السوريون المسيحيون المهاجرون … لن يعودوا / المهندس باسل قس نصر الله
المهندس باسل قس نصر الله ( سورية ) – الأحد 5/12/2021 م …
إتصلتُ بسيدة سوريةٍ مسيحية مهاجرة إلى لبنان، فقالت لي من خلال الحديث معها أنها تقدمت بأوراق للهجرة وهي تنتظر الجواب.
وسمعت الكثير من المسيحيين الذين بدأوا بعرض منازلهم ومحلاتهم وغيرها للبيع.
ثم يأتيني من يقول أنهم عائدون وأنهم مشتاقون لتراب سورية وكلها للأسف تندرج في خانة العواطف.
كنت منذ مدة عند رجل مُسنّ، وعاصر الأجيال فقال لي بعصبية:
هل سيرجع يا باسل خالك أو أولاد خالك؟
هل سيرجع إبني؟
هل سيرجع إبن خالتك؟
أبناء عمومتك؟
أولادهم؟
فكرتُ ملياً وكأن صفعة تلقيتها فأنقذتني من وهمٍ أو حلمٍ.
بالفعل هم لن يعودوا .. لقد استقروا خلال السنوات الماضية وتأقلموا مع حياتهم وواقعهم وأصبح لهم رفاق وأصحاب وأصدقاء.
صحيح أنهم يفتقدون أرصفة وشوارع مدننا، وستبقى الغصّة في قلوبهم، ولكن أولادهم لن يتأثروا كثيراً بذلك، أما الأحفاد فهم سيندمجون تماماً إلا من بعض العادات والتقاليد التي يأخذونها عن كبار السن وهي بدورها ستتلاشى.
هجرة المسيحيين في القرنين الماضيين علمتنا الكثير، لقد شكلوا تجمعات سكنية لهم وأندية ومطاعم قدموا فيها المأكولات الحلبية والشامية والحمصية وغيرها، وصنعوا لهم أجواءاً مشابهة لأجواء مناطقهم السورية، فالزواج يتم في كنائس قليلة بنوها لتمثِّلهم في الغربة وبنفس العادات والتقاليد والهنهونات والأهازيج.
لم ينسوا في هذه السويعات القليلة أن يكونوا كما لو أنهم في سورية، لكنهم عندما يستيقظون في اليوم التالي، سيذهبون الى أشغالهم وستدور الحياة بعجلتها وستصبح الليلة السورية الماضية مثل الأحلام، ولكن في سجلات الكنائس في سورية ما زالت أسماءهم موجودة على الورق فقط.
جميل أن يستمعوا الى “صباح فخري” ويرقصوا على أنغامه، أو أن يأكوا “الكباب” و “الكبة نية” وأن تمتلىء موائدهم في الغربة بالمأكولات السورية، ولكن هذا لن يعيدهم إليها وستبقى أحلامهم مجرد أحلام.
لن يفيدنا تعليق أوراق موتانا في سورية لأنهم ماتوا في الغربة وأجسادهم دُفنت في الغربة.
ومع ذلك يتحدث الكثير بحماسة بأن المسيحيين سيعودون الى تراب سورية وشوارعها وأرصفتها ومزاريبها وباعاتها المتجولين وغيرها.
أيها السادة بكل أسف أقول أننا بعد سنوات ليست ببعيدة سنصبح في عداد المنقرضين، لأن من هاجر من المسيحيين بكل بساطة – مهما قلتم وأكدّتم وصليتم وناديتم – لن يعودوا للأسف
الله اشهد أني بلغت
التعليقات مغلقة.