إنتحار المثقف … فشل للدولة / أسعد العزّوني

651

أسعد العزّوني ( الأردن ) – الثلاثاء 20/7/2021 م …

عندما يقدم  المثقف على الإنتحار قبل أن ينجز مشروعه النهضوي الذي كان يطمح إليه ويعمل على إنجازه،فإن الإشارة هنا تكون واضحة على فشل الدولة التي لم تهيء للمثقفين  الأجواء المناسبة للإبداع والتطور ،ونقل المجتمع إلى حالة أفضل من العيش وطريقة التفكير،وبالتالي تكون الدولة  هي المسؤولة مسؤولية كاملة عن إنتحار ذلك المثقف ،الذي لم يعد يحتمل رؤية  وطنه وأمته ينهاران،مثل بيت من طين في منطقة عبري العمانية التي إجتاحتها السيول الجارفة والفيضانات العارمة ،أو إحدى مناطق شمال اوروبا التي لم تصمد امام غضب الطبيعة المتمثل بالسيول الجارفة والفيضانات العارمة.

 الدولة الفاشلة طاردة ليس لمثقفيها فقط بل هي طاردة لمواطنيها،لأنها أقيمت على أسس هشّة ،وأنيط بها دور وظيفي مريب لأداء خدمة محددة بعيدة عن أهداف شعبها،ولذلك نراها تمارس الإهمال المتعمد لتنمية البلاد وإسعاد العباد ،وتوفير الفرص ،وخلق المشاريع التنموية والصناعية والزراعية التي من شأنها تطوير البلاد والعباد ،والإسهام في الأمن المجتمعي الذي يعود بالنفع ليس على الشعب فقط بل على الدولة ذاتها،لأنها ستنعم بالأمن وستكون خالية من الإرهاب والعنف ،وبعيدة عن الظلم والتفرقة وبالتالي فإنها ستكتسب سمعة دولية أكبر من إنبطاحها أمام المشاريع الأجنبية،مقابل ثمن بخس لا يوازي واحد بالمليون من الخدمات التي تقدمها لأعداء الأمة.

المثقفون الثوريون على وجه الخصوص لا يرتاحون وهم يرون أوطانهم تنهار أمام أعينهم وسط عجزهم عن فعل شيء ما لإنقاذ ما يمكن إنقاذه،لأن الدولة الفاشلة عملت على تهميشهم بإفقارهم وإهانتهم وإذلالهم،إنتقاما منهم لأنهم لم “يسربوا “مع القطيع، وإختاروا طريقا خاصا بهم قائما على المعرفة ونذروا أنفسهم لنهضة أوطانهم ،وتغيير حياة شعوبهم نحو الأفضل،وطالبوا بالمواطنة الحقة وبالعدالة وبدولة القانون والمؤسسات،أسسا علمية لإقامة الدولة الديمقراطية التي تحترم المواطنة وحقوق الإنسان.

الدولة الفاشلة  هي المسؤولة  عن عدم نهضة البلد وإسعاد الشعب ،وأشاعت ثقافة التسحيج،التي يقوم بها من إختارتهم في مراكز صنع القرار مهما كان وزنها ،لأنها لا تريد تقدم أو نهضة البلد،ولو كانت غير ذلك لوسّدت الأمور لمثقفيها وأعلامها المعرفيين  والمؤهلين  القادرين على إحداث التغيير الإيجابي،وبناء نهضة شمولية كل في مجال إختصاصه ، تجمعهم الرغبة في خلق وطن مميز ويحدوهم الأمل بأن تسود العدالة والقانون ،وبذلك ندخل التاريخ من أوسع أبوابه ، حاملين رايات التنمية بكافة أشكالها والعدالة والمواطنة والحرية والديمقراطية ،مولين مصلحة البلاد والعباد الأولوية،ولكن مع الأسف الشديد فغن الدولة الفاشلة جمّدت قدرات الجميع ،ومن لم تجبره على الهجرة ،أجبرته على الإنتحار،لأنه إكتشف أن بلبل الحي لا يطرب،وأنه بات عالة على المجتمع  الخانع أصلا ،بسبب سياسة القبضة الأمنية التي تحد من قدراته الإبداعية ،وتتهمه في نهاية المطاف بالهرطقة……..