1967 حرب الألغاز اللامنتهية ؟! / محمد الصباغ

464

مدارات عربية – الثلاثاء 26/10/2021 م …

كتب محمد الصباغ* …

  • مؤرخ وباحث فى التاريخ ، كاتب صحفي وناشر …

** تقديم لا بد منه من المشرف العام عاطف الكيلاني:

الرفيق ( الشيوعي العتيق ) الأستاذ الدكتور سعيد النشائي، يرفدنا دائما بمقالات في غاية الأهمية حول قضايا محور المقاومة وحركة التحرر العربية، ونحن شاكرون له جدا على تعاونه معنا.

ولكننا في الفترة الأخيرة لمسنا أن هناك ما يشيه التوافق بين مجموعة كبيرة من الماركسيين المصريين على ما هو أكثر من توجيه النقد لمرحلة عبد الناصر، لتصل الأمور إلى توجيه التهم المباشرة بالخيانة والعمالة لشخص عبد الناصر، نا هيك عن المحيطين به.

اختلفنا مع الدكتور سعيد حول هذه المسألة ( تخوين عبد الناصر )، وجرت بيننا وبينه مراسلات حول هذا الأمر، ومع ذلك، ها نحن ننشر هذا المقال الذي يعبّر عن رأي تلك المجموعة، ليس لأننا نؤمن بحرية التعبير ( وهذا في حد ذاته تعبير برجوازي صغير ) ، فنحن لسنا مغرمين بالليبرالية ذات الأفق البرجوازي، ولكننا ننشر المقال، لعلّ هناك من نجد عنده الإهتمام بالردّ على هذه التهم الظالمة لعبد الناصر .

أعني أننا نريد حوارا منتجا ومسؤولا حول تقييم عبد الناصر شخصيا، ذلك أننا نتفق جميعا أن الكارثة التي حلّت بمصر والعالم العربي إثر حرب يونيو 1967 م كانت بسبب إهمال وعدم كفاءة ( وربما خيانات ) بعض من كانوا يحيطون بعبد الناصر وليس بسببه هو …

***ملحوظات هامه عن كارثة يونيو ١٩٦٧ ولكنها جزء صغير من القصة الكاملة التي قد تكشف مذكرات شمس بدران بعضها. : من محمد الصباغ: اسرار والغاز كارثة ٦٧ التي لم يحدث مثلها في تاريخ البشرية!!! : ((( كيف وضع عبد الناصر إسرائيل فوق رأس مصر ؟!

محمد الصباغ

كان اللغز الأول في حرب يونيو ” حزيران ” 1967 هو أن حربا قد حدثت في هذا التوقيت تحديداً ؛ وكانت مصر وقتها تستعد لشن حرب ضد المملكة العربية السعودية عبر أراضي اليمن وقد وصلت لمسات الإستعداد لهذه الحرب إلي درجة الإستعداد القصوي والعمل الجدي علي الأرض ؛ سواء في مصر ؛ أو أراض اليمن المتاخمة للسعودية ؛ أو داخل القصر السعودي الحاكم بتدبير عملية دس السم للملك فيصل عن طريق طباخه الذي كان يمنيا من ” حضرموت ” استطاعت المخابرات المصرية تجنيده لتنفيذ المهمة العاجلة ؛ المواكبة لعملية الغزو ، وقد بدأت مرحلة الحشد ؛ بالزيارة التي قام بها المشير عبدالحكيم عامر ووزير الحربية والإستطلاع ” شمس بدران ” ورئيس المخابرات العامة “صلاح نصر ” ومعهم الملك المخلوع عن عرش السعودية ؛ “الملك سعود” الذي كان قد صحب أولاده معه ؛ أيضا في هذه الزيارة الخطيرة التي بدأت في يوم 24 إبريل ” نيسان ” 1967 . والتي بعدها بأيام وفي يوم 2 مايو ” آيار ” كان الرئيس ” جمال عبدالناصر ” وفي خطابه بمناسبة ” عيد العمال ” كان قد قدم المبرر الأخلاقي للمصريين والعرب والعالم ؛ لشن هذه الحرب التي كانت ستشمل أيضا الأردنيين حلفاء المملكة العربية السعودية ؛ ولهذا فإن القوة الضاربة في الجيش المصري لم تسحب من أراضي اليمن وقد ظلت هناك حتي في أثناء العدوان الإسرائيلي علي مصر في يونيو “حزيران” 1967 وقد ظلت القوات المصرية في “اليمن” إلي أن تم إتفاق سحبها النهائي من هناك بعد لقاء “الرئيس عبدالناصر” ؛ والملك “فيصل” ؛ أثناء القمة العربية التي عقدت في “الخرطوم” في نهاية أغسطس ” آب ” 1967 . وبقي أمر هذا الغزو المصري لأراضي السعودية وإسقاط الملك فيصل ؛ لحساب أخيه الملك سعود والذي كان متحالفا في ذلك الوقت مع عبد الناصر ؛ لإسقاط أخيه سراً يعلمه في مصر قلة من مجموعة الحكم ؛ كان عبد الناصر مضطراً للتراجع عن عملية غزو السعودية ؛ بل مضطراً لإخراج سعود من مصر بعد أن لجأ إليها في نهاية العام 1966 وقد فقد ملاذ عبد الناصر في محاولته إسترداد العرش من أخيه الذي خلعه في العام 1964 ؛ بعد فترة من العداء الشديد بينهما أثناء وجود “سعود” علي العرش السعودي !! .

