الجزائر في عين العاصفة وروسيّا تلتحم معها دفاعا / المحامي محمد احمد الروسان

639

 المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) – السبت 14/5/2022 م …

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الاردنية …

بعد بدء المواجهة الروسيّة الأطلسيّة، سيرغي لافروف يزورها، والجزائر الدولة والشعب والرئيس، ترفض التماهي والتساوق مع طلبات السي أي ايه وطلبات المخابرات الفرنسية، والجيش الجزائري في مخيخ الرؤية العسكرية المخابراتية الروسية، وعليه: فإنّه لغايات تحقيق هذه الأهداف، قامت وتقوم الإدارة الأمريكية، باستخدام أدوات ووسائل وجهات متعددة، ويأتي من ضمن أولوياتها منظمات المجتمع المدني(منظمات- NGOS – أداة تنفيذيه لأهداف أميركا لا بل لمحور الانجلو سكسون – اسرائيل في جلّ الدواخل العربية، وهذه المنظمات أعتبرها في معظمها، نوافذ استخباراتية معادية في مفاصل المجتمعات العربية والاسلامية).  

الجزائر مستهدفة من الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن جلّ مؤسسات الأنجلوسكسون وأدواتهم من بعض العرب حيث مملكات القلق العربي هي المموّل، والمتماهون والمتساوقون معهم، وبالمقابل الفدرالية الروسية وفي تحالفها التاريخي والاستراتيجي مع الجزائر، الى غرب المتوسط ورمال التندوف، فتصبح أوروبا في فم الأسد مكشوفة العورة، ويعود اليانكي الأمريكي، الى حادثة خليج الخنازير. 

الولايات المتحدة الأمريكية، وعبر أذرعها المختلفة، ومن يسيطر على مفاصلها، وبالتعاون مع عميق بريطانيا – ابليس العالم، وأحد أذرعه الهامة، والمتمثل في جهاز المخابرات البريطاني الخارجي الأم أي سكس، عقدتا(واشنطن ولندن)جلسات عصف ذهني استخباري معمّقة، ليست وليدة اللحظة الحالية، بل ومنذ زمن بعيد، لغايات كيفية ضرب النفوذ الروسي في شمال أفريقيا، وخاصة في الجزائر الدولة الاقليمية الوازنة على الساحل الشمالي للقارة الافريقية.  

كارتلات مخابرات الحكم الأمريكي، لا بل كارتل مجتمع مخابرات الانجلوسكسون، عبر وكالة الاستخبارات(سي آي أيه)والأم أي سكس، اجترحت استراتيجيتها الجديدة القديمة، اتجاه دول شمال الساحل الأفريقي وخاصة الجزائر، ومع بدء الحرب الروسية الأطلسية ورفض الجزائر التماهي والتساوق مع طلبات ادارة جو بايدن، التي نقلها كل من أنتوني بلينكين ومدير السي اي ايه وليام بيرنز، حيث تقوم هذه الأسترتاتيجية الأنجلوسكسونية على السير في الاعاقات السياسية والاقتصادية والمالية، والتحكم بمفاصل السياسات الاقتصادية والمالية، لتحقيق أهداف هذه الاستراتيجية، المتمثلة في شطب نفوذات الفيدرالية الروسية في دول المغرب العربي وخاصة في الجزائر، حماية لمصالح الانجلوسكسون، وأمن الكيان الصهيوني ومصالحه، على الساحل الشمالي لأفريقيا، والتي تشكّل الجزائر بسبب علاقاتها الفوق استراتيجية مع الفدرالية الروسية، ومع الجمهورية الاسلامية والصين، تهديداً حقيقيّاً، لمصالح محور الانجلوسكسون – اسرائيل، وتعزيز النفوذ الأميركي والنفوذ الانجليزي، نظراً إلى أهميّة موقع الجزائر الجيوسياسي، ودول جوارها الاقليمي الاستراتيجي، وبالتالي تفعيل دور السفارة الأميركيّة والسفارة البريطانية في دول المغرب العربي، وعلى وجه الخصوص في الجزائر، التي تُعتبر مركزاً استراتيجيّاً بالنسبة إليهم، ومن ثم إلزام أو اقناع الجزائر، بالدخول في مزيد من العلاقات والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، كل ذلك: لغايات تعزيز التوجّه الغربي الانجلوسكسوني(الامريكي البريطاني)للجزائر، وترسيخ واشنطن ولندن شريكاً مفضَّلاً بين المنافِسين الإقليميِّين والقوى العظمى، بالإضافة إلى خلق بيئة معادية لمزيد من التوجه نحو موسكو.

راقص الباليه المحترف في حقول الألغام الدولية، السيد سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي، قام بجولة دبلوماسية تقنية وسياسية في المنطقة مؤخراً، يمكن وصفها  بالهجومية الدبلوماسية من حيث الوقت والأجندة وجدول أعمالها، خاصةً وأنّها تجيء بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر على العملية العسكرية الروسية الخاصة، والمشروعة في الداخل الأوكراني وما زالت، وما رافقها من سلال من العقوبات الأقتصادية الأحادية والجماعية وخارج اطار الشرعية الدولية على موسكو، كأعظم عقوبات على مدار تاريخ الكوكب الأرضي منذ الوجود من العدم، فزار سيرغي لافروف الجزائر الدولة الأقليمية الأهم في الشمال الأفريقي، وعلى رأس وفد رفيع المستوى من مختلف مفاصل الدولة الروسية، من عسكرية واستخبارية ومخابراتية واقتصادية وطاقوية بحقلي النفط والغاز، وكذلك فعل مع سلطنة عمان على الخليج، وهذا من شأنه أن يعكس دبلوماسية روسية مواتية ومبادرة ونشطة، وذات تركيز جوهري على ملفين مهمين: النفط والغاز، حيث تفاقمت أهميتهما بعد الحرب الروسية الأطلسية وما زالا.

وبالنتائج وفعلها للزيارتين مؤخراً، فقد حظيت موسكو بالتزام صارم بإتفاق (أوبك +)وعدم زيادة الإنتاج النفطي والغازي، تلبية لطلب الادارة الأمريكية والتي صارت تصرخ، لتخفيض أسعار النفط والغاز وكبح جماح ارتفاعها، وبما يؤدي الى خفض أسعارهما، للحفاظ على استقرار الاقتصاد الأوروبي الغربي والأمريكي.

