مشاريع الصين الاقتصادية والتنموية في عروق جغرافية الكوكب.

 

تذكرون يا سادة: حلف أوكوس الشيطاني، الذي هندسه اليانكي  الامريكي مع استراليا وبريطانيا(الأنجلو – سكسون)لمواجهة الصين ونفوذها وتمددها، وحتّى بالقارة السوداء – أفريقيا، حيث النفوذ الصيني يتعاظم هناك، في عروقها الجغرافية والديمغرافية.

الصين هي هي، تتمسك بتايوان الجزيرة، كجزء من صين واحدة موحدة بنظامين مختلفين، وتعتبر المسألة التايوانية شأن صيني داخلي، وتعمل على تجذير ذلك وتهيكله باستمرار، والأكثر أهمية وخطورة: هو أنّ جيل الحكم في بكين يرى الصين قوية وقوية فقط.

 أحسب معتقداً، أنّ  اللقاءات والمكالمات والرسائل، على طول خطوط العلاقات الأمريكية الصينية المكالمة، أعطت مؤشرات عميقة، على حدّية ورأسيّة وأفقيّة الخلافات، على جلّ مشهد العلاقات الأمريكية الصينية، حيث الخلافات كبيرة والفجوات واسعة، وتشي يحذر نظيره الامريكي، من تداعيات وعقابيل، سياسة ومعادلة اللعب بالنار مع الصين عبر المسألة التايوانية.

ولأنّ جو بايدن الناطق باسم البلدربيرغ الأمريكي، عالق وعالق في مضيق تايوان، بسبب عميق الدولة الولاياتية الامريكية وكارتلات حكمها، نجد أنّ عميق هذه الدولة وحلفائها يشيطنون الصين الدولة والمؤسسات ويسلّحون تايوان، وبكين تعتبر التسليح الأمريكي والغربي لتايوان، قد تجاوز الخطوط الحمر وخطير للغاية.

 

في حين نجد أنّ الناتو وضع استراتيجية وسياسة التوسع، بعد أن تم إعادة الحياة له، من قبل واشنطن تكتيكياً، بسبب المواجهة الروسية الأطلسية الحالية، التوسع المضطرد في كلّ أسيا وخاصةً شرقها، وقد هندس الناتو، خطة عمل ضد الصين ونفوذها، ويراهن هذا الحلف العجوز، ومعه عاموده الفقري المتقوس: الغرب، على ضعف موقف الصين، بعد ما جرى ويجري في أوكرانيا – المواجهة الروسية الأطلسية، وهو رهان خاسر وفاشل، ومقامره سياسية وعسكرية، وتايوان سوف تعود الى حضن الدولة الصينية الأم الرؤوم، وبدون اطلاق حتّى رصاصة واحدة.  

بالمناسبة: مراكز الدراسات في أوروبا وأمريكا، تخدع الإدارات الغربية والأمريكية، فهي مراكز للتظليل والفبركة والخداع، وغسل الأدمغة وصناعة الأعداء، وفن صناعة الكذبة، وتحت عنوان عريض: اكذب ثم اكذب ثم اكذب، حتى تصدّق نفسك، ويصدّقك الأخرين، وخير مثال على ذلك: فن صناعة الكذبة في سورية وعبر الميديا الدولية، المرتبطة بوكالات الاستخبارات المعادية، وسحب هذا الفن على ايران وعلى روسيا الان، ودور قناة الجزيرة في ذلك.

مراكز التفكير هذه، هي من تصوغ السياسات الأمريكية، بإيعاز من عميق الدولة وكارتلات حكمها، والمجمّع الصناعي الحربي الأمريكي والشركات المتعددة الجنسيات، حيث تعمل الآن على تضخيم خطر الصين على العالم، لغايات اقناع مفاصل الرأي العام الأمريكي، بضرورة التطور والتطوير العسكري الأمريكي، عبر دفع الضرائب للدولة، لغايات التصنيع العسكري، للحفاظ على رفاهية الشعب الأمريكي، شعب اليانكي ومعه شعب الأنجلو – سكسون، من خلال قطعات وقطاعات الجيش الأمريكي، كون الاقتصاد الأمريكي قائم على الحروب، والجيش الأمريكي هو الجيش الوحيد في العالم الذي لا يستريح، وأين ما تجد المصالح الأمريكية في أي بقعة في الكوكب، تجد جيش اليانكي الأمريكي هناك وتحت مسميات وعناوين إنسانية، تطرب الأذن البشرية لسماعها.