كان التخطيط المصري بعضه مكشوفا للغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية ؛ وقد نقلته أمريكا للملك فيصل بموجب التعهد الأمريكي الدائم بحماية المملكة العربية السعودية ، والذي ظل قائما منذ عهد الرئيس أيزنهاور ؛ واستمر في عهد ” جون كنيدي ” وفي عهد جونسون ؛ وحتي الآن . ولكن الكشف عن هذا الإستعداد المصري ؛ وراء رحلة الملك فيصل الأوروبية والتي وقعت الحرب في يونيو ” حزيران ” أثناء تنقله ما بين إنجلتر وسويسرا ؛ وقد جعلت النوايا المصرية بغزو السعودية ؛ موقف مصر ضعيفا أثناء النشاط السياسي ؛ لمحاولة عبدالناصر منع الحرب مع إسرائيل ؛ رغم إعلانه عن نيته في غلق مضيق تيران أمام الملاحة الإسرائيلية ؛ وهو الإعلان الذي استغلته إسرائيل دون ضرورة ؛ فقد كان متاحا لسفنها الصغيرة الحركة من خلال المجري السعودي في مضايق تيران .

وأيضا من ألغاز حرب يونيو 1967 وبعد أن بدأت الحرب فعلا في فجر يوم الأتنين 5 يونيو “حزيران” بالهجوم البري الإسرائيلي علي ” أم بسيس ” داخل الأراضي المصرية بحوالي 10كيلو متر وإحتلالها ، وكان ذلك قبل الهجوم الجوي الإسرائيلي بثلاث ساعات كاملة ؛ دون أن تتخذ القوات المسلحة المصرية ؛ قراراً بتصفية هذا الوجود علي الأراضي المصرية ؛ وهو ما معناه أن إسرائيل هي التي بدأت الحرب ؛ ويحق لمصر شن الحرب الوقائية الإجهاضية ؛ دون تخوفات عبدالناصر من تدخلات الغرب وأمريكا واليابان لصالح إسرائيل ؛ ولكن عبدالناصر بنفسه في هذا الوقت كان قد منع القوات المسلحة من أن تنفذ الخطة الجوية “أسد ” ؛ علي أمل أن يكون هذا الإختراق محدوداً من جانب إسرائيل ومنتهيا عند هذا الحد !! .

وبعد ذلك كان عبدالناصر قد أصبح مسئولا عن إدارة الحرب كلها ؛ منذ ضربة الطيران الإسرائيلي في التاسعة إلا ربع بتوقيت القاهرة علي سبعة مطارات من المطارات الإحدي عشر التي ضُربت في هذا اليوم .

