” جنين وغزة ” على طاولة الكابينت الأمني الاسرائيلي / د. هاني العقاد

460

د. هاني العقاد  ( فلسطين ) – الثلاثاء 10/5/2022 م …

عملية “العاد” البطولية الجريئة شكلت صدمة لمنظومة الاحتلال بكافة مستوياتها لكونها جاءت نتيجة عمل فردي فلسطيني رداً علي ما جري في القدس بعد ان تبنت حماس عملية “أرئيل” السابقة, لم تتوقع اسرائيل ان تصمت الفصائل الفلسطينية عما جري في المسجد الاقصى يوم الخامس من أيار الحالي وقيام الشرطة الإسرائيلية باقتحام الأقصى واطلاق الرصاص والغاز علي المصلين وتكسير زجاج محراب صلاح الدين وادخال اكثر من 790 مستوطن الي باحات الأقصى مرددين عبارات تلموديه وتحريضه ضد الفلسطينيين, كان تفكير المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ان الرد سياتي من قبل المقاومة الفلسطينية علي شكل اطلاق صواريخ علي مدن الوسط الإسرائيلي ومستوطنات القدس لذا قامت بنشر بطاريات القبة الحديدة في ضواحي (غوش دان) ومشارف مدينة القدس ,ما ان انتهي اليوم وحل المساء وتنفست المؤسسة الأمنية الصعداء وعرفت ان الضغوطات التي قامت بها إسرائيل علي الفصائل نجحت دون ان تدري ان القادم بعد ساعتين بالضبط اقسي واصعب من رد فصائل المقاومة, الرد جاء من صفوف الشعب الفلسطيني ,شبان غير مؤطرين ولا يتبعوا أي تنظيم سوي انهم فلسطيني الانتماء غاروا علي شرف الامة ومقدساتها وردوا بطريقتهم  على ما فعلته دولة الاحتلال بالمسجد الأقصى  وقالوا للإسرائيليين ان لا امن لكم علي ارضنا  وشعبنا فقط من يمنحكم الاستقلال اذا تخليتم عن الاحتلال  والاستيطان والاستعمار.

ارتبكت دولة الاحتلال، شل تفكير قادتها الامنين والسياسيين وما زاد الطين بلة انهم لم يلقوا القبض على المنفذين لثلاثة أيام كانت المستويات الأمنية الإسرائيلية تتوقع ان يصلها اخبار عاجلة بحدوث عملية جديدة في مكان ما، لكن الفدائيين اكتفوا بما حدث ونقلوا رسالة بالدم لدولة الكيان ان لا امن ولا استقرار ما دام الأقصى يدنس وتستمر إسرائيل بفرض السيادة الإسرائيلية بالقوة الاحتلالية هناك. منذ الساعة الاولي لوقوع العملية بدأ الاعلام الإسرائيلي يعتبر غزة المحرض الأول علي العنف واخذوا خطاب “السيد يحي السنوار” الأخير كمادة لذلك واخذت المؤسسة الإعلامية من يمينها الي يسارها تحرض المستوي الأمني على اغتيال “السنوار” بل عمدت الي نشر مقاطع ساخنة من خطاب الرجل. الكابينت الاسرائيلي وضع “جنين وغزة ” على الطاولة وفى عمق الحلول الأمنية على اعتبار ان التحريض يأتي من غزة والتنفيذ من “جنين”. ولعل وضع “جنين وغزة “على رأس خطة امنية تنفذها المنظومة الأمنية والعسكرية بدولة الاحتلال قاد لمناورة شهر الحرب ” عربات النار” التي يحاكي فيها الاحتلال تنفيذ عمليات عسكرية داخل جنين وغزة وباقي الأرض المحتل التي قد تلتهب نتيجة لذلك .