وفي المعلومات، انّ الجزائر وروسيّا تتجهان الى تأسيس شراكة استراتيجية معمّقة، وهذا يعني للوهلة الأولى أنّ الغاز الجزائري بمجمله، لن يكون بديلاً للغاز الروسي، في حال فرض حظر على الأخير أمريكياً وأوروبياً، وهذا الالتزام مطمئن للدولة الروسية وحكومتها، لأن الجزائر هي من الدول القليلة القادرة الى جانب قطر وايران، على تعويض ومنافسة الغاز الروسي أوروبياً، لما تمتلكه من احتياطات ضخمة، ولقربها من العواصم الأوروبية.

الجزائر اتخذت موقفاً متوازناً، تجاه العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وقاومت كل الضغوط للإنحياز الى أمريكا وأوروبا فيها، وتلبية الطلبات التي حملها أنتوني بلينكن وزير الخارجية الامريكية أثناء زيارته لها، ورافقه فيها سراً السيد وليام بيرنز مدير السي أي ايه ولم يعلن ذلك بالمطلق، ومن بينها سد أي عجز في امدادات الغاز، في حال فرض حظر على روسيا وصادراتها من الطاقة.

روسيّا قامت وضمن رؤية فوق استراتيجية بتزويد الجزائر، بمنظومات صواريخ اس 400 الدفاعية وفي وقت مبكر ومنذ سنوات، وقبل الكثير من الدول الأخرى الحليفة لموسكو، مع العلم أنّ الجزائر هي من هندسة ووقفت خلف اتفاق (أوبك +)الذي على مداميكه وأركانه، قامت العلاقة بين الدول المنتجة للنفط، سواء داخل أوبك أو خارجها، وحققت بذلك التنسيق والمصالحة التاريخية بين الجانبين، مما قاد الى أسعار عادلة للطاقة، وكذلك فعلت سلطنة عمان، وبعد مقابلة لافروف للسلطان هيثم بن سعيد، أعلنت التزامها المطلق باتفاق(أوبك +).

وفي أجندة زيارة الرئيس عبد المجيد تبون موسكو قريباً، تلبيةً لدعوة الرئيس بوتين التي نقلها السيد سيرغي لافروف، سوف تتضمن، الأتفاق والتوقيع، على صفقات أسلحة روسية متطورة الى الجزائر، وخاصة مزيد من منظومات صواريخ محدّثة من اس 400،  وربما اس 500 أو اس 600،  الى جانب طائرات سوخوي 35 وطائرات مسيرّة حديثة أيضا.

الجزائر هي بالفعل البوابة الروسية الأوسع والأكثر ثقة لروسيا الى القارة الافريقية، خاصة في هذا الوقت الذي تعترف فيه فرنسا بالهزيمة، وتبدأ في سحب قواتها ونفوذها من مالي والساحل الأفريقي.

الروس عائدون الى المنطقة العربية بقوّة، شرقاً وغرباً، آسيويا وافريقياً، وعلى عرب أمريكا وحلفائها، أن يذهبوا بخيار تطوير العلاقات مع موسكو،  من باب تنويع الخيارات لمصالحهم، التي لا تعيرها أمريكا اهتماماً، حيث لا حليف لأمريكا سوى نفسها يا رفاق، وهذا إنجاز كبير لدبلوماسيتهم النشطة للروس، يعود الى إرثهم التاريخي في دعم الأمة العربية وقضاياها، ولا عزاء للأمريكان والأوروبيين، الذين تعاطوا معها وشعوبها بطريقة استعمارية فوقية متغطرسة.

وعبر ليبيا وتسخينها بشكل مستمر، وصناعة الارهاب المعولم عبر الامريكي نفسه وخاصةً في عهد الرئيس جو بايدن، وتحالفاته مع الاسلام السياسي، ثم اعلان اليانكي الامريكي لمكافحته لذات الارهاب الذي صنعه ورعاه ويرعاه، كل ذلك تم هندسته لضرب الجزائر الدولة والشعب والمقدرات والثروات والدور الوطني والعروبي، ولبسط النفوذ الامريكي والاسرائيلي وعبر مسألة الصحراء الغربية، ولشطب النفوذ الروسي والصيني والايراني في الجزائر وساحات ومساحات الشمال الافريقي، والتي ستكون هذه الساحات والمساحات والدول، نقطة انطلاق عسكري عميق للولايات المتحدة الأمريكية، في صراعها مع الروس والصينيين، عبر ما ما يعلنه البنتاغون على لسان خبراء يتبعون له يعملون في مراكز التفكير الامريكية المختلفة، وعلى صلات عميقة مع أذرع الدولة العميقة(والعملية الروسية الخاصة في الداخل الأوكراني والمشروعة لم تلغي هذا المخطط وانما أجّلته نوعاً ما). 

 وأحسب كمتابع، أنّ مناورات الأسد الأفريقية الأمريكية، والتي تجري دوماً وجرت العام الماضي، بمثابة تدريب عميق ومتعدد لأكثر من جبهة في آن واحد، لحرب محتملة علناً وسراً – عمليات مخابراتية قذرة في الداخل الجزائري لأثارة الفوضى الخلاّقة، ضد الجزائر بعد ليبيا ومشهدها المرتبك الان، حيث المناورات التي قادتها أمريكا تحت عنوان الأسد الأفريقي 2021 م، تضمنت إشارات غير مسبوقة من حيث الأهداف والنطاقات غير المسبوقة، وتضمنت أنواع أهداف جديدة تحاكي تنفيذ أمريكا وحلفائها حربا عليها.

 مناورات الأسد الأفريقي في حزيران من العام الماضي 2021 م، جاءت بعد عقد من توسيع الوجود العسكري الأمريكي في القارة الأفريقية، والذي بدأ عندما قادت أمريكا حملة لتفكيك الحكومة الليبية في عام 2011م بدعم أوروبي، وهذه التدريبات التي جرت، تحاكي بشكل ملحوظ هجمات على بلدين خياليين هما(روان ونيهون)وكلاهما كانا يقعان على أراضي الجزائر.