انّ العالم تغير ويتغير بوتيرة متسارعة ولكنها ثابتة، بسبب تداعيات المواجهة الروسية الأطلسية عبر المسألة الأوكرانية، لا أحد أياً كان في أمريكا، يريد أن يصدّق ذلك ويقتنع به! ونضيف: انّ الحديث شيء عبر الميديا الغربية والأمريكية، وهي ميديا رأي لا ميديا خبر views not news  والواقع وعلى الميدان شيء أخر، هذا ما لم تريد أمريكا أن تدركه وتفهمه، فما زالت هذه القلعة الفولاذية التي تعاني من شقوق كبيرة وكثيرة، ويعمل العرب بمالهم وذهبهم الأسود، على رتقها ورتقها، مع كل أسف وحسرة وحزن وقهر، ما زالت تفكر أمريكا بعقلية الهيمنة والسيطرة، وما زال هذا اليانكي يفكر بعقلية الحرب الباردة، والتي تبعث من جديد، وفكره يعاني من شيخوخة متأصّلة ذات أمراض مزمنة.

أمريكا تصنع الأزمات، وتستخدم الأزمة كأسلوب إدارة لذات الأزمات التي تخلقها أو تخلّقها، كل ذلك للحفاظ على الدولار، والاقتصاد الأمريكي يعاني من تضخم متسارع – وبنوك مهمه هناك تنهار، والحبل على الجرّار، ورغم رفع المجلس الفدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بشكل غير مسبوق، ومنذ أكثر من ستين عاماً وللمرة الثامنة أو التاسعة على التوالي، فانّ الاقتصاد الأمريكي دخل في ركود مزمن وكذلك الأوروبي.

الأسباب متعددة وكثيرة، وأهمها تداعيات وعقابيل المواجهة الروسية الأطلسية، والعقوبات الأحادية الجانب على روسيا، والعالم اليوم يعيش أزمة اقتصادية، والأمريكان اليانكيون، ما زالوا يعيشون بعقل الهيمنة الأحادية القطبية، وأي مواجهة أمريكية صينية واشنطن ستخسرها، وستكون ساحات ومساحات مملكات القلق العربي على الخليج، ساحة صراع رئيسية، لعمق النفوذ الصيني عبر الشركات هناك، وأي أزمة عسكرية أو اقتصادية مع الصين، الاقتصاد العالمي سوف ينهار والمعمورة لم تعد تحتمل أكثر.

وان كانت سياسة واشنطن وأوروبا مع الروس بسبب أوكرانيا توصف كمن يطلق النار على قدميه، فانّ أي مواجهة عسكرية أو اقتصادية او مالية مع الصين، ستكون كمن يطلق النار على رأسه.

العالم لم يعد يحترم الهيمنة الأمريكية ويرفضها، ويريد التعامل مع الصين التي تنشئ نظاماً اقتصاديا ومالياً جديداً، بالتعاون مع الروس ودول البريكس، كمعادل اقتصادي ومالي موضوعي مع الاتحاد الأوروبي الذي ينهار، بجانب منظمة شنغهاي وتعزيزها كمعادل عسكري فوق استراتيجي، إزاء الناتو المنظمة الهجومية العدوانية وإزاء حلف أوكوس الأمني.

في الشكل والمضمون، وفي العمق الاستراتيجي، رسالة تحالف أوكوس: أنّ أميركا جادة بمقاومة الهيمنة الصينية، حيث الشراكة الجديدة مع أستراليا وبريطانيا تخدم المصالح الأميركية، على الرغم من الغضب الفرنسي، والصراع البريطاني الأمريكي الخفي(صفقة تزويد أستراليا غواصات أميركية تعمل بالطاقة النووية).

قطعاً الجميع تابع ورشات الميديا العالمية للدول الخصوم، والدول الحلفاء لواشنطن على حد سواء، في استنكار صفقة كارتلات الحكم في أمريكا، عبر اعلان الناطق الرسمي باسمها في وقته، الرئيس الأميركي جو بايدن لتعميق الشراكة الاستراتيجية للولايات المتحدة مع أستراليا والمملكة المتحدة، كقوّة موازنة للصين، بحيث أشارت إلى أنّ شراكة أوكوس، بالتطوير المشترك للغواصات الأسترالية التي تعمل بالطاقة النووية، على عكس الغوّاصات التي تعمل بالديزل، والتي كانت باريس تخطط لبنائها في كانبيرا، وخسارة فرنسا بلغت جرّاء الالغاء مائة مليار يورو على الأقل.

