بعد تحذيرات طهران.. هل يملك بايدن الشجاعة لشنّ حرب على إيران ؟ / د. خيام الزعبي

482

المونيتور: بايدن ورئيسي يسابقان الزمن للوصول إلى اتفاق نووي | الوطن الجديد

د. خيام الزعبي* ( سورية ) – الأربعاء 18/1/2023 م …

* أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الفرات …

ترشح المعطيات أن تشهد الأيام المقبلة تطورات مثيرة بين إيران وأمريكا والكيان الصهيوني، التي يبدو أنها دخلت مساراً جديداً بعد تصريحات الرئيس الأمريكي بايدن بأن واشنطن أعدت مخططاً دقيقا لشن هجوم عسكري محتمل على إيران، وهذه المحاولة وفشلها يطرحان مجموعة من الأسئلة التي تستحق التوقف والمناقشة تبدأ بالسؤال: هل يتورط بايدن فعلاً في شن هجوم عسكري على إيران متجاوزاً شعبه وشعوب الدول الحليفة لطهران ؟ خاصة بعد أن تلقى تحذيرات جدية من الرئيس الإيراني بعدم ارتكاب أي مغامرة في طهران لأنها ستكون حرب قاسية.

 

إن تدخّل أمريكا ليس أمراً جديداً من نوعه في إيران والمنطقة بأكملها، إذ إنها تدخّلت في الحرب على العراق وسورية و اليمن والسودان وليبيا وروسيا وأفغانستان، ولا شك أن أمريكا هي من أكثر الأطراف رصداً لما يجري في المنطقة، وإن من مصلحتها تفكيك ايران وتدميرها لتحقيق أهداف استراتيجية محددة.

 

وعن الأسباب الحقيقية للعداء الأمريكي لإيران هو  لجم إيران وتقويض نفوذها المنطقة وعرقلة برنامجها الصاروخى الباليستى الذى يهدد حلفاء واشنطن من أجل انصياع صانع القرار الإيراني لطاولة المفاوضات مجددا، كما يعبر عن موقف إسرائيل الإرهابية ضد إيران، وهو مدفوع من قبل دول مختلفة والتي تتمنى من أمريكا  ليس فرض العقوبات الاقتصادية على إيران فحسب، وإنما تتمنى منها مهاجمة وضرب طهران، وهذا ما تريده هذه الأنظمة ومعها إسرائيل لأن إيران دعمت المقاومة في المنطقة ضد العدوان الأمريكي وضد الاحتلال الإسرائيلي الإرهابي للأراضي العربية ووقفت إلى جانب الجيش العربي السوري التي تحارب التنظيمات المتطرفة على كافة الأراضي السورية.

 

في خضم الأحداث المشتعلة، يظن الكثير من المحللين العسكريين أن طبول الحرب تدق الآن بين ايران وأمريكا، وكثير من المحللين مثلي لا يظنون بأن حرب ستقع بين طهران وواشنطن، فلا يختلف اثنان في أن الشعب الأمريكي تنفس الصعداء بعد انتهاء التورط العسكري في العراق، كما أن أمريكا متورطة الان في الحرب الروسية الاوكرانية، والحرب على سورية، لذلك الشعب الامريكي ليسوا بمزاج يمكنهم الان من تحمل نفقات حرب أمريكية جديدة في ايران تفاقم عملية التضخم المستمر في الاقتصاد الامريكي، وتهدد بتضاعف أسعار النفط وتدفقه أمريكيا ودولياً وعالمياً.

 

لذلك أرى أن الحرب على ايران حتى الآن لا تبدو حقيقية، ولا تعدو كونها حرب إعلامية، أو فقاعة سياسية هدفها فرض تسويات معينة، لكن من الممكن للرئيس الامريكي والكيان الصهيوني وكل من لف لفهم التخطيط لاستهداف المفاعلات النووية الايرانية، وبطبيعة الحال لن تقف طهران مكتوفة الأيدي أمام هذه الهجمة، وستتوجه لإتباع مجموعة من الاستراتيجيات والخيارات من أجل الدفاع عن نفسها، من خلال ضرب المفاعل النووي الاسرائيلي وضرب القواعد العسكرية الامريكية المتواجدة في العراق وسورية والدول الخليجية.

 

من هذا المنطلق يجب على الرئيس الأمريكي أن يحترس من التورط في شن الحرب على ايران الذي لا يستطيع تطويق حدودها ومجابهة الدول الإقليمية المرشحة للاشتراك فيها مثل حزب الله وروسيا ودول صديقة أخرى، وهي حرب سوف تكون مكلفة لبلاده عسكرياً وسياسياً وأخلاقياً وإمكانية تطورها إلى حرب إقليمية بأبعاد عالمية قد تنقلب من حرب محدودة إلى حرب مفتوحة والتي سوف يكون لها آثار مدمرة متى إشتعلت لأن هناك أكثر من جهة تريد أن تثبت وجودها في المنطقة سواء على الصعيد العسكري أو السياسي.

 

ولهذا فإن القوّة الصاروخية التي يمتلكها الجيش الإيراني وحزب الله والقادرة على ضرب أي مكان في إسرائيل، فضلاً عن قدراتهم الهجومية التي لا تزال في إرتفاع مستمر، ليس لمصلحة أمريكا أو الكيان الصهيوني في فتح جبهات مع طهران، ليصل الأمر بالمقابل إلى إعتبار أن سيناريو الحرب القادمة مع إيران سيكون الأخطر في تاريخ إسرائيل وأمريكا.

 

مجملاً….إن الحرب القادمة بين إيران وأمريكا والكيان الصهيوني ستكون مختلفة تماماً، وستؤلم إسرائيل أكثر مما حصل في حروبها السابقة، وستغير هذه الحرب الكثير من النظريات والعقائد العسكرية في العالم، لذلك لا بد من التوحد خلف استراتيجية واضحة وثابتة ودائمة لفضح الإحتلال وعزله ومواجهته بكل أشكال المقاومة إلى أن يزول عن كامل الأرض العربية والمقدسات الفلسطينية.

 

وأخيراً ربما أستطيع القول إنها ملامح رسم شرق أوسط جديد يصنعه مقاومو لبنان وإيران والعراق ومعهم جنود الجيش العربي السوري في الميدان، إنها معركة الإرادة الواحدة والجبهة الواحدة في مواجهة عدو واحد وهجمة موحّدة. وإنطلاقاً من كل ذلك، يجب إذاً، على واشنطن وإسرائيل العدوانية إعادة النظرة في الرهانات السياسية والعسكرية الخاطئة قبل فوات الأوان.

 

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.