ثمة رسائل عديدة ومتفاقمة في مضامينها كأخطار، بنكهات التهديد والوعيد والويل والثبور، وصلت للجزائر الدولة والمؤسسات والرئيس، عبر جهاز الاستطلاع الجزائري(المخابرات)، من قوى أجنبية خارجية، وبعض عربية داخلية شريكة للعدو الخارجي، وتتساوق معه وتتماهى درجة التماثل في الفعل والأجندة كأداة تنفيذية، وتمويل أجندة الطرف الخارجي المتآمر على المقدرات القومية والوطنية، ومضمون هذه الرسائل: على الجزائر أن تبتعد عن الفدرالية الروسية وكذلك عن قضيتين رئيسيتين هما، القضية الفلسطينية بمفاصلها المتعددة، وقضية الصحراء الغربية بتفاصيلها الشائكة، وأعلن الرئيس الجزائري ذلك صراحةً.  

كلّ ذلك: مقابل عدم اثارة الفتن والارهاب داخل الجزائر من جديد، والعودة بالمجتمع والدولة، الى عشرية الارهاب في تسعينيات القرن الماضي، وعدم العمل على تدمير الأقتصاد الجزائري، وأن تودع الجزائر عوائد النفط في بنوك أمريكا، وعوائد الغاز في فرنسا – طلبات السي اي ايه والمخابرات الفرنسية الفرع الخارجي وتم رفضها بالمطلق.  

والدولة الجزائرية، أعلنت أيضاً صراحةً وعلى لسان رئيسها عبد المجيد تبّون: أنّها سوف تتبع سياسة اقتصادية ونهجاً اقتصادياً جديداً، هو استثمار الأموال النظيفة، في مشاريع داخل الجزائر، لغايات دعم وانهاض الأقتصاد الوطني، واحداث التقدم على الصعيد الداخلي في الجزائر، لزيادة الانتاج وتنوعه، وعدم الاعتماد فقط على النفط والغاز، والجزائر لن تعتمد على أموال الغرب غير النظيفة، لتستثمر في الجزائر، من أجل ما تسمى  بشراكة جزائرية غربية، في مشاريع اقتصادية كبرى، حيث الحكومة الجزائرية، وباسناد من مؤسسات الدولة السياديّة، ستعتمد على المال الجزائري الوطني النظيف، من أجل انهاض الاقتصاد الجزائري، فالثروة الجزائرية قادرة على اطعام شمال أفريقيا بأسرها، ولديها من المعادن النفيسة وغير النفيسة، ما يمكنّها من أن تكون من الدول الغنية والمتقدمة، خاصةً وأنّها دولة اقليمية حقيقية عظمى في محيطها ومجالها الحيوي. 

الرئيس عبد المجيد تبّون أوضح وأعلن: انّ السياسة الاستراتيجية الجزائرية ترفض تلك التهديدات، وتنوي الاستمرار في مواقفها المبدئية السياسية، ومن تنمية الاقتصاد الجزائري، وانها لا تخضع لاملاءات ولا لتهديدات، وستستمر في سياستها التي تحاول لملمة شمل العرب بعد أن طق عرق الحياء في بعضهم لا جلّهم. 

والرئيس عبد المجيد تبّون والحكومة الجزائرية والجيش الجزائري وجهاز الاستطلاع(المخابرات)، رفضوا جميعاً المخطط المرسوم للجزائر، للعب دور أكبر وأعمق، في التناقضات الدائرة في دول الساحل الافريقي، بعيداً عن فلسطين المحتلة، وبعيداً عن العرب، وبعيداً عن الصحراء الغربية المجاورة للجزائر 

 .قضية فلسطين بالنسبة للجزائر، ليست قضية الرئيس الجزائري تبّون فقط بل هي قضية كل الجزائريين، والذي يعرف الجزائر الشعب والمؤسسات، يعلم أن كل جزائري يعتبر فلسطين وطنه، وأن مقدساتها مقدساته، وان النضال والكفاح من أجل تحريرها، هو من أولويات الشعب الجزائري المقدام البطل، الذي تمكن بقتال استمر بثبات عقوداً طويلة من الزمن، من انتزاع حريته من الاستعمار الفرنسي، الذي كان يعتبر أن الجزائر فرنسية وليست جزائرية، لذلك نقول ان الرئيس تبّون والشعب الجزائري مطالبون الان، من احداث تلك النقلة التي تحتاجها كل دول العالم الثالث، كل الدول التي تسعى للتصنيع والابتكار والتحرر، واستغلال موارها المحلية، وتسعى لانهاض اقتصاد شعوبها، والسيطرة على ثرواتها، من أجل خدمة مصالح شعوبها.  

الجزائر دولة محورية واقليمية عظمى كما أسلفنا، تشكل قاعدة صلبة، شعبيّاً واقتصادياً وسياسياً لأمتنا العربية، لذلك المؤامرة مستمرة على الجزائر عبر الانجلوسكسون، بالتعاون مع بعض عملاء الساحات والمساحات العربية والأحياء، لغايات الهيمنة على ثرواتها الطبيعية، من حيث الغاز والنفط واليورانيوم والمعادن الثمينة النادرة، فالهيمنة على هذه المصادر الهامة يعتبر بالنسبة للصهاينة، والفرنسيين والأنجليز والولايات المتحدة الأمريكية، خطوة أساسية في السيطرة السياسية على المنطقة بأسرها. 

 ومسألة ارباك الجزائر، ونشر الفوضى والارهاب داخلها، وتهديدها يومياً عبر الحدود، وداخل جغرافيتها ومسارات ديمغرافيتها، يستهدف منعها، من مد يد العون وتقديم المساعدة لقوى المقاومة، التي تتصدى للتمدد الصهيوني السرطاني في فلسطين المحتلة، والاعتداءات اليومية على شعبنا في اليمن ولبنان وسوريا والعراق، لذلك يخشى العدو من تحرك الجزائر الفاعل، نحو دعم حقيقي لمحور المقاومة، جعلها تسرّع وتصعد من خطواتها الهادفة، لبث الفوضى وشن عمليات ارهابية تربك الجزائر، وتجعلها تعالج جراحاتها الداخلية، بدلاً من أن تتصدى للهجمات الخارجية التي تتعرض لها أمتنا العربية . 