عميق مفاصل الدولة الأمريكية الغارقة في وحل مصالحها، وشبكة مصالح المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي، ترى هذه الكارتلات الاقتصادية والحربية، أنّ صعود تحالف أوكوس، يستحق التوتر، ان كان دائماً، وان كان مؤقتاً مع فرنسا، حيث تحاول الولايات المتحدة الأمريكية، الحفاظ على توازن عسكري ملائم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فأستراليا ليست جزءً من حلف الناتو، لكنها حليف للولايات المتحدة، تتعرض لضغوط قسرية من الصين، فقد فرضت بكين تعرفة جمركية على المواد الغذائية والمواد الخام الأسترالية، بعد أن دعا رئيس الوزراء السابق الأسترالي سكوت موريسون، إلى إجراء تحقيق في أصول فيروس كورونا، كما اعتقلت الصين مواطنين أستراليين لشبهة التجسس، وطالبت المسؤولين المنتخبين والصحافة الحرّة في أستراليا، بوقف انتقاد النظام السياسي الصيني.

الحكومة الأسترالية، لم تستسلم لتهديدات الصين بشأن التجارة معها، وأحد الدروس المستفادة لبكين هنا، هو أنّ مثل هذه التكتيكات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، تكشف لدول أخرى، عن المعاملة المبيّتة لها، حيث يمتد انتشار الصين الاقتصادي والعسكري في جميع أنحاء العالم.

الكارتل الحربي والاقتصادي في أمريكا، يصف استراتيجية بكين المتفاقمة، بانّها سياسة فرق تسد، وتتعاون مع الفدرالية الروسية في مسارات ومسارب ذلك، ومبادرة أوكوس تظهر التضامن الغربي، وأضاف هذا الكارتل الأمريكي الثنائي، أنّ التركيز على الغوّاصات، كمبادرة أولى يرسل كذلك الرسالة الصحيحة.

واشنطن دي سي، ترى في التعزيز البحري الصيني وخاصةً الأخير غير عادي، وطموح بكين المعلن يتصاعد، وهو السيطرة على تايوان، والسيطرة على المياه المتنازع عليها في غرب المحيط الهادئ، لذلك نلحظ أنّ واشنطن أنّها لا تريد الخيار العسكري مع ايران، بقدر ما تلوّح بهذا الخيار العسكري، بعبارة أخرى التلويح بالقوّة العسكرية لمواجهة الاستراتيجية الايرانية، الرامية لكسب الوقت واستثماره لأستكمال استعدادها لتملك السلاح النووي – هكذا ترى أمريكا، وما مناورات البحر الأحمر الأمريكية الأسرائيلية مع الدول المطبّعة مع الكيان الصهيوني التي جرت سابقاً، والتي ستجري لاحقاً، الاّ ضمن هذا السياق، التلويح بالقوّة كرسالة ردع لأيران، لدفعها الى تنازلات، في ضرورة تعديل الاتفاق النووي لعام 2015 م، وهي مناورات القلق بالنسبة لأسرائيل مما يجري في اليمن، وانتصارات صنعاء في مأرب والساحل الغربي رغم الهدنة، ومناورات الضرورة بالنسبة لأمريكا، والعرب المشاركين ملحقين بها فقط، كونه أي حرب مع ايران المستفيد منها هو الصين وروسيّا، ضمن الظروف والمعطيات الحالية في المشهد الدولي، ما بعد اعادة التموضع الولاياتي الأمريكي في الأفغانستان وشبه القارة الهندية، وما بعد الاتفاق الزلزال الجيوسياسياتفاق استعادة العلاقات السعودية الإيرانية برعاية صينية.

 وفي تقنية الغواصات الثماني أو أكثر، التي تعمل بالطاقة النووية والتي ستساعد كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أستراليا في بنائها، يصعب على البحرية المعادية اكتشافها، لأنّها تسافر مسافات طويلة للاستطلاع أو منع الملاحة البحرية عند الحاجة والضرورة، فهي يمكن أن تظل مغمورة بسرعات عالية لفترات أطول من القوارب التي تعمل بالديزل، والتي تحتاج إلى الصعود إلى السطح بشكل دوري لحرق الوقود.

