إذا كنا سنعيش إلى الأبد؟ / حنان بديع

296

حنان بديع ( لبنان ) – الأربعاء 17/8/2022 م …

هل سمعتم ب “قنديل البحر الخالد”؟ هو نوع من القناديل لا يموت إلا بمؤثر خارجي فقط أي أنه يموت عن طريق الصيد، أو القتل العمد …فقط، هذا المخلوق أعطاه الله قدرة عجيبة وهي تكمن في خلاياه التي لا تبلى ولا تموت!

هذا الكائن نظرياً لو لم يتم قتله أو افتراسه يمكنه العيش للأبد!

والسؤال الذي يخطر على البال، ماذا لو تمكن العلماء من دراسة هذا الكائن ومن ثم إطالة عمر الإنسان ليصبح خالداً مثله؟

هل ستفقد الحياة معناها إذا كنا سنعيش إلى الأبد؟ وما الذي يعطي لحياتنا معنى؟وهل تكون هي النهاية ما يجعلنا نثمن حياتنا؟ نهاية أي شيء تجعلنا ندرك قيمته وتزيد من رغبتنا في قضاء أطول فترة ممكنة متشبثين به، نتمنى أن يطول الوقت، لسان حالنا يقول “ليت هذه اللحظة لا تنقضي”..

لكن ماذا لو تغير الحال؟ هل ستفقد الحياة معناها إذا كنا نعيش للأبد؟

قد لا تفقد معناها الكلي إذا كنا سنعيش للأبد، لكنها قد تفقد أهم معنى لها، وهو الشوق والشغف الذي يجعلنا نقوم بالشيء لأننا نعلم محدودية الوقت الذي بين أيدينا، ناهيك عن التأجيل ونحن أمام زمن لن ينتهي! فالوقت أمامنا لن ينقضي، والنهاية لن تأتي، لذا سنفقد عنصرًا مهمًّا وهو استشعار قيمة الوقت وأهميته، استشعار قيمة اللحظة التي لن تعود، وبالتالي هذا سيؤثر على الحياة وسيجعلها تفقد واحدة من أهم معانيها،،

ثم ماذا عن الجشع؟ ذلك أن الجميع بلا استثناء يعلم أن النهاية آتية لا ريب فيها، ورغم ذلك هناك من يكون لديه الكثير من الجشع، وإذا ما أصبحت الحياة أبدية! فإن كل ما نحصل عليه سيظل معنا دائمًا، حينها سنكون حتماً جميعًا جشعين، نريد أن نحصل على كل شيء، فلا نهاية، ولا رحيل.

ثم وبعيداً عن الشغف والجشع، هناك المعاناة والملل، والملل طبيعة كل كائن حي، عندما تصبح الحياة فيلما بلا نهاية! أحداث متوالية متعاقبة دون هدف! قد تولد فينا أبشع الصفات، وتذبل لدينا أروع الميزات، لذا تبدو النهاية نعمة لا نقمة، وإذا كان هناك وجه آخر لكل شيء، فالوجه الآخر للموت هو الراحة، ثم وبعيداً عن الجشع والطمع والملل والمعاناة، اقترح أن يتخلى العلماء عن فكرة الخلود ويبقى من حق الإنسان أن يحلم بحياة أطول تمنحه الفرصة للإستفادة من دروس الحياة وتجاربها على أقل تقدير، ذلك أن أعمارنا تبدو قصيرة جداً كأعمار الفراشات، حياة ثم موت وما بينهما خبرة لم تكتمل.