تصعيد عمليات الارهاب ضد الجزائر الان، يأتي متزامناً مع التحضير للقمة العربية التي تريد الجزائر لها أن تكون حاضنة مرة أخرى للم الشمل العربي كما صرح الرئيس تبّون، لم الشمل لا يعني بالضرورة حل الخلافات كلها، ولا يعني بالضرورة أن تتحكم جهة ما بقرارات الجامعة العربية، بحيث تتحول جامعة الدول العربية الى أدة من أدوات واشنطن أو حتى من أدوات تل أبيب، وهي كذلك حتّى اللحظة أداة وبوق للطرف الخارجي، وتصمت على جرائم الحرب في اليمن – تصمت على محرقة اليمن التي ينفذها، تحالف العدوان الأمريكي البريطاني الفرنسي الصهيوني، عبر السعودي والاماراتي ومرتزقتهما، حيث الحرب على اليمن هي اقتصادية بالدرجة الأولى تماماً كما هي المؤامرة على الجزائر اقتصادية، وكما هي المؤامرة على ايران اقتصادية أيضاً، حيث الاستثمارات بقطاع النفط الأيراني تفوق أربعة آلاف مليار دولار أمريكي، لذلك هذا سبب خلاف عميق بين الأمريكي والأوروبي.

الدولة الجزائرية تعمل على تحديث الجيش الجزائري بكل أسلحته الجوية والبحرية والبريّة والصحراوية، وتطوير هذا الجيش الوطني، بإنشاء جيوش جديدة، جيش للسايبر، وجيش للطيران، وجيش للطيران المسيّر، وجيش للصواريخ، وبناء مصانع تنتج الصواريخ وتطورها، فالجزائر تمتلك القدرة والخبرة والعقول والمهندسين والمال، لإنشاء مثل هذه الصواريخ للدفاع عن الجزائر وأرضها، لتلقين العدو دروساً لا ينساها، بالتعاون مع الفدرالية الروسية بشكل خاص، ومع الصين ومع ايران، أو مع أي جهة تستعد أن تقيم وتنشئ مثل هذه المصانع، ليتمكن الجزائريون من صناعة أسلحتهم بيدهم وإمكانياتهم و المعادن التي تستخرج من أرضهم وبالنفط والغاز الذي ينبع من أرض الجزائريين . 

انّ التركيز على الجزائر من قبل الامريكي، ليس فقط لأنها القوة العسكرية الرائدة في المنطقة، ولأنها لا تزال خارج نطاق نفوذ العالم الغربي، ولكن أيضًا بسبب أنواع الأسلحة التي طبق المشاركون في تدريبات الأسد الأفريقي الهجوم عليها، وهي اسلحة (أس 400)الروسية، بعيد المدى وأنظمة الصواريخ الجوية.  

والجزائر هي المشغل الوحيد لمنظومة(اس 400)في القارة الأفريقية، وتنشر أيضًا أنظمة (أس 300) الأقدم، وأنظمة متعددة أقصر مدى مثل(بنتسر وبوك). 

وتنظر واشنطن وحلفائها، أنّ الجزائر تعتبر القوة العسكرية الرائدة في القارة الأفريقية، وكانت منذ عام 2013م المستورد الوحيد للأسلحة الروسية، من الدول العربية الأفريقية، هذا وقد صعّدت الجزائر من جهودها لتحديث دفاعاتها منذ أوائل عام 2010م، ويرجع ذلك إلى مصير جارتها ليبيا، حيث يُعتقد أيضا أن تركيز مصر بعد عام 2013م للحصول على أسلحة روسية للدفاع الجوي، كان أيضًا ردًا على الهجوم على ليبيا.

وأتذكر كمتابع وباحث، تصريح لنجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي – والعائد بقوّة من جديد الآن للمشهد الليبي المرتبك، سيف الإسلام القذافي، خلال الحرب في عام 2011م، عندما كانت بلاده تحت القصف، حيث يُنظر إلى الحرب في ليبيا على أنها دليل على حقيقة أن الدول التي لها علاقات إيجابية على ما يبدو مع القوى الغربية، يمكن أن تتعرض للهجوم بشكل مفاجئ جدًا، إذا كان هذا في مصلحة الغرب. وقال سيف الإسلام القذافي في حينه:- تتخلى عن أسلحة الدمار الشامل لديك، وتتوقف، عن تطوير الصواريخ بعيدة المدى، وتصبح ودودًا للغاية مع الغرب وهذه هي النتيجة(عدوان لشطبك). إذن ماذا يعني هذا؟ هذا يعني أن هذه رسالة للجميع أنه يجب أن تكون قويًا، لا تثق بهم أبدًا، وعليك أن تكون دائمًا في حالة تأهب، وإلاّ: فإنّ هؤلاء الناس ليس لديهم أصدقاء، بين عشية وضحاها غيروا رأيهم وبدأوا في قصفنا، ويمكن أن يحدث نفس الشيء لأي بلد آخر.(يعتقد كاتب هذا الاشتباك: أنّ هذه بمثابة رسالة للدولة الاردنية بعد توقيعها الاتفاقية الأمنية مع واشنطن – لا أمان لأمريكا بالمطلق). 

ويتابع نجل القذافي: كان أحد أخطائنا الكبيرة أننا تأخرنا بشراء أسلحة جديدة، خاصة من روسيّا، كان ذلك خطأً كبيراً، وتأخرنا في بناء جيش قوي، لأننا اعتقدنا أننا لن نقاتل مرة أخرى، فالأميركيون والأوروبيون هم أصدقاؤنا(منذ تطبيع العلاقات عام 2004م). 

وفي المعلومات: إنّ القوات الجوية الجزائرية، ستبدأ بتحديث طائراتها وشراء طائرات جديدة من روسيّا، لكنها تعاني(الجزائر)من نقص بطائرات الاستطلاع والإنذار المبكر، ومع ذلك تمثل الجزائر، تحديًا هائلاً لأي مهاجم محتمل، حيث أن شبكة دفاعها الجوي أكثر قدرة بكثير من أي شبكة دفاع جوي واجهتها الولايات المتحدة منذ الحرب الكورية.  

روسيّا لن تسمح مرة أخرى بالتدخل في الجزائر كما سمحت للحلف الأطلسي قبل ذلك بتخريب ليبيا، وللتذكير: فأنّ الجزائر كانت ضمن القائمة التي أعدها كيسينجر والحلف الأطلسي في السبعينات من القرن الماضي، ضمن المجموعة الواجب تخريبها مع سوريا والعراق وليبيا واليمن، ولم يتبقى الا الجزائر لتستكمل القائمة. 