وبالمحصّلة والنتيجة، تخلق مشاركة التكنولوجيا الأميركية بعض المخاطر، لكن فوائد توسيع القاعدة الصناعية الدفاعية عبر الحلفاء المقربين كبيرة، وهذا ما تؤمن به الدولة العميقة الأمريكية، وأمريكا وكارتلات الحكم فيها ترى، أنّ المهم من هذه الشراكة تقويض تحالف خمس عيون   FIFE EYES مجموعة الدول الناطقة باللغة الإنجليزية، والتي تضم نيوزيلندا وكندا، إلى جانب أميركا وبريطانيا وأستراليا.

فتحالف خمس عيون، يدور حول تبادل المعلومات الاستخباراتية، والتي ستستمر وتتعمّق، ومع ذلك كندا لا تريد غواصات نووية، ونيوزيلندا التي اتخذت موقفاً أكثر ليونةً، تجاه الصين من الدول الأخرى في المجموعة، تقول إنها لن تسمح للغواصات الأسترالية بدخول مياهها الإقليمية.

تيّار كبير في مؤسسات الولايات المتحدة مؤثر الى حد ما يقول: ينبغي على واشنطن ألاّ تتجاهل غضب فرنسا بسبب خسارة صفقة دفاعية كبيرة، لكن أستراليا رأت أن هذا اتفاق أفضل، وحرص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على التأكيد على الاستقلال الاستراتيجي عن الولايات المتحدة، بما في ذلك تجاه الصين وروسيا وإيران.

خلاصة الرسالة الامريكية الموجّهة إلى أوروبا من تحالف أوكوس، هي أنّ الولايات المتحدة، جادة في مقاومة الهيمنة الصينية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وأنه لا يمكن لأوروبا أن تلعب لعبة فرق تسد الصينية بشأن القضايا الاقتصادية والاستراتيجية من دون عواقب على علاقتها مع الولايات المتحدة، والأبعد من ذلك استراتيجياً: واشنطن تريد شطب أوروبا.

بدأت خطة أوكوس تتشكل سراً منذ أن استلم جو بايدن منصبه، لكن طرحها الآن يناسب هدف بايدن: بإظهار أن الولايات المتحدة لا تزال حليفاً عسكرياً قوياً، على الرغم من انسحابها الفوضوي من أفغانستان، وإنّ الهدف من المبادرة هو تعزيز الاستقرار الاستراتيجي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ ورسم كيفية تتطوره، ومن الواضح أن التركيز غير المذكور، لجهود مشاركة التكنولوجيا العسكرية الحسّاسة مع اثنين من الحلفاء الرئيسيين، يستهدفها – أي الصين وتحالفها مع الروسي.

والهدف على المدى القصير، لتحالف المحيطين الهندي والهادئ، هو مساعدة أستراليا، في الاستعداد لبناء غوّاصة هجوم نووي، والتي ستكون منصة إطلاق أسلحة خفية تحت البحر، في وقت تكون فيه السفن السطحية مكشوفة بشكل متزايد للصواريخ المضادة للسفن الصينية، وتخطط استراليا على بناء أكثر من عشر غوّاصات على مدار عقدين من الزمن قادمين.

والتأثير الأعمق هو أن الدول الثلاث ستتعاون، خارج المشروع الفرعي، على مجموعة واسعة من التقنيات العسكرية الجديدة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية، والصواريخ فوق الصوتية، والأسلحة السيبرانية، والأنظمة الجديدة تحت سطح البحر، ويمكن لهذا التحالف التكنولوجي الثلاثي، أن يحرك قطاع الدفاع الأميركي المنعزل والبطيء الحركة أحياناً، كما يأمل فريق جو بايدن.

مبادرة أو تحالف أوكوس من المفترض أمريكيّاً، أن يكون علاجاً لما يبدو أحيانًا إدماناً أميركياً لأنظمة الأسلحة القديمة، مثل حاملات الطائرات والطائرات المقاتلة، والتي ستكون لها فاعلية متناقصة ضد الجيش الصيني عالي التقنية، ومؤخراً سمعنا الجنرال جون هيتين، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، في جلسة في معهد بروكينغز، من أن البنتاغون كان بطيئاً بشكل لا يصدق في التحديث العسكري.