في هذا الوقت المبكر جدا من بدء الحرب ؛ كان من يقودها من الجانب المصري هو الرئيس جمال عبدالناصر ومعه الفريق أول محمد فوزي ؛ رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية ؛ فقد ظلت طائرة المشير عامر ( إليوشن 14 ) عالقة بالجو لمدة ساعة ونصف ؛ حتي استاطعت أن تهبط علي مدرج مطار القاهرة المدني ؛ ومن هناك استقل القادة الذين كانوا علي متن الطائرة عربات مدنية وكان من بينهم الفريق أول صدقي محمود قائد الطيران نفسه ؛ وكان من يقود الحرب في هذه الأثناء فعليا : القائد الأعلي للقوات المسلحة المصرية وهو الرئيس جمال عبد الناصر ومعه الفريق أول محمد فوزي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية؛ الذي استبقاه عبد الناصر ورقاه بعد تمام الهزيمة ؛ وقد عينه مكان عبد الحكيم عامر ؛ رغم أن الأولي بالإقصاد والمحاسبة عن الهزيمة هو فوزي تحديداً بحكم مسئولياته منصبه ؛ فهو القائد المسئول عن الحشد وإدارة الخطط والعمليات الحربية ؛ ولكن أمرا مريبا ؛ حكم هذا الإختيار ؛ وكانت الأحداث في القوات المسلحة ؛ لا تتحدث عن جهل فوزي العسكري فحسب ؛ بل تتحدث عن فساده وسوء أخلاقه و إحتمالية خيانته ؛ فقد كان فوزي هو المسئول عن تقييد نيران الدفاع الجوي في كل الجمهورية وليس فقط في مسار طائرة المشير عامر التي كانت تقله إلي مطار بير تمادا في وسط سيناء ؛ كما أن محمد فوزي ؛ كان قد أغلق مركز العمليات العام في مدينة نصر وكان هو المسئول الأول عن ضياع إشارة التحذير التي انطلقت من مطار عجلون في الأردن لتحذر الطيران المصري ؛ من إطلاق الطيران الإسرائيلي لبدء هجومه علي مصر ؛ كان فوزي هو من غير شيفرة الإستقبال في مصر وهو من أغلق مركز العمليات العام المكان الأول لتلقي إشارة التحذير .

ومن ألغاز الحرب في يونيو ” حزيران ” 1967 أيضا : هو الأمر المريب جداً ؛ وهو إختفاء مظلة الطيران الإنذاري التي كان وقت عملها ساعة ضرب الطيران الإسرائيلي للمطارات المصرية وكان قائد هذه المظلة المقدم طيار ” فاروق الغزناوي ” وهو للغرابة لم يحاكم ضمن المتسببين في النكسة ؛ وكذلك لم يثر في المحاكمات التي تمت في نهاية العام 1967 ؛ ما يتعلق بما أصدره الفريق أول محمد فوزي من أوامر بتقييد الدفاع الجوي في جميع أنحاء الجمهورية وليس في مسارات طائرة المشير عامر ومسار طائرة رئيس وزراء العراق ” طاهر يحيي ” الذي كان في زيارة للجبهة مع “حسين الشافعي” ولا في مسار طائرة الوزراء السوريين المقيمين في مصر منذ عهد الوحدة ؛ وكذلك في مسار طائرات الإمدادت التي كانت تحمل بعض الإمداد للقوات المصرية في سيناء !! .

ومن ألغاز الحرب في يونيو1967 كذلك هو أمر كتائب الصاعقة التي ذهبت إلي الأردن أولا ومنها إلي أراضي إسرائيل كان يقودها ؛ المقدم ” جلال الهريدي ” والمقدم أحمد حلمي وكانت هذه الكتائب مكلفة بأن تعمل داخل إسرائيل ولكنها لم تنفذ عملية واحدة وهذا أحد ألغاز حرب يونيو ” حزيران ” 1967 ؛ فمن أصدر لها أوامر بعدم العمل ؛ هذا سر آخر من أسرار 67 ولماذا أمر عبدالناصر ؛ بإذاعة نداء العودة ؛ عبر الإذاعة وما الهدف الحقيقي من إذاعة هذا البيان المتكرر ؟! .

هي ألغاز الحرب في يونيو 1967 ؛ وهي الألغاز التي قتل بسببها المشير ” عبدالحكيم عامر” في مساء يوم الخميس 14سبتمبر ” أيلول ” 1967؛ دون محاكمة عسكرية توضح الحقائق وتكشف غموض الأسرار و الألغاز المحيرة والتي تدور حول مدي وطنية عبد الناصر ومجموعته المقربة والمغلقة ؟؟ .