عموماً تقول المعلومات أنّ رئيس جهاز الاستطلاع الجزائري – المخابرات، قام بزيارات سريّة وعلنية، الي موسكو للتباحث في الأمر مع الروس، والحل يكمن في تحالف استراتيجي عسكري مع الصين وايران وروسيّا، وعلى الجزائر الشقيق جلب الصين في عقر دار الاتحاد الأوروبي. 

بجانب الحروب الهجينة المتعددة، والحرب على سورية خير مثال: إنّ حروب المستقبل ستكون حروب عبر الجو والبحر، والدول التي لا تملك أي أنضمة دفاع جوي متقدم، كالأسلحة وأنظمة الردار البعيدة المدى، والغواصات القادرة و المجهزة بالصواريخ البحرية المتوسطة المدى، أي ما بين 1000 و 2500 كم، فهذه الدول ستكون عرضة للإستفزاز والتحرش من طرف الدولة المعادية، وأعتقد أنّ الجزائر فهمت المشكلة من أساسها، وحفظت الدرس، خاصة بعد اندلاع حرب البلقان وسقوط بلغراد وصربيا. وعبر جلّ المشكل الليبي، ودراما شرقه وغربه، وتسخينه بشكل مستمر، وصناعة الارهاب المعولم عبر الأمريكي نفسه، وخاصةً في عهد الناطق الرسمي الجديد للبلدربيرغ الامريكي، وفي نفس الوقت هو ناطق رسمي، لعميق كارتلات الحكم في مفاصل الدولة الولاياتية الامريكية الرئيس جو بايدن، وتحالفاته الجديدة القديمة مع الاسلام السياسي، ثم اعلان اليانكي الامريكي لمكافحته لذات الارهاب الذي صنعه ورعاه ويرعاه، كل ذلك تم هندسته لضرب الجزائر الدولة والشعب والمقدرات والثروات والدور الوطني والعروبي(لاحظنا اشتباك جزائري عميق، وتفاعل مؤيد لقرارات الرئيس قيس سعيّد في تونس مع حزمة صرف مالي كبيرة)، ولشطب النفوذ الروسي والصيني والايراني في الجزائر، وساحات ومساحات الشمال الافريقي، والتي ستكون هذه الساحات والمساحات والدول، نقطة انطلاق عسكري عميق للولايات المتحدة الأمريكية، في صراعها مع الروس والصينيين، عبر ما ما يعلنه البنتاغون على لسان خبراء يتبعون له يعملون في مراكز التفكير الامريكية المختلفة، وعلى صلات عميقة مع أذرع الدولة العميقة والبلدربيرغ الامريكي وجنين الحكومة الاممية.

وأنّ مسألة ضم الكيان الصهيوني للقيادة المركزية الامريكية الوسطى، بعد أن كان ضمن القيادة الامريكية الاوروبية، محطة مهمة جداً في التطبيع والتتبيع مع “اسرائيل”، بل تتبيع جلّ ساحات ومساحات المنطقة العربية من الماء الى الماء – من الخليج الى المحيط، وهي فرض تطبيع وتتبيع عسكري على كافة الحلفاء ومخابراتي أيضاً، وصولا لدمج اسرائيل بالمنطقة، واعتبارها عضو طبيعي، وهذا مستحيل ولو طبق الله السماء على الارض وقامت القيامة، لن ولم نقبل بذلك. ويعني ذلك: أن ترى قوات اسرائيلية في كل قاعدة أمريكية في أي دولة أو ساحة أو مساحة عربية، حتى ولو رفضت الدولة أو الساحة أو المساحة العربية التي تستضيف تلك القواعد الامريكية، ومن هنا نقل القاعدة باور من اسبانيا الى طانطان جنوب المغرب، يعني قوّات اسرائيلية، يعني عبث أمريكي اسرائيلي بريطاني فرنسي في الجزائر عبر ملف الصحراء الغربية، ولضرب وشطب النفوذات الروسية الصينية الايرانية وفي موريتانيا أيضاً وفي مالي – باماكو. 

كما يعني هذا الضم العسكري(من يكره الضم الآخر منكم يا قرّاء – قطعاً لا أحد يكره الضم الجسدي)تفعيل ناتو اسرائيلي عربي غربي ضد ايران، كما يسمح ضم الكيان للقيادة المركزية الوسطى الامريكية، حقه في استخدام القواعد الامريكية كمنصة اعتداء في أي عمل عسكري، حتّى وضد الدولة أو الساحة أو المساحة المستضيفة للقاعدة الامريكية تلك، أنّها مسألة تسييد اسرائيل عسكرياً في المنطقة وعلى المنطقة، عبر منح واشنطن للكيان وكالة قيادة حلفائها بدلاً منها. وللطرفة أقول: أرادت أوروبا العجوز – والتي تتصابى كفتاة شابة – يوماً أن ترمي بالون اختبار للجزائر، فجاءها “المسج” الجزائري المركب، عبر مناورات بحرية روسية جزائرية صينية قبالة جنوبها، فراحت تعض على أصابعها وقالت في نفسها: كيف لم ننتبه لمثل هذا الذي قد يجعل عورتنا مكشوفة أمام هذا الحلف الذي يتصاعد على وتيرة ناعمة؟.  

وها هي الجزائر وبثبات، تذهب الى تحالف استراتيجي أكبر، يدخل القوّات الروسية الى غرب البحر المتوسط والى رمال تندوف، فتصبح أوروبا في فم الأسد، وتعود أمريكا الى حادثة خليج الخنازير، وروسيا اليوم صاروخيّا ليس روسيا الستينيات من القرن الماضي.  