وحذّر الجنرال هيتين قائلاً: نحن بيروقراطيين للغاية، ونكره المخاطرة للغاية، ويرى محللو الدفاع أن هذا التباطؤ ناتج عن رغبة الخدمات العسكرية والمتعاقدين الدفاعيين وأعضاء الكونغرس في حماية الأنظمة القائمة والوظائف المصاحبة لها، وفي غضون ذلك، تسابق الصين لتحقيق ما قاله هيتين بأنه تحديث نووي غير مسبوق، إلى جانب أنظمة أسلحة جوية وبرية وبحرية وفضائية جديدة.

مبادرة أوكوس تهدف إلى تعزيز الحلفاء في آسيا، والبدء من أستراليا، الذين يواجهون ضغوطاً شديدة من الصين التي تسعى إلى الهيمنة الإقليمية، بينما تراجعت أستراليا، ردت بكين برد فعل اقتصادي حاد وبالتدخل في السياسة الأسترالية، وضغطت أستراليا على البيت الأبيض، بعد فترة وجيزة من تنصيب جو بايدن، لا تتركونا وشأننا في الميدان يا واشنطن وعلى الفور تقدم فريق جو بايدن بسرعة، بعد التشاور مع الحكومة البريطانية ومجلس اللوردات في لندن، الذي يروّج لبريطانيا أممية من جديد، عبر صراع لندن واشنطن الخفي، وصولاً ليالطا جديدة رقم 2 .

تتطلب الغوّاصات التي تعمل بالطاقة النووية، تقنيات متطورة لم تشاركها الولايات المتحدة إلا مع بريطانيا بموجب اتفاقية 1958م، بحيث تحرص البحرية الأميركية بحرص شديد على هذه الأسرار، وكانت مترددة في البداية في مشاركتها مع دولة أخرى.

وعلى الرغم من أن تحالف أوكوس يربط ثلاث دول ناطقة باللغة الإنكليزية بجذور أنغلو – سكسونية، إلاّ أن الإدارة الأميركية تخطط كذلك لتعميق علاقاتها مع الشراكة الإستراتيجية المعروفة باسم الرباعية، والتي تضم الهند واليابان بالإضافة إلى أستراليا والولايات المتحدة، ويعقد مدراء الاستخبارات في هذه الدول الأربع اجتماعات دورية سريّة.

الاستراتيجية الأمريكية ازاء الصين، لها وجهان لا ثالث لهما، تشبه إلى حد كبير موقف الصين تجاه الغرب، فعلى الجانب التصالحي، اتصل بايدن بالرئيس الصيني شي جينبينغ مراراً، للتأكيد على رغبة الولايات المتحدة في التعاون مع الصين في المجالات التي تتلاقى فيها مصالحهما، مثل تغيّر المناخ ووقف الانتشار النووي، لكن لاحقاً، أعلن جو بايدن عن تحالف عسكري جديد يهدف إلى ردع القوة المتنامية للصين – أوكوس.

 

أوكوس كمشروع وتحالف عميق، يحظى هذا المشروع بدعم قوي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وهذه إشارات قوية ستساعد في جعل تعهد إدارة جو بايدن بتعزيز الردع الأمريكي في غرب المحيط الهادئ، في أعقاب اعادة التموضع الأمريكي في أفغانستان، والذي سمّاه الأمريكي، بالانسحاب الكارثي من أفغانستان، أكثر واقعية، لكن هذا التأكيد ظهر مشكوكاً فيه، بعد الخروج الفوضوي العجول من كابول، لكنه أصبح أكثر تماسكاً الآن مع التحركات الدفاعية الجديدة في آسيا، وأقصد مبادرة أوكوس.

والذي يثير حفيظة واشنطن هو ذاك الصاروخ الصيني، الذي يفجّر نبضة كهرومغناطيسية قادرة على شل الأقتصاد الأمريكي، حيث يعمل علماء صينيون في الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا مركبات الإطلاق، على تصميم صاروخ قادر على إنشاء صدمة أو نبضة كهرومغناطيسية قوية جداً، قادرة على شل الاقتصاد الأمريكي بحسب مصادر استخبارات دولية.

