“أمهات الشهداء” صانعات الصبر والثورة / د. هاني العقاد
د. هاني العقاد ( فلسطين ) – الخميس 10/11/2022 م …
الأم الفلسطينية عظيمة وعظمتها أنها تربي أولادها على حب الوطن والتفاني من أجل عزته وكرامته والاستشهاد من اجل حريته، تربيهم على عدم الخوف من الاحتلال وملاحقته, تحثهم على مواجهته أينما لاحت فرصه للمواجهة, يذهبوا للسجن براس مرفوعة اذا ما اعتقلوا, تربيهم على الاقدام والمواجهة والموت من اجل القدس والاقصى, هي كباقي الأمهات تقلق اذا ما غاب احدهم طويلا, فالاحتلال لا يترك فلسطيني دون اعتقال او اعدام وأحيانا كثيرة يعتقله ويطلق سراحه وبعد فترة يعدمه , الام الفلسطينية حملت البندقية بعد مخاضها بأيام لتحمي أولادها وتدافع عن بيتها, الأم الفلسطينية اليوم هي فدائية مقاتلة تصنع الصبر والثورة باعتبارها المداد الحقيقي لتستمر مسيرة النضال من اجل التحرر والاستقلال.
ليست ظاهرة قد تتكرر في ميادين الكفاح ضد المحتل بأي مكان بالعالم الا في فلسطين، الأم الفلسطينية ام الشهيد والاسير والجريح كثيراً من الأحيان يهدم بيتها ويعتقل أبنائها وزوجها وتتحدي الاحتلال ببناء بيت جديد ولا تنكسر لتستمر صابرة صامدة في بيتها تنتظر حرية زوجها وابنائها وغالبا ما تكمل الامهات الأدوار الوطنية ليس بالصبر وانما بتعزيز كل مسارات واشكال الثورة والكفاح اليومي من اجل دحر الاحتلال، الأم الفلسطينية تزف ابنها وهي تبتسم تعلوا هاماتها كل البشر راسها في السماء لأن ابنها شهيد قهر المحتل وهي بابتسامتها وكبريائها أيضا تقهر المحتل الذي يعتقد أن أم الشهيد ستنكسر لفراق ابنها وتحزن وقد تقضي نحبها حزنا عليه, الأم الفلسطينية غالبا ما تتسلم بندقية ابنها بعد استشهاده وتسلمها لرفقاء دربة ليواصلوا مهمتهم النضالية وغالبا ما تطلق الرصاص عهداً عليها أمام رفقائه أن تستمر في النضال ومقارعة المحتل طالما بقي علي تراب فلسطين.
ليست الأمهات فقط بل الاخوات والزوجات والابناء حتى الصغار منهم وكم من زوجه عاهدت زوجها الشهيد المضي في طريق تربية أبنائها كرجال لا يهابون الموت ولا يعرفون الخوف، كم من زوجة رفضت مغريات حياة اخري مع رجل اخر لتبقي على ذكري حبيبها الأول الفدائي الشهيد والد أبنائها. كم من اخت اوصت كل النساء اللاتي حضرن لوداع الشهيد بعدم البكاء بل وداعه بالأغاني الثورية والزغاريد. كثيرا ما كتبت الصحف وتحدثت تقارير الفضائيات الدولية والعربية عن أمهات الشهداء ونقلن مراسيم استقبالهن ووداعهن لأبنائهم الشهداء في مشاهد لا تحدث الا في فلسطين ولا يمكن ان تحدث في مكان اخر غير فلسطين. عرف العالم ان الام الفلسطينية تتألم وتحزن وتبكي كأم لكن حزنها وبكائها يبقي حبيسا ولا يراه احد الا ابتسامتها ولا يسمع أحد الا كلمات الرضي عن ابنها الشهيد وكلماته الأخيرة في حب الوطن ووصاياه للرجال امثاله , نعم تبكي وتتألم لكن في وحدتها، صبرها آيات وعبر لكل نساء العالم ,كل القادمون لتهنئتها باستشهاد ابنها يهتفوا بصوت ثوري ” ريت امي بدالك، يا ام الشهيد نيالك ” انهم يصنعن الصبر والثورة وتكبر الثورة بصبرهم وصبرهم حافز حقيقي لكل الشباب بالالتحاق بصفوف المقاومين والتدرب على مواجهة المحتل دون خوف من الموت وانما يتمنون الشهادة.
فخرهم بأنائهم الشهداء وحفاظهم على عهد الثورة والمضي في طريق التحرر دفعهم لتشكيل تجمع لأمهات الشهداء، أمهات كل شهداء المواجهات والعمليات الفدائية وشهداء التصدي لقوات الاحتلال المقتحمة للمدن والقري في صورة هي فخر لكل فلسطيني علي وجه الأرض, يذهبن جميعا إلى بيت عرس الشهيد ويجلسن جميعا مع ام الشهيد فيكون المجلس كلة من أمهات الشهداء فتتمني من لم يستشهد ابنها أن يكون أحد أبنائها شهيداً, تجمع أمهات الشهداء الفلسطينيين في الضفة اقوي تجمع ثوري عرفته الثورة حتي اليوم انه ليس كحزب سياسي أو فصيل نسائي لكنه إصرار على المقاومة واسقاط الاحتلال ,كل يوم يكبر كلما تصاعدت جرائم الاحتلال والمعروف ان جرائم الاحتلال لن تتوقف الا بضراوة المقاومة واستمرار الثورة, هذا التجمع اربك كثيراً حسابات المحتل ليثبت له مرة بعد الأخرى أن كل قوة جيشة وكل سلاح مؤسسته الحربية لن يكسر صمود وفخر أمهات الشهداء اللاتي يصنعن الصبر ويعززن الثورة فقط بالأيمان بان أبنائهم ليسوا الا من اجل حرية وكرامة وعزة هذا الوطن واسقاط الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس.
التعليقات مغلقة.