اذاً في عمق التموضع العسكري في شمال أفريقيا: ثمة أدوار عسكرية لأفريكوم انطلاقاً من ليبيا لمدة خمس سنوات قادمة أو أكثر لحين تحقيق جلّ الاهداف، بحجة محاربة داعش والأرهاب الذي صنعته واشنطن وفرنسا وبريطانيا واسرائيل في شمال أفريقيا، وفي مالي عبر التعاون مع الفرنسيين والبريطانيين والأيطاليين، ليجعلوا لاحقاً من مصر سورية ثانية(استشهاد الجنود المصريين في شمال سيناء، وكيف يعمل الأمريكان واسرائيل على تنشيط داعش في مصر وكل ساحاتها ومساحاتها)، ومن أجل استهداف الجزائر ومحاصرتها بالدرجة الأولى لضرب خطوط العلاقات الجزائرية الروسية، والجزائرية الصينية، والجزائرية الأيرانية، حيث تتحدث المعلومات، أنّ العمل يجري على تغير للمشهد في الجزائر واعادته الى سيرته الأولى مطلع تسعينيات القرن الماضي(وعبر احدى الأدوات الجديدة القديمة – المنظمات غير الحكومية، لبث الارهاب وتأسيس الأرضيات المناسبة)، ليكون مشابهاً لما يجري في المشاهد السورية والليبية والعراقية واليمنية واللبنانية، ولكن ما يطمئن النفس أنّ وعي الشعب الجزائري وقيادته وتساوق وتماهي هذا الوعي، مع عمل دؤوب ومستمر لمجتمع المخابرات الجزائرية وتنسيقاته مع الحلفاء والأصدقاء، وخاصة مع الروس والصينيين والأيرانيين، سيحبط مخططات محور واشنطن تل أبيب، ومن ارتبط به من بعض العرب والغرب. 

وفي ظل المعلوم والمعلن عبر الميديا العالمية، من تقارير مسربة عن قصد، قاطعناها مع ما لدينا من معلومات استخباراتية، بجانب تصريحات هنا وهناك وما أعلنه البنتاغون الأمريكي عبر قيادة قوّات أفريكوم، حيث يجيء هذا الكشف الأمريكي في ظل التوترات والأحتقانات الأيرانية السعودية، والايرانية الامريكية والايرانية الاسرائيلية، على طول خطوط ومفاعيل وتفاعلات العلاقات الثنائية والأقليمية بين ساحات ومساحات دول الخليج، كمملكات قلق عربي وايران، وعلى وقع انجازات الجيش العربي السوري، يجيء الاعلان عن خطة خمسية لمحاربة داعش والأرهاب في شمال أفريقيا، ومع توالي الهجمات الإرهابية التي يتبناها تنظيم داعش في ليبيا ومالي، وبوكو حرام في نيجيريا، وحركة الشباب المسلم في الصومال، بات التساؤل عن خلفيات هذه الهجمات وإمكانية وقوف جهات بعينها وراء هذه الأحداث من قبيل الهوس بنظرية المؤامرة. 

ولنعد الى ما قبل ست سنوات من الان، ونتساءل هنا تحديداً حول خلفيات الهجمات على فندق(راديسون بلو)بقلب العاصمة المالية باماكو في شباط 2016 م، خصوصا وأن ثلث الضحايا هم صينيون وروس ولهم مواقع حساسة داخل مؤسسات عملاقة وهنا العقدة في محاولة الفهم هذه. 

وبحسب المعلومات التي تم رصدها من قبل كاتب هذه السطور في عام 2016 م، فإن عدد القتلى من الصينيين بلغ ستة أشخاص أنذاك، من بينهم ثلاثة ينتمون لشركة “شاينارايل واي”، بالإضافة إلى القتلى الروس الذي يشتغلون في الشركة الروسية “Volga-Dnepr“، وهي شركة عملاقة متخصصة في النقل الجوي للمعدات الضخمة وحتى الأسلحة، وفي الواقع كما أحسب، أن الهجوم يأتي في سياق التعاون الاقتصادي بين روسيا والصين، وهو ما يفتح الباب أمام تفسير الهجوم بكونه خطة مدروسة الملامح ورسالة واضحة المعالم لكل من روسيا والصين ازاء مالي وازاء الجزائر أيضاً، وتضيف المعلومات، أنّ المسؤولين الصينيين الذين قتلوا هم المدير العام لشركة(شاينارايل واي)والمدير المساعد له والمدير المسؤول عن غرب إفريقيا، وهؤلاء يعتبرون صلة الوصل بين الحكومة المالية والصينية في ما يتعلق بمشاريع البنيات التحتية، خصوصا مشروع تجهيز السكة الحديدية في مالي. 

وفي عام 2014 م قام الرئيس المالي بزيارة إلى الصين للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي، وعلى هامش هذا اللقاء وقَّع على العديد من الصفقات الضخمة مع الحكومة الصينية، أهمها مشروع تشييد السكة الحديدية بين باماكو والعاصمة الغينية بقيمة 8 مليارات دولار، وهو المشروع الذي تراهن عليه مالي حتى تتمكن من تصدير ثرواتها الطبيعية عبر ميناء غينيا، بالإضافة إلى مشروع آخر لتشييد سكة حديدية بين باماكو والعاصمة السنغالية داكار، تبلغ قيمة صفقته حوالي 1.5 مليار درهم.  

بالإضافة إلى هذين المشروعين البالغة قيمتهما حوالي 10 مليارات دولار، هناك مشاريع أخرى تشرف عليها الشركة الصينية نفسها تهم تشييد الطرق في شمال البلاد، وتشييد قنطرة في العاصمة باماكو، ليصل حجم الاستثمارات الصينية في مالي إلى 12 مليار دولار، الأمر الذي جعل من الصين المستثمر الأكثر هيمنة في مالي، وهو أمر لا يمكن أن ترضى عنه الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، وأعتقد أن قتل المسؤولين الصينيين لا يمكن أن يكون بريئا خصوصاً، وأنه يمكن اعتبارهم أهم ثلاثة أشخاص كانوا متواجدين في مالي خلال تلك الفترة. 

وبخصوص ما يتعلق بالقتلى الروس، البالغ عددهم ستة، فهم أيضا أطراف في الشركة الروسية “Volga-Dnepr“، التي تعتبر رائدة عالميا في مجال النقل الجوي للشحنات الكبيرة، حيت تقوم بنقل أجزاء الطائرات ومعدات البناء الكبيرة وحتى المروحيات، وكانت الشركة الروسية هي المكلفة بنقل معدات الشركة الصينية التي ستحتاجها في مشاريعها بمالي، وكانت بين الشركة الصينية والروسية شراكة على هذا الأساس، وهو ما يحمل أكثر من دلالة على أن العملية كانت من أجل ضرب الاستثمارات الروسية والصينية في البلد، تمهيداً لضرب الروسية نحدياً في الجزائر وكذلك الصينية.  