وينطلق الصاروخ الجديد بسرعة تفوق 6 ماخ(ماخ – سرعة الصوت) وقادر على قطع مسافة تقدر بنحو 3000 كم في 25 دقيقة من الطيران، وبحسب معلومات استخبارية تكنولوجية دقيقة، يبحث العلماء منذ خمسينيات القرن الماضي، في مجال التأثيرات الكهرومغناطيسية للأسلحة النووية على الاتصالات والأنظمة الكهربائية(ثمة نجاح في كوريا الشمالية في سياق هذه التقنية).

 

وقطعت بعض الدول، بحسب المعلومات، مثل أمريكا وروسيا والصين وكوريا الشمالية خطوات واسعة في البحث والتطوير لأنظمة أسلحة النبضات الكهرومغناطيسية، لكن الإضافة الصينية الجديدة تمنح بكين ميزة على منافسها اللدود الولايات المتحدة الأمريكية.

آلية عمل الصاروخ الجديد: ربط الباحثون والعلماء بداية بين انفجارات النبضات الكهرومغناطيسية بالرؤوس النووية، كان الافتراض البسيط خلف ذلك هو انبعاث كمية كبيرة من الإشعاع الناتج عن الانفجار النووي، لكن التطورات اللاحقة لمجال النبضات الكهرومغناطيسية، مثل مشروع الصواريخ المتطورة التابع للقوات الجوية الأمريكيةCHAMP  ، تحدت هذه الفكرة، الذي يعمل عن طريق مولد الميكروويف، لكن العلماء الصينيين توسعوا في هذا المفهوم، وأضافوا رأسا حربيا كيميائيا متفجراً، لتوليد انفجار كهرومغناطيسي أكبر وأشد، ويؤدي الانفجار الكيميائي إلى ضغط مغناطيس مشحون كهربائيًا يُعرف باسم مولد ضغط التدفق، الذي من شأنه تحويل طاقة الصدمة إلى دفعات قصيرة، ولكنها قوية جداً من الموجات الدقيقة.

توليد الكهرباء من طاقة الصاروخ الذاتية:

يستخدم هذا العمل، لتوليد الكهرباء، التي بدورها تعمل على توليد ضغط التدفق المغناطيسي، حيث تؤدي سلسلة من العمليات إلى قيام الصاروخ بتوليد كميات كهرباء كبيرة دون الحاجة إلى بطاريات، وستستخدم هذه الصواريخ المكثفات الفائقة التي تتميز بكثافة طاقة تزيد 20 مرة عن البطاريات، علاوة على ذلك، يمكن شحن هذه المكثفات أثناء التنقل عن طريق الاستفادة من تحويل طاقة الحرارة إلى كهرباء، حيث يزعم الباحثون الصينيون أن هذا النهج يمكن أن يفرغ قدرًا كبيرًا من الطاقة في غضون 10 ثوانٍ، الأمر الذي يحدث خللا كهرو – مغناطيسياً عظيماً.

وتقول المعلومات، بعد بحث كبير أجريته، وقاطعت نتائجه كباحث مع أكثر من مصدر، إلى أنّ هذا الصاروخ يمكن أن يؤدي إلى إتلاف نظام الاتصالات، حيث يمكن لإشعاع النبضات الكهرومغناطيسية حرق الأجهزة الإلكترونية في دائرة نصف قطرها 2 كيلومتر، الأمر الذي يشكل خطراً على المؤسسات الاقتصادية بشكل عام، لكن البعض اعتبر أن تأثيرات هذه الأسلحة مبالغ فيها إلى حد كبير. اذاً: هل تقرع طبول حرب جديدة؟ ستكون هذه الحرب هي الأخيرة ان حدثت، ولن يكون هناك أحداً من البشر، يسجل تاريخها ويعمل على تأريخها، أواكس اسم مختصر أثار ضجّة كبيرة ويشير الى الارتياب.

*عنوان قناتي على اليوتيوب – طالباً الاشتراك بها حيث البث المباشر اسبوعيّا عبرها لشرح اشتباكاتي السياسية، وآخر التطورات المحلية والإقليمية والدولية – ضع على محرك البحث على اليوتيوب التالي: طلقات تنويرية.

* عنوان قناتي على اليوتيوب حيث البث أسبوعياً عبرها:

https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A

[email protected]

منزل – عمّان : 5674111     خلوي: 0795615721