“جنين وغزة ” في عمق مناورات ” عربات النار” ,اقتحام مدن ,اعدامات ميدانية ,اعتقال ,اغتيالات سرية ,هدم بيوت ,ترحيل أهالي وحصار اقتصادي ومالي , كل الأنظار تتجه نحو “جنين” الان وخاصة بعد قرار الكابينت الإسرائيلي تنفيذ عملية عسكرية برية لتفكيك خلايا المقاومة هناك وتصفيتها, لكن اعتقد ان دولة الاحتلال لم تأخذ في الحسبان كثيراً ان عملية اجتياح “جنين” قد تفتح أبواب جهنم علي اسرائيل وقد تكون السبب في حدوث جولة قتال جديدة مع غزة تفشل خطة المستوي السياسي  لفصل الجبهات والاستفراد بجبهة بعد اخري , اليوم توجه اسرائيل  خططها العسكرية والأمنية نحو “جنين” وتفرض عقوبات علي “غزة”  دون استثناء للعودة لسياسة الاغتيالات والتهديد باغتيال اكثر من قيادي من صفوف المقاومة لترمم منظومتها الأمنية التي سجلت اكثر من فشل خلال اسابيع. ان كانت اسرائيل ستنفذ اغتيالا ما لقيادات فلسطينية فلا اعتقد ان مثل هكذا عملية ستكون بضربة جوية او صواريخ موجهة او طائرات درون او طائرات مأهولة ,بل ان اسرائيل يمكن ان تنفذ عمليات اغتيال مخابراتية دقيقة لأكثر من قائد علي الأرض في غزة وخارجها بطريقة صامتة ودون ان تعترف بذلك خاصة ان الاعلام العبري قد حرض على شخصيات اخري غير “السنوار” رئيس حركة حماس في غزة. في المقابل اعتقد انه في المرحلة الحالية لن تقدم اسرائيل على تنفيذ أي عملية اغتيال علنية لان الوقت غير مناسب لها، فهي الان في خضم تنفيذ عملية امنية بالضفة الغربية وخاصة في “جنين” ولا تريد ادخال غزة في المواجهة في ظل ارسالها رسائل الي الوسطاء للضغط على قادة الفصائل في غزة لمحاولة العودة الي الهدوء وخفض الخطاب التحريضي ضد إسرائيل وهذا جزء من الخطة وليس كلها. 

حكومة “نفتالي بينت” والمنظومة الأمنية لجأت الي مناورة “عربات النار” خوفا من الفشل في عملياتها في “جنين وغزة ” , وهذا يعني استخدام مزيدا من الحديد والنار لضرب الفلسطينيين تحت مسمي مقاومة “الإرهاب” بخطط علي مراحل تبدأ  بإحكام حصار “جنين “ومخيمها والدفع بقواتها الخاصة مدعومة بالمصفحات والطائرات لتصفية قيادات المقاومة واعضائها من (كتيبة جنين)  باقل الخسائر واقصر وقت ممكن , وقد تؤجل إسرائيل أي عمليات اغتيال لقادة المقاومة الي وقت تقرره المؤسسة السياسية هناك وهي مرهونة  بمدي بنجاح عملياتها في “جنين” والاستفراد بها دون ان تتدخل المقاومة في غزة او تقف مع “جنين” عسكرياً . لا اعتقد ان تتخلى اسرائيل خلال هذه الفترة عن تنفيذ خطة “كاسر الأمواج” في الضفة بل انها عززتها بتعليمات جديدة  لإطلاق النار علي النشطاء والشبان الفلسطينيين على الممرات بين اسرائيل والضفة والتي اعتبرتها حدود يجب احكام السيطرة عليها ,وعلي الحواجز وخلال اقتحامات المدن لتنفيذ الاعتقالات الليلية والتي يتوقع ان تزداد وتيرتها خلال هذه المرحلة , ولا اعتقد ان توقف اسرائيل استفزازاتها للمصلين الفلسطينيين في المسجد الأقصى بل ستعمد الي زيادة المجموعات التي تقتحم الأقصى لتؤكد سيادتها هناك والتي تحدث عنها “نفتالي بينت” مؤخرا.

[email protected]