وتتحدث المعلومات أنّه ثمة شراكات تجمع بين الصين ومالي مؤخراً، من بينها أن الصين قدمت دعما لمالي قيمته 30 مليون دولار، وقرضا بدون فوائد قيمته 13 مليون دولار، بالإضافة إلى منحة لفائدة 6000 طالب مالي للتعلم في الصين خلال الفترة ما بين 2015 و2017، كما أعلنت الصين عن افتتاح مركز للتكوين في مجال الهندسة لفائدة الطلبة الماليين، إضافة إلى الصفقة التي حصلت عليها الصين لتشييد 24 ألف سكن اقتصادي بمالي. 

أمّا بالنسبة لروسيّا، فقد وقَّعت خلال الثماني سنوات الماضية على صفقات أسلحة مع الحكومة المالية بأكثر من مليار ونصف من الدولارات الأمريكية، وعليه عبر الهجوم الذي تم على فندق راديسون بلو عام 2016 م ونتائج الهجوم، فانّ الأمر الأكيد أن روسيا والصين قد توصلتا الى النتيجة والرسالة الأمريكية والفرنسية، ليبقى السؤال هو حول الطريقة التي سيرد بها البلدان معاً، في ظل اعلان أفريكوم(القوّات الأمريكية في أفريقيا)لخطة خمسية من ليبيا بذريعة مقاتلة الأرهاب في شمال أفريقيا حيث المعني الجزائر وعبر ملف الصحراء الغربية، ومالي وبجانبهما مصر وباقي دول المغرب العربي.  

وسيناريو العدوى الليبية، يتضمن نقل الصراع والقتال، إلى الجزائر، ثم إلى المغرب وموريتانيا، حيث هناك إسلام سياسي في ليبيا، جاء نتيجة وبسبب الإسلام السياسي الجزائري، الذي هو أشد تطرفاً بالأصل، وعبر استراتيجيات الأستدارة واشعال حروب مذهبية وطائفيه وأثنية، تهدف الى دفع الأرهابيين الى تونس والجزائر من جديد – خطوات وقرارات الرئيس التونسي قيس سعيّد أبطأت الى حد ما المرسوم عبر التوظيف السياسي للاسلام.  

وعليه: فإنّه لغايات تحقيق هذه الأهداف، قامت وتقوم الإدارة الأمريكية، باستخدام أدوات ووسائل وجهات متعددة، ويأتي من ضمن أولوياتها منظمات المجتمع المدني(منظمات- NGOS – أداة تنفيذيه لأهداف أميركا لا بل لمحور الانجلو سكسون – اسرائيل في جلّ الدواخل العربية، وهذه المنظمات أعتبرها في معظمها، نوافذ استخباراتية معادية في مفاصل المجتمعات العربية والاسلامية).

تعتبر واشنطن أن أفضل شريك حالياً لها، للتغيير في جلّ الساحات والمساحات العربية، وبث الارهاب ودعم الجماعات الارهابية وخاصة في الدولة الجزائرية هو(المنظمات غير الحكومية)مما يسهم في تحقيق أهدافها دون التورط العلني، في دعم اللاعبين السياسيين من حلفائها التقليديين الذين تورطوا في الفساد، والذين تلقوا الدعم منها إبان العشرية السوداء في الجزائر ابان عقد التسعينيات من القرن الماضي، حيث أكثر من مئتين ألف ضحية جزائرية، ذهبت هكذا نتيجة بشربة ماء، بفعل وتفاعلات أوار هذه العشرية السوداء الارهابية، حيث تحولت الى شبه حرب أهلية بفعل الأمريكي والبريطاني(أعتقد فرنسا ستدخل بصراع الان مع أمريكا، على الجزائر كساحة نفوذ تقليدية لها بعد تحالف أواكس – أمريكا وبريطانيا وكانبيرا في المحيطين الهادىْ والهندي).  

ولكي تتملص أمريكا، من تهمة التدخل السياسي عبر دعم حلفائها السياسيين، لذلك قررت واشنطن دي سي، تصعيد وتيرة استغلال المنظمات التي تطلق على نفسها  مؤسسات المجتمع المدني، والتي لعبت دوراً غير مباشر في هندسة الأرضيات لغايات تبرير التدخلات القادمة في اثارة الفوضى من جديد في الجزائر، وكل دول الساحل الشمالي لأفريقيا وخاصة العربية، من دون أن يتم تحميلها المسؤولية.

كما لعبت هذه المنظمات التابعة في أغلبها لواشنطن دوراً رئيسيًا في التحولات التي شهدتها المنطقة العربية والإسلامية، وسيكون دورها اليوم متقدمًا في التغيرات في جلً دول وساحات ومساحات الساحل الشمالي لأفريقيا، لذلك يثير تنامي عدد هذه المنظمات وما طرحته من ملفات حقوقية واجتماعية جديّة، العديد من التساؤلات وعما إذا كانت هذه المنظمات ذراعًا سياسياً واقتصادياً وخابراتياً وفكريّاً ارهابياً لواشنطن.  

ومن الواضح أنّ مصالح مجموعات المجتمع المدني هي موحدة أو شبه موحدة مع المصلحة الأمريكية، لذا ترى أميركا أن احتضانها لهذه المجموعات وتحويلها الى أداة، يمكن أن يوصلها الى هدفها، بغض النظر عن الأساليب المعتمدة والطرق التي ستسلكها، ولبنان نموذجاً مثالياً – لما يتم حياكته سرّاً للجزائر ولدول الساحل الأفريقي الشمالي: ويظهر هذا الاستغلال من خلال تصريحات المسؤولين الأميركيين، حيث قال جيفيري فيلتمان في حزيران 2010 م عندما كان سفيراً في لبنان، أن الولايات المتحدة تقدم المساعدة والدعم في كل الدول العربية، والى مؤسساتها التي تعمل على إيجاد بدائل للتطرف، من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومبادرة الشراكة الشرق أوسطية(ميبي)في تونس والجزائر والمغرب والأردن ولبنانومصر … الخ.  

وبعد عشر سنوات من تنامى استغلال واشنطن لهذه المنظمات، وعلى سبيل المثال نأخذ لبنان: في التاسع من آب لعام 2020 م– وفي تصريح له قال مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بالوكالة، جون بارسا – سألتقي شركاء الوكالة الذين يستلمون المساعدات الإنسانية والصحيّة في بيروت. وأضاف: الوكالة قدمت حتى الآن أكثر من 15 مليون دولار كمساعدات إنسانية لدعم جهود الرد على هذه الكارثة، مما يرفع حجم المساعدات الإنسانية الأميركية المقدمة من الشعب الأميركي للبنان إلى 594 مليون دولار منذ سبتمبر 2019 م، والمساعدات الأميركية لن تصل حتما إلى الحكومة اللبنانية، ولكنها ستذهب إلى الشعب اللبناني عبر الجامعة الأميركية في بيروت والجامعة اللبنانية الأميركية.  

وقال: مساعداتنا الإنسانية ستصل إلى سكان بيروت والشعب اللبناني الذين هم بحاجة لها، ولن تكون خاضعة لسيطرة الحكومة اللبنانية.. وفي الشرح والتعليق على تصريحات جون بارسا أقول: يبيّن هذا التصريح مدى تنسيق التعاون بين منظمات المجتمع المدني وبين الادارة الأمريكية، فبعد انفجار المرفأ سارع جون بارسا المسؤول عن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية التي تعنى بإدارة المساعدات الخارجية المقدمة للمدنيين، الى تنسيق لقاء مع المسؤولين عن جمعيات المجتمع المدني، التي سلمت لهم المساعدات والأموال والمصنفة بحسب جون بارسا(لـدعم جهود الرّد على الكارثة)فكيف كان الردّ على هذ الكارثة؟.  

حملة دعائية كبيرة تشترك معها محطات تلفزيونية وجرائد مع منظمات المجتمع المدني لإتهام حزب الله وتحميله مسؤولية هذه الكارثة، والجدير بالذكر أنه صرّح أنه منذ ثورة 17 تشرين 2020م حتى 9 آب 2021 أي خلال أقل من سنة، تم تمويل هذه المنظمات بمبلغ قدره 594 مليون دولار، فأين ذهبت هذه الأموال؟ وفي أي أماكن وظفت؟.

هذا وأكد ديفيد شينكر حبيب بعض الساسة الأردنيين، خلال لقائه مع ممثلي المجتمع المدني في لبنان أيلول 2020 م – على ضرورة وحدة مجموعات الثورة، وأعاتب عدم قدرتكم على حشد الناس في الشارع، فهذا دليل على(عدم الفاعلية)… يعني بهدلهم لقوى 14 أذار – دفعنا لكم الأموال وللمؤسسات المدنية التابعة معكم ولم تحركوا الشارع اللبناني.  

إلى ذلك وفي 26 أيلول 2020م، وخلال شهادة ديفيد هيل(السفير الأمريكي الاسبق في عمّان)في الكونغرس قال: إنه على مرّ الأعوام، أمنّا للبنان 10 مليارات دولار، للقوى الأمنية من جهة، ولمنظمات المجتمع المدني من جهة أخرى، من أجل التنمية الاقتصادية والدعم الإنساني. 

هيل في هذا التصريح يعترف وبشكل واضح، أن مبلغًا ضخمًا قدّم الى رؤساء ونشطاء في أحزاب ومتظاهرين وحركات مجتمع مدني بهدف علني يقتصر بمحاربة الفساد، ولكن الهدف الحقيقي المبطن هو تنفيذ الأجندة الأمريكية. 

أمّا دوروثي شيا السفيرة الأميركية في لبنان(المصعوقة من وصول المازوت الايراني الى لبنان عبر حزب الله)، فقالت في لقاء بتاريخ 13 تشرين الثاني 2020م، مع مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن واشنطن ترى حاجة للمساعدة في تعزيز المجتمع المدني هنا، وتقوية مؤسسات الدولة، ومكافحة التأثير المدمر للجهات الفاعلة الخبيثة مثل حزب الله. هذا وبحسب الإستراتيجية المدمجة لوزارة الخارجية ووكالة التنمية الأمريكية بتاريخ 25 شباط 2021 م، فإنّ واشنطن تجد نفسها في شركة جيدة ضمن تحالف عريض من الشركاء الراغبين والقادرين الذين يشاركوننا مصالحنا، وحتى الموظفين العموميين المتفانين الذين يسعون داخل المؤسسات اللبنانية لجعل الحكومة تعمل بشكل أفضل للشعب اللبناني. 

هكذا إذاً، تعتبر أمريكا نفسها أنها أسست شركة مدنية في لبنان يشارك أصحابها في توظيفات ماليّة بغية تحقيق هدف مشترك، وهذا ما يظهر أن كلّ الذين حصلوا على دعم واشنطن هو أفراد ومنظمات يشاركون في الحصار على لبنان، وينفذون أجندة واشنطن القائمة على تجويع الشعب اللبناني.  

النموذج اللبناني سيصار الى نقله الى الجزائر، والى باقي دول المغرب العربي، والى الاردن(تم قطع شوط عميق)وباقي الساحات العربية(الأن جي أوز) في معظمها، نوافذ استخباراتية تجسسية في الدواخل العربية، الاّ من رحم ربي.

بالنتيجة المطلقة:

الجزائر مستهدفة من الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن جلّ مؤسسات الأنجلوسكسون وأدواتهم من بعض العرب حيث مملكات القلق العربي هي المموّل، والمتماهون والمتساوقون معهم، وبالمقابل الفدرالية الروسية وفي تحالفها التاريخي والاستراتيجي مع الجزائر، الى غرب المتوسط ورمال التندوف، فتصبح أوروبا في فم الأسد مكشوفة العورة، ويعود اليانكي الأمريكي، الى حادثة خليج الخنازير.

*عنوان قناتي على اليوتيوب – طالباً الأشتراك بها حيث البث المباشر اسبوعيّا عبرها لشرح اشتباكاتي السياسية، وآخر التطورات المحلية والأقليمية والدولية – ضع على محرك البحث على اليوتيوب التالي: طلقات تنويرية.

https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A

[email protected]

منزل – عمّان : 5674111     خلوي: 0795615721

سما الروسان في : في 15 – 5– 2022 م.

هاتف المنزل: 5674111    خلوي